أخبار السودان

حوار مع محمد خير بدوي عن الاستقلال الإسلاميون لا وجود لهم قبل الاستقلال ناهيك أن يكون لهم دور.. هكذا أقنعت الإمام عبد الرحمن المهدي بإعلان الاستقلال من البرلمان

محمد خير البدوي يقلب أوراق الاستقلال ):

الإسلاميون لا وجود لهم قبل الاستقلال ناهيك أن يكون لهم دور

هكذا أقنعت الإمام عبد الرحمن المهدي بإعلان الاستقلال من البرلمان

الإمام عبد الرحمن وحزب الأمة كانوا معترضين إعطاء الفضل في إعلان الاستقلال للأزهري

حسن الكد صاحب فكرة مؤتمر الخريجين وليس أحمد خير

"""""""""""

عندما بدأت حديثي معه بنعته بأنه شاهد عيان على عصر الاستقلال اعترض على حديثي بشدة وأصرَّ على أنه شارك في الأحداث ولعب دوراً مؤثرا.. مع من صنعوا الاستقلال إن لم يكن مثلهم فهو يفوقهم.. وأشار في ثنايا المقابلة بفخر الى الأدوار المفصلية والحاسمة التي قام بها لإنجاز هذا الفعل التاريخي ولفت الانتباه بأسى أن البعض يحاول (تغبيش) الحقائق عن دور الحزب الجمهوري الاشتراكي بزعامة الشيخ إبراهيم بدري.. حتى لا يؤخذ عليهم أن ما رفضوه بالأمس كان سبباً رئيساً وراء تمزيق السودان وانفصال الجنوب بعده بنصف قرن تقريبا.. وتالياً تفاصيل المقابلة:

أجراه: خالد فتحي –
[email protected]

