سياحة مع (إجتراح الكِتابة)!

يوفر لي الإطلاّع مُتنفساً ونبعاً صافي أتزود منه وأملأ جُعبة حروفي الذي ينفذُ من حينٍ لآخر، فالقراءة تمدُ يديها الناعمتين لتمنحنى وجبة دسمة علها تُساهمُ فى زيادة وزن أفكاري الضئيل، وقبل أن أستطعمها لأجمع بها شتاتاً مُبعثراً من المعلومات المُنهكة تكون وخزتها الشائقة جداً بمثابةِ حُقنةٍ فى وريد المخزون الناضب من حروفي، فمع الإلتزام الراتب بالكِتابة اليومية أصبح يتعين على أن أقرأ بعمق في كِتاب الواقع والحركة الثقافية والإجتماعية والسياسية حتى تكون حروفي في مستوى مواكبة التغيير الإجتماعي والثقافي وبالطبع السياسي الذي ينعكس على الإثنين، ولأن القراءة هي حُب و هواية و فى المقام الأول فقد أصبحتْ الآن مسئولية لأنها من يحمل عني عبئ الرسو بحروفي على برٍ آمن من الواقعية وإلا لظلت تسبح في بحر الأحلام حتى يبعثون.
حُظيتُ قبل أيام بالحصول على نسخة من ديوان الشاعر أُسامة علي (إجتراح الكِتابة) ولا زلتُ أجتره قارئةً مُتمعنةً و مُستمتعةُ لأستقي منه الكثير، أبحرتُ دون سفينة وحلقتُ دون جناحان وتجولتُ لأقرأ .. أتنفس .. أشدو بنغمِ الحروف المُقفاة، وأعدتُ الكرةَ لأحملكم معي على بساطٍ مِن جمال، عدتُ لأقرأ ما كتب حين كتب:
عامان أركض في متاهات المناخات البليدة
أغسل الليل البهيم ألم أثواب الظهيرة
عامان رغم تقلب الأنواء
تقرع رأسي الأحلام والفكر المطيرة
عامان أنسج أغنيات لا تغادر مهدها
وأظل أدفن في السريرة:
أرجو تكون سعاد رغم تقلب الأنواء
أغنيتي الأخيرة
فتنهدتُ طويلاً محوقلةً مُستغفرةً وإرتحلتُ بعيداً حتى أتعافى من سُم الذكرى الزُعاف، و ظلّت الأفكارُ تُداعب رأسي المنكوش بفوضى دون هوادة، إذ لم يكُن أبداً من عادتى التعامل بلا مُبالاةٍ مع سِحر الشِعر الصافي بل إننى أتماهى فى تقمص حالة الشاعر بكُلٍ ما أوتيتُ من دموع وغًصة، وعلى نفس النسق كان لابُد أن أمنح نفسي نصيبها من ذكرى الألم المُعتقةُ فأعيشها مُجدداً وكأنها طازجةً خارجةً من موقفها للتو.
تحولتُ إلى بُقعة أُخرى من معين الشِعر الصافي لأقرأ قصيدة (الماء) وكم كُنت ظمأى لأرتشف من معين هذه الحروف العذبة:
أنا يا ندي الوجه ثمة أبحر تجتازني عطش وتلهث أبحر
ما وجهك النادي وما الأنهار ما الأمطار ما الوهم الذي استمطر
هذه القصيدة دفعت بالأفكارُ لتُباغتني وتُبدد مللي فحدثتني عن حالاتٍ حسبتُها قد اندثرت منذُ مدة ليست قصيرة كانت الحيرةُ تلُفني فيها وكم كُنتُ أمقتُ أُنسها الجبار حين كان الوقتُ إسفيري الملامحِ والظلالُ باهتةُ، و تلك الأفكارُ تتأتى فائضةً بغير ما إقترفت يداي، يوسوس بجوانحي ذاك الذي لعنوه في كل الأسافير العتيقة والتعاويذ المعروفة فى تاريخ البشرية، فهُزمتُ عندها شرّ هزيمة حين تساقطت أوراق ربيعي بين أقدام الخريف على عجل، وطفقت مسحاً بسوق عزيمتى وأعناق إصراري التى إشرأبت وتباعدت عني هناك فلم أزل على باب الحيرة التى أتوسدها صباح مساء وظلتْ نفسي ريانةً تغفو على كف الربيع ولا تُبالي.
