بيانات - اعلانات - اجتماعيات

كلمه الاميره سارا نقدالله فى يوم الوفاء للامير عليه الرضوان

اللجنة القومية لتأبين الأمير نقد الله
أسبوع الوفاء لأمير العطاء
الليلة الختامية

كلمة الحبيبة سارة نقد الله

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وآله وصحبه الغر الميامين، وبعد-
أخواني، أخواتي، أبنائي وبناتي،

السلام عليكم ورحمة الله

أسأل الله في البداية أن ينزل حبيبي وأخي الأمير منزل صدق عند مليك مقتدر. حينما طُلب مني الحديث في ليلة الوفاء له رفضت في البداية، فما عساي أقول، وكيف أصف معناه العصي على الوصف، وعلاقتنا التي تعدت ما بين الأخ وأخته لتوأمة روح؟

لقد وصف التراث العربي علاقة الإخاء القوية بين الذكور، آيتها ما ذكره الشيخ بابكر بدري وهو يتحدث عن علاقة سيدي خليفة المهدي وأخيه الأمير يعقوب، وكيف كان وقع خبر استشهاد الأمير في كرري عظيماً على الخليفة، إذ روى الشيخ أن غائباً عاد بعد سنين طوال لقريته فلاقى بعض أهله في الطريق وسأله عن أفراد أسرته، قيل له مات أبوك قال ملكت أمري، ماتت أمك، قال زال همي، ماتت زوجتك قال جددت فراشي، ماتت أختك قال ستر عرضي، مات ولدك قال عظم أجري، ولكن لما قيل له مات اخوك قال قُصم ظهري. وطبعاً هذا حديث ناتج تراث أبوي ذكوري لا يرى العلاقة بين الأخ والأخت إلا ستر العرض. وبرغم ذلك سمعنا بعلاقة أخ وأخت صارت مثلاً كالخنساء وصخر، وما كان بينهما من توادد وتراحم ومحبة وتآزر، وقف معها صخر وهي ترد خطبة سادة قبائل، وشطر ماله شطرين وخيرها في أفضلهما حينما افتقر زوجها، ولهذا بكته بكاء صار مضرب الأمثال. وتمنيت لو أن لي فصاحة الخنساء كي أصف ما يعني عبد الرحمن لي، وللمكرمات التي عاشها وتمثلها.

الحاج هو أكبر الذكور لدينا، والثالث في ترتيبنا، بعد شامة وعائشة، وبعده حاج عوض رحمه الله ثم أنا وبعدي فاطمة. وكان أثير أمي رحمها الله، كان ميزانها يضعنا في كفة والحاج في الكفة الأخرى، كانت تتعامل معه بتقدير كبير ومحبة لا تجاريها محبة، وحينما كبر وصار مرتاداً لسجون الجلادين كانت تتبعه للتفقد فنزلت بكل سجون السودان حتى بعد أن وهن العظم منها، كانت مستعدة لتحمل المشاق في سبيل القرب والتلاق، فطافت كل السودان: ذهبت إلى بورتسودان، حلفا، عطبرة، شالا، وكوبر لتقر عينها برؤيته.

وفي المقابل كان الوالد عليه الرحمة يساوي بيننا ولا يفرق بين الولد والبنت يتعامل معنا كلنا كأنداد متساوين، وإن كان يميز شامة قليلاً باعتبارها بكره، لكنه لم يكن يفرز بيني والحاج أبداً، وقد كانت علاقتنا ببعض فيها صحبة عميقة مع كثرة الشجار، كأننا (سمن على عسل)، وفي ذات الآن (الشَحَمَة والنار)، مُشاكلة وشَكَل. وفي إحدى “الشكلات” طلب مني الحاج أن أكوي قميصه وإلا فلن يقلني لمكان كان وعد أن يسوقني إليه، فرفضت وقلت له: إذا كنت تشترط مقابلاً فلن أقبل الذهاب معك، وتخاصمنا ثلاث ليالٍ و”أبوي” يشهد ذلك ولم ينبس ببنت شفة ولا تدخل حتى مرت الأيام الثلاثة وبعدها تقالدنا وتعافينا، ثم عدنا من جديد لضلالنا القديم، إذ لم تكن علاقتنا تخلو من تلك الشنشنة.

