أخبار السودان

توجهات الموازنة.. هل يتحسن الحال الاقتصادي؟

الخرطوم: علي وقيع الله

 

لم تظهر بعد تقديرات موازنة 2023 بشكل قاطع أية بوارق آمل في الشأن الاقتصادي العام، سوى تصريحات سابقة لوزير المالية والتخطيط الاقتصادي التي قوبلت من قبل محلليين اقتصاديين بأنها أرقام غير واقعية، وبالتالي لن تحقق أي رضاء في الشأن  الاقتصادي المكلوم؛ لجهة أن الموازنة الغائبة عن المشهد توحي بأن مبالغ ضخمة تم تخصيصها لقطاعي السيادي والدفاع، ويبدو أن الوضع السياسي المضطرب الذي تشهده البلاد؛ لم يعد قادراً على إبراز أية مؤشرات للموازنة العامة، هذا بالنظر لتراكم التحديات على مستويات الرسوم الحكومية المتمثلة في الجمارك والضرائب ونقل الصادرات وغيرها من تحديات كبيرة في المشهد الآن.

 

مبالغ ضخمة للسيادي والدفاع

في وقت وجه فيه الحزب الشيوعي انتقادات واضحة لتخصيص مبالغ ضخمة لقطاعي السيادة والدفاع في موازنة العام 2023، والتي لم تجاز أو تعلن رسمياً حتى الآن، وعقدت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اجتماعاً يومي الجمعة والسبت، وبحثت فيه مستجدات الوضع السياسي، وقالت اللجنة، في بيان بحسب (سودان تربيون) إن الاجتماع تطرق إلى الأوضاع الاقتصادية والضائقة المعيشية بما في موازنة العام 2023 الذي تخصص جل الإنفاق العام أو مبالغ ضخمة للقطاعين السيادي والعسكري، وأشارت إلى أن الموازنة تواصل نهب الموارد عن طريق الاتفاقيات المشبوهة مثل وادي الهواد ومشروع السكة الحديد: بور تسودان ــ أدري وميناء أبو عمامة وبيع الأراضي للأجانب.

 

ضرورة معالجة شاملة للأجور

ويعتبر المحلل الاقتصادي الدكتور، محمد الناير، موازنة العام الحالي 2023 وفقاً لما رشح من ملامح، بأنها غير واقعية وغير قابلة للتطبيق، وقلل من صدقية حديث وزير المالية بأن حجم الموازنة يبلغ 5 ترليونات جنيه، وبرر الأمر بقوله إن هذا يعني زيادتها بنسبة 100% عن موازنة العام الماضي 2022 التي كان حجمها وفقاً لتصريحات وزير المالية 2.9 ترليون جنيه، مشيراً إلى أن هذا يعني ان أداء الموازنة للعام الماضي لم يتحقق بالكامل، بحيث أن حجمها المعلن كان 3.6 ترليونات جنيه وكان حجم الموارد 3.3 ترليونات، وأضاف الناير، أن أرقام الموازنة ما تزال تتسم بالضبابية لعدم الإفصاح عن تفاصيل الموازنة العامة للدولة لعام 2023، كما هو الحال في عام 2022 لعدم الإفصاح حتى الآن عن حجم الأداء، ولم يعلن إلا عن الربع الأول في العام 2022، وأردف.. بالتالي لا نستطيع القول إن موازنة العام 2022 أنجزت بالكامل، وأكد ل(اليوم التالي) أن العام الحالي لا يحتمل أي أعباء إضافية جديدة كما تحملها العام الماضي 2023، وقطع بصعوبة فرض رسوم وضرائب جديدة إلا إذا تم توسعة المظلة الضريبية أفقياً او الاستفادة من موارد السودان الطبيعية، والحد من تهريب الذهب وغيرها من الأشياء الأخرى التي يمكن أن تساهم في هذا الأمر، وزاد قائلاً : بخلاف ذلك سيكون الأمر صعباً للغاية، ولم تنفذ الموازنة بالشكل المطلوب، وأشار الى أن هنالك تحديات كثيرة، منها مطالبة تعديل الرواتب من المعلمين وأساتذة الجامعات وفئات أخرى، وقال لا يعقل أن تتعامل الدولة بنظام إطفاء الحرائق الذي تعاملت معه في العام الماضي 2022 حينما أضربت قطاعات حيوية واستراتيجية في الدولة، وشدد على ضرورة معالجة شاملة للأجور لتغطي الحد الأدنى لمستوى المعيشة وهذا هو الحل الذي يجعل الدولة تبحث عن موارد إضافية لمعالجة الأمر خلال موازنة 2023، واستبعد الناير الصرف على التنمية خلال الأعوام الماضية، بيد أنه شدد على ضرورة الصرف على التنمية خلال المرحلة القادمة، وأن الاهتمام بالصحة والخدمات الضرورية أمر واقع في الموازنة ومفصل في بنودها بصورة واضحة، ويتابع تنفيذها بشكل واضح، وفيما كشف وزير المالية عن عجز 15% من حجم الموازنة، قطع الناير أنها نسبة مقدرة  وكبيرة، لافتاً إلى أنه لا يعرف حجم الناتج المحلي الإجمالي حتى يتم قياس العجز به حتى الآن، وعزا ذلك لغياب المعلومة، وقطع بأن الموازنة تعاني من عدة إشكالات بدءاً من تأخر إجازتها نسبة لعدم اكتمال هياكل السلطة الانتقالية وعدم تمليك وسائل الإعلام مشروع الموازنة قبل الإجازة، حتى تستطيع أن تحلل إن كانت موازنة واقعية ام غير واقعية، ورأى أنه طالما العام الماضي لم تتحقق الأهداف وتمت زيادة الموازنة بنسبة 100% من الصعب تحقيق أهداف موازنة العام 2023، أو وصفها بأنها واقعية وقابلة للتطبيق، باعتبار أن كل القرارات التي أُصدِرت في العام الماضي من زيادة في الرسوم والضرائب وغيرها قد لا تتاح في العام الحالي باعتبار أن الوضع الاقتصادي في السودان أصبح مصاباََ بالكساد والركود التضخمي.

