التسوية… الحقائق والأكاذيب والأسئلة قراءة في البنية والنصوص (6/6)

يوسف حسين
(13)
(5) الإصلاح الامني العسكري.
لم يسل حبر التسوية، في اي محور كما سأل في هذا المحور الشديد الحساسية، لذا افرد له المقال جزءا كاملا، لتغطية كل ما ورد عنه، فدون تفكيك حقيقي للتمكين و إصلاح جهاز الأمن والقوات المسلحة، لن يكتب الاستمرار لأي نظام ديمقراطي .سيتناول المقال، هذا المحور بثلاث مداخل، الأول يتحدث عن بنية وتركيب وادوار ووظيفة المكون العسكري ، ونتناول دوره الحقيقي بعد الثورة، وكيف قام به في التسوية السابقة.. وماهو دوره في التسوية الحالية وكيف سيكون في مستقبلا؟ ولم الاصرار على استقلالية الجيش ككيان.؟
والثاني عن طبيعة الإصلاح الأمني العسكري، ومن الذي يقوم به؟وما نتائج ذلك، والثالث عن مجلس الأمن والدفاع حقيقة مكوناته وطبيعة التوازنات داخله وعلاقته بقوى الهجين الإطاري.
اولا: بنية َوتركيب المكون العسكري، وطبيعة انتماؤه وادواره.
هنالك عدة حقائق اساسية عن تركيبة وطبيعة أدوار هذا المكون العسكري لا يجب اغفالها ابدا عند التعاطي معه، ذلك التغافل الذي كان مقتلة التسوية السابقة.
أول هذه الحقائق ان قيادة هذا المكون العسكري تتكون بالكامل، من ضباط منتمين للحركة الاسلامية (كيزان)، وفي حقيقته هو اللجنة الأمنية للنظام الساقط، وقد فرض نفسه على الثورة، تحت حجة الانحياز للثورة، بهدف حماية مصالح تنظيم الحركة الإسلامية العليا، الممثلة في منع تحقيق أهداف الثورة، في تطبيق العدالة ومحاسبة النظام ومنتسبيه على جرائمه، وإزالة التمكين، وخصوصا في القوات المسلحة، والمحافظة على الامبراطورية للحركة الاسلامية وابعادها عن التفكيك بضم شركاتها لمنظومة الصناعة الدفاعية.،وربما يجدر في هذا الموضع، التذكير باعترافات الفريق اول ركن هاشم عبدالمطلب، رئيس هيئةالأركان المشتركة اثناء التحقيق معه بعد فشل انقلابه، حيث اعترف بان كان يتلقى الأوامر والتوجهات من قيادات كيزانية مدنية للانقلاب ذكرهم بالاسم، وهو ما يؤكد ،استمرار خضوع قيادات المكون العسكري لقيادتهم الام في الحركة الإسلامية.
وثاني الحقائق ان هذا المكون وبطبيعته العسكرية وانتماؤه السياسي للإسلاميين، ولتورطه المعلوم في كل جرائم النظام، من إبادة وتطهير عرقي، ثم ارتكابه لجرائم مجزرة فض الاعتصام، وجرائم مابعد الانقلاب، بالضرورة هو ضد إقامة اي نظام ديمقراطي حقيقي،وقضاء مستقل يجرحره للمحاكم، لذا عمل ويعمل وسيظل يعمل باستمرار، لاعاقة قيام اي نظام ديمقراطي حقيقي.
ثالث الحقائق أنه يدرك تماما، و بالتجربة التي سطرها شباب الثورة والشعب السوداني، بقيادة لجان المقاومة،انه من المستحيل عليه ان يحكم السودان عسكريا.بدرك ان زمن حكم العسكر قد أصبح امرا من الماضي،
اما رابع الحقائق، التي لا يجب اغفالها، عند التعاطي مع المكون العسكري، فهي انه لديه تاريخ طويل من العمالة والارتباطات، المسماة تجملا بالتعاون العسكري والاستخباراتي السري والمستمر ، مع الولايات المتحدة بالذات، يعود ذلك التوظيف الي مرحلة الحرب الأمريكية على الإرهاب، فقد قدم لها هذا المكون كما هائلا من المعلومات حول بنية وتركيب الجماعات الإرهابية، التي كان قد اوي واستضاف ودرب معظمها، في الفترة التي سبقت الحرب على الإرهاب، في دور مشبوه جدا، انتهى بتسليم عدد كبيرا من أعضاء هذه الجماعات ليتم اعتقالهم في معتقل غوانتنامو الشهير.
