مقالات سياسية

جمعة الدموع

سهير عبدالرحيم

قضيت نهار و مساء يوم أمس الجمعه في رحلة تطواف على منازل شهداء ضباط و جنود جهاز المخابرات العامة ..

تطوافي ذاك نابع من شعور بالظلم تعرض له هؤلاء الضباط و زملاءهم ، و شعور آخر بالذنب و بأننا قد شاركنا في هذه الجريمة النكراء بالصمت تارة و بالتأييد تارة أخرى لتصفية هيئة العمليات. هيئة العمليات والتي كانت تقوم بعشرات العمليات المشابهة من غير أن نسمع صوت طلق ناري .

كُنا في سكرة طويلة ولم نستيقظ إلا على صور جثامين هؤلاء الشهداء مسجاة بمسجد القوات المسلحة .

تحركت يوم أمس من الخرطوم إلى مدينة أمدرمان لزيارة أسرة الشهيد الأول عريف جاد المولى سيد أحمد ، أسرته تسكن أمدرمان الثورة الحارة ٥٣ ، بالمنزل وجدنا أرملته آمنة والتي تبدو صغيرة جداً في العمر تتوشح ثوب الحداد الابيض وتحتضن ابنته الرضيعه (هنده ) والتي لم تكمل ( العامين) و الصغير (عبدالله) (٤ سنوات) و ( جيهان ) التي لاذت بحضن جدتها لأبيها بمنطقة الباسا بالولاية الشمالية .

المنزل البسيط و علاوة على تواضعه و بساطة الحياة فيه إلا أن الشهيد كان يقيم فيه بالإيجار ، لم تخفي والدة آمنة ( أرملة الشهيد) خوفها من تشرديهم يوم غداً إن لم يدفعوا أجرة المنزل .

هي رسالة نبعث بها إلى الفريق جمال عبدالحميد مدير المخابرات العامة بضرورة توفير منزل لهذه الأرملة و هؤلاء اليتامى ، توفير منزل لأسرة الشهيد هو تقدير قليل لتضحيته الكبيرة و روحه التي قدمها فداءً للوطن .

غادرت منزل الشهيد و سط دموع زوجته و حديث مُر من طفلته الكبرى أن أبي ذهب إلى الجنة ولن يعود .

غادرنا منزل الأسرة و توجهنا إلى مدينة بحري حي الصبابي حيث منزل الشهيد نقيب أنس محمد عبيد ، الملقب بالجوكر إلتقينا والدته و التي كانت دموعها تسبقها في الحديث عن بر ابنها بها و تقبيله يدها كلما هم بالخروج أو العودة ، و متابعته لتناولها حبوب الضغط حتى أنه كان يتفقد شريط الأدوية ويحسب العدد المتبقي ليتأكد من تناولها دواءها .

لا أدري أي نوع من حديث المواساة يمكن أن تقوله لأم فقدت جزء من نور عينيها غير التعازي الحارة و الدعوات له بالرحمة و المغفرة .

غادرنا من هناك و قمنا بزيارة أحد المصابين في الحادث بالمستشفى (ع / ا )وهو طريح السرير الأبيض عقب إصابته بطلقتين في الكتف و طلقة على جانب البطن والحمد لله أنه يتماثل للشفاء و إن كان يحتاج إلى تكثيف العلاج والمتابعة اللصيقة فجروحه مازالت كبيرة و تحتاج إلى الكثير من العناية.

غادرنا المستشفى و واصلنا طريقنا إلى حي القادسية بمنطقة الدخينات حيث أسرة الشهيد رقيب شهريار عبد الله علي ، التقينا والدته ملكة و شقيقه أحمد الذي يعمل بالقوات المسلحة و شقيقتيه و والده الذي يعمل ايضاً بالقوات المسلحة .

إنها أسرة شهريار تؤدي التحية العسكرية لبعضها البعض ، يرفرف علم السودان في قلوبهم قبل منزلهم يتناولون شاي الصباح على نشيد الوطن و يفطرون على حبه و يصومون صوناً لترابه و حفظاً لكرامته .

