
دخلت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع المتمردة عامها الثالث، بعد أن خلّفت نزوحًا وقتلى وجرحى وحصارًا خانقًا على مدينة الفاشر، مع ترويع وتجويع ممنهج. وبعد تحرير وسط السودان والعاصمة، تستعد القوات المسلحة والقوات المشتركة والمساندون لفك حصار الفاشر وتحرير ما تبقى.
وفي الوقت الذي تمادى فيه الدعم السريع بإعلان ما سماه “حكومة تأسيس”، كان البرهان قد رفض سابقًا الدخول في مفاوضات جنيف الأولى التي دعت لها أمريكا، بينما كانت العاصمة والجزيرة وحتى مصفاة الجيلي تحت سيطرة المتمردين.
هذا الرفض كان في محله، لأن أي قبول وقتها كان سيضعف موقف السودان التفاوضي وربما يقود إلى انقسام جديد.
أما الآن، فقد تسربت معلومات عن لقاء جرى في زيورخ بين البرهان ومبعوث ترامب بولس، ربما بترتيب قطري، بعد أن جاب المبعوث مناطق ساخنة في أفريقيا مثل ليبيا.
اللقاء جاء في وقت تغيرت فيه المعادلة؛ الجيش حقق انتصارات ميدانية وانتزع اعترافًا بها، وشكّل حكومة مدنية، وفرض شروطًا أقوى في أي مفاوضات.
لكن يبقى السؤال: لماذا لم يأتِ بولس إلى بورتسودان الأكثر أمنًا من طرابلس؟ هل هي رغبة أمريكية في رد اعتبارها بعد الرفض السابق، أم لأسباب أخرى؟
الواضح أن الانتصارات الأخيرة وتشكيل الحكومة المدنية وإصرار البرهان على استبعاد الدعم السريع ومحاسبة كل من أجرم، دفعت واشنطن إلى تغيير لهجتها تجاه السودان، مع إدراك أن البلاد تمهّد لمرحلة ديمقراطية طالما نادى بها الشباب إبان ثورةديسمبر