اتسع هذا “التعاون” في الحرب، ضد تمدد نفوذ إيران في اليمن، حيث يتاجر المكون العسكري – باعتراف قائديه البرهان وحميدتي – بدم عشرات الاف الجنود المشاركين في تلك الحرب بعقود ارتزاق زهيدة الثمن،هذا الارتزاق المعيب بكل طبيعته المفروضة ابتدأه النظام الساقط في مارس 2015،و استمرت بعد الثورة مشاركة المكون في عضوية هذا الحلف العسكري الأمني الإقليمي، الذي تقوده في المحصلة النهائية الولايات المتحدة، والتي ترعي أيضا هذه التسوية عن قرب واهتمام متعاظم و بمشاركة فاعلة دول المحور.
وفي ذات سياق علاقات المكون وعمالته، أتى تطبيع البرهان مع اسرائيل، استجابة لطلب فج ومباشر من الادارة الأمريكية السابقة للرئيس ترامب بالتطبيق مع اسرائيل، وطمعا من المكون العسكري في نيل دعم اللوبي الاسرائيلي له عند القيام بانقلابه، كذلك لا يجب أن ننسى حيوية، دور هذا المكون بالنسبة للقيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (افريكوم) وحجم ما يمكن أن يلعبه من أدوار لصالحها.
استنادا على هذه الحقائق، اعتقد ان المدخل الاوفق، لقراءة وفهم طبيعة ودور هذاالمكون تجاه الثورة، هو الانطلاق من قاعدة اساسية، تنص علي أن، كل ما قام ويقوم وسيقوم به، هذا المكون، ماهي الا خطوات عملية لمخطط متواصل، لاجهاض ثورة ديسمبر، ومنعها من تحقيق أهدافها النهائية، والمحافظة على بنية وتركيبة النظام العسكرية الامنية الاقتصادية، التي بنتها الحركة الإسلامية، والموظفة في خدمة مشاريع رعاة التسوية في الاقليم، فدخول المكون في تسوية الشراكة الأولى كان من أجل تحقيق تلك الأهداف، والتاريخ شاهد على مافعل، فاثناء التفاوض مع قحت،ارتكب مجزرة فض الاعتصام، بنية القضاء علي الثورة نهائيا، لو لا ان ردعه موكب 30 يونيو الأول، وبعد الاتفاق على التسوية والشراكة وتكوين الحكومة، منع تكوين المجلس التشريعي،وسيطر على بنك السودان، لاعاقة اي إصلاح اقتصادي، وعقد اتفاق جوبا مع الحركات المسلحة، وادخلها في الحكم كحليف له ضد الثورة، وقام بالتطبيع مع اسرائيل لينال دعمها، وافتعل أزمات أمنية اقتصادية بشكل متواصل،ووصل به الامر الي المشاركة المباشرة في دعم اغلاق الميناء، ودعم اعتصام الموز وجميع تلك الخطوات، التي كانت جزءا من مخطط إجهاض الثورة، الذي قاد الي قيامه بانقلاب 25 اكتوبر.
وحقيقة هذا الانقلاب، وسببه المحلي المباشر ،
لخصها خطاب البرهان،الذي القاه في معسكر المدرعات بالشجرة، قبل الانقلاب بشهر واحد، حيث تحدث هناك بنبرة تهديد، عالية ََمخاطبا حكومة حمدوك، بعد فشل انقلاب تحذيري من سلاح المدرعات (قاده العقيد بكراوي)، حيث طالب في خطابه بتوسيع قاعدة المشاركة، في الفترة الانتقالية،مشترطا ضم القوى الوطنية وهو يقصد (الاسلاميين) وحلفاء النظام ، لتصبح جزءاً من مكونات المرحلة الانتقالية
والحاضنة السياسية للحكومة، مؤكد بانهم كمكون عسكري لن يسلموا السلطة الا لجهات وقوي سياسية محددة ومعلومة لديهم، كما نادي أيضا بتوحيد القوي المدنية والعسكرية حول الأهداف الوطنية، وهو ما يعني موافقة القوى المدنية على الاجندة السياسية والرؤي التي يحملها الجيش، ومن ضمنها وضعية الجيش، ودوره المستقبلي في الدولة، وهو بالضبط ما حدث في هذه التسوية الإطارية!!.