أصعب لحظات كانت تلك التي حكت لي فيها والدة شهريار كيف أنهم قبل اكثر من شهر أكملوا مراسم ( قولة خير) لشهريار و ينتظرون نهاية العام لدخوله القفص الذهبي .

تتذكر أمه أنه شرب شاي الصباح على عجلة من أمره و أسرع مغادراً وهو يقول عندنا شغل كتير مع السلامة يا أمي ، ثم لا يعود إليها إلا مساءً جثماناً تحمله سيارة الإسعاف ، أدخلوه إليها لتلقي عليه النظرة الأخيرة كشفت عن وجهه و قبلته في جبينه وضمته إليها ثم قبلته ما استطاعت في كل قطعه من جسده حتى وصلت قدميه

ثم عادت واحتضنته وهي تمسح أثر طلقة في جبينه و أخرى في صدره وتسقط مغشياً عليها و سيارة الإسعاف تتجه إلى المقابر .

أبرز عبارة سمعتها من والد الشهيد شهريار العم عبدالله حين قال ، أنا فخور بابني لقد قام بمهمته و أنقذ عشرات الأرواح من المواطنين من خطر العمليات الإرهابية .

لله درك من رجل يقدم ابنه فداءً للوطن ، و يفخر بإنقاذ أرواح بريئة من الشعب حتى ولو كان الثمن روح ابنه .

غادرنا الدخينات والليل أرخى سدوله على أمل أن نزور أسر بقية الشهداء في الولايات.

خارج السور:

جميع الشهداء من قبائل و ولايات مختلفة يسكنون في مدن وأحياء مختلفة حتى داخل ولاية الخرطوم ، سحناتهم مختلفة و رتبهم متباينة و تخصصاتهم مختلفة ، ولكن يجمعهم حب الوطن و الحرص على أمنه وسلامته .

تقبلهم الله القبول الحسن و جعل قبورهم روضة من رياض الجنة وألهم أهلهم و ذويهم الصبر و حسن العزاء.

نقلاً عن الانتباهة

‫14 تعليقات

  1. نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة …وان يجعل البركة في ذريتهم

  2. الرحمة والمغفرة للشهداء والعزاء لاسرهم.
    فى محاولة لتوزيع دم الشهداء بين القبائل بدأ تزوير تاريخ الامس القريب ورد فى المقال -الملاحظ لم يرد فيه ذكر للارهابين الاسلاموين السفلة- القول:
    “شعور آخر بالذنب و بأننا قد شاركنا في هذه الجريمة النكراء بالصمت تارة و بالتأييد تارة أخرى لتصفية هيئة العمليات”
    من هو المسؤول الذى قام بحل هيئة العلميات؟؟
    ومتى؟ لماذا قام -من قام- بتأييد تلك التصفية؟؟
    قرار حل هيئة العمليات اصدره المجلس العسكرى -قبل الحكومة الانتقالية- فى اطار الصراع بين الدعم السريع واطماعة وخوف اللجنة الامنية من نفوذ قوش بين صفوف كيزان الهيئة وتم تخيرهم بين التقاعد او -لاحظ- الانضمام للدعم السريع او الجيش.
    الحل تم فى اغسطس 2019 والحكومة الانتقالية كونت لاحقا فى سبتمبر 2019

    نعم لقد شاركتم انتم وحدكم مه اسيادكم عساكر اللجنة الامنية للمخلوع فى تصفية هيئة العمليات والتى لم تكن من شدة البأس كما يشاع عنها.
    ففى ضحوة واحدة وساعات اكمل الدعامة لكلكة الهيئة بحسم تمرد افرادها ناس “حقنا بس” فى منازلة عسكرية انتهت بهروب كيزان الهيئة من ميدان النزال… ولوا الادبار قلعوا الكاكى وفكوا البيرق وهربوا فى ازقة الاحياء بالفنايل!!