-نبدأ بالحديث عن الجو العام ما قبل 19 ديسمبر 1955م الى لحظة إعلان الاستقلال من داخل البرلمان؟
طيب, أول شيء قرار استقلال السودان بدأ باستجواب استفزازي في مجلس النواب طرحه الشيخ يعقوب حامد بابكر نائب دائرة السوكي وتفرعت عنه أسئلة كانت استفزازية ايضاً ورد إسماعيل الأزهري على الأسئلة الفرعية والرئيسة وكان رئيس الوزراء وقتها متصنعاً الغضب في رده.
-ولماذا تصنَّع الغضب؟
قال إن حكومته أنجزت مهمتها المتمثلة في إنجاز السودنة والجلاء وإنها حققت أيضاً جمع كلمة السودانيين حول الاستقلال، ثم أردف بصوت عال: سيتم إعلان الاستقلال من هذا المجلس يوم الاثنين الموافق التاسع عشر من ديسمبر إن شاء الله.
-هل تذكر تاريخ هذا الاستجواب؟
نعم كان قبل التاسع عشر من ديسمبر بأسبوع تقريبا
-حديثك حول تصنع الزعيم الأزهري الغضب هل بالأمر ثمة طبخة سياسية؟
أعتقد ان الاستجواب وما تولدت عنه من استجوابات كان خطوة متفق عليها مسبقاً بين حكومة الأزهري والمعارضة بقيادة محمد أحمد المحجوب الذي لم يكن في ذلك الحين عضواً في حزب الامة الذي كان يمثله في مجلس النواب صديق المهدي، وعبد الله خليل لكنه كان زعيم المعارضة أو اسندت اليه زعامة المعارضة والنائب يعقوب حامد كان أوفر نواب حزب الأمة نشاطاً وله صداقات واسعة خارج حزبه شملت من الحزب الحاكم زعيم الأغلبية مبارك زروق والمهندس خضر حمد والشريف حسين الهندي ويحيى الفضلي.
هذه كانت البداية وعندما حانت اللحظة التاريخية يوم الاثنين التاسع عشر من ديسمبر 1955م تقدم النائب عبد الرحمن دبكة من حزب الأمة بمشروع قرار يدعو لإرسال خطاب الى الحاكم العام نصه:
"نحن اعضاء البرلمان مجتمعاً نعلن باسم الشعب السوداني ان السودان اصبح دولة مستقلة كاملة السيادة ونرجو من معاليكم ان تطلبوا من دولتي الحكم الثنائي الاعتراف بهذا الاعلان فورا". واثنى على المشروع النائب (مشاور جمعة سهل) الذي كان قبل انضامه للحزب الوطني الاتحادي عضواً في الحزب الجمهوري الاشتراكي كما انه افتتح الجلسة يوم ذاك بتلاوة آيات من آي الذكر الحكيم, ومشروع القرار جرت صياغته كغيره من المشروعات المماثلة في صورته النهائية في الليلة السابقة في مكتب رئيس مجلس النواب (بابكر عوض الله) وبحضور زعيمي الأغلبية والمعارضة والاستاذ محمد عامر بشير فوراوي وهو كاتب المجلس ويشتهر بتذييل مقالاته الوطنية في صحيفتي المؤتمر وصوت السودان بعبارة (عاش المؤتمر).
لماذا لجأ الازهري أو بالأحرى الاستقلاليون والاتحاديون لهذه الطبخة؟ هل كان هناك خطر من مصر أو بريطانيا ان يقطعوا الطريق على الحركة الوطنية في تحقيق حلم الاستقلال؟
هذا شيء مهم جداً وسأذكره بالتفصيل لكن هناك شيء سيبرهن للجميع ان التعتيم الموجود على اشياء كثيرة في المرحلة بالذات مقصود.. فقد تزامن اجازة مشروع هذا القرار مع اجازة مشروع مماثل في مجلس الشورى قدمه (ابراهيم بدري) زعيم الحزب الجمهوري الاشتراكي والناس لا يذكرون ان البرلمان (الهيئة التشريعية) كان يؤلف من مجلس النواب ومجلس الشيوخ.. ومجلس الشيوخ للذين لا يعلمون كان من سلطاته تعطيل قرارات مجلس النواب لكهم لا يذكرون هذه المسألة لأنهم سيذكرون ابراهيم بدري لقولهم انها قد تفصح عن فضائح كثيرة ساكتين عنها.
-مثل ماذا ؟
هذا مثل الطرفة التي تحكى عن صاحب البطيخ الذي كان يأتيه كل يوم ولد ويجلس ويسأله عن احواله واسرته، ثم يأخذ بطيخة ويأكلها ويتكرر الامر لفترة من الزمن، وفي يوم حضر الولد كعادته وسلم على صاحب البطبخ فلم يرد عليه السلام فسأله الولد: ياعم فلان انت زعلان مني؟ فرد عليه الرجل قائلا: لا.. لكن السلام بجيب الكلام والكلام بجيب البطيخ.. وهنا عندما يذكرون ابراهيم بدري ومجلس الشيوخ، سيحضر البطيخ ايضاً وابراهيم بدري هذا قال لهم بالواضح اي للاحزاب السودانية في ذلك الوقت، فيما يتعلق بالجنوب: "خذوا مالكم ويعني الشماليين واعطوا الجنوبيين مالهم ان اردتم صلاحاً ورشدا" لكنهم رفضوا ذلك ووصفوه بأنه ذنب استعمار.