(14)
ثانيا :ماهي طبيعة الإصلاح الأمني العسكري، ومن الذي يقوم به؟وما نتائج ذلك. لمن سيخضع الجيش كنتيجة لهذا الإصلاح ؟ ولم المنادة الاستقلالية للمكون العسكري؟
كل ما ورد عن الإصلاح الأمني والعسكري، في الاتفاق الإطاري، منقول حرفيا من نصوص المواد 72/71/69/68، من مشروع الدستور الانتقالي،وان كان الدستور قد توسع اكتر في بعض البنود، وملخص ماورد في كلا الوثيقتين حدد عملية الإصلاح الأمني العسكري في انها تتمحور حول تكوين جيش مهني،وقومي موحد، جيش خالي من الوجود الحزبي والسياسي، ولا يسمح له بممارسة السياسية،ولاالأعمال التجارية والاستثمارية، ما عدا المتعلقة بالتصنيع الحربي والمهمات العسكرية، والتي ستخضع لولاية وزارة المالية، جيش يقوم بتنفيذ اتفاق الترتيبات الأمنية مع حركات دارفور، وبدمج مليشيات الدعم السريع والحركات المسلحة فيه، جيش يلتزم بالدستور، ويخضع للحكومة المدنية، وتكون مهمته هي حماية الدولةوالنظام الديمقراطي، وأضاف مشروع الدستور الي تلك المهام مهاما أخرى، اهمها تفكيك بنية نظام الثلاثين من يونيو الأمنية والعسكرية، وتفكيك البنية الاقتصادية للأمن الشعبي،تقديم منسوبي الأجهزة العسكرية والأمنية، الذين ارتكبوا جرائم مباشرة للعدالة، وتمكين الأجهزة العدلية من الوصول إليهم والقيام بمهامها.
لكن وفي كلا الوثيقتين (الاتفاق الإطاري،
ومسودة الدستور ) ورد نص يكشف بجلاء، ان كل افكار ونصوص، عملية الإصلاح العظيم هذه، ليست سوي عملية خداع واحتيال خبيث على الناس، تم فيها استخدام النصوص الدستورية، ولغة الاتفاقيات الدبلوماسية، لإخفاء حقيقة ان اهداف الثورة، لن تتحقق في تفكيك تمكين الاسلاميين في القوات المسلحة، هذا النص يقول ان جميع خطوات الإصلاحات العسكرية هذه، تقوم بها قيادة المكون العسكري، وهي نفس القيادة التي تحدث عنها المقال باسهاب في الفقرة السابقة، والمكونة بالكامل من ضباط الحركة الإسلامية في الجيش، والمسئولة عن كل جرائم الابادة والمجازر، وعن جريمة فض الاعتصام، وعن كل جرائم ما بعد الانقلاب، و المسئولة دائما وابدا عن تنفيذ وتثبيت سياسة التمكين في القوات المسلحة!!.