الحاج كان “صاحبي شديد”، صحبة وصلت لدرجة غير معتادة في العلاقات بين الأخوان وأخواتهم، حتى أنه في زمان الشباب وقبل أن يرسو مع رفيقة عمره الحبيبة هدى حفظها الله، كان إذا أعجب بفتاة أو أحبها يكتم سره عندي، وإذا رغب في رؤيتها يسوقني معه لملاقاتها فكنت الشاهدة على قلبه إذا خفق، وعلى بوحه إذا اندلق.

كان الحاج أكرمه الله في الدارين، إذا أعجبه أي شيء في سفراته أو جولاته الداخلية يجلبه لي، ثوباً كان أم حُلى، أم كتاب، أم قلم، أو غيره، كان كريماً عطّاياً يتمثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “تهادوا تحابوا”، يهدي لأحبابه، ولأمه ولأخواته وأخيه، لكن قائمة هداياي كانت لا نهائية، وفيها لفتات دقيقة آسرة، كأنه يفكر فيّ ويذكرني حيثما حل.

كانت محنّته وحنانه واهتمامه واتصاله ومداعباته ومحبته وحميميته مع الأطفال مدهشة، مصحوبة بتلك الصرامة والنزعة التربوية التوجيهية التي تصر على وضع الأمور في نصابها. وبسبب ذلك الحنان ارتبط به أبناء أخواته الكبار وكانوا ينادونه بـ(خالو) هكذا مطلقة بلا تمييز، فصار (خالو) لقباً نناديه به في الأسرة حتى نحن أخواته.

وحينما تزوج (خالو) وصار أباً كان يفوضني تماماً فيما يتعلق بأبنائه وبناته في كل شؤونهم فصرت نائبة أب له في غيابه المتكرر بالسجون، بل وحتى أثناء وجوده في بعض الأحيان. فكنتُ أحدد قرارات تعليمهم، منذ قرار إدخال بكريه التوأم محمد وعبد الله لروضة أبا حيث كنت أسوقهم بسيارته ثم أعيدهم من الروضة في الخرطوم، وحتى اختيار المدارس وكل صغيرة وكبيرة تخصهم. لم يراجع لي قراراً اتخذته أبداً وكنتُ أحياناً أراجع قراراته فيقرني على مواقفي، مثلاً مراجعتي لقراره بتبني الحبيبة شامة، ولها أربع بنات، لإبراهيم ابنه لأنها لم ترزق بولد، وكان إبراهيم مع عمته المقيمة آنذاك في المغرب، فقررت أن أعيد إبراهيم لينشأ وسط أخوانه وأخواته في الحوش الكبير وفي نفس الظروف بلا تمييز، وفعلاً تفاهمت مع الحبيبة هدى النيل أن تصحبه من المغرب فجاءت به وكان حينها بعمر نحو عشر سنوات، وذهبت به للحاج في سجن شالا. قلتُ له ها هو إبراهيم أعدته ليكون مع إخوته. لم يؤنبني الحاج ولا بكلمة ولا استنكر اتخاذي مثل هذا القرار الكبير وتنفيذه بدون مشاورته أصلاً.

ربطني معه إخاء حقيقي وثيق العرى، وصداقة وصحبة نادرة، ورفقة في العمل الحزبي والعمل العام. دخلنا العمل في حزب الأمة كل من جانبه، وهناك أيضاً مع الثقة التي يضعها كل منا في الآخر وفي دوافعه إلا أننا كنا كثيراً ما نختلف في الرأي. وقد تكرر المشهد في اجتماعات حزبية كان يرأسها السيد الصادق عليه الرحمة والرضوان، إذ يدلى الحاج رحمه الله برأيه، ثم أدلو بما يخالف قوله، فيهب معترضاً على ما ذكرت “العضوة المحترمة”، وأنهض طالبة من رئيس الاجتماع أن “يحميني من العضو المحترم”.