وأخيراً توقفتُ عِند (ست الإسم) قصيدة إجتراح الكِتابة:
وقرأتِ لي:
إن المدينة تستحمُّ بذنبها،
والقرية السمراء تقترف الصغائر وحدها دون الكبائرِ،
تستعيرُ النيلَ مطفأةً وتغسل ذنبها في اليومِ مرّاتٍ،
وأن نساء قريتنا – برغم سهولة الإبحار في اليوم المسطح-
يغتسلنَ من ليالي الانتظار ظهيرةً في النيل يدنينَ
البراءة لا يسِئنَ الظنَّ بالأشجار، لا عيناً تلصُّ غسلتُ ذنبي.
شكراً أستاذ أُسامة على هذا الفيض، فقد أفلح إجتراحُ الكِتابة في أن يجعلني أستفزُ نفسي مُخرجةً منها ما يدور فيها من افكارٍ مُتلاطمة ومُتصارعة تكادُ تُضرمُ بداخلي حرباً ضروساً أعتى من حرب البسوس، فقد مررتُ على واحة ظليلة قطفتُ مِنها ما شئتُ من الثمر ولا زلتُ ألعق منها ما تبقى مِن نكهة لا تُنسى، نعم سيدي فقد قرأتُ لك!
عبير زين
[email][email protected][/email]
انما تقوم به الجماعة بالاعتداء علينا مستخدمة اشعة الليزر امر خطير يخالف القانون امراض ولا بد من رصد المجرمين واحد يتلو الأخر
أحسب ان أسامة من ارباب الاقلام الفتية التي تمثل الحضور السوداني في ساحة الأدب والشعر في المنطقة العربية كم كان حضورا في مساحات ادبية ودبلوماسية في الرياض والمغرب والجزائر على ما أعتقد وهو يذكرنا دوما بمصطفى سند والفيتوري والسياب نتمنى له التوفيق ومزيد من الابداع والعودة للسودان.
اجتراح الكتابه اضافة لا تخطئها العين لدنيا الادب
اجتراح الكتابه هو محاولة” جاده وممنهجه للانعتاق من ربقة التقليديه .يحمل فى طياته بشارات قرب بزوغ فجر الحداثه فى ثوبها البهى المطرز بعمق الفكره ورمزية المعانى المدهشه ..فسيظل هذا الديوان دوحة يستظل بها عشاق الابداع وسيحتفى به النقاد كثيرا ..شكرا لك شاعرنا الشفيف فقد ولدت وجئت للدنيا شاعرا بالفطره ونميت كما الاشجار الكبيره لم تثر ضجة اثناء نموك ..وسيظل تاريخ ميلادك كشاعر يوم” تحتفل به المحافل الادبيه كاضافة ثره لدنيا الادب
ليس الفول وحده ما تجود به أرضنا الطيبة المعطاءة (أو المعطاء) فقد سمعت سيدة لبنانية (عجوز) لها برنامج محضور ومشاهد عن العلاج الشعبي، ذكرت هذه السيدة، أنها كانت في إيطاليا وتعرفت في سوق البقوليات على (الحبة السحرية) التي يبلغ ثمن الكيلو الواحد منها حوالي 35 دولاراً. ولم تكن تعتقد أن هذه الحبة السحرية التي تعالج الكثير من الأمراض كما أنها سهلة الهضم وغنية بكثير من المواد التي لا استحضرها الآن. زارت هذه السيدة السودان وفوجئت عند تجولها بسوق البقوليات في أمدرمان، بكثرة ووفرة هذه الحبة السحرية التي لا تجبل أي إقبال يذكر من المشترين. ولما سألت عن اسمها قيل لها أنها تسمى (عدسي).!! وأن العدسي يستخدم في رمضان فقط كبليلة فقط؟؟؟ وتساءلت هذه السيدة عن سبب إغفال وإهمال السودانيين لهذا المنتج الرائع!!!
* لا يغرنك (المحمر والمشمر) فهي لا ولن تصل لمستوى (الشية والنية) التي عندنا (النية هي المرارة وأم فتفت وكبدة الإبل). ولا تصل إلى (المحمر والمقمر) بتاعنا وهو (كباب الحلة وكباب الفرن). دليلي على ذلك هاتي أي ولد صغير من بتوع السودان وأطلبي منه أن يصارع ابن مغترب (من فصيلة نباتات الظل التي تعيش على الكنتاكي)، تأكدي أن الطفل الذي تربى في السودان سوف يصرع (نديده) المغترب بكل سهولة.
* سوف أذهب الآن لطبخ بليلة عدسي أرسلته لي زوجتي وقد وصل بعد انتهاء رمضان لكن لا بأس من أكله الآن لكي نعيش معكم الأجواء الخريفية التي تحفز على كتابة مثل تلك الموضوعات الشيقة.