الاحتيال والخديعة أيضا تكمن في ان هنالك بنودا في مسودة الدستور والاتفاق الاطاري ، تجعل من القوات المسلحة كيانا مستقلا قائما بذاته، ولا يخضع لسلطان الدولة بل لذات قيادته بتركبيتها الموصوفة، فراس الدولة الذي يفترض انه القائدا الأعلى للجيش ولمليشيات الدعم السريع، لا يستطيع اتخاذ قرار يمس الجيش او الدعم السريع الا بتوصية من قيادتيهما، غير ذلك لا توجد اي سلطة لأي جهة على الجيش، الا سلطة رئيس هيئة الأركان، والذي سيكون هو القائد الأعلى الحقيقي للجيش، وكذلك الحال بالنسبة للدعم السريع. هذه الاستقلالية الممنوحة دستوريا للجيش، والتي تحدث عنها البرهان كثيرا، واكدها في مناسبات عديدة، ستخلق بعد إقرار مشروع الدستور، وضعا يكون فيه الجيش حرفيا وبشكل دستوري، دولة داخل الدولة، مع كل ما يمثل ذلك من خطورة على الأمن القومي وعلى النظام ديمقراطي المنشود، هذا التخوف ليس تصورا افتراضيا بل نحن نعيشه الان،احد امثلته الحية، ودون دعم من بنود دستورية، فمنذ قيام الثورة والمكون العسكر مستقل بذاته، ولم يكن للحكومة المدنية السابقة اي علاقة بما يدور فيه، من إحلال وابدال واقالات، حتى عندما تمت اقالة الضباط الذين حموا الاعتصام ضد محاولات الفض الأولى، ولم يكن لها دور ولا رأى ولا حتى مشورة او علم بادواره الاقليمية اوَالدولية، ويكفي ان الحكومة لم تعرف، ولا معلومة واحدة عن طبيعة وحجم، مشاركة المكون العسكري في حرب اليمن، فهي لم تعرف شيئا، عن العمليات التي يقوم بها الجيش هناك، ولا عرفت عدد قتلاه او جرحاه، ولا تعلم شيئا عن حجم تدفقات اموال الأرتزاق التي تصب في خزائن الجيش، والدعم السريع دون أن تدري عنها لا وزارة المالية، ولا بنك السودان شيئا!
في تفرع غريب الشكل من المادة 69، ورد في مسودة الدستور، ان قيادة القوات المسلحة والدعم السريع، تتعهد بمساعدة الحكومة، وعدم إعاقة تنفيذ بعض الخطوات كالتحقيق في مجزرة فض اعتصام القيادة، والتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وتفكيك وإزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو في مؤسسات الدولة.
وإصلاح الأجهزة العدلية والحقوقية، وجعلها مستقلة وقادرة على تحقيق العدالة. الا ان أخطر ما ورد في تلك الفقرة، هو الحديث عن مساعدة قيادة الجيش والدعم، في تكوين مفوضية العدالة الانتقالية، وتصميم عملية شاملة للعدالة، وهذا البند ليس سوي تشريع وسماح بتدخل سافر وخطير ومعيق للعدالة، من الجهة التي يعلم الجميع، انها هي الجهة المسئولة عن ارتكاب كل تلك الجرائم، التي من أجلها سيتم تصميم عملية العدالة الشاملة، وتكوين المفوضية.
في ذات فقرة التعهد تلك، مذكور أيضا ان القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، تتعهد بتعويض الضحايا وأسر الشهداء وجبر الضرر، وهنا تكتمل الرؤية عن الفكرة وراء منح الدستور للقوات المسلحة، وقيادة الدعم السريع ، دورا في المساعدة في تكوين مفوضية العدالة الانتقالية، وفي تصميم عملية شاملة للعدالة، فالمسألة بركتها ليست سوي عملية مساومة رخيصة غاية في الوضاعة، وبغطاء دستوري، لشراء البراءة لقيادات المكون العسكري، من كل الجرائم منذ يونيو 1989 الي يومنا الحالي.
في باب الإصلاح هنالك أيضا بنود عن اصلاح جهازي الشرطة والأمن والمخابرات، وجعلها جهازين مدنيين يخضعان لتفكيك التمكين، تحت سلطة رئيس الوزراء، مع اقتصار مهمة جهاز الأمن و الاستخبارات، على الجانب المعلوماتي فقط.لمن من ينفذ وكيف يتم التنفيذ ذلك كله امر يخضع لطبيعة تركيب السلطة التي أسهل النقال في تشريحها.
(15)
ثالثا :حقيقة مجلس للأمن والدفاع
ماهي حقيقة مكوناته، وطبيعة التوازنات داخله وظيفته ودوره وعلاقته بقوى الهجين الإطاري.؟
كلا الوثيقتين ( الاتفاق الإطاري ومشروع الدستور الانتقالي)، اوردتا بنودا متطابقة عن تأسيس ومكونات المجلس، وبالطبع توسع مشروع الدستوررالانتقالي في التفصيل عن مكوناته ومهامه، (المادة “74”).
فبخصوص التأسيس نص الدستور على إنشاء “مجلس الأمن والدفاع”، برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية كل من وزراء الدفاع، الداخلية، الخارجية، العدل، المالية، الحكم الاتحادي، النائب العام، وقائدي القوات المسلحة، ومليشيا الدعم السريع، ومدير عام قوات الشرطة، مدير عام جهاز المخابرات. وستة من قادة حركات الكفاح المسلح الموقعة على اتفاق جوبا للسلام.
