الواتساب ما شفنا خيرو في ثورتنا!

? لا أحد ينكر الفوائد الكبيرة التي يمكن أن تجنيها البشرية من ثورة تقنية المعلومات التي عمت القرى والحضر في عالم اليوم.
? لكن مثلما لهذه الثورة المعلوماتية فوائدها فإنها تنطوي على الكثير جداً من السلبيات والمشاكل.
? والمؤسف أن عالمنا الثالث، سيما وطننا السودان وأهله لا يأخذون من هذه الثورة المعلوماتية إلا شرورها في الغالب الأعم.
? فالواتساب على سبيل المثال ومنذ ظهوره نلاحظ أن معظمنا يستخدمه كوسيلة ترفيه.
? والترفيه عندما (يفوت حدو لابد أن ينقلب لي ضدو).
? الكثيرون منا يوظفون وسيلة التواصل المجانية هذه في تناقل ونشر النكات والقفشات التي يحتاجها المرء بين الفينة والأخرى للترويح عن النفس.
? لكن عندما تصلك العشرات وربما المئات منها في اليوم يتحول الترويح عن النفس إلى (عدم شغلة) وفعل يميت القلوب ويجعل أصحابها غير مبالين بما هو أهم في حياتهم.
? لا شك في أن كل واحد منا يرغب في التواصل مع أهله وأصحابه وأحبابه، لكن المؤسف أن استخدام الكثيرين منا للواتساب جعل تواصلهم مع البعيدين منهم أكثر من تواصلهم مع من يحيطون بهم في البيت الواحد.
? تزور المرء في بيته فينشغل عنك بين لحظة والأخرى بالرسائل التي تصله.
? تذهب للمحلات فتجد الواحد منا (عين على ما يريد شراؤه والأخرى على شاشة الهاتف).
? نتكلم مع بعضنا فيبدأ الواحد منا في ترديد ” قلت لي كيف” ثم يلقي نظرة على شاشة الهاتف قبل أن يعود ليقول لك ” آي قلنا شنو؟”.
? والطامة الكبرى أن الكثير من القفشات التي يتم تداولها عبر الواتساب غير لائقة وهو ما يخالف قيمنا وديننا الحنيف.
? لا أقول ذلك تنظيراً أو مثالية في الطرح لكن أن تقع في الخطأ بنفسك أو تستخدم مفردة أو عبارة غير لائقة في وقت ما بغير قصد شيء، وأن تنشر مثل هذه العبارات وتصدر للآخرين عمداً ما يوقع في المحظور شيء آخر وذنب أعظم.
? قصدت من كل هذه المقدمة أن تقودني لطرح السؤال الهام: لماذا لا نوظف مثل هذه الوسائط الإعلامية الحديثة في خدمة قضايانا الهامة؟!
? اليوم مثلاً يشهد بلدنا بذرة انتفاضة نتوق جميعاً إلى أن تتحول لثورة شاملة لا تخمد إلا بعد تغيير النظام الحالي الذي ظلم أهل السودان كثيراً، فما هو الدور الذي لعبه استخدامنا لهذه الوسيلة المجانية ( الواتساب).
? معظم ما أراه وأقرأه في الواتساب هو نكات ومزحات حول رموز النظام.
? ورأيي الشخصي هو أن تداول القفشات والمزحات في وقت يموت فيه بعض شبابنا لا يشعل جذوة الثورة، بل يساهم في إخمادها.
? في أوقات سابقة كان من الجائز أن يحاول الشعب الذي ضاقت به سبل العيش الترويح عن نفسه بتأليف وتداول النكات.
? أما الآن فالتنفيس ليس مطلوباً.
? ما نريده الآن هو أن يصل الغضب في دواخل كل واحد منا مداه.
? وهو شيء لا يمكن تحقيقه إن تواصلنا مع بعضنا البعض عبر الواتساب بالطريقة الحالية.
? بالأمس قلت لمحدثي أننا يفترض أن نوظف الواتساب توظيفاً صحيحاً للتخطيط والتنظيم والترتيب لأمر الثورة الشاملة المنتظرة.
? فقال لي: ” لا أعتقد أن التخطيط للثورة يقع على عاتق جيل الواتساب، بل المتوقع أن يقوم بذلك من يكبرونهم سناً وتجربة.
? لم اتفق مع هذا الرأي وقلت لمحدثي أن من أشعلوا الثورة في مصر كانوا هم جيل الفيس بوك وقد أحسنوا استخدامه بالفعل.
? ولا أعتقد أن استخدام الواتساب قاصر الآن على الصغار محدودي التجارب والخبرات.
? فالكثير جداً ممن تجازوا الثلاثين بل والأربعين يستخدمون هذه الوسيلة، وهم للأسف يفعلون نفس فعل الصغار، أي أنهم يكتفون بتبادل النكات والقفشات.
? ظل البعض يطالبون منذ فترة بتأسيس قناة فضائية لتعزيز العمل المعارض للحكومة الحالية وهو ما لم يتحقق بسبب ظروف عديدة، أهمها أننا تعودنا أن نكثر من الكلام وتقديم الاقتراحات دون أن نجتهد في تحويل ذلك إلى عمل ملموس، ودون أن تتبنى بعض المؤسسات التي نثق بها هذه المقترحات.
? لكن دعونا نسأل أنفسنا: لماذا لا نستفيد من المتاح في الوقت الحالي وإلى أن نتمكن من تأسيس القناة الفضائية أو منفذاً آخراً؟!
