سبب الانقلاب هو عدم ضمان الحصانة من فض الاعتصام

(ويمكرون، ويمكر الله، والله خير الماكرين) صدق الله العظيم
أزهري بلول/ الإسكندرية فرجينيا
إن الانقلاب العسكري الذي قام به الفريق أول عبدالفتاح البرهان في يوم 25 أكتوبر 2021م سببه الأساسي هو تخوفه من محاكمته هو، وأعضاء المجلس العسكري، بسبب جريمة فض الاعتصام. تلك الجريمة البشعة، والتي قتل فيها أكثر من مئة شخص أعزل، وجرح فيها شباب أبرياء، وشابات برئيات، وتعرضت أكثر من سبعين منهن للاغتصاب.
لقد تضمنت المحادثات مع المبعوث الأمريكي الخاص لمنطقة القرن الإفريقي، السيد جفري فيلتمان طلبا له من الفريق البرهان، والفريق حميتي بضمان الحصانة من المحاكمة بسبب جريمة فض الاعتصام. هذا الطلب قوبل بالرفض الصريح، والتام، من المبعوث الأمريكي وقد أوضح لهما أن من يملك هذا الحق هو الشعب السوداني، ولايملكه المبعوث الأمريكي. وبسبب هذا الرفض الصريح والمبرر اتضح للبرهان وحميتي أنهما لامحالة ماثلا أمام المحاكم وسيجرمان. ولهذا السبب، عدم توفير الحصانة من المحاكمة بسبب جريمة فض الاعتصام، قام الفريق البرهان بالانقلاب العسكري فور مغادرة المبعوث الأمريكي الخاص،السيد جفري فيلتمان للسودان.
إن الانقلاب العسكري ليس هو بوليد لحظة بل هو عمل بدأ التخطيط له منذ توقيع الوثيقة الدستورية في 17 أغسطس 2019م، والتي قضت بأن تكون رئاسة مجلس السيادة تسعة وثلاثون شهرا، نصيب المكون العسكري منها واحد وعشرون شهرا، ونصيب المكون المدني منها ثمانية عشر شهرا، ثم عدلت الوثيقة بعاصمة دولة جنوب السودان جوبا في 3 أكتوبر 2020م، مما يعني تمديد الفترة الانتقالية لمدة 14 شهرا. وكان من المفترض أن يتولى المكون المدني رئاسة مجلس السيادة في شهر نوفمبر الجاري.
لم يقدم الفريق البرهان على القيام بالانقلاب العسكري إلاّ بعد أن أوصدت في وجهه جميع الأبواب، والتي كان يريد من خلالها الاستمرار في رئاسة مجلس السيادة، والتي يمكنه من خلالها تعطيل أي إجراء قانوني ضده، وبالتالي فإنه سيضمن عدم محاكمته هو وأعضاء المجلس العسكري الذين شاركوا في إصدار قرار فض الاعتصام. شملت هذه الأبواب الموصدة أمام الفريق البرهان إغلاق الميناء والذي كان الهدف منه اسقاط الحكومة الانتقالية، ولكن نتائجه كانت مخيبة للبرهان، حيث لم تتأثر شعبية رئيس الوزراء دكتور عبدالله حمدوك. استغل البرهان في إغلاق الميناء الناظر ترك، المحدود القدرات، المنتمى لجماعة الإخوان المسلمين. وقد ركن الفريق البرهان إلى الكذب الصريح، والذي لايجوز على شخص عاقل، وهو قوله إنهم كعسكر لاصلة لهم باغلاق الميناء. وقد سبق إغلاق الميناء محاولة انقلاب 21 سبتمبر 2021م الفاشلة، وهي محاولة تحتاج لكثير من التقصى للتأكد من أنه فعلا كانت توجد محاولة انقلابية حقيقية وليست مزيفة. إن هذه المحاولة الانقلابية الفاشلة أوضحت أن البرهان يخبئ أمراً فلقد صب جام غضبه على المكون المدني، بدلا من الاستخبارات العسكرية لفشلها في كشف المحاولة الانقلابية قبل وقوعها، وعلى الانقلابيين الذين خانوا شرف العسكرية بمحاولة انقلابهم على حكومة مدنية. وقد قام البرهان بالاعتراض الشديد على عضو مجلس السيادة محمد الفكي عندما نادى الشباب ليهبوا دفاعا عن ثورتهم. وعندما تعرض البرهان لأشد أنواع النقد من الحادبين على مصلحة البلد، بأنه جافى الحق في نقده للمكون المدني في محاولة الانقلاب، قام عبر جهاز جهاز الأمن باختلاق عمليات مزعومة لمواجهة خلايا إرهابية في حي جبرة!!
