مقالات سياسية

بل سنقيم سرادقا للعزاء .. يا حضرة الجنرال !ا

د. علي حمد ابراهيم- واشنطن

* يطالع القراء هذا المقال بعد ان يكون التصويت على انفصال الجنوب قد قطع شوطا كبيرا . و بعد أن تكون الدلائل المبكرة قد اشارت الى أن السودانيين الجنوبيين قد كسروا قحف العلاقة التاريخية الطويلة مع اخوة الأمس ، و استخرجوا أوراقهم الثبوتية الجديدة التى سيقدمونها الى الاسرة الدولية لاحتلال المقعد رقم 193 فى قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة . ولكننى اترك هذا الى حين لاكتب اليوم بقلب منفطر عن احاديث العجز والاستسلام التى صار الرئيس عمر البشير لا يجد غيرها فى مخاطباته للشعب المحزون . تلك الاحاديث التى تجسد حالة الهروب الى الامام التى يحاول بها الرئيس أن يضع ساترا بينه وبين جريمة تضييع الجنوب وتفتيت وحدة الوطن . قبل ايام قليلة من انشطار الوطن القارة ، وفى لحظات تجدر فيها دعوات التعزى واجترار العبر للمستقبل ، يفاجئ الرئيس البشير شعب السودان باحاديث وتصريحات الهدف منها التهوين من محنة ضياع الجنوب التى تسبب فيها نظامه ، وتصويرها كحدث عادى بالتظاهر بأن انفصال الجنوب اذا حدث ، فهو حدث عادى ، وليس حدثا ذى بال يستوجب اقامة سرادق للعزاء فى يوم المحنة . فهو يعلنها على رؤوس الاشهاد بأنه لن يقيم سرادق العزاء اذا ذهب الجنوب فى التاسع من ينائر . ويؤكدها على رؤوس الاشهاد مرارا وتكرارا أن ذهاب الجنوب ليس نهاية الدنيا . ثم لا يفتأ أن يشارك الراقصين رقيصهم وطربهم وابتهاجهم . ثم يكررها مرارا وتكرارا بأنه سيكون أول المهنئين . مرة واحدة كانت تكفى . قطعا الرجل ليس سعيدا بذهاب الجنوب . لا هو ولا غيره يمكن أن يسعده ذهاب الجنوب . ولكنه يتجمل مكرها وليس بطلا . إنه يقلل من وقع الكارثة التى تقع مسئولية حدوثها على عاتقه بالدرجة الاولى . كنوع من الهروب الى الامام . فخلال كل الفترة الانتقالية كان الرجل أعجز من أن يقدم أقل القليل من التنازلات لانقاذ الوطن القارة ، لأن حسابات النافذين من حوله للاحتفاظ بالسلطة لم تعطه ولن تعطيه فسحة لكى يقدم أقل القليل لشركائه الجنوبيين الذين أوصلهم الضيق من مماحكات نظام الرئيس درجة سحبوا فيها وزراءهم من جلسات مجلس الوزراء كأول سابقة فى تاريخ حكومات العالم التى يضرب فيها وزراء عن العمل ويتغيبوا عن مكاتبهم شأنهم فى ذلك شأن أى نقابة عمالية مهدرة الحقوق . بتصريحاته تلك أضاف الرئيس البشير الى أحزان شعب السودان المفؤود اصلا من حالة العجز والانكسار التى اصابت الذين نصبوا انفسهم قادة عليه بالقوة الباطشة ردحا من الزمن حتى اذا استفحلت المآسى التى خلقوها بأيديهم ، ووصلت درجة الخطب الجلل الذى لا يمكن سبر اغواره الا بتفتيت الوطن القارة ، حتى اذا وصلوا الى هذه الحالة المزرية ، طفقوا يبرطعون فى حالة من اللهاث والعطب ، يحاولون فيها اخفاء عجزهم وانهيارهم امام الشعب الفطن وهو ينظر الى عجزهم بعيونه الفاحصة المجردة وليس بعيون زرقاء اليمامة ، والهيكل العملاق يتهاوى و يتفتت بينما يقف الذين نصبوا انفسهم قادة بالقوة والاكراه ، يقفون متفرجين فى عجز واستسلام .و بلا حول و لا قوة . عاجزين حتى فى العثور على بعض مفردات الكلم الطيب الذى قد لا يضمد الجراح . ولكنه قد يخفف من غلواء آلامها . لم يجد الرئيس البشير فى الآونة الاخيرة ما يقوله للشعب السودان آزاء المحنة التى تسبب فيها نظامه غير ابلاغ هذا الشعب المحزون أن ذهاب الجنوب ليس نهاية الدنيا . نعم ، الشعب السودانى يعلم أن ذهاب الجنوب لا يعنى نهاية الدنيا . ولكنه يعنى نهاية السودان الذى ورثوه عن اجداد أكابر صنعوه بالعزم والمثابرة والصمود والشموخ . وسلموه لاحفادهم متمددا مثل سجادة التاريخ .

