الوحم.. وسيلة بعض الموريتانيات لـ"السيطرة" على الرجال

نواكشوط – سكينة أصنيب

تستغل بعض الموريتانيات فترة الوحم والحمل لتنفيذ رغباتهن والسيطرة على البيت، وتسابق الحوامل الزمن قبل انتهاء فترة الحمل للحصول على أكبر قدر من الغنج والدلع والهدايا، وتشعر بعض النساء بالحرج والخجل من الرغبة المحمومة التي تنتابهن خلال فترة الوحم وتدفعهن لتناول مواد غريبة وتلجأن الى الاختباء لتجنب الحرج في حال اطلع أحد أفراد الأسرة على نوعية ما يتناولنه.

ومن الأشياء الغريبة غير القابلة للأكل التي تتناولها الحامل بشهية مفتوحة تراب الأرض والأحجار والفحم والطين والطمي والرماد، وتقبل على تناول بعض المواد الغذائية قبل طهيها مثل الأرز والعدس والطحين والنعناع والبصل، كما تسيطر عليها رغبة كبيرة في تناول مواد غذائية مخلوطة بأشياء لا تمت لها بصلة.

ومن المواد غير المستحبة التي تهفو إليها نفس الحامل أربطة أحذية الأطفال وعيدان الثقاب المحروقة ومسحوق الصابون وأوراق الكرتون، وبينما تختار بعض الحوامل ساعات معينة من اليوم لتناول هذه الأشياء التي غالباً ما تكون ساعة مبكرة من الصباح أو بعد القيلولة فإن أخريات يتناول هذه الأشياء على مدار الساعة.

ولا تجد نزوات الحامل المثيرة للدهشة والاستغراب تفسيراً علمياً واضحاً، لكنها تلقى قبولاً اجتماعياً كبيراً لا يفرق بين الوحم الحقيقي والمبالغة والادعاء، وترهق طلبات الحامل الزوج الذي يعمل جاهداً على تدليل زوجته في فترة الوحم وإرضاء غرورها.

يظهر الوحم خلال الأشهر الثلاثة الأولى للحمل وقد يصاحب الحمل حتى النهاية، ولكن هذا لا يمنع من ظهوره وانتهائه خلال شهر واحد، وغالباً ما يكون الشهر الثاني من الحمل هو شهر الوحم.

وتشتهي الحامل في أشهر حملها الأولى تناول بعض الأطعمة والمأكولات والمشروبات وترفض تناول ورؤية وشم البعض الآخر، كما تهفو نفسها الى تناول أطعمة ينفر منها الذوق العادي، مثل الرمل والفحم والطين والطباشير والصابون، ويؤكد الأطباء أن اندفاع الحوامل الى هذه الأشياء الغريبة قد يؤدي إلى مضاعفات مرضية تضر بصحتها ونمو الجنين، ورغم ذلك لا تتوقف الحوامل عن تناول أشياء غريبة وغير مألوفة، مدفوعات برغبة جامحة غريبة في تناول مواد غير قابلة للاستهلاك الآدمي.

وتعتقد النساء أنهن إذا توحمن على نوع من المأكولات أو الأشياء ولم يستطعن الحصول عليها فإن ذلك يعني أن الطفل سيولد مشوهاً أو به علامة الوحم، ورغم التجارب العديدة التي أكدت حقيقة هذه الظاهرة يرفض الأطباء والعلماء ربط الوحم بظهور علامات في جسم المولود.

ولم يستطع العلماء إيجاد تفسير علمي لحالة الوحام، ولعل أقرب تفسير توصلوا اليه هو أن الوحم ظاهرة نفسية وانعكاس طبيعي لحالة من التوتر والقلق تصاب بها المرأة أثناء الشهور الأولى من الحمل فتجد متنفساً لها في طريقة الأكل والشرب أو بالقيء والنوم الزائد، واكتشف العلماء أن للوحم علاقة بالتغيرات الفسيولوجية والهرمونية المصاحبة للحمل التي تزيد من وجود خلايا عصبية في المخ مسؤولة عن حاسة الشم ما يسبب نفور الحامل من بعض الروائح واشتهاءها لأشياء أخرى، وربطوا بين هذه التغييرات وبين فقدان الشهية وحالات القيء والغثيان التي تصيب الحامل.

