مقالات سياسية

هل الصراع في السودان هو صراع مركز وهامش ؟ أم عسكر ومدنيين ؟

في هذا المقال أريد تسليط الاضواء على نظرية حديثة الا وهي نظرية جدلية المركز والهامش للكاتب المشهور د. أبكر ادم اسماعيل والتي لعبت دوراً كبيراً في الساحة السياسية وقد شكلت قناعات لكثير من الفاعلين السياسيين في الساحة السياسية السودانية فتبنتها بعض الحركات المسلحة والأحزاب السياسية.
مفاد هذه النظرية  أن مشكلة السودان هي سيطرة المركز على السلطة والثروة والحصول على امتيازات تاريخية على حساب الهامش .
مشكلة هذه النظرية بأنها تفتقر الى التعريف الدقيق لمن هو المركز ومن هو الهامش ؟.
هل الهامش هو الهامش الجغرافي كما يعتقد البعض مثل دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة  والشرق ؟ وهل يعني أن بقية مناطق السودان الفقيرة هي مركز  ومسؤولة عن هذا التهميش؟ .
كثير من أبناء الهامش الجغرافي كانوا جزءً من مشروع الكيزان العروب إسلامي  والذي أقعد السودان منذ الاستقلال ، مثال لذلك د. على الحاج و د. خليل ابراهيم .
ومن المعروف بأن معظم كوادر الاخوان كانوا يحلمون بدولة دينية تكرس للمشروع العربي الاسلامي.
لذلك فأن سكان المركز  الجغرافي هم غير مسؤولين من الدمار الذي أحدثه هذا المشروع .
ام تقصد هذه النظرية بان الهامش هو قبائل بعينها والمركز هو قبائل بعينها قد حصلت على إمتيازات تاريخية ؟ .
يصعب من خلال تناول هذه النظرية الوصول لفهم واحد مشترك لذلك يفسرها كل شخص على حسب فهمه  لها ، فالبعض يفهمها بان المركز هو المركز الجغرافي والبقية تفهمها بانها هي طبقة سياسية استفادت من امتيازات تاريخية دون وصف دقيق لهذه الطبقة مما يفتح الباب على صراع مجتمعي قد يتفجر الي مشاكل وحروب .

وحتي اذا قلنا بأن اي فرد من قبيلة معينة قد حصل على امتيازات من سلطة وثروة فهذا  لا يعني حصول القبيله كلها وحتي منطقته على امتيازات وخير مثال لذلك : عبود أو نميري وغيرهم فكانوا حكاما ولكنهم بعيدين كل البعد عن مناطقهم.

وايضاً لم يقدم ابناء مناطق الهامش عندما كانوا في السلطة لمناطقهم لان ولأهم كان للمؤسسة العسكرية او مشاريعهم الفكرية.
حقيقة مثل هذا الفهم يؤجج الصراع القبلي  وسوف يقود إلى عدم استقرار اجتماعي و حروب ولن يحل المشكلة .
نظرية المركز والهامش بوصف كاتبها هي مشكلة ليست قاصرة على السودان ويمكن تطبيقها على كل دول العالم فتجد بأن التنمية تقل كلما ابتعدت جغرافياً عن العاصمة فمثلا إذا نظرنا الي الفرق بين القاهرة و اسوان مثلاً ، ولندن ومدينة وسندرلاند تجد بان هناك فرق واضح في التنمية  لان القرب من العاصمة أو المركز يعني سهولة الاتصالات والتجارة وبيع المنتجات مع الخارج والداخل وسهولة الاغتراب.
المستعمر البريطاني انشأ مشاريع لخدمته واستفاد منها سكان تلك المناطق وعموم سكان السودان. يعني التطور في المركز ليس مقصودا ولكنه نتاج إلي عوامل كثيره كما أسلفت.

لذلك أري بان الصراع في السودان منذ الاستقلال هو صراع أو جدلية بين العسكر (الحكم العسكري) والمدنيين (الديمقراطية) وليس صراع مركز وهامش .

نجد أن  ولاء العسكري  فيما كان جيش أو حركات مسلحه منذ الاستقلال لمؤسساتهم العسكرية وليس للمدنيين  من ابناء منطقته الجغرافيه او قبيلته .
يتحارب العسكر  (جيش او حركات مسلحة) بحجة الدفاع عن مناطقهم و مصالح المدنيين وفي الختام وبعد حروب عبثية  يتم تغذيتها بخطاب الكراهية ويروح ضحيتها الالاف أكثرهم من المدنيين يتقاسم هولاء السلطة والثروة بين القادة ويتجاهلوا شعوبهم كما حدث للاخوة في جنوب السودان  .
الان بعد اتفاق جوبا أنظر ولاحظ تجاهل هذه الاتفاقيات للمدنيين والاحزاب السياسية ؟ !!!.