وماذا كانت مطالب الجنوبيين في ذلك الوقت؟ كانت هناك ثمانمائة وظيفة في السودان بها بريطانيين يجب ان تسودن عند جلاء من السودان، الجنوبيون طلبوا منها اربعين وظيفة فقط.. لكن، ولكم ان تصدقوا او لا تصدقوا.. اعطوهم وظيفتين فقط لذلك كل هذه الاحزاب لا تأتي على سيرة ابراهيم بدري.
-بالعودة الي السؤال السابق لماذا تم اللجوء الى تلك الطبخة السياسية؟
اتفاقية الحكم الذاتي بين بريطانيا ومصر نصت على ان تكون الحكومة وطنية في مرحلة الحكم الذاتي، وقد كان وتولاها الازهري، ونصت أيضاً على أن تقوم الحكومة الوطنية بإجراء انتخابات الجمعية التأسيسية التي تقرر مصير السودان، وعندما بدأ الازهري التحول بفكره الى الاستقلال تخوف من جمال عبد الناصر.. ورأى انه اذا جرت انتخابات لجمعية تأسيسية فإن جمال عبد الناصر بنفوذه وبأمواله مع تأثير اذاعة صوت العرب يمكن ان يكتسح مناصروه من السودانيين الانتخابات العامة ويعلنوا الاتحاد مع مصر، والازهري نفسه يمكن ان يضيع فيها لذلك كان خائفا, فخطط لإصدار قرار البرلمان يقضي بالاستقلال من داخله باجراء استفتاء عام، بدلاً عن الجمعية التأسيسية، على امل ان الاستقلاليين خارج حزب الامة و انصار اسماعيل الازهري، بالاضافة الى الاستقلاليين داخل حزب الامة سيشكلون اغلبية.
ولماذا تعجل الأزهري الى ذلك؟
وصلت معلومات الى الازهري بوجود اتصالات بين الإمام عبد الرحمن المهدي وجمال عبد الناصر وتحير الأزهري ماذا يفعل ازاء تلك المعلومات!
-وماذا فعل؟
في تلك الأيام تصادف ان ذهبت برفقة سرور محمد رملي للسهر مع وليم لوس مستشار الحاكم العام، في ذلك الوقت الحاكم العام البريطاني كان لا يزال محتفظاً بحقيبتي الدفاع والخارجية في يده، لم تكن في يد الأزهري، والشاهد ان وليم لوس هذا كان هو الحكم الفعلي للسودان لأن الازهري كان مدرساً والحاكم العام لا يعرف شيئاً عن الادارة، اما لوس فعمل بالادارة لسنوات طويلة.. وانضم لنا في تلك الجلسة محمد احمد ابو رنات الذي تولى رئاسة القضاء فيما بعد وكنا اصدقاء ودار نقاش بيننا اثناء الجلسة حول الوضع في السودان وخلال النقاش قال لوس: ان بريطانيا ستوافق على اعلان الاستقلال من داخل البرلمان وفي حالة خلق المصريين أي مشاكل سيقومون بحلها.
ولا يفوتني ان اذكر لكم انني كنت قناة الاتصال بين المستر لوس والازهري الذي كان استاذي في كلية غردون، أما لوس فصديقي.. المهم استغربت للغاية من حديث مستشار الحاكم، وسألت للمزيد من الاستيثاق: هل تعني ما قلت بالضبط بأنكم لن تعرضوا على اعلان الاستقلال من داخل البرلمان.. رد علي لوس: نعم وانت قلت هذا الكلام مخصوص لك حتى توصله الى الازهري.
-وهل قمت بنقله للازهري كما طلب لوس منك؟
بالتأكيد انا كنت اسكن ام درمان، في تلك الليلة طلب سرور مني عدم الذهاب وان اقضي الليلة في منزله على اقوم في الصباح بالذهاب الى مجلس الوزراء، وبالفعل هذا ما حدث، ذهبت الى مجلس الوزراء وكان في مبنى على شارع النيل، ووجدت الازهري لم يحضر بعد لكني وجدت امين مجلس الوزراء (احمد الطاهر).
-كنت فرحاً بالنبأ الذي عندك؟
طبعا وجلست مع احمد الطاهر في انتظار وصول الازهري، الذي وجدني عندما وصل اقف امام باب مكتبه.. – وقتها الامور كانت بسيطة وليست معقدة كما هي الآن يعني لا حرس ولا تشريفات ولا غيره – المهم سألني الازهري وهو يهم بالدخول الى مكتبه: ان شاء الله خير.. فأجبته خير، وسردت له كل تفاصيل القصة عندما دخلنا الى المكتب.
-وكيف كانت ردة فعله؟
والله استبشر كأن شيئاً سقط عليه من السماء.
-في تقديرك لماذا وافقت بريطانيا؟
قبل ان اجيب.. علي ان اقول، يجب ان ينتبه الناس في التمييز بين الاداريين البريطانيين الموجودين في السودان وبين الحكومة البريطانية، فهناك اختلاف كامل، مثلاً مشروع (صدقي بيفن) في عام 1936م وصل الجانبان المصري والبريطاني لاتفاق على وحدة وادي النيل ومهر الاتفاق صدقي رئيس الوزراء المصري والمستر بيفن وزير الخارجية البريطاني..