وأرجع العلماء ازدياد شهية الحامل إلى تزايد الحاجة للمواد الغذائية اللازمة لنمو الجنين، واعتبروا أن اشتهاء المرأة الحامل للمأكولات الغريبة يرجع لارتباط هذه الأطعمة بذكريات سعيدة في حياتها، بينما يعود سبب اجتنابها بعض الأطعمة لارتباطها بذكريات مزعجة.

تستغل الحامل تعاطف المحيطين بها لتحصل على ما تشاء وتبالغ بعض النساء في الدلال والغنج لجلب الأنظار واستدرار تعاطف الأزواج، وتجد بعض الحوامل الفرصة مناسبة لفرض سيطرتها وشخصيتها على الزوج فتشترط عدم زيارة أصهارها بدعوى أنها "تتوحم عليهم" أو توقظ زوجها في منتصف الليل لتقول له إنها تريد بطيخاً بارداً، أو تصده وتمنعه من الاقتراب منها بدعوى أن رائحته تسبب لها الشعور الغثيان.

وبينما يرفض بعض الأزواج الاستجابة لطلبات الحوامل بداعي أنهن يبالغن في طلب الأشياء ووصف معاناتهن فإن غالبية الأزواج يرضخن لرغبات الحامل ويرفعن شعار "طلباتك أوامر" إلى ما بعد الولادة، لاسيما أن الموروث الشعبي يحذر من رفض طلبات الحامل لأن ذلك سيؤثر في عملية الوضع وسينعكس على الجنين.

ورغم أن الأبحاث تؤكد أنه كلما زاد المستوى الثقافي للزوجة كلما قلت طلباتها خلال فترة الوحم، إلا أنه من الناحية العملية نجد أن المثقفات لا تتوقفن عن طلب أشياء غريبة خلال فترة الحمل لأن جميع الحوامل تحدث لديهن تغيرات هرمونية ينجم عنها نوع من الاكتئاب والتقلب في المزاج والمشاعر المتناقضة بين الشعور بالخوف من الحمل والولادة، ورفض تحمل مسؤولية الإنجاب وحدها، ما يدفع الحامل إلى التصرف على غير عادتها للفت انتباه الزوج لمعاناتها واختبار مدى حبه لها وتضامنه معها في الحمل.

وينبه أطباء الصحة النفسية الى أهمية دور الزوج في فترة الوحم، إذ ينبغي عليه تفهم وضع الحامل ومراعاة ظروفها النفسية والاهتمام بها وإحاطتها بالرعاية والحب حتى لا تشعر بالوحدة.

وإذا كانت بعض النساء تبالغ في الطلبات أثناء فترة الوحم حتى إن الأمر يبدو وكأنه حيلة وادعاء من أجل الحصول على أشياء كانت ترغب بها، فإن أخريات تبدين مشاعر وطلبات حقيقية لعل أخطرها وأكثرها تهديداً للحياة الزوجية واستقرار الأسرة كره الحامل لزوجها، حيث تنتاب بعض النساء خلال فترة الحمل مشاعر خارجة عن إرادتهن ويرفضن التعاطي مع الزوج وينفرن من الروائح الاعتيادية كرائحة البيت والزوج والأطفال.

ويشكو الأزواج من تغيّر زوجاتهم تجاههم ونفورهن منهم في فترة الحمل، لاسيما الذين يجهلون التغير الهرموني والنفسي الذي تتعرض له المرأة، والذي يؤثر في كل وظائف وحواس الجسم، وهناك قصص كثيرة عن حالات طلاق حصلت في هذه الفترة لأن الزوج كان يجهل التغيرات الهرمونية والنفسية التي تتعرض لها المرأة، إلى جانب حالات الاكتئاب والضيق والعصبية والتوتر التي تنتاب بعض الحوامل بسبب هذه المشاعر والمتاعب من جهة، وبسبب عدم استيعاب الآخرين لهن خاصة الأزواج.

وإذا كان العلم لم يستطع حتى هذه الساعة تفسير ظاهرة الوحم وتحديد أسبابها للحد من تأثيرها، فإن أفضل طريقة لتجنب صعوبات الوحم هي تناسي الحامل لحالة الوحم وعدم التفكير فيها كثيراً، وتجنب تناول الأشياء الغريبة قدر الامكان لأنها تسبب تسمّمات والتهابات في الجهاز الهضمي للحامل وتؤثر في نمو الجنين، وللتخلص من مشاعر الغثيان والميل للقيء ينصح الأطباء الحامل بتجنب القيام من الفراش بشكل مفاجئ في الصباح، والحرص على تناول قطعة من الخبز المحمص أو البسكويت المملح قبل النهوض.

العربية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..