 

لم تعط بارقة أمل

ويرى الباحث الاقتصادي، هيثم محمد فتحي، إن موجهات موازنة 2023م تتطابق مع الموازنات السابقة للحكومة الانتقالية، وبالتالي لم تعط أي بارقة أمل في انفراج الأزمة الاقتصادية التي يعيشها السودان، خاصة مع عدم الاستقرار السياسي والأمني والإداري لدولاب العمل في الدولة؛ لذلك لا أستبعد أن تستمر سياسة الاستدانة من النظام المصرفي لتغطية عجز الموازنة، مما سيؤثر على سعر صرف الجنيه وأيضاً على التضخم، وهكذا فالموازنة للعام الجاري ستعكس أزمة الاقتصاد السوداني، وقال إن البلاد تعاني منذ فترة تراجعاً في مؤشرات الاقتصاد الكلي، مشيراً لوجود أزمة في ميزان المدفوعات وعجز في الموازنة وارتفاع في مستويات البطالة، وتعطل مهم في الصناعات التحويلة، ولم تتمكن منذ الثورة من التوصل إلى معالجات مؤقتة لمشاكلها العاجلة، خاصة أن الاقتصاد السوداني ومنذ زمن اعتمد على المعونات والتسهيلات التمويلية الميسرة التي تقدمها البلدان والمنظمات التمويلية والاستثمارية الدولية، ونوه إلى أنه ومنذ اندلاع الثورة لم يتحقق خلالها أي تطور إيجابي في الأوضاع الاقتصادية أو مستويات المعيشة، بل تراجعت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتأزمت من دون استشراف لأي تحولات إيجابية، وأوضح أن موازنة العام الحالي ستتبع ذات المنهج السابق بالمبالغة في تضخيم الإيرادات والمصروفات، وتابع: ما يقود للتدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد حالياً، وحتى الآن لم تطلعنا الحكومة بكيفية تقليل عجز الموازنة وخفض الاستدانة من النظام المصرفي، والوفاء بتعويضات العاملين في الدولة، ومقابلة التزامات السودان الخارجية سواء في الهيئات الدبلوماسية أو الملحقيات العسكرية والعلاقات مع المنظمات الدولية عبر سياسة مالية ونقدية متفق عليها.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..