واؤكد إن كان هذا المشروع قد نُفذ كانت فعلاً ستكون وحدة وادي النيل.. الاداريين البريطانيين هم الذي احبطوا هذا المشروع في السودان، فالإداريين البريطانيين في السودان مواقفهم كانت مختلفة كثيراً عن مواقف الحكومة البريطانية في كثير من القضايا.
-واعلن الاستقلال من داخل البرلمان، ماذا حدث في الأحد عشر يوماً من 19 ديسمبر 1955م حتى الأول من يناير 1956م؟
اذكر ذات مرة كنت في بيتي وجاءني الحاج خضر حمد وأنا كنت معهم في حزب الاتحاديين قبل أن نعمل الحزب الجمهوري الاشتراكي وهو ليس حزب محمود محمد طه كما يتبادر الى أذهان الكثيرين، بل حزب آخر. وقال لي خضر حمد: الازهري يطلبك وذهبنا وجدت معه مجموعة اذكر منهم بابكر قباني وشيخ المرضي وحسن عوض الله وابراهيم جبريل. هذه المجموعة كنا نسميهم الأشقاء. طلب الازهري ان اجلس جواره وكانوا يتحدثون عن موقف الحزب اذا ما قدم مشروع الاستقلال من داخل مجلس النواب وعدوا بالاسم النواب الذين سيقومون بتصويت معهم والذين لن يصوتوا معهم.. واتضح لهم ان القرار سيسقط وقال لي الازهري: هل سمعت هذا الكلام.. وأردف: من غير أن يصوت معنا نواب حزب الأمة لن نستطيع فعل شيء، ونواب حزب الامة كانوا معترضين على اعطاء الازهري الفضل في اعلان الاستقلال وطلب الازهري مني الذهاب للإمام عبد الرحمن المهدي وكنت مدير مكتب (رويترز) وكنت كل ثلاثاء اذهب للسيد عبد الرحمن.. والازهري قال لي: "طلع لينا منو تصريح بتأييد اعلان الاستقلال من داخل البرلمان" , وذهبت بالفعل الي السيد عبد الرحن برفقة محمد نقد الله الذي سهل دخولي الى الامام وشرحت له ما حدث في بيت الازهري وانه محاصر وفي الآخر استطعت ان اخرج منه بتصريح بتأييد إعلان الاستقلال من داخل البرلمان.
-وكيف أقنعته بذلك؟
في البدء كان متردداً وقال دعوني اشاور فقلت له يا مولانا انت رجل مزارع ? مزارع قطن، وعندما يحين وقت الحصاد لا تسأل من يحصد؟ ولا تقول لابد ان احصده بنفسي وهذا الأمر الآن كما لو كان قطنك وقال الامام بعد ان بدأ في الاقتناع: "والله عمك بابكر بدري ما خلى ليك شي" وفي النهاية خرجت منه بالتصريح المطلوب .
-الإسلاميون يكن لهم أي دور في استقلال السودان؟
لم يكن لهم أي وجود في تلك الفترة، ناهيك ان يكون لهم دور.. كان هناك نواة صغيرة يمثلها صادق عبد الله عبد الماجد وآخر يدعى سنهوري وعلي طالب الله كان مرشدهم لكنه كان موظف في نادي الخريجين وكانوا شيئاً محدوداً ولم يكن لهم تنظيم حتى عندما تكون هناك مفاوضات ما كانوا ينادون.
-لاحقاً ثار جدل كثيف بأن الاستقلال لم يتوطن في النفوس لأنه لم يقترن بالدم كما حدث في الجزائر هل الأمر صحيح أم هي نزعة الى العنف من غير داع؟
كما قلت في السابق الإداريين البريطانيين كانوا جادين في استقلال السودان لذلك لم يكن هناك حاجة الى العنف, قد كنت حتى عام 1947م في حزب الاتحاديين الابروفيين بجانب خضر حمد ومحمد توفيق وعبد الله مرغني ومنهم حسن احمد عثمان الكد والد طه الكد وهو صاحب فكرة مؤتمر الخريجين وليس أحمد خير. وحسن الكد كان كاتباً في الزيداب وفكرة مؤتمر الحريجين انتقلت من حسن الكد الى جمعية الابروفيين وبشر بها خضر حمد في جريدة السودان وتلقفها الأبروفيين في مدني ومنهم أحمد ونفذوها.
-هذا دور الإسلاميين فماذا كان دور الحزب الشيوعي؟
في البدء سأحكي لك عن دور الحزب الجمهوري الاشتراكي.. الذي لم يتكلم عنه الناس كثيراً وقد ظهر في عامي 52- 53 الساحة السياسية كان بها تياران، الاتحاديين الاستقلاليين والاثنين كانوا ينادون بالملكية.. الاستقلاليون ينادون بأن يكون السيد عبد الرحمن ملكاً على السودان وتيار الأحزاب الاتحادية وهي ثلاثة اكبرها حزب الاشقاء الذي يترأسه الازهري وينادون بوحدة وادي النيل تحت التاج المصري، وهنا ظهر الجمهوري الاشتراكي ينادي بالجمهورية وفي الآخر تحققت الجمهورية وليست الملكية والناس لا يعلمون ذلك.