? من لا يوظف القليل جيداً، لن يستفيد بدون شك من الكثير.
? وطالما أننا لا نريد استغلال الواتساب المجاني بالصورة المثلى لتحقيق أهدافنا النبيلة، فربما نؤسس قناة فضائية في الغد دون أن تقدمنا قيد أنملة.
? (حقو) نرضى بالقليل وما جاد به الآخرون ونوظفه لتحقيق أهداف الثورة المنتظرة.
? فحرام أن يموت صلاح سنهوري ورفاقه وهم في عمر الزهور وما زلنا نحن نتسامر عبر الواتساب ونرسل لبعضنا البعض النكات.
? ماذا تركنا لناس الأمن وحارقي البخور من كتاب النظام بمثل سلوكياتنا هذه؟!
? هم يحاولون صرف الناس عن قضاياهم الأساسية، ونحن نصرف أنفسنا بأنفسنا عن هذه القضايا المصيرية.
? بالأمس حدثني من يقيم بإحدى بلدان الغرب بأنهم كانوا بصدد عقد لقاء يهدف إلى دعم حركة الشباب التي اندلعت في البلد هذه الأيام.. فما الذي حدث؟!
? دعوا للاجتماع ما يقارب المائة شخص فحضر منهم 14 فقط!
? وما يحزن ويدمي الفؤاد أن أول من أوكلت له إحدى المهام اعتذر عنها متذرعاً ببعض المشغوليات الخاصة!
? الشباب يموتون وأمهاتهم يثكلن وتبح حلوقهن من النواح ولا يزال بيننا من يتحجج بمشغوليات خاصة عن تقديم القليل من الدعم للثوار.
? وبرضو بنقول أن الثورة اندلعت ولن يوقفها أي كائن!
? لهذا أردد ولن أمل من قول أن الثورة لن تنجح في مسعاها ما لم نغير ما بأنفسنا.
? ما نعاني منه ليس مجرد حكومة جائرة وفاسدة ومتسلطة.
? بل هو أكبر من ذلك بكثير.
? نحن نعاني من تغييرات طرأت على طريقة تفكيرنا.
? نعاني من ضعف العزيمة والإصرار والمثابرة وهي صفات نحتاجها بشدة في هذا الوقت.
? وإلا فلن نفلح في الوصول للهدف المنشود.
? وليكن معلوماً لأي واحد منا أن الفرصة إن أفلتت من بين أيدينا هذه المرة، فلن يجدي أي كلام عن التغيير بعدها.
? وبالفعل نحن لا نستحق تغييراً للأفضل إن تركنا الفرصة تفلت هذه المرة.
? ألا تطالعون كتابات بعض حارقي البخور من رؤساء تحرير الغفلة هذه الأيام؟ !
? إنهم يقولون ما معناه أن الأمور قد عادت لمجراها الطبيعي وأن ما حدث أثبت عدم وجود معارضة قوية قادرة على إحداث التغيير.
? ألا يحرك فيكم مثل هذا الحديث نخوة الرجال بعد أن فقدنا عدداً مقدراً من الشباب اليافع الذين كانت أسرهم تعول عليهم كثيراً؟!
? لا تعبأوا كثيراً بأصوات من باعوا ضمائرهم ونسوا مسئولية وأمانة الكلمة.
? ولا تهتموا كثيراً بمن التزموا الصمت في الأيام الأولى ( الحارة) من عمر الاحتجاجات، ثم عادوا للكتابة ربما بعد أن مُنحوا الضوء الأخضر ممن توهموا أن كل شيء قد انتهى.
? ودعونا جميعاً نكف عن الضحك والنكات في هذا الوقت العصيب ونذكر أنفسنا دوماً بأن النيران التي اشتعلت في أفئدة أباء وأمهات الشهداء الصغار الذين قضوا في الأيام الفائتة لن تهدأ أو تنطفئ إلا بعد تحقيق الهدف الذي خرج من أجله أبناؤهم الشهداء.
نقاط أخيرة:
? يبدو التداول المستمر لخبر أن الوالي سوف يترشح لمجلس المريخ مثل دعوة الناس بأن ينسوا حديث الثورة ويركزوا مع هذا الحدث الهام في نظر من يروجون له !!!
? انصرافية لا مثيل لها.
? الناس في شنو والحسانية في شنو حقيقة.
? لأول مرة أشعر بأن الكتابة في الرياضة يمكن أن تكون جريمة، وذلك بسبب عدم ملائمة الظرف.
? يوم مباراة الهلال وأهلي الخرطوم أرسل لي الصديق ياسر عبد المنعم رسالة قال فيها: ” شابكننا الهلال نادي والحركة الوطنية وأهلية الحركة الرياضية.. ولم نرهم يقفون دقيقة حداداً أو يقرأون الفاتحة ترحماً على أرواح الشهداء.. ما هذا الجهل!”.
? وكان ردي: ظللنا نبحث عن هلال الحركة الوطنية على مدى السنوات الأخيرة ولم نجده لأن كل شيء قد تبدل في بلدنا في هذه السنوات العجاف يا صديقي.
? والدليل على ذلك أن المقالات والبرامج الانصرافية لم تتوقف ولو للحظة رغم صور الشهداء ونواح أمهاتهم.
? خسئنا جميعاً إن لم نغير هذه الحكومة بعد كل ما حدث.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. نعم فى هذه الايام يجب ان ينصرف الناس عن قنوات السودان التى تبث الحفلات و الاغانى الترفيهية بغض النظر عن الدماء الطاهرة التى اهدرت برصاص النظام المجرم.