    وقد كان ولايزال موضوع هيئة العمليات شأن داخلى بين العسكر ولاعقى البوت ومن لف لفهم…

  3. وشهدا سبتمبر؟ ما أولى بالرعايه لأسرهم ؟ من شهداء جهاز أمن التخريب؟ بعدين مسرحية داعش دى مابتنطلى على الناس لأنه الجابهم ورعاهم هو جهاز الامن الكيزانى .. هسع دايرين يروجوا للجهاز بأنه حامى حمى الوطن بعد الدعوه لإعادته للمدنيين ..
    إشراف المدنيين على جهاوى الامن والشركه مطلب شرعى وشعبى ودونه لن تتحقق المدنيه وسيظل النأمر يحاك على الديمقراطيه والحكم المدنى .. من غير المعقول ونحن نسعى للحكم المدنى ودولة المؤسسات أن يكون جهاو امننا الوطنى يعمل بغقلية الأنظمة الديكتاتوريه ويتأمر على ثورتنا

  4. لا تاتي المصائب فرادي: نطلع من بلاوي ترك…نلقي “دواعش” جبرة!!

    ١- في ظل المشاكل التي اصبحت تتصاعد يوميآ بسرعة البرق بين العسكر والمدنيين حتي وصلت الي مرحلة تدخل بعض الدول الاجنبية وشخصيات سياسية اوروبية عندها المكانة الكبيرة في منظمات دولية من اجل لتجاوز الأزمة بين المدنيين والعسكريين…

    ٢- وفي ظل جملة الاخفاقات والانتكاسات المتواصلة في كل شيء في سودان اليوم، بجانب اشتداد حدة معارك مليشيات دارفور التي فشلت الحكومة فشل ذريع في احتوائها، والمناوشات المسلحة بين القبائل في كردفان، وظهور الناظر ترك الذي هدد الجميع (شعب، ومجلس سيادة، وحكومة، ومؤسسات عسكرية، واحزاب ومنظمات)، بانه لن يتواني ولن يتردد في فصل شرق السودان ان لم تستجيب الحكومة لمطالبه…

    ٣- وبينما نحن في ظل كل هذه العوامل المحبطة التي المت بالبلاد، جاءت اليوم الثلاثاء ٢٨/ سبتمبر الجاري، محنة جديدة هي اشد حدة وقسوة من بعض محن السودان التي نعاصرها هذه الايام.

    ٤- نشرت صحيفة “الراكوبة” قبل قليل، خبر تحت عنوان (مقتل ضباط بالمخابرات في مُواجهة مع خلية لـ “دواعش” بجبرة)، ومفاده،:
    ( ان مصدرٌ أمنيٌّ مطلعٌ لـ(السوداني) قال إنّ (3) ضباط، برتبة نقيب (أنس العبيد) وآخر برتبة ملازم أول (أحمد)، وضابط صف، استشهدوا نهار اليوم بمنطقة جبرة بعد مُداهمة منزل يتبع لخلية إرهابية “دواعش”. وأشار المصدر الى أنّ الخلية الإرهابية فتحت النار على القوات الأمنية التي لم تكن مُسلّحة بالشكل الكافي وقتلت (3) منهم, وجرح آخرين.وقال المصدر الذي تحدث لـ”السوداني”، إنّ القوات الأمنية تمكّنت بعد مُواجهات من توقيف عددٍ من أفراد الخلية بعد فرار آخرين.).
    – انتهي الخبر الكارثة –
    ٥-
    خبر “الدواعش” يؤكد بصورة قاطعة ان مصائب السودان المتلاحقة ينطبق عليها قول “ويليام شكسبير”الذي قال «المصائب لا تأتي فُرادى كالجواسيس، بل سرايا كالجيش»، وجود خلايا تنتمي لتنظيم “داعش” في السودان ليس بالغريب، فمنذ زمن الرئيس المخلوع والتنظيم الارهابي عنده نشاط ملموس ومعروف عند السلطات الامنية، تنظيم “داعش” تغلغل وسط الشباب ودخل جامعة مامون حميدة وارسل بعض طلابها الي سورية والعراق، رفضت حكومة البشير وقتها محاكمة من تم اعتقالهم وحتي بعد اعترافهم بالنشاط الارهابي!!

