مقالات سياسية

أمريكا.. المتغطي بيها عريان.. السودان- افغانستان- إيران الشاه

د. حيدر ابراهيم علي

قدم لنا سقوط كابول السهل لدرجة الدهشة نموذجاً ممتازاً للصداقة الأمريكية وحماية الأصدقاء والمتعاملين معها أو (العملاء) صراحة. فالصداقة والتعاون مفاهيم لا وجود لها في القاموس الأمريكي بسبب رؤيتها البراغماتية والامبريالية. فالايديولوجيا الأمريكية الذرائعية (Pragmatic) لا تقوم على مبادئ عليا ومثاليات لأن الحقيقة تقوم على القدرة على تحقيق نتائج تدل على النجاح والانجاز بغض النظر عن الوسائل التي تم استخدامها. فالحرب من الوسائل الناجعة وليسالمهم لا اخلاقية ولا انسانية الحرب مثلاً في حالة تحقيق النصر. للصديق المرحوم د. حامد عمار مفهوم استعمله في وصف الحالة المصرية ولكنه ينطبق ايضاً على البراغماتية الامريكية مصطلح (الفهلوة) سألته عن المعنى الدقيق المختصر للكلمة فقال: هي الوصول إلى أقصى النتائج بأقل مجهود! ويقول فيلسوف البراغماتية صراحة: الدليل على الحقيقة هو نجاح الفعل في الحصول على نتيجة مفيدة.

هذه خلفية مهمة في التعامل مع السياسة الامريكية. لقد اخجلني حديث الرئيس الأمريكي بايدن في تبرير الانسحاب المتعجل والعشوائي حين قال: لم تذهب أمريكا إلى أفغانستان لبناء دولة ولكن لمحاربة الإرهاب! هذا تصريح لرئيس الدولة رسولة ورائدة الديمقراطية وحقوق الإنسان والنموذج المثالي للديمقراطية التي تريد نشرها في العالم تاريخياً. هذا حديث خطير لدعاة الهرولة والترحيب بماما امريكا في السودان فالوجود الأمريكي انتهازي والصداقة الأمريكية سراب والمتغطي بأمريكا عريان. ومن الأخبار المزعجة أن وزارة الداخلية السودانية سمحت لفريق في الـ FBI بالاطلاع على الارشيف الكامل للفترة الماضية (89-2021م) ومن أخبار الأسبوع خبر يعبر عن سرور الحزب الشيوعي السوداني بلقاء مسؤولين امريكيين في داره!!

نحن لسنا ضد العلاقات الجيدة مع امريكا ولكن لابد أن نعي أن العلاقة تقوم على المصلحة الوطنية أولاً هذا ما يجب أن يدركه المتكالبون. نبدأ دائماً بالسؤال: أين هي مصلحتنا الوطنية في هذا السلوك السياسي في التعامل مع أمريكا أو غيرها؟ كثيراً ما نبتهج بوصول باخرة امريكية تحمل معونة من القمح للسودان، ولكن لم نتساءل لماذا لم تتحمس أمريكا في مساعدتنا لتطوير زراعة القمح في هذه الأراضي الشاسعة والمياه المتدفقة؟. ببساطة لأنها لا تريد لنا الاعتماد على الذات وفك التبعية والخضوع لليبرالية الجديدة والتي هي أعلى مراحل الرأسمالية وأحدثها، لأن الرأسمالية تتميز بمراجعة ونقد ذاتها ومواكبة المتغيرات.

تذكرت أثناء كتابة هذا المقال حدثاً تاريخياً يدل على الصداقة الامريكية، في نهاية سبعينيات القرن الماضي وبعد نجاح الثورة الايرانية وسقوط شاه ايران ظل الشاه في جوف طائرة يبحث عن ملجأ ولم ينقذه الامريكان حتى منحه السادات حق اللجوء في مصر حتى وفاته، وعبر أحمد فؤاد نجم والشيخ إمام عن هذا الموقف التاريخي المأساوي في قصيدة عنوانها (النذالة) وهو تعبير شعبي من الحواري يفرق بين الجدعنة والندالة فالجدع في الحارة يدافع عن صديقه ظالماً أو مظلوماً أما الندل فيتخلى عن صديقه ساعة الشدة. يستهلها بمطلع يبدو سوقياً:

يا كارتر يا ندل

كان هم صاحبك

يقوم لما يطبق عليه الفحيق

تطفش يا كارتر وتعمل عبيط

صحيح انت ندل

هذه  لغة تبدو غريبة على مقام الصحف الديمقراطية ولكن تذكرني ايضاً برد لمظفر النواب فقد قيل له شعرك بذئ! فرد: أرني وضعاً أكثر بذاءة مما نحن فيه؟

التصرف الامريكي في كابول ومنظر الطائرة وفزع البشر فوق اجنحة الطائرة، منظر شديد البذاءة ويثير الخجل والعار بين كل اصدقاء امريكا والذين يأملون في دور يساعد في إنجاح الفترة الانتقالية، لابد لنا من الاعتماد على الذات سياسياً واقتصادياً وان ندرك ان حل مشاكل السودان في ميدان (ابو جنزير) والقادة وميدان عقرب وميدان المولد في أم درمان وفي ورش عطبرة وحواشات الجزيرة وجبل مرة وشنقلي طوباية وليس في الكونجرس والبنتاجون ونادي باريس.

