جمهورية حاجة زينب..!!

تراسيم

قبيل منتصف ليلة الثلاثاء الماضية كانت امي تتمدد على فراش الموت..انتصبت مثل سيف فارس وقع على الارض بعد انجلاء معركته الاخيرة..عندما كانت حاجة زينب على قيد الحياة وفي ايامها الاخيرة لم يكن بوسعها ان تبسط قدميها بهذه الاريحية..سألت نفسي وانا انحني للمرة الاولى واقترب من امي هل الموت يريح الانسان المؤمن..قبلت جبينها المخبوء وراء رداء الموت ثم اغمضت عيني لاستبصر ايام خلت عشتها في رحاب حاجة زينب.
كانت امي تمثل لي معان تبدو متناقضة..اشعر بها قوية حد التسلط حينما تعزم على راي..مجاملة ولينة وطيبة في كثيرة من الاوقات..عطوفة وحنونة تتعامل معنا باعتبارنا مجرد اطفال..قاسية حينما نتجاوز الحد ونقصر في الواجب ..صلبة في المنحنيات وما اكثرها.
تزوجت امي في صباها الباكر كبنات جيلها..اعتقد ان زواجها الاول كان في منتصف الاربعينات..كان زوجها الاول احد اقاربها من جهة امها..خاضت حاجة زنب اولى معاركها ضد الجهل..تجمعت مع بعض النسوة لتعلم القراءة والكتابة عبر كتاب مفتاح المعرفة ونجحت في ذلك بامتياز..وقفت ذات يوم امام بناية لوزارة الدفاع ونسيت ان امي تجيد القراءة..قلت لها ساقابل صديق..بقلق شديد فاجأتني” البيجيبك وزارة الدفاع شنوا ياعبدو ولدي”.
اعود لامي في تجربة زواجها الاول ..بعد سنوات طويلة لم يرزق الله الاسرة الصغيرة ببعض الذرية..سافرت حاجة زينب من حي السجانة بالخرطوم لتقضي الاجازة مع والدها الذي كان يعمل في مشروع الجزيرة..فكر زوجها ان يتزوج باخرى حتى يضعها امام الامر الواقع..لم تفعل حاجة زينب شيئا غير ان تنتفض ثم تنسحب بهدوء عن ذاك المسرح..لم تفلح الوساطات في رتق الامر..حاجة زينب في ذاك المشهد كانت تثور لكرامتها.
كان ابي من اولئك الوسطاء الذين سائهم ان تطلب ابنة عمه الطلاق..عاد الحاج محمد احمد بعد شهور ليتطلب الاقتران بحاجة زينب وكان في عصمته زوجتين..رفضت حاجة زينب العرض بمنطق انها لم تقبل ان تكون زوجة اولى فكيف تصبح ثالثة..بعد ضغط كثيف باتت امي زوجة ثالثة لوالدي ثم شدت الرحال الى فجاج بحر ابيض.
بعد سنوات قليلة جاء الى الدنيا اخي الاكبر وفي شهوره الاولى اصيب بعاهة في قدميه ردتها امي الى حقنة تطعيم..وبعده بسنوات جئت انا..لاسباب لم تفصح عنها حاجة زينب قررت ان تسافر الى الشمالية ..استعصمت بجانب جدتي ووقتها كان قد توفى والدها.. لم يكن خيارا يسيرا لامراة لم تبلغ الاربعين ان تعتزل حياة رغدة وتبتدر اخرى فيها كثير من شظف العيش..الغريب ان امي لم تكن ترغب في سرد تفاصيل تلك الايام حتى لا تؤثر في مودتنا لاخوتي غير الاشقاء.
من بركات امي وجدتي ان الرحمة والبركة كانت تتنزل على ذاك البيت الصغير ..كلما ندخل المخزن نجد رزقا طيبا يكفي مؤنة عام..السكر والقمح والذرة والزيت في عبوات كبيرة..الدجاج والحمام يملاء البيت الريفي وتواصل حميم من عشيرة امي الاقربين.
في تلك السنوات الباكرة كانت امي تلعب دور الاب والام وربما الاخ الكبير..قست علينا انا وشقيقي ذات يوم حنما اخذنا من محفظتها مال من غير اذن لنشتري مصيدة عصافير..تلك العلقة الساخنة لم تبارح خيالي ابدا كلما اقترب او اوتمن على مال عام او خاص.
حينما راتني اقترب من المراهقة الحرجة التي تحتاج الى اب صارم لم تتردد كثيرا ووافقت على سفري بصحبة والدي الى مدينة كوستي واحتفظت بشقيقي الاكبر بمنطق انه يحتاج الى رعاية خاصة وفرتها له لاربعين عام..كانت قريبة من اخي خالد حتى بعد ان تزوج وانجب.
اعترف ان اول من جندني لحركة الاخوان المسلمين كانت امي.. لا ادري ماعلاقة حاجة زينب بالاسلاميين وربما كانت مستمعة جيدة للراديو وربما رأت نماذج جيده لهم في الحياة.. ولكن اذكر انها كانت تحدثني عن الاخوان المسلمين باعجاب شديد مهد الطريق لأن يتعلق قلبي بالفكرة منذ نعومة اظفاري.
عفوا قرائي الكرام البوح يجعلني افرغ بعض من احزاني..احتملوني قليلا فحاجة زينب هى امكم جميعا..كانت دائما ككل السودانيات تضحي لتسعد الاخرين.
اللهم ارحم حاجة زينب واجعل مثواها الجنة يارب العالمين.