  2. لك الف حق في ماذكرته. فقط اختلف معك في اننا لن ندع هذه الفرصه تفوتونا. وترغب غدا فان لناظره غريب. ولك التحيه

  3. أول دعوة للتظاهرات وصلتني عبر الواتساب من ابنة أختي وأرسلتها لكل من أعرفهم وبدورهم أرسلوها لمعارفهم، ثم نسخناها ونشرناها عبر الفيسبوك… أعتقد انه فعلا يخدم ، لأن كثيرا من الرسائل نرسلها ثم تعود الينا مرة أخرى بعد تبادلها من قبل الكثيرين… انه وسيلة فعالة لتوصيل اي معلومة أو خبر اتمنى لو اننا نستطيع الاستفادة منه بصورة افضل .. لابد أن يتعلم الجميع ان قضية السودان حاليا فوق كل الأولويات وسوف ينكسر القيد وينجلي الليل بتصميمنا وعزيمتنا ومشيئة الله …

  4. لا تمل و لا تيأس من أجل أعادة جذوة الثورة و الروح لأهلنا الذين فقدوها بفعل فاعل و من صبر ظفر و من سار على الدرب وصل يا استاذ

  5. الطامة الكبرى أن الكثير من القفشات التي يتم تداولها عبر الواتساب غير لائقة وهو ما يخالف قيمنا وديننا الحنيف
    لا داعي لكلمة ديننا الحنيف من فيكم سيدنا يوسف

    الله لم يخلق الاصابع في مستوي واحد كل واحد في همه ماذا يفيد الواتساب لو ارسلنا اخبار الثورة وعدد القتلي والجرحي سقط سنهوري وغيره مظاهرة تمتد ساعة نصف ساعة وكل واحد يهرب الي البي بي سي او العربية او غيرها لمتابعة الاخبار وهل نستطع كلنا وانت اولهم التظاهر حتي الصباح الشباب المصري احتل الميدان صاموا رمضان والعيد ونظموا المعسكر الكبير من الاكل الي العلاج والامن من فيكم فكر ان يطبق تلك التجربة في النهاية من فينا سيدنا يوسف كل واحد يريد ان يدفع اخوة للتظاهر وهو جالس ببيته يتفرج علي التلفاز يشرب في الشاي والماء البارد او يرسل النكات عبر الواتساب وغيرهم يدفعون الروح والدم والعرق والسياط والبمبان وغيره من تفاهات غوغاء النظام لن يتغير النظام ما لم نغير طريقة تفكيرنا وعملنا والله غالب

  6. اشقيق كمال أتفق معك وآمل أن تواصل الكتابة حول هذا الموضوع فالمطلوب من الجميع في الخارج أن يكونوا في مستوى الحدث
    لقد ارتكب المثقفون السودانيون حريمة كبرى في حق هذا الوطن بسكوتهم على الجرائم التي ارتكبت في الجنوب حتى انفصل
    وسكتوا على الجرائم التي ارتكبت في دارفور وتلك التي ترتكب حتى الآن في جنوب كردفان والنيل الأزرق
    وربما تكون هذه الفرصة الأخيرة للوقوف في صف الذين خرجوا وواجهوا الرصاص
    يقول داتي ما معناه أن أسوأ مكان في الجحيم لاؤلئك الذين يقفون على الحياد وقت الأزمات الأخلاقية
    كفاكم وقوفاً على الحياد حتى لا يضيع السودان