الديمقراطي

‫7 تعليقات

  1. “… لقد اخجلني حديث الرئيس الأمريكي بايدن في تبرير الانسحاب المتعجل والعشوائي حين قال: لم تذهب أمريكا إلى أفغانستان لبناء دولة ولكن لمحاربة الإرهاب! هذا تصريح لرئيس الدولة رسولة ورائدة الديمقراطية وحقوق الإنسان والنموذج المثالي للديمقراطية التي تريد نشرها في العالم تاريخياً…”
    وايضا هو كلام مخجل نسمعو منك يا دكتور …
    يعني كتت عاوز بايدن لسع يقعد ويقول جينا نحقق الديمقراطية وتستمر الحرب والقمع ؟
    الراجل كان صريح انو فعلا دخلوا افغانستان من اجل هدف محدد والهدف انقضى فلا داعي للبقاء الذي كلف امريكا 300 مليون دولار يومي لمدة 20 سنة …
    كان الأجدر ان نقول بأن تبرير التدخل في حد ذاته غلطة وجريمة ايا كان السبب …
    ولا نقول “حروج الأمريكان المتعجل ” وكأننا لا نريد خروجهم بل السؤال الصيح هو لماذا لم تخرجوا من اكثر من 10 سنين بعد ضربتم القاعدة وقتلتم بن لادن ….
    اما ان ننتظر من امريكا ان تحتل بلدا وتقول انها سوف تطبق الديمقراطية مع الاحتلال فهذا هو معنى الامبريالية ايا كانت التبريرات التي تتكل عليها ….
    يعني بكرة ممكن نسألهم يحتلوا السودان ليطبقوا الديمقراطية مثلا؟
    ومالنا نحن ان خرج الأمريكان سالمين او مقتلوين … يدفعوا ثمن اخطائهم …
    على المحلل الحصيف ان ينظر ما وراء الظاهر عن السبب الرئيس لبقاء الأمريكان كما يبحث فيه الأمريكان الجادين … اين تذهب هذه ال 300 مليون التي تصرف يوميا على بقاء الامريكان ؟ …

  2. كلام سليم و عين العقل
    و لكن ماذا نقول للمهرولين الى ماما أمريكا و البنك الدولي
    ماذا نقول لمن طبق سياسة التجويع التي لم يجرأ الكيزان على تطبيقها!!!!
    ما سقطت سقط بشة و ربما وجدناه في اللفة!!!

    تنح يا حمدوك فقد خذلتنا و أضعت وقتا ثمينا

  3. نحن لسنا ضد العلاقات الجيدة مع امريكا ولكن لابد أن نعي أن العلاقة تقوم على المصلحة الوطنية أولاً هذا ما يجب أن يدركه المتكالبون…………………
    اليوم النخب تقدم ارواح شعوبها قربان لكي تستلم السلطة لو كان تفكير وانتماء النخب السودانية بهذا العمق لما كنا حتى اليوم الثورة متعثرة والمحزن نخبنا ليست متغطية بتوب امريكي مغتطية بضل المتغطين بتوب امركا وهي دول المحور وهدايا العربات وهذه الدول كما فضح ذلك مدير مخابرات عربية هرب لامركا ومنها لكندا السي اي ايه لديها صندوق مالي لشراء الساسة والقادة والنخب العرب من الحاكم لحدي اصغر مسؤول هكذا امركا بواسطة هذه الدول تخترق الدول وهي عرب في عرب

  4. أمريكا و كندا و أستراليا و نيوزلندا الله َالعديد من دول أمريكا الجنوبية هي إمبراطورية إستعمارية قامت على أشلاء و جثث ملاين البشر، فماذا تتوقع من سلالة هؤلاء المُستعمرون؟

  5. هم من صنعو الخميني وفكو الشاه عكس الهوى. القوش استغنو منه واستلموه المصريين اكلين فضلات الامريكان كي يطيظوا (عثمانه) ابن النيل من دقنعه وافتلو.حاليا انتصار طالبان المخطط الجديد القادم اكيد أفظع من سبتمبر ١١ وداعش. هذا الشيطان الأكبر كما قال الخميني ويجب أن نسايسه ولا نثق فيه وسياسة حمدوك هي المثاليه وبني حاقد وبني حاسد هم من يأزمو الحياة في السودان . نفسهم فاتحه عبيد حركة حماس تيوس المصريين ومرتزقة رخيصين للخليج ورئيس مطلوب القبض عليه وبرضو يجرو الناس بالقوه لهذا الجهل والغباء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..