الاهرام اليوم
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. رحم الله المغفور لها باذنه تعالى والدتكم واثابها الجنة وانابكم والاسرة الكريمة الصبر وحسن العزاء

  2. اللهم ارحمها واجعل لها فى حوض الكوثر موردا …ان أما انجبتك وربتك على التضحية والايثار والقناعة وفوق كل هذا الدعوة الى الاسلام حق علينا الدعاء لها بالخير ..رحمها الله

  3. الهم أرحمها وأغفر لها وأجعل الجنة مثواها وأرحم شهدائنا وأنتقم لنا ممن قتلوهم يارب العالميييين

  4. إنا لله وإنا إليه راجعون
    رحمها الله وغفر لها فهي كانت لاتعرف
    إنهم إخوان للشيطان وسيدمروا السودان

  5. حاجه زينب امك براك. نحنا كل واحد فينا بي امو. وامهاتنا ماعلمونا ننتمي للاخوان المسلمين لانو امهاتنا ضد الظلم وضد الكفر ومع الحقيقه. الانتماء للاسلام السياسي هو جاهليه هذا العصر وامهاتنا ابعد من الجاهليه..وانا لاستغرب في هذا الزمن ان ياتي شخص ليعترف انه مع الاخوان المسلمين..قرف.

  6. اللهم ارحمها واغفر لها ولوالدينا .الموت هو الموت لكن زى ما اهلنا بيقولو زولك شفتو وقلبتو وقعدت معاهو فى مرضو وودعتو .واوجعة الامهات الاولادهم اتخطفو فجاة لا ودعوهم لا مارضوهم فى مستشفى .عليكم الله ادعو ليهم بالرحمة ,ادعو لكل ام فى كل السودان من دارفور للخرطوم لكل جزء فى السودان فقدت جناها ربنا يديهم الصبر الموت موت لكن الجنا حااااااااااااااار وميتة الشباب توجع القريب والغريب

  7. ربنا يرحمها ووالدينا… بس ماتقودك مشاعرك الخاصة لسقطة الصحفي محمد عبدالقادر في صحيفةالراي العام ووفاة المغفور له والده..

  8. كنت اتوقع منك ان تكون اكثر ايجابية في الاحداث الاخيرة بالعاصمة وكثير من المدن لكن يبدو ان هذه طبيعة الاشياء في تغيير كذلك الاشخاص والمبادىء .
    لم نسمع لك رايا واضحا وصريحا في كثير من الاحداث التي راح ضحيتها الكثير من الابرياء لا لشي الا انهم خرجو معبرين عن رايهم في سياسات هذه الحكومة الخرقاء والتي تعاملت بالرصاص الحي في القتل والتنكيل ولم يسلم من ذلك طلبة مرحلة الاساس .
    وكذلك الحملة الاخيرة للاعتقالات الواسعة التي طالت النساء ؟؟
    لا ادري ماالفائدة من البرنامج الذي تقدمه ليسوق المبررات لاقناع المواطن البسيط ليتقبل برضاء ام بسخط ؟
    كنا نتوقع ان توجه الاتهامات لا المبررات ؟ ان تتفاعل مع قضايا المواطنين بمصداقية لا بنظرة الكسب والخسارة ؟؟؟.
    اللهم ارحم حاجة زينب واجعل مثواها الجنة .