الاسلحة التي يمتلكها هولاء  العسكر قيمتها كفيلة بنهضة مناطقهم  ولكن كفلائهم لن يسمحوا الا بدعم الدمار ، فقيمة عربة تاتشر واحدة كفيلة ببناء مدرسة كاملة او مركز صحي .  لذلك ارفض النضال المسلح ولا اري بديلاً للمقاومة السلمية والتي اثبتت نجاحها كما علمتنا ثورة ديسمبر المجيدة .

النضال المسلح يدعمه من يريدون سرقة موارد افريقيا لذلك تجده يتمركز في افريقيا.
ما هو البديل لنظرية جدلية المركز والهامش ؟
هي الدولة المدنيه والتي تعالج ادارة التنوع الثقافي والاثني بصورة علمية وتقدم الخدمات الصحيه والتعليمية على حسب الحوجة وعدد السكان وتعالج مشكلة الفقر بصورة عادلة بدعم الفقراء وتبني الانتاج وجمع الضرائب من المنتجين وخاصة الاغنياء.
د. محمد ادم الطيب 

‫5 تعليقات

  1. بمستواها الابسط ، هى معركة الفشل!.
    فالنخب او الوسط الممكن له منذ استقلال السودان ، لم يقدم شيئا سوى الفشل على مدار سبعين عاما هو عمر الدولة السودانية.
    ليس الفشل الاقتصادى فحسب ، و لكنه فشل على كل الاصعدة. بدءا من السياسة و الاجتماع و الادارة و حتى انحسار الموسيقى السودانية (افريقيا) ، التى لم تعد مستساقة انسانيا على مايبدو.
    ورغم تبدل النخب الممكن لها على مختلف الدول ، الا ان النتيجة دائما واحدة _ الفشل و المزيد من الفشل. و حتى الوصول الى الفشل الاخدر السمح_ الاقسي عالميا.
    الان يجدر بنا البحث عن السبب الرئيس الذى يجعل تلك النخب غير قادرة على التغيير ، لنجد أن المعضلة الحقيقية تكمن فى (اسلوب حياة الوسط) او ثقافته تحديدا ، التى لا يسطع افرادها فكاكا من أسلوبها ، و التى تحدد اسلوب (تفكيرهم و ادارتهم) كذلك.
    مايلى ذلك من حلول ، تاكيدا هو اللامركزية.
    اما الحل الاساس ، فهو بيد المثقفين و المفكرين ليواجهوا قبيلتهم من النخب و الخروج من عنق الثقافة السودانية الخدراء الاصيلة السمحة _ التى تمسك بخناقهم و تمنعنا جميعا من اللحاق بركب الدول.

  2. لايوجد صراع ديني و للقبلي و لا إجتماعي و لاجهوي لان السودان قديما مكان للحضارةو حديثا آرض شاسعة و غنية بالموارد و تسع لكل سكان إفريقيا كل من ياتي اليه من العيش و السلام و لكن حديثًا صراع بين النخبة الفاسدة الكسلان من اجل السلطة و الجاه و المال.

  3. هذا اذا افترضنا ان المدنيين هم أهل الديمقراطية لكن الواضح عندنا فى السودان ان المدنيين هم أكثر دكتاتورية من العسكر واصلا الانقلاب العسكرى لا يتم الا بدعم من حزب مدنى وتاريخنا يشهد على ذلك.

  4. كما هو الحال في كل دول العالم ، فإن الصراع في السودان هو بين المركز والأطراف. يتكون المركز من مجموعات من الأشخاص الذين يعتقدون أن لهم الحق الذي منحه الله لهم في حكم البلاد باستخدام الاختلاف العرقي وحب الناس التقليدي لدينهم.

    الفرق بين السودان وأمريكا على سبيل المثال هو أن المهمشين كثيرون مقارنة بمركز القوة والثروة والنفوذ.

    1. الصراع في السودان ليس صراع حامش ومركز بل مصالح شخصية اوجماع معينة مثل الموتمر الوطني يمثل كل الأديان والكيانات القبلية تعمل لمصلحة نفسها فقط ليس لمصلحة الوطن ونفس النموذج بيتكرر الان واسو منه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..