  7. الأستاذ كمال
    كنت قد كتبت للأستاذ بكري الصائغ في مقاله الموسوم بمحطة أحمد الطيب البلال الفضائية!!..من اين لك هذا?!!
    الحبوب الصائغ
    بعد السلام ياخوي…
    إبتداء: (مكرر) أن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام ألف مرة…
    ثم ماذا؟
    مهما وضعت يدك على السطح أو غمستها عميقاً في قذارة شرذمة المؤتمر الوسخي فلن تجني ولن تحصد غير النتانة… (مكرر) الجيفة لا تصدر إلا الرائحة النتنة… يعني بالبلدي كدة (العفنة كتلتنا) ولكن… حتى متى سنكون غائرين في وحل هولاء (الزومبي)؟ ثم ليتنا جميعاً نبحث عن رجل رشيد يصنع بنا معجزة الخروج من دائرة جهنم التي ندور في فلكها منذ الحكم الثنائي وحتى درك المؤتمر الوسخي الأسفل…
    الحبوب، ببساطة عندما تدع القذارة لفترة من الزمان فقد تبدأ بإفراز بكتريا، جراثيم ، فيروسات و ديدان و غيرها من الميكروبات التي حتماً ستنقلب إلى آفة ووباء تحصد الأرواح حصداً … وهذا هو تحديداً ما يحدث من هذا النظام الفاسد… كنا قد إعترفنا جميعاً أن فئة كبيرة من الشعب مازالت تجهل عورات هذا النظام و ليس لديهم ما يمنع أن يؤمنوا به طالما أنهم في النظام يقسمون برب العباد و يصلون لرب العباد، و يجاهدون في سبيل رب العباد ويحققون التنمية للعباد و دونكم كبري المك نمر و طريق التحدي لابلابلابلابلابلابلابلابلابلاب… فليسعد قليل التفكير بهم (والمخ قسمة)… ولكن من شيم ديننا التناصح و الهداية… النظام إمتلك زمام الإعلام و أخذ يوجه دُفة البسطاء من شعبي تارة يمنى و تارة يسرى و هم مغيبون بخمر الكذب الذي إنطلى عليهم…. ونحن من نحسن التعامل مع الوسائط نجيد بإستعلائية مفرطة استهجان الذين لم يخرجوا إلى الشارع (مستغرشين) لماذا؟
    ولماذا لماذا؟
    فأنا و أنت وبعض من هم قد يعلمون أنه قد أزفت الآزفة ولكن هل الجميع يعلم؟ الإجابة على إستحياء هي (لا)…
    فضل المولى أو الوالي أو المؤتمر الوطني و أخيراً ال(بلبال) قد خبروا طريقاً للتضليل ولكنا ك(مثقفين، معارضين، مستنيرين، بسطاء، مستغرشين،ألخ) قد ضللنا الطريق للتنوير وماذا نتوقع غير أن نجلس جميعاً على الأرض كالنائحات (في بيت البكا) نلعن الإنقاذ و (اليوم الجابتها) ثم نتفرق على أن نلتقي اليوم التالي في نفس المكان و الزمان و نعود ب(مناحة) جديدة تشبه كثيراٍ أغنية
    الوليد الضيف غرقتنو كيف
    وسواد أمو الأهلو في الجريف
    ثم ماذا؟ لاشئ غير أننا ننسى أننا نبحث عن رجل رشيد!!!
    خذها مني و ارمها إن شئت!!!
    دون فضائية سودانية معارضة كاشفة لعورات النظام هادفة لبناء شعب ديموقراطي فإننا فقط نعبث بالنار و الهواء ولا فرق بين أحمد و الحاج أحمد… و إن جلسنا ملايين السنين الضوئية نلعن في ظلمات الإنقاذ… فقط سنجني اللاشئ…
    الشئ بالشئ… و السن بالسن… و العين بالعين … و القناة بالقناة و البادئ قد ظلم… وإنتهى…
    إنها مسئولية جماعية يا من هم بخارج السودان!!! نريد فقط رجل واحد رشيد يملك زمام المبادرة وله راتبي الفقير كله و غيري مستعد لذلك حتى نخرج من مالطة فقد سئمنا الآذان هناك…
    ولقد هرمنا!!!

    أصلي لمّن أدور أجيك بجيك
    لابتعجزني المسافة
    لابقيف بيناتنا عارض
    لا الظروف تمسك بإيدي
    ولا من الأيام مخافة

    طائر النورس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..