    ٦- يبقي السؤال مطروح بشدة امام المسؤولين الكبار في السلطة الحاكمة وخاصة الذين يعملون جهاز الامن الوطني:
    (كيف فات عليكم وانتم في السلطة وعندكم اربعة مؤسسات عسكرية ضاربة : القوات المسلحة، قوات الدعم السريع، جهاز الامن الوطني، الشرطة، بجانب الاستخبارات العسكرية التابعة للقوات المسلحة، والاستخبارات العسكرية الاخري التابعة لقوات “الدعم السريع”…ان تجهلوا وجود تنظيم “داعش” موجود في قلب العاصمة الخرطوم؟!!).
    ٧-
    من هم “دواعش” السودان؟!!
    (أ)- هل سودانيين قح (١٠٠%)؟!!
    (ب)- هل هم بقايا “داعش” الذين كان عندهم نشاط واسع في ليبيا، وفروا منها للسودان..ودخلوها بسلام آمنين، واستوطنوا في الخرطوم؟!!
    (ج)- هل هم النسخة الجديدة من “دواعش” العراق؟!!
    (هـ)- هل هم خليط من جنسيات مختلفة سودانيين وسوريين وعراقيين؟!!
    (د)- هل هم قدامي “دواعش” السودان، الذين كانوا سابقآ طلاب في جامعة حميدة؟!!
    (و)- واذا كانوا اجانب، لماذا اختاروا السودان بالذات ليمارسوا منه نشاطهم الارهابي؟!!
    (ز)- كيف فات علي سكان جبرة وجود تنظيم ارهابي مسلح في منطقتهم ؟!!
    ٨-
    مهما تعاظمت علينا المحن والبلاوي المتلتة، والانشقاقات والتفرقة، واشتدت الازمات الطاحنة…فلن يكون هناك حل طالما العسكر بقيادة البرهان يحكمون السودان!!

    بكري الصائغ
    [email protected]

  5. أولا نترحم على ارواحهم الطاهرة، و يا سلام عليك يا استاذة ، خيرا فعلت بزيارتك الطيبة لذويهم.
    ونأمل أن يستجيب المدير العام لمناشدتك التي تدلل على أصالتك.
    لك التحية

  6. يا سهير هل ذهبتي الى شهداء ديسمبر ولا لسه؟

    وهل ذهبتي الى المغتصبات امام القيادة العامة ولا لسه؟

    وماذا عن شهداء سبتمبر و كجبار وبورسودان و غيرو و

    ولا الناس عندك ماواحد؟

    انتى مع اصحاب الشوكة والكاش

  7. ما يحدث الان هو الانقلاب الحقيقي كما خطط له ومهد له من خلال احداث وتصريحات لم يقف عندها الكثيرون، والمدعوة سهير ضالعة في هذا الانقلاب الذي من اهدافه حل لجنة التمكين وإعادة هيئة العمليات بعد ان اطلقت يد جهاز المخابرات للاعتقال كما كان الحال قبل الثورة، شوفوا كيف سهير دخلت في الموضوع من باب شهداء الجهاز واستدرار العطف لمن كانوا بالأمس يقتلون ويعذبون افراد الشعب السوداني، تناست عمدا ما قام به الجهاز خلال ثلاثون عام من قتل وتعذيب وتشريد للالاف من الضحايا واستثمرت هذه الواقعة المدبرة لتصفية هؤلاء الضباط لعودة كتيبة العمليات من القتلة والمجرمين والمغتصبين حتى تكتمل المؤامرة، فماذا انتم فاعلون.

  8. مهما كانت وجهات النظر حول الصحفية سهير، فلا يجب ان ننسي انها الصحفية الوحيدة من بين (٧) الف صحفي مسجلين في اتحاد الصحفيين السودانيين قد قامت بزيارة لأسر الشهداء، لم نسمع منذ وقوع احداث جبرة، ان فكر في احد الصحفيين في القيام بجولة صحفية يرصد فيها حال الاسر المنكوبة في اولادها!!

    قال نبينا الكريم “اعطي لكل ذي حق حقه”….وسهير تستحق الشكر علي هذا العمل الانساني.

  9. خارج السور يا سهير :

    كلمي ناس الراكوبة يغيروا ليك صورتك دي لأنها ما مناسبة مع المقالات بتاعتك.

    * بتشبه صور القونات وعارضات الازياء وموديلات الدعايات التجارية .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..