  9. أخى عبدالباقي الظافر أحسن الله عزاؤكم البركة فينا وفيكم وربنا يتقبلها قبولا حسنا ويجعل الجنة مثواها
    أخى عبد الباقى
    عندى شكوى للرئاسة على الراكوبة تجده على الصفحة الرئيسية نافذة جديد المقالات تحت إسم ( لو أعيدت لى سأسدد حصتى فى الدين حتى لايشيلوا العدة ) كيف تجد شكواى طريقها لداخل القصر من غير أن يلم بها أمنجى يلحقها خطاب الرئيس زاتو
    فيدنى أفادك الله
    ارسلت رسالة لخال الرئيس
    يا طافر نحن بنسرق على عينك ياتاجر من مين ، من شركات تأمين
    اقرأ المقال

  10. احسن الله العزاء استاذ الظافر وربنا يرحم جميع موتى المسلمين..
    اخى الظافر اتمنى ان يكون انتقال الوالدة لرحمة الله محطة مهمة لك شخصيا لانك لقد اذيت انسان برئ لانك نقلت كلاما غير صحيح ونقله لك صديق قد يكون من منطقتك ولمصلحة خاصة بها شهرت بدون ان تتأكد برجل شريف ومظلوم و لقد اصابه واسرته ضرر كبير والحساب قادم ليس فى الدينا التي نخرج منها كما جئنااول مرة و قد يكون الحساب فى الدينا و الاخرة لاني يوما اسال الله الجباران ياخذ لى حقى منك.

  11. احسن الله العزاء استاذ الظافر وربنا يرحم جميع موتى المسلمين..
    اخى الظافر اتمنى ان يكون انتقال الوالدة لرحمة الله محطة مهمة لك شخصيا لانك لقد اذيت انسان برئ لانك نقلت كلاما غير صحيح ونقله لك صديق قد يكون من منطقتك ولمصلحة خاصة بها شهرت بدون ان تتأكد برجل شريف ومظلوم و لقد اصابه واسرته ضرر كبير والحساب قادم ليس فى الدينا التي نخرج منها كما جئنااول مرة و قد يكون الحساب فى الدينا و الاخرة لاني يوما اسال الله الجباران ياخذ لى حقى منك.

  12. الاستاذ عبدالباقى
    نتمنى ان لا يكون برنامج صالة تحرير الذى تقدمه فى قناة ام درمان نسخة من برنامج اقوال الصحف وبعد الطبع الذى يعرض فى التلفزيون القومى وقناة النيل الازرق نأمل استضافة صحفيين وطنيين من امثال الطاهر ساتى وغيره وابعدنا الله يخليك من اشباه الصحفيين من منافقى المؤتمر الوطنى الذين ينظرون الى الفيل ويطعنون فى ظله انت تعرفهم ونحن ايضا نعرفهم

  13. البركة فيكم ونسأل الله أن يتقبل الوالدة، هذا عن الخاص ، أما عن العام: فأقول لك إنك صحفي فاقد للمهنية فأنت أول من ظهرت من أهل النظام على قناة الجزيرة في المظاهرات الأخيرة ووصفت المحتجين على ظلم حكومتكم الفاسدة بأنهم محرضين وإن ورائهم أيدي خفية في تماهي مع حديث المنبت المشوة الدواخل والي الجزيرة بتاع الجبهة الثورية،، فهل هذا رأيك أو هو تكالبك مع زمرة الحرامية اولياء نعمة الكثير من الارزقجية والمتصحفين أمثالك، أعلم يا هذا إن من تدافعون عنهم هو الفئة الباغية التي حطمت مستقبل ابنائناوسرقت حليب أطفالنا ودمرت البلد دمرا كامل وشامل ففي كل فج تجد أثار جرمهم وأخرها الكذب المنهي عنه شرعاص على روؤس الأشهاد وأنت من ضمنهم،، الخلاصة إن أسوأ ما وصلنا اليه بفضل أولياء نعمتكم هو أن الشعب السوداني بكل أسف بات يكره بلده فهل تقهمون معنى هذا،، فلا تتدثروا بالدين وهو منكم براء..

  14. اللهم أرحم حاجة زينب رحمة من عندك واجعل قبرهــا روضة من رياض الجنــة وأرحم أمهاتنــا جميعــا رحمة واسعــة ..احاجة زينب كانت من الجيل ( الحديدي ) لها الرحمــة .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..