روزا : الرفض المحرر!ا

اوراق متناثرة

روزا : الرفض المحرر!!

غادة عبد العزيز خالد

كانت (روزا بارك) تحيا كآلاف الأمريكان السود، تستيقظ في صباحها، تمارس اعمالها، وتتعرض للتفرقة العنصرية أثناء يومها. واحدة من انواع هذه التفرقة كانت تشعرها وهي تستقل وسائل المواصلات العامة، لقد كان هنالك بابان بكل (بص)، الأمامي يركب منه اصحاب البشرة البيضاء ويجلسون في المقاعد المقربة منه، بينما يستقل السود ذات الوسيلة من الباب الخلفي ويجلسون في مقاعده ايضا.
ولا يعني ان يجد الراكب الاسود مقعدا في وسيلة من وسائل المواصلات العامة ان حقه مضمون في الجلوس حتى مكان وجهته، بل يكون مقعده دوما مهددا بالخطر. فإذا امتلأت المقاعد المخصصة للبيض يصبح من حق كل راكب ابيض جديد، قانونا، ان يترك الأسود له مكانه. وفي يوم كانت (روزا) عائدة من عملها وبعدما استقرت في مقعدها حضر إليها سائق البص وطالبها بترك مكانها لراكب ابيض. ونظرت (روزا) إلى سائق البص، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي ترى وجهه فيها، فلقد تذكرت انها قبيل فترة من الزمان ركبت بصا كان هو سائقه، وما ان سلمته روزا الأجرة حتى طالبها بالنزول من البص والركوب من الباب الخلفي المخصص للسود. وتركت (روزا) البص متجهة صوب الباب الخلفي.. وحينها تحرك السائق سريعا تاركا (روزا) خلفه بعدما دفعت الأجرة كاملة.
كانت ربما هذه الأفكار والذكريات تنساب في ذهن(روزا) وهي تسمع السائق يطالبها مرة اخرى بترك مقعدها والوقوف حتى يجلس الراكب الأبيض. وهنا، رفضت (روزا) ترك مقعدها، وحذرها السائق بأنها بذلك تقوم بفعل ضد القانون، لكنها اصرت على موقفها ضاربة بكل تحذيرات السائق عرض الحائط. وقام السائق بالاتصال بالشرطة التي حضرت وتم إلقاء القبض على (روزا) بتهمة رفضها ترك مقعدها لراكب ابيض.
وبينما كانت الشرطة تقتاد(روزا) إلى قسم الشرطة، كانت الأخبار تتناقل في ارجاء الولايات المتحدة كانتقال النار في الهشيم. وثار غضب كبير في ارجاء البلاد وبدأ السود ينظمون انفسهم، وخرج الزعيم مارتن لوثر كينج مطالبا السود بمقاطعة كل وسائل المواصلات العامة حتى تقوم بتعديل قوانينها وتعدل بين الركاب سواء كانت بشرتهم فاتحة ام سمراء. وفعلا رفض السود استخدام المواصلات العامة وصاروا يذهبون إلى اماكن عملهم سيرا على الأقدام حتى وإن أمضوا ساعات طوال. واستمرت المقاطعة على هذا الحال لمدة عام كامل حتى تم تغيير القانون فعلا وصارت (روزا) منذ حادثتها تلك واحدة من اهم محطات المقاومة السلمية لقوانين التفرقة العنصرية.
وعاشت (روزا) اعواما طويلة بعد حادثتها تلك وهي تتحدث عن تجربتها، وألفت كتابا للأطفال يحثهم على عدم التنازل عن حقوقهم حتى وإن كان ذلك ضد ما يقال عنه القانون. وفي الخامس والعشرين من اكتوبر 2005 لقت (روزا) حتفها ولقت ربها بصمت وهدوء وقد بلغت عامها الثاني والتسعين. إن ما قامت به (روزا) هو امر بسيط، عدم التنازل عن حقها في وجه القوي غير الأمين، ومهدت(روزا) بتصرفها ذاك، لجل الأمريكان السود، سبل العيش الكريم وإلى الأبد.

الصحافة

تعليق واحد

  1. عزيزتي بت عبد العزيز افصحي عن رسالتك التي تودين ايصالها لان بلدنا وللة الحمد بفضل دولة الصحابة ليس فيها القوي غير الامين فكلهم امناء وأقوياء واللة شنو يا روزا السودانية؟

  2. الأخت الأستاذة غادة و الله قلمك جميل و إسلوبك طاعم مليح و شيق يشد القاريء المتذوق بس نطلب نك الإنعطاف بعض الشيء لقضايا الوطن الداخلية حتى تكتمل دائرة التذوق و الروع ايها الكاتبة الدسمة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..