وقد زاملته أيضاً أثناء عمله في التجمع الوطني الديمقراطي في عقد الإنقاذ الأول، حينما كان سكرتيراً لتجمع الداخل، وكنت مندوبة التجمع النسوي في سكرتارية التجمع بالداخل. وما يميزه في العمل العام أنه كان مسانداً قوياً للمرأة، لا يقل عن الحبيب الإمام في ذلك. فربطته علاقات احترام وود وثقة قوية جداً بالنساء اللائي زاملنه في العمل العام، وبصديقاتي وزميلاتي فيه. ولعل أقواها صلته بالحبيبة سارا الفاضل رحمهما الله. ولسارا مع أسرتنا قصة، فقد كان والدي الأمير موحداً ويكره التعدد في الزواج ويذمه ويراه شراً مستطيراً، وكانت علاقته بالسيد الصادق عليه الرحمة تتجاوز الزمالة في الحزب إلى أبوة وصداقة قوية وتآزر وتعاضد مشترك، وحينما أخبره بنيته الزواج للمرة الثانية من سارا لم يحبذ الفكرة، وفي أول زيارة له مع سارا أراد (سيدي) أن “يبصصها” عن الأمير ليمهد لها بما يجعله يغير رأيه في زيجتها، وأخبرها عن شخصيته وما يحبه فهو (برمكي)  يحب الشاي حباً جماً يتذوقه ويتخير أوانيه، وله حس فنان يحب الجمال والزهور، وكانت سارا في المقابل (أسطى) في تلك الأمور وفي الظرف والمحبة وكانت تناديه ب(خالي)، ذلك أن والدته “أمي أم الحسن” كانت أرضعت الإمام الصديق وشقيقتيه عائشة وشامة مع أولادها. وقد انطلقت علاقتهما من ذلك الموقف لتصبح سارا في وصف (أبوي) لنا: سارا بنتي الخامسة. وحينما زاملها (خالو) صار يتعامل معها باعتبارها أخته الخامسة، يجعلها طرفاً حتى فيما في بيتنا من أمور داخلية، رحمهم الله أجمعين.

الحاج زول دغري، شجاع ومقدام بصورة بالغة، واضح، ذكي، ولمّاح “يفهمها وهي طايرة” كما يقول أهلنا المصريون، لذلك كانت مواقفه كلها واضحة لا مراء فيها. كان يكره ابتداء الجماعة التي تسمت بأسماء مثل جبهة الميثاق ثم الجبهة الإسلامية القومية ثم المؤتمر الوطني، ليست كراهية شخصية بل عامة لأنه يراهم كذابين ومنافقين يتاجرون بالدين، ولذا كان يرفض أي تحالف معهم بصورة مبدئية، ويرى أن الدكتور حسن الترابي يستهدف ضرر كياننا وكل أمنيته ذهاب ريحنا باعتباره العقبة الأساسية لتمدده في البلد، ويتمنى زوال السيد الصادق وزوال كيانه من الوجود. وطبعاً برغم سدانتهم للنظام المايوي نالت الجبهة في الديمقراطية الثالثة وزناً برلمانياً مقدراً بحيث صارت الكتلة الثالثة في الحجم، حينها اجتهد الأمير من أجل اقتصار تحالفنا على الحزب الاتحادي الديمقراطي وهذا ما تم في الحكومات الأولى للديمقراطية، لكن مالت كفة نوابنا في النهاية نحو إشراك الجبهة في حكومة الوفاق الوطني (مايو 1988م- فبراير 1989م)، وحينها لزم الأمير بيته، وعمل بقوة لبناء توافق يحاصر أهداف الجبهة بتعويق الديمقراطية وإفشالها وهو ما تحقق في النهاية فخرجت الجبهة غير مأسوف عليها وتشكلت حكومة الجبهة الوطنية المتحدة. وقد تحققت رؤى الأمير كلها عنهم إذ أثبتوا للشعب السوداني أجمع مبلغ السوء والتآمر والجشع والنفاق الذي وراءهم حينما نفذوا انقلابهم المشؤوم، فضيعوا البلد، واستهدفوا الحاج بدناءة، فتفننوا في المكائد والخساسات والتعذيب ومؤامرات القضاء عليه.

كان عبد الرحمن في أمور كثيرة امتداداً لإرث الوالد، يجمع بين الأصالة وإحياء التراث والتمسك بسجايا السودانيين من كرم ومروءة وشجاعة وبين نشدان التقدم والعدالة والمساواة وبغض العنصرية والظلم والنفاق. كان كل منهما أنصارياً صارماً، لا ينفك عن فروته وراتبه ومصحفه وقيام الليالي، ولا عن جهاد الظلمة والبغاة. كان الحاج يمتد بصلاته عبر الطيف السياسي كما كان الوالد رحمهما الله، وكان يشيد علاقاته داخل الكيان، فقد كانت هناك مجموعة من شباب الحزب مرتبطين بالأمير الوالد كأنه والدهم ويطلق عليهم الناس لقب (أولاد نقد الله)، منهم عمر الشهيد، والصادق بلة، ومنصور مصطفى، والفاضل حمد دياب، والصادق أبو نفيسة، كانوا له أخوان صفا (خيت في ابرة من دون شورته ما بسووا) بتعبير ود سعد، كانوا مجموعة مقدامة لعبت دوراً مهماً في عمل المقاومة أيام مايو الأولى، وحينما عاد الحاج من رومانيا انضم إليهم وصار جزءاً منهم، ولاحقاً برزت سماته القيادية.. وأذكر في إحدى عودات السيد الصادق من الخارج صمم الحاج قميصاً عبارة عن جبة مقطوعة سماه (عاد صادق) يلبسه مع البنطلون، صار زيه الرسمي للعمل وقلده في ذلك كل أخوانه (أولاد نقد الله) الأب. لاحقاً نشأت أجيال من الشباب والشابات يسمون أنفسهم (أولاد نقد الله).

