مقالات سياسية

يا عم يا عم

شكرى عبد القيوم

وهكذا، إِذَنْ، ومَرَّةً أُخْرَى، قدِ استدارَ الزمانُ كَهَيْئَتِه يومَ خرجَ خَيْرُ مَنْ جاءَ الوجودَ تحِيَّةً، مِنْ مَكَّةٍ،َ مُهاجِراً إلى الله، يوماً يَتِيهُ على الزمانِ صباحُهُ، ومساؤُهُ بمُحَمَّدٍ وَضَّاءُ.

في مثل هذا اليوم، خرجَ محمد من الحدود السياسية لمكة، ثُمَّ التفتَ إليها، وقال;( للهِ ما أطْيَبِكِ من بلد، وواللهِ لولا أنَّ أهلَكِ أخرجوني، ما خَرَجْتُ منكِ إلى الأبد.).

وكانت الطبيعةُ أخرجَتْهُ إلى حَيِّز الوجود بمكة، ليجد نفسه يتيم الأب فالأُم. فكانَ اليُتْم تجربتَه الوجودية الأولى. فكانَ عليهِ السلام ينامُ في غرفة من طين، سقفُها من جريد النخل، ويتوسَّد مخدَّة من سعف النخل حتى يتقرَّح جنبُه. قالت عائِشة:( كانَ يَمُر الهلالُ والهلالان وما يُوقَد في بيتِ النبيِّ نار.). وكانَ اليومان يمُرَّان، والثلاثةُ أيَّام لا يَجِدُ مُحَمَّدٌ ردئَ التمرِ ليأكُلَه، فيربط الحجرَ والحجرَيْنِ على بطْنِه من شدَّة الجوع. ووُجِدَ درعُه بعد موتِه مرهوناً عند يهودي في ثلاثينَ صاعاً من شعير.

مِتَّ، ودرعُكَ مرهونٌ على شَظَفٍ
من الشعيرِ، وأبقى رهنَكَ الأجَلُ
لأنَّ فيكَ معاني اليُتْمِ أعْذَبُهُ
حتى دُعِيْتَ أبا الأيتامِ، يا بَطَلُ

بعد سنوات من الهجرة، التقى أهلَ مكة في الحديبية، وكانَ مما قاضاهُم عليه أن يقيم ثلاثة أيَّام بمكة. فاعتمر في ذي قعدة. فبعثوا إليه حويطب بن عبد العُزَّى في اليوم الرابع ليرحل عنهم كما نصَّ الشرط. فعرضَ عليهم أن يعمل وليمة عرسه بميمونة عندهم، فأبَوْا عليه، وقالوا: اخْرُج عنا. فخرج. فتبِعَتْهُ عمارة بنت حمزة، وكانت طفلة، تنادي: !{ يا عَم يا عَم }.

فتناولَها عَلِيٌّ وقالَ لفاطِمة; ( دونَكِ ابنةُ عَمِّكِ). فحملَتْها. فاختصَمَ فيها عَلِيٌّ وجعفرٌ وزيد. فقضى بها النَبِيُّ لخالتِها، وقال;( الخالةُ بمنزلة الأُم ). وقالَ لعَلِي;( أنتَ مِنِّي، وأنا منك ). وقالَ لجعفر; ( أَشْبَهْتَ خَلْقِي وخُلُقي ). وقالَ لزيد ; ( أنتَ أَخُونا، ومولانا ).
“شُكْرِي”

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..