إن هذه العمليات المزعومة، والتي كان الهدف منها إظهار أن هناك مخاطر أمنية تبرر استمرار الفريق البرهان في رئاسة مجلس السيادة، أظهرت أن الأمن السوداني يجهل أبسط قواعد مواجهة الإرهابيين. وفى إحدى هذه العمليات المزعومة، أتى القائد بزعمه، البرهان، ليقابل بالتهليل، والتكبير، من بعض بطانته، ولعلهم من الأمن!! إن كل من له أبجديات المعرفة بقواعد مواجهة الإرهابيين يعرف أنه في خلال هذه العمليات لاتسمح الوحدة التي تقوم بهذه العمليات لأي شخص من الاقتراب من مكان العملية، حتى وبعد انتهاء العملية، ولفترة من الوقت، وذلك لأن الشخص الذي يقترب من مكان العمليه قد يكون إرهابي متخفي. إن عمليات جبرة المزعومة، لمكافحة الإرهاب، أظهرت الفريق البرهان بمظهر الشخص الذي يجهل أبسط القواعد الأمنية، ويريد أن يسوق نفسه كقائد كبير، يقابل بالتهليل، والتكبير، ولعمري فإن تلك هي تجارة كاسدة، يصعب أن تجوز حتى على من لايحسنون صنعا.
ذكر السيد منى أركاوي رئيس حركة تحرير السودان في مؤتمره الصحفي، ولأول مرة، في الأسبوع قبل الماضي، أنه يوجد اتفاق “غير مكتوب”، اتفاق” تحت التربيزة”، اتفاق بمثابة “كلمة شرف”، بين الأطراف الموقعة على اتفاقية سلام جوبا والمجلس العسكري وهذا الاتفاق هو أن تصمت الحركات المسلحة عن موضوع فض الاعتصام، و كذلك أن تصمت عن التحقيقات والإجراءات عن قضايا دارفور والتي من المفترض أن تجرى في محكمة الجنايات الدولية، وأن يستمر البرهان في رئاسة مجلس السيادة حتى نهاية الفترة الانتقالية. بنود هذا الاتفاق، والذي كان في طي الكتمان، ظلت قوى الحرية والتغيير ترفضها علانية وبشدة.
كما ذكرت آنفاً فإن آخر الأبواب الموصدة أمام الفريق البرهان، هي محاولة الحصول على الحصانة من جريمة فض الاعتصام البشعة من المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي، السيد جفري فيلتمان. وعندما فشل الفريق البرهان في الحصول على موافقة السيد جفري فيلتمان، وطالعته مجاورة قائده المخلوع في كوبر، استشاط غضبا، وانتظر حتى غادر السيد جفري فيلتمان مطار الخرطوم، وقام بانقلابه العسكري في يوم 25 أكتوبر 2021م. قبل أن يعلن البرهان انقلابه سافر إلي مصر حيث حصل على مباركة، وتأييد الرئيس المصري السيسي، رئيس الدولة التي تحتل أراضي سودانية وهي حلايب وشلاتين!! إن السيد البرهان دائم الذكر أن هناك دول تتربص بالسودان!! وهل من متربص بالسودان أكثر من مصر؟! ليت شعري!
إن أقل ما يوصف به هذا الانقلاب العسكري، هو أنه انقلاب الجبناء، الخائفين من المحاكمة بسبب جريمة فض الاعتصام. هو انقلاب المذعورين والخائفين على أنفسهم وليس على وطنهم،، المتهورين والذين بقيامهم بالانقلاب العسكري أضافوا جرما جديدا إضافة لجرم فض الاعتصام. إن هذا الانقلاب هوعمل متهور، غاب عنه الفكر الموضوعي، وهو انتحار سياسي، وسيندمون عليه أشد الندم، وسيعضون أصابع الندم، ولات حين مندم، والفشل حليفهم، مافي ذلك أدنى ريب.
إن الثورة لامحالة منتصرة، فإن الشعب السوداني هو معلم الشعوب، وأصبح مثالا يحتذى في المعارضة السلمية للأنظمة العسكرية وإسقاطها. إن من يحاولون الآن أن يفرضوا أنفسهم بقوة السلاح لكي يديروا دفة الحكم في السودان من أمثال البرهان، ورهطه هم أقزام، وتنطبق فيهم مقولة الأستاذ محمود محمد طه: (الشعب السوداني شعب عملاق، يتصدره أقزام.)
هزم الله جل شأنه وعلا، البرهان ورهطه، الجبناء، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر، وأرغمهم على ترك الحكم، واقتص منهم، إنه نعم المولى ونعم المجيب..عاشت الثورة السودانية، والتحية للشهداء ولأسرهم، وشفى الله الجرحى، وأعاد المفقودين، وفك أسر المعتقلين، إنه نعم المولى ونعم المجيب. والتحية للشعب السوداني العملاق، معلم الشعوب.
(وحدس ما حدس) يمشوا وين من الله
الأخ الأستاذ أزهري ..مقال في الصميم ..أضف إليه أن المكون المدني وبسب إختراقه من قبل لجنة الكيزان الأمنية فشل في أي محاكمة جاده لأفراد النظام البائد الذيين نشك أنهم في السجن إبتداء”
لقد اصبت كبد الحقيقة الأخ ازهري هذا ما حدث بالضبط بالإضافة إلى لين الحكومة التنفيذية بقيادة رئيس الوزراء وعدم الجدية في إكمال هياكل الحكم من تعيين رئيس للقضاء والنيابة والمجلس التشريعي .