الشاعر الصادق إلياس : يجب أن نتوقّف عن الغناء للاستقلال!.."انا ما قاعد أمشي لأي فنان عشان يغني لي"

أجراه : صلاح الدين مصطفى
يعتبر الشاعر الصادق إلياس من شعراء الاغنية السودانية المخضرمين، فقد استطاع ?عبر مسيرة طويلة ? أن يضع بصمته في هذا المجال وصارت له لونيته المعروفة في كتابة الشعر الغنائي والتي ترتكز على الصدق الفني وبساطة العبارات والتراكيب والصور الشعرية والبعد عن الغموض والالفاظ غير المألوفة، استمد ادواته الابداعية من بيئته الريفية وقد ذاعت اغنيته "الجريف واللوبيا" وانتشرت بعد أن تغنى بها الفنان الراحل الجابري، كما
غنى له صلاح بن البادية، عبد العزيز محمد داوود، الامين عبد الغفار،
اللحو، خوجلي عثمان ومعظم فناني الصف الاول اضافة لبعض الفنانين الشباب،
في هذه المساحة تحاورنا معه حول المشهد الفني.
بدءا ونحن نتنسّم أنفاس أعياد الاستقلال .أين أنت من الأغنية الوطنية؟
آخر أغنية كتبتها " من ضميري بقول عوافي للمداين والفيافي"و تدور حول هذه
المضامين وقد قدمها الفنان صلاح مصطفي في احتفالات اعياد الاستقلال قبل
عدة ايام وهي لا تتحدث عن الاستقلال بالمفهوم الذي يحتفل به الناس الآن،
وأقصد بذلك الحديث عن رفع العلم وطرد المستعمر، ومع احترامي لهذا
التأريخ، فإنني أرى بأن الاحتفالات يجب أن تتخذ منحى آخر، يجب أن نشحذ
الهمم نحو البناء والتنمية، وهذه الاغنية تدعو للالتفات للتنمية في كافة
محاورها من زراعة وصناعة وتعمير وهذا هو الاستقلال الحقيقي .
هل تقصد أن الغناء للوطن يجب أن يبتعد عن المباشرة؟
"بالضبط كدة" التناول المباشر في الفن عموما غير مقبول، وقد ابتدرت مدخلا
لم يكن مألوفا في ذلك الوقت عندما كتبت أغنية يقول مطلعها" الحبيبة
العندي قبال الحبيبة" حتى أن زوجتي اندهشت لهذا المطلع عندما طالعته وانا
اكتب فيه، وخرجت منه الاغنية التي تغنى بها عبد العزيز محمد داؤود والتي
جاء فيها ? بعد ذلك ? يا بلادي الديمة من البال قريبة، وكانت محاولة
جريئة للخروج من الطريقة التقليدية بالتدريج، وقدمت القصيدة للموسيقار
برعي محمد دفع الله وبعد فترة وجيزة قال لي "بختك غنيتك عجبت ابو داوود
"وفعلا كان حظي جيدا بأن يغني لي العملاق عبد العزيز محمد داؤود.
هل يمكن أن نعتبر "الجريف واللوبيا" أغنية وطنية؟
"والله انا ما قايلا بتبقى اغنية اصلا " فقد كتبتها ضمن خواطر عابرة
وكانت طريقتها غريبة شوية، وشافا الجابري وطلبها واندهشت لذلك، وبعد فترة
جاء الجابري إلى الجريف وقال لي " الدخلة بتاعت الاغنية ممكن تكون افضل
من يا بحر حلتنا" وتناقشنا الى أن اتفقنا على أن تبدأ ب"عندي شوق لي
نيلنا" وهذا النقاش ما يُعرف بالورشة الفنية ومن خلاله خرجت العديد من
الروائع، وبالعودة إلى سؤالك، هذه الاغنية وجدت انتشارا كبيرا وهي تعبر
عن وطني الصغير، وربما يرى فيها البعض تعبيرا عن التغيير الذي يحدث
للاماكن والوطن بفعل الزمن.
لديك رأي في الكثير من المفردات الشعرية الجديدة، لماذا لا تعترفون بالجيل الجديد؟
هؤلاء الشباب وليسوا كلهم يتعمدون إقحام عبارت غريبة ولديهم طريقة
متشابهة" يا داخلة في جواي ويا مارقة من دنياي ويا بنبر هواي " وهذا
اسلوب عقيم في الصورة الشعرية، لغتنا البسيطة دي ما لا؟!، نحن نلتقط
العبارات من كل فئات المجتمع، الكمساري، ماسح الاحذية، الجزار، سيد
الخضار، ونعيد اكتشاف الحكم والموروثات الثقافية وهذا هو دور المبدع،
ولهذا استمرت اغنيات الحقيبة متوهجة، المبدع يجب أن يقدم السهل الممتنع
وليس كلام الطير في الباقير.انظر إلى مصر فيها آلاف الشعراء الذين يكتبون
بالعامية لكن كل مصر تعرف عبد الرحمن الابنودي لماذا ؟ لأنه عبّر عنهم
كلهم.
لماذا لا يتعامل جيلكم مع الفنانين الشباب بدلا من نقدهم والسخرية منهم
على الدوام؟
"انا ما قاعد أمشي لأي فنان عشان يغني لي" لكن من يأتيني لن يرجع بخفي
حنين، جاءني أحمد الصادق يستأذنني في أداء الأغنية التي يغنيها اللحو "لو
غلطت في حبك شوية" قلت له أديك حاجة جديدة وتبقى حقتك، وبالفعل اعطيته
قصيدة تقول "لسة يا قلبي العنيد، لا قسيت لا بقيت سعيد" ولم أره من يومها
ولا أدري ماذا فعل بذلك النص. وقد اعطيت صفوت الجيلي اغنية عن الأم "أم
البنات زينة في موازينة " وقد غناها، واعطيت ندى القلعة أغنية" غيرت
رأيك" وأدتها ثم اشتكت من أن 13 فنانا يؤدونها بعد ذلك! وأنا لا أمنع
احدا من اداء اغنياتي لكن بالأصول "الداير يجي بالباب والنواحي المادية
بتجي في الآخر" وقد لفت انتباهي عبد الكريم ابو طالب الذي زارني برفقة محام من أجل أن اتنازل له عن اغنية ليتم تسجيلها في المصنفات و"ده هو الشغل السليم".

السوداني

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..