-لكن لماذا لم يتقدم الحزب الجمهوري الاشتراكي واخلى الساحة للحزبيين الآخريين؟
الحزب الجمهوري الاشتراكي ليس مثله حزب سياسي في السودان لأن المؤسسين له هم شماليين وجنوبيين في وقت كانت الاحزاب الاخرى ليس بها اعضاء جنوبيين. وأما هنا في الحزب الجمهوري اعضاء مؤسسين وتقريباً كانوا كل السياسيين الجنوبيين الموجودين واذكر منهم استاذ لاوس وادورد ادوك ومودون ايون وهو اول حزب نادي بالجمهورية وهو اول وآخر حزب من اعضائه المؤسسين جنوبيين وكنا نعتبر انفسنا ناطقين باسم الجنوبيين والحزب تألف من زعماء العشائر والجنوبيين وقيادة الختمية وفي ذلك الوقت كانت الاحزاب الاتحادية في مصر مقاطعين التطورات الدستورية وقاطعوا الجمعية التشريعية وبرلمان الحكم الذاتي، وكنا قد اسسنا هذا الحزب خوفاً من الانصار والملكية لصالح السيد عبد الرحمن والسيد علي كان خائفا من استغلال الانصار للبلد ويمكن ان تعود المهدية مرة اخرى، لذلك انضم الينا مباشرة, ودرسنا الوقت قبل انتخابات برلمان الحكم الذاتي ووجدنا انه اذا تنافسنا في اي دائرة مع الوطني الاتحادي الفائز سيكون حزب الامة، وكنا خائفين من ذلك وحاولنا الاتفاق مع ناس الازهري لكننا فشلنا في ذلك فقلنا لمرشحينا بدلاً ان نتحالف معهم الافضل ان ننضم لهم فانضممنا الى الوطني الاتحادي لكننا وطنيين وننادي بالاستقلال وليس الاتحاد مع مصر، وقلنا لمرشحينا تحاولوا من خلال وجودكم داخل الحزب أن تحولوا وجهة نظرهم وقلت لهم ابقوا زي (السوس) داخل الحزب. واستمرينا بثلاثة نواب فقط والذين كنا متأكدين من فوزهم ليحفاظوا على اسم الحزب وفكرة الجمهورية وهم النائب محمد احمد ابو سن من رفاعة وعبد الحميد موسى مادبو شقيق ابراهيم موسى مادبو ويوسف العجب وجمدنا نشاطنا الى حين لكن دارنا بأم درمان كان مفتوحاً لأن المفترض ان نعود لكن حصلت تغيرات كثيرة جعلت من المستحيل العودة الى العمل السياسي بالنسبة الى الحزب الجمهري الاشتراكي اولاها التمرد في الجنوب جعلنا نتردد في اسئناف النشاط.. ثانياً لقاء السيدين يعني ان النشاط اصبح غير ملائم في السودان.
-وأخيراً ماذا تبقى من الاستقلال؟
في البدء السودان لم يكن مستعمرة بريطانية السودان كانت تديره وزارة الخارجية البريطانية نيابة عن الحكوتين المصرية والبريطانية بخلاف المستعمرات الاخرى كانت تابعة لوزارة المستعمرات البريطانية لذلك حتى الافارقة عند تاريخهم للاستعمار في افريقيا يبدأون بغانا لقولهم إن السودان ليس مستعمرة لكننا نصر على اننا مستعمرة!!
واذا اخذنا جانب الحريات في عهد الحكم الثنائي كانت اوفر واعظم من الآن، ومن اي وقت مضى منذ الاستقلال ومن ناحية التنمية في ايام الحرب عندما حدث تضخم "عملوا حاجة اسمها علاوة حرب" تصرف مع المرتب..
باختصار الادارة البريطانية كانت افضل حكم مرَّ على السودان هو افضل من المهدية وافضل من كل العهود التي مرت بعده.
-هل توافق الرأي القائل أن الاستقلال جاء مبكرا؟
لا أوافق على ذلك الرأي.. واذكر قبل الحرب العالمية الثانية صرح الحاكم العام البريطاني بأنه يمكن التفكير في تمكين السودان من حق تقرير مصيره لنيل استقلاله بعد عشرين سنة، لكن ما ان اندلعت الحرب حتى بدأ تنفيذ المخطط الدستوري الذي اوصلنا للاستقلال.
-ومن الذي وضع ذاك المخطط؟
وضعه الإنجليز.. الادارة البريطانية، لسبب واحد لأنه في التقرير الرسمي البريطاني عن الحرب العالمية الثانية في شرق افريقيا مكتوب بالواضح (لولا السودان لخسرنا الحرب).
-يقصدون معركة الكفرة؟
لا.. لا يقصدوا ان الطليان وصلوا كسلا ومناطق حدودية اخرى، "بس امسك كسلا" كان بينهم وبين الخط الحديدي والنيل مائتي ميل وعبر الاثنين كانوا يمكنهم دخول مصر بسهولة ومن مصر يحتلوا قناة السويس وكما ذكرالتقرير البريطاني كانوا يمكن ان (يخنقوا). تقديرا لهذا الدور باعتبار ان قوة دفاع السودان حالت دون تقدم الايطاليين فكروا في اعطاء السودان حق تقرير المصير.

