مقالات وآراء

الحيطة العالية (١٦)

شهاب طه
المواطن السوداني الذي يرفض الوحدة لم يتخد هذا القرار عبطاً وهواجةً ولكن القرار نفسه قد نجح في إنتزاع كل شيء من دواخله حتى يقنعه بقبوله وتبنيه .. كم من الأرواح والأموال أهدرناها ، وعلى مدى ٦٥ عام ، من أجل فرض الوحدة القسرية؟ إذن الدعوة لتقرير المصير سانحة تاريخية لممارسة الديموقراطية الحقيقية .

لماذا دولة النهر والبحر ؟ :
أولاً:-
لبسط الطمأنينة، وهي البند الأول في حقوق الإنسان، وهي التي نُزعت من نفوس غالبية أهل السودان لأسباب لا حصر لها ولا عد ولا نحتاج للخوض فيها .. وتلك الدعوة للإنفصال وقيام دولة النهر والبحر قد وقعت في وجدان الكثير من الناس كوقع الماء في النار، وخلقت توازن نفسي نوعي، وحتماً ستكون كابح قوي لتفلتات مرعبة تحت دعاوي الظلم والتهميش .. حقيقة نحن نعرف جيداً أن كلمة تهديد واحدة كفيلة بأن تجعل الناس تتذوق مرارات سنوات قادمة ولذا نجد أن الشروع في التأسيس يعتبر بمثابة إمتصاص لصدمات كبرى ظلت تصدع مجتمعات سوداننا لسنوات طوال .

ثانياً:-
التخلص من مخاوف التزايد الطردي في تفريخ المليشيات وتناسخ الحركات والإمعان في التجنيد والتسابق في إغتناء السلاح وتصاعد التهديد والوعيد والإستقواء بالقبيلة والتعالي على القانون والدولة ومؤسساتها والهجوم المتعاظم على الناس بالإساءات القميئة الموغلة في الغبن والتشفي والطعن في الشرف والأنساب ونكران الحقوق وخاصة ضد أهل الشمال والوسط والإدعاء بأنهم غرباء ودخلاء على السودان، ولكن وبالرغم من أنها لا تشبه أهل الهامش ولا سماحتهم ولكن أثرها قد تغلغل.

ثالثاً :-
إعادة السيادة لشعوب أذعنت لتهميش نفسها على مدى ٦٥ عام، ومنذ خروج المستعمر، كونها قدست الولاء المطلق والثقة في المنظومة السياسية الطائفية الرجعية وقد آن الأوان لتتحمل مسؤلياتها ونهوضها وقطع الطريق على نخب متنطعة متطلعة نفعية إنتهازية، تخرج من صلبها، وهمها  الأول والأخير هو نيل المناصب والمكاسب في المركز، ومن المركز، بحجة إنصاف الهامش، وليس بين تلك النخب والحركات المسلحة وغيرها من قام بمحو أمية قرية واحدة في إقليمه الذي يدعي أنه يحارب من أجله .. على كل حال ستظل دولة النهر والبحر خير شقيقة وداعمة لتلك الشعوب الشقيقة حتى ترتب أحوالها وحتى يأتي اليوم الذي تتم فيه الوحدة الندية المتكافئة دون دونية أو تهميش .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..