هذا عن التكوين.
أما مهام مجلس الأمن والدفاع فعديدة اختصرها فيوضع الاستراتيجيات الأمنية، وتنفيذ خطط دمج، مليشيات الدعم السريع، وحركات اتفاق جوبا في القوات المسلحة، التوصية لمجلس الوزراء بإعلان حالة الطوارئ او اعلان الحر ب، والتوصية للجهات المختصة بوضع الخطط الهادفة لإنشاء مؤسسات دفاعية وأمنية دائمة،متابعة تنفيذ وتقييم كل الترتيبات الأمنية لاتفاقية جوبا، أو أية اتفاقيات سلام توقع مستقبلا، ويملك هذا المجلس أيضا السلطة الحصرية في تكوين وإنشاء اي قوة عسكرية جديدة.
دون الانخداع، بترؤس رئيس الوزراء للمجلس، يمكن القول، وباحصائية واضحة ان مجلس الأمن والدفاع، سيشهد سيطرة واسعة لقوى الثورة المضادة، فجملة اعضاء المجلس يبلغ عددهم ثمانية عشر عضوا، أربعة منهم هم قادة الاجهزة الأجهزة النظامية الأربعة، الجيش والدعم والشرطة والامن، وهؤلاء بالتأكيد لن يكون الا عسكر في خدمة أجندة المكون العسكري واجندة الثورة المضادةَ، وهنالك ستة أعضاء هم قادة حركات اتفاق سلام جوبا، جبريل ومناوي وعقار والهادي ادريس والطاهر حجر، وسادس اخر مثلهم ، وهؤلاء جميعا حلفاء للعسكر، وضد كل مايتعلق بالثورة، اذن مبدئيا لدينا عشرة.. اعضاء، من مجموع ثماني عشر عضوا في المجلس، هم بالتأكيد قوى ثورة مضادة، ويتبق ثمانية اعضاء، هم رئيس الوزراء وسبعة من وزراء حكومته، وجميعهم َ. قامت بترشيحهم وإختيارهم لشغل هذا المناصب، قوى الهجين الإطاري، وفق توازنات القوى بين مكوناتها، التي تتقاسمها قوى الثورة المضادة، وقوى الهبوط الناعم ، وبالتالي فإن الغالبية المطلقه في هذا المجلس لقوى الثورة المضادة ، فأي مجلس أمن ودفاع، واي إصلاح أمني او عسكري نرجوه من هكذا مجلس وهكذا تشريع وهكذا تسوية .
(16)
الخلاصة النهائية لهذه التسوية انها مخطط شديد التعقيد، واخطر كثيرا من كل ماقيل ويقال عنها، وبالتاكيد مبدئيا هي مخطط لتصفية الثورة بواسطة قوي مدنية محتمية بالدستور، و تحت ظل توافق سياسي، يمثله هذا الهجين الإطاري، هذا التوافق محروس بالجيش، الذي ستمنحه هذه التسوية، لأول مرة في تاريخ الدولة السودانية، الحق فى ان يكون مؤسسة مستقلةقائمة بذاتها، لا تخضع لأي شكل من أشكال السلطة السياسية في الدولة، كما تتمتع أيضا بحصانة دستورية،تحميها من المساءلة في كل الجرائم التي ارتكبتها منذ يونيو 1989، المادة 54(4) من مشروع الدستور، وهذان هما السببين الرئيسيين لقبول العسكر، بالتسوية والتنازل عن الحكم إضافة لضمان وجود حاضنتهم السياسية في التسوية.
وكما اسلفت يقف من وراء المخطط، دعم وحلف دولي واقليمي، بقيادة الولايات المتحدة، وحلفائها الاوربيين والعرب من شركائها في حرب اليمن، حرص هذا الحلف على نسج ومتابعة كل تفصيلة في هذه التسوية، لتكون مدخلا لمصالحه العريضة والممتدة في السودان والمنطقة، والأمر لا يتوقف عند الانتهاء من عملية إجهاض الثورة،بل يمتد الي ما بعد ذلك، وذلك شان وموضع لحديث اخر.
يوسف حسين