الأحداث

تعليق واحد

  1. هذا الرجل لديه حكاوي كسيرة ولكن لم يوثق اقواله ولم تقارن تلك الاقوال باقوال اخرين……………..ورغم تقدمه في العمر فحكاويه تدل علي قوة ذاكرته
    يليت من يستطيع جمع اقواله والحصول علي حكاويه كلها ومقابلته لتوثيق كل هذا منه ومن ثم مقارنتها بكلام وحكاوي اناس اخرين والخروج بمعلومات نظن ان الكثير منها مخفي او تم طي بعض الحقائق واخفائها او تحويرها لاهداف سياسية او لاسباب خاصة ومازال تاريخ الاحزاب في السودان لم يدون كاملاً بواسطة مؤرخين غير منحازين ولديهم كل او معظم المعلومات

  2. واضح ان هذا الرجل مازال معجبا بالانجليز و حكمهم للسودان .. فهو بنسب لهم امور لم يفعلوها مثل ابطال اتفاقية صدقي بيفن التي ابطلها السيد عبد الرحمن و من معه

    اقتباس من كلمة شباب حزب الامة بمناسبة الاستقلال
    "…تمر علينا هذه المناسبة و نحن نحتفل بالذكرى ال56 للاستقلال . هذه المناسبة العظيمة التي قدم فيها حزب الامة الكثير من التضحيات و الدماء فداءاً لوطن عزيز مستقل . لقد كانت للحركة الاستقلالية القدح المعلى في المطالبة بالاستقلال و بذلت في هذا الكثير .إذ انها نادت بالاستقلال التام للسودان دون تبعية لمصر او بريطانيا وكان شعارها الخالد ( السودان للسودانيين ) . لقد خاطبت هذه الحركة المواطن السوداني في الارياف و القرى و المدن بل ارسلت وفود الي الامم المتحدة لشرح وجهه النظر الاستقلالية . لقد كانت جماهير الانصار و حزب الأمة هي الوقود الذي يدفع بالحركة الاستقلالية نحو الاستقلال ولقد كون الامام عبد الرحمن هذه الحركة وكان هو الراعي و المفكر و الموجهه لها وبذل الامام عبد الرحمن( ابو الاستقلال ) ماله و جهده و عقله في سبيل هذه الغاية النبيلة . لقد دافع حزب الأمة بكل قوة حتي يتم الاستقلال وقدم في سبيل هذا دماء الكثير من الشهداء و تشهد علي ذلك احداث مارس 1954 و التي كان لها الأثر الواضح في تغير مسار و فكرة الحزب الوطني الإتحادي الي المنادة بالاستقلال دون أدنى تبعية لمصر ولقد كان هذا الموقف انتصاراً لحزب الامة و الحركة الاستقلالية .
    الحضور الكريم : ونحن إذ نحتفل بهذه المناسبة لابد لنا من ذكر أبطال الاستقلال الحقيقيين الامام الصديق المهدي و السيد محمد أحمد المحجوب و السيد محمد صالح الشنقيطي و السيد د.عبد الرحمن علي طة و الأمير نقد الله و السيد أمين التوم و د. عبد الحليم محمد و الأستاذ أحمد يوسف هاشم ( ابو الصحافة ) وغيرهم من قيادات حزب الامة وقيادات الانصار و الاستقلاليين ."

    هذا هو تاريخ استقلال السودان الحقيقي… و لكن للاسف الشديد يريد البعض ان يلغيه و يزوره … لكن الله بالمرصاد انشاء الله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..