هل يمكن إنتاج الصمغ العربي من نبات التبغ؟ا

هل يمكن إنتاج الصمغ العربي من نبات التبغ؟ ا

بقلم د. أحمـد هاشـم / لندن
[email protected]

هل يمكن إنتاج الصمغ العربي من نبات التبغ؟ بقلم د. أحمـد هاشـم / لندن
في ختام مقالاتنا السابقة حول فعاليات مؤتمرالصمغ العربي في بريطانيا إستعرضنا دور الحملة الإعلامية الشرسة التي تعرض لها الصمغ العربي السوداني عقب أحداث نيويورك في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. وتهديد السفيرالسوداني في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2007 بإيقاف تصدير الصمغ وإستمرار هذه الحملة في تذكير الشركات ومستهلكي منتجات الصمغ في الدول الغربية بعلاقة الصمغ العربي بنظام يقتل مواطنيه في دارفور في مجزرة قضت علي الأخضر واليابس حسب تصوراتهم.

ماذا كان رد الحكومة الأمريكية لتطمين مواطنيها بعدم مقاطعة المشروبات الغازية وضمان إستمرار الصناعات الأمريكية التي يجري الصمغ في عروقها؟ أصدرت الخارجية الأمريكية بيان صحفي أوضحت فيه أن أسامة بن لادن لم يعد يملك أية أسهم في الشركة السودانية للصمغ العربي بعد خروجه إلي أفغانستان عام 1996. هذا علي الصعيد السياسي ولكن ما دور مؤسسات البحث العلمي الأمريكية في إيجاد بدائل للصمغ الذي تسيطرعلي مواقع إنتاجه نظم خارج عن الشرعية الدولية حسب إعتقادهم وغير مواكب لأنماط الإستهلاك الحديث الذي يضمن إنسياب السلع بين الشعوب مع العدالة في توزيع العائدات بين الشركات والمزارعين.

ظل السؤال الذي يدور في ردهات مؤسسات البحث العلمي الأمريكية، هل يمكن إستغلال التقنية الحديثة لإنتاج الصمغ في أمريكا؟ مع العلم بأن شجيرات الهشاب التي تنمو في البيوت الزجاجية في معامل جامعة أوهايو لا يمكن تعميمها لسد نهم الصناعة الأمريكية ولكن مَكّن ذلك من دراسة شجرة الهشاب من الجينات الوراثية إلي عدد الأوراق التي تتساقط من كل شجرة في العام. بالفعل بدأت الإجابة علي السؤال السابق بإتباع الإفتراضات العلمية المعروفة لإيجاد حل لمثل هذه المسأله. من المعروف أن الصمغ العربي يتكون من البروتين الذي يمثل البنية الأساسية لمادة الصمغ وتتفرع منه الألياف المكونة من السكريات وقليل من المعادن.

بإفتراض أن البروتين يمثل جذع الشجرة وتمثل الأغصان والصفق السكريات أما الزهور فتمثل المعادن. بدأ الباحثون في جامعة أوهايو بقطع الأغصان والصفق والزهور بمواد كيماوية ليبقي البروتين الذي يمثل حوالي 10% من مادة الصمغ. بعد تنقية البروتين تم تجزئته إلي مكوناته الأساسية، الأحماض الأمينية، وبمعرفة الحمض الأميني (amino acid) أمكن إستخلاص مكوناته من الحمض النووي (DNA). بهذه الطريقة العلمية الدقيقة إستطاع علماء جامعة أوهايو معرفة مجموع الأحماض النووية التي تمثل المكون الوراثي للصمغ العربي وبهذا إستطاعوا من تحقيق ليس السبق العلمي فحسب بل أيضاً الملكية الفكرية للمكون الوراثي الناتج لصمغ الهشاب.

واصل الباحثون بتصنيع مجموع الأحماض النووية للمكون الوراثي للصمغ مع إضافة البروتين الأخضر (FPG) ليسهل فرز بروتين الصمغ من مجموع بروتينات خلايا التبغ. وعن طريق هندسة الجينات المعروفة تم إدماج المكون الوراثي للصمغ إلي المكوناث الوراثية لخلايا التبغ وتركت لتتكاثرلمدة أسبوعين في داخل أسطوانة حاضنة تحوي خمسة لترات من محاليل نمو الخلايا النباتية. وتابع الباحثون نموالخلايا تحت العناية الدقيقة مع الترقب المشوب بالأمل الذي يمثل أكسجين الباحث العلمي ويجعله متشوقاً لبزوغ الفجر للإسراع بدخول مختبره اَملاً في السبق العلمي بل وفي بعض الأحيان الحلم بجائزة نوبل العلمية. بدأت خلايا التبغ تشع ضوءاً أخضراً عند فحصها في الظلام دلالة علي إنتاج بروتين مادة الصمغ العربي وبعد تصفية وتنقية هذا البروتين و تحليله وُجِدَ أنه يحتوي على بعض خصائص الصمغ العربي. وخلصت الدراسة إلي إمكانية إنتاج الصمغ في خلايا نباتية في المستقبل بمواصفات محددة (حسب الطلب)، نُشرت نتائج هذا البحث في مجلة (Biotechnology and Bioengineering) عام 2005.

يبقي السؤال، هل تقود مثل هذه البحوث العلمية إلي تخلي الصناعة الأمريكية عن صمغ الحزام الأفريقي؟ بالطبع الإجابة لا في المستقبل القريب، حيث ما زالت هذه الدراسة في مستوي برهان النظرية أوالفكرة وحتي الآن لم يتم تطبيقها أو تأكيدها في أي مؤسسة بحث علمية أخري. لكن علي مستوي البحث العلمي والملكية الفكرية للمكونات الوراثية لشجرة الهشاب، هذا أمر يدعو للقلق ليس للمسؤلين عن الصمغ العربي السوداني فقط بل للباحثين في تقنيات الصمغ في الجامعات ومراكز البحوث السودانية والحادبين علي الملكية الفكرية لشجرة الهشاب التي وحدها فقط وضعت السودان علي قمة دول العالم. في الختام نود التأكيد بأن الشركات والحكومات الأمريكية والغربية بدأت بالفعل في البحث عن إيجاد مصادر أخرى بديلة لصمغ الهشاب السوداني بالرغم من جودته علي أصماغ تشاد، نيجريا ودول غرب أفريقيا. ويبقي السوال المطروح الآن هل يستطيع مجلس الصمغ العربي النجاح فيما فشلت فيها شركة الصمغ العربي على مدى أربعون عاماً؟ وهل يضمن نصيب عادل للمزارع يشجعه لإنتاج الصمغ وسط نهم التجار وشركات تصنيع وتصدير الصمغ من جهه والزيادات السنوية في رسوم الضرائب والزكاة وجبايات المحليات الإدارية من الجهه الأخري؟!

د. أحـمد هاشـم، سكرتيرمؤسسة كردفان للتنمية وباحث في كلية الملكة ميري للطب، لندن
[email protected] | www.kordofan.co.uk

تعليق واحد

  1. من كم يوم شاهدت برنامج في قناة الجزيرة عن الصمغ في السودان كان روووووووعة وبصراحةاول مرة اعرف فؤائد الصمغ دي كلها ..ياريت الاجهزة الاعلامية تركز لينا علي مواضيع مفيدة زي دي ..بدل المنافقين النقناقين الطالعين كل شوية في التلفزيون ديل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..