كان أنيقاً حد الأناقة، يخيل في الجبة، ويعجب في البنطلون. له هيبة وكربة، وقد حكا من زاملوه في السجن كيف كان يدخل الرعب في قلوب سجانيه وهو أعزل إلا من تلك الروح وهم بالسلاح مدججين.

سوف لن ينتهي حديثنا عن حبيبي وأخي الأمير بـ(أخوي وأخوك)، لذا أقف مع شكري لكل من ساهم في الوفاء له من داخل اللجنة القومية العليا أو السكرتارية واللجان الفرعية أو من خارجها، وكل من حضر أو شارك بأي صورة في الفعاليات التي ضمها أسبوع الوفاء لأمير العطاء.

ودعائي لله العلي القدير أن يسكن حبيبي عبد الرحمن مكاناً علياً، وأن يطرح البركة في ذريته أبنائه وبناته وزوجه الحبيبة هدى وفينا أجمعين وفي كيان الأنصار وحزب الأمة وفي هذا الوطن الذي عشقه وقدم دمه قرباناً له عن طيب خاطر. اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، واجعل لنا من سيرته قبس ضياء نسير به في الظلماء.

‫6 تعليقات

  1. غايتو نحن بقينا بره الشبكة البلد فيها امير وأمراء وأميرات ونحن ما عارفين طيب الملك منو؟

  2. بتى عمرها ١٠ سنوات مشت زيارة السودان قالت السودان ده زى بتلعب و بتشاهد فيديو قيم ناس بتتشاكل فى الشارع و ناس جاريا و فجاة كلب قاطع الشارع و ساكيهو زول و ركشة قاطعة و حمار قاطع الشارع و عربات بتتسارع فى الشارع و كل زول مكشر وشو قلت ليها با بتى ده وصف ماخليتى فيهو حاجة البلد بقت امير و اميرة و حبيب و حبيبة و منصورة عصفورة و فريق و بروف و خبير فى كل شىء عبارة عن مولد و صاحبو غايب فشكلو الملك فى السكة٠

  3. امير واميرة والحبيبة والمنصورة غايتو الواحد حاسي نفسو في القرن السابع عشر ,, جدكم ده كان خلانا للانجليز كان احسن ,, وكمان عليه الرضوان طيب ما تدخلوهم في العشرة المبشرين بالجنة هو والمنصورة وتريحونا ..

  4. أنا شغال فى السعودية منذ العام 1974م يعنى لى 47 سنة وشويات شفت امراء كثير عمرى ماشفت امير بخلقتك دى
    أنت أميره ومريم اميرة وعبد الحمن واخوانه أمراء ومملكة ماعندكم
    انتم مجموعة مصابة بأمراض نفسية ومحتاجين لمعالج نفسى
    امشوا لى برقو

  5. المجد والخلود للامير عبد الرجمن عبدالله نقدالله اخو المناضلة الدكتورة سارة نقدالله. احني هامتي احتراما وتقديرا لكما, انكم لم تساوما او تنحنيما يوما لاي مستبد او ديكتاتور بغية مصالح او اوسمة لقاء تاامر لشق صفوف القوى الوطنية والديموقراطية. سيظل ابناء الامير نقدالله في مكانتهم الراسخة في فلوب القوى الوطنية المحبة للسلام والحرية والديموقراطية.
    نحن ندرك نضالاتكم. ذهب الامير ونحن ندرك ايضا اسباب ما الم به. وايضا ما دفعك للابتعاد عما يمكن ان يلوث تاريخك النضالي. التجارب علمتنا ان القائد سيكون حيثما كان مع الجماهير في سعيها من اجل الحرية والعدالة والكرامة والديموقراطية. لك التحية امي وحبيبتي الدكتورة سارة. امد الله في عمرك , رمزا للبطولة والجسارة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..