فى هذه الايام تتدفق احاديث الهروب الى الامام الرئاسية . فها هو الرئيس الذى زعم فى بيانه الانقلابى الأول أنه جاء ليحفظ وحدة السودان و يصون اقتصاده وعملته الوطنية من الانهيار ( وفى قول آخر حتى لا تصل قيمة الدولار الامريكى الى عشرين جنيها سودانيا ! ) ها هو نفس الرئيس يبشر الشعب الموعود بعد اكثر من عقدين من الزمن الكسول أن ذهاب الجنوب تعنى انطلاقة جديدة نحو الشريعة الاسلامية ( يادوبك ! ) ونحو النقاء العرقى بتشطيب مزاعم التعدد العرقى والثقافى والدينى واللغوى فى السودان . ومرة أخرى ، بل ولمرات كثيرة يثبت الدكتاتوريون الشموليون العسكر انهم مثل آل البوربون لا يتعلمون شيئا ولا ينسون شيئا . فقد سبق الدكتاتور الشمولى جعفر محمد نميرى ، قائد انقلاب مايو ، سبق صنوه الجنرال البشير باللعب بكرت الشريعة فى الزمن بدل الضائع ونظامه يتهاوى ، فكان ان عجل الشعب الاطاحة به وبنظامه . ولم ينفعه كرت الشريعة . الآن يلعب الرئيس البشير نفس اللعبة ، لعبة كرت الشريعة التى لم يعد الشعب يسمع بها الا لماما على مدى عقدين من الزمن كان فيها مراجع عام حكومة الشريعة المزعومة قد بحّ صوته وتهدج وهو يكرر البيان وراء البيان عن الفساد الحكومى المالى الذى نهب أموال الدولة والشعب بصور لا ذكاء فيها و لا تورية . ولا احد يجيبه أو يعينه أو يسأل عمّ يتحدث فيه الرجل الشقى الذى رماه حظه البئيس فى فلاة قفر من الضمائر الحية ، اذا استثنينا ما تناقلته الاسافير الاليكترونية مؤخرا عن بكاء احد النواب بصوت مسموع حزنا مما ظل يسمعه من المراجع على مدى سنوات من هدر وسرقة للمال. ان العودة الى التهريج السياسى باسم الشريعة والاسلام مجددا هذه الايام . و تصوير الناقدين للاوضاع الحالية فى السودان من اصحاب الرأى الآخر بأنهم مجرد اعداء للشريعة الاسلامية ، هو تستطيح واستغفال للعقول لا يليق بأى سياسى يحترم عقله قبل عقول الآخرين . لقد كان مأمولا أن يقف الرئيس البشير وقفة شجاعة مع النفس .

ويسأل نفسه عن الجرم الفادح الذى ارتكب فى حق الوطن والأمة باعلان الحرب الجهادية ضد ابناء الجنوب ، والتى ازهقت ارواح عشرات الارواح من الجانبين بما فيهم بعض اقرب الاقربين للرئيس البشير نفسه ، لتكون النتيجة المباشرة ليس فقط ذهاب الجنوب ، انما توطين كراهية متناهية فى نفوس الجنوبيين ضد الشماليين رغم ان الشماليين هم ضحايا لنظام الرئيس البشير مثلما الجنوبيون ضحايا اذا استثنينا الفئة القليلة المستاثرة بكل شئ من رعيل الانقلابيين واشياعهم . فالضحايا السودانيون الذين شردوا من وظائفهم بدون ذنب وساحوا فى الارض حتى و صلوا اطراف الدنيا فى الاتجاهات الاربع هم من الشماليين اساسا و من اجدر الكفاءات التى اخليت مواقعها لأهل الولاء فى معسكر الانقلابيين الذين جعلوا من الاسلام مطية لنهب خيرات الأمة و لتنفيذ المظالم ضد البشر الذين كانوا آمنين فى هذه المواقع التى احتلوها عن جدارة واستحقاق قبل أن يدخل عليهم الريح الاصفر كما يدخل الثلج من نافذة (حنا مينا ) الروائى العربى الذى يغمس ريشته فى اوجاعنا حتى نراها تمشى على اقدامها فى الفضاء العريض مثلما هى حالنا اليوم . على أى حال ، يبدو ان وقفة المراجعة الشجاعة المطلوبة من الرئيس البشير هى من بعض احلامنا واوهامنا غير القابلة للتنفيذ .

ويبدو أنه يتوجب علينا كذلك أن نحاول لحس كوعنا قبل ان نحاول انزال هذه القناعات التى ننادى بها فى اذهان أهل السلطة والجاه الذين سادونا على مدى عقدين من الزمن فاذاقونا وبال امرنا وكانوا لنا من القاهرين . لقد ادبونا بأدبهم اللغوى فأساءوا تاديبنا ، من عينة لحس الكوع ، وبلوها واشربوا مويتها ، واحلام زلوط ، و فاقدى البصر والبصيرة . لقد كان قدرنا أن نقع فى هذه الحفرة السياسية العميقة . واقدار البشر هى من بعض اقدار المولى عزّ وجل ّ. أننا لا نطلب رد قضاء الله فينا . ولكننا نطلب اللطف فيها . وأعظم الالطاف التى نطلبها من المولى جلّ شأنه ونرجوها هى ان يحفظ الله لحمة الود بين ابناء شعبنا فى الجنوب و الشمال ، وأن يغيض لنا ظرفا غير هذا الظرف ، ومنتدى غير هذا المنتدى نتمكن فيه ان نعيد لحمة الود بيننا مجددا . ونصل بها أعلى الاعالى . ونقيم وحدتنا من جديد . ونعلنها على رؤوس الاشهاد لكى يسمع البعيد والدانى اننا سنقيم سرادق الحزن والعزاء فى يوم الفجيعة . وسوف نلعن الذى كان السبب فى محنتنا ومحنة وطن محجوب شريف الحدادى مدادى الذى كان .

الأمريكيون هم عرابوا تفتيت السودان : *

تتفرج كل شعوب الدنيا على الامريكيين وهم يتهافتون على استفتاء جنوب السودان ، ويزرعون اراضى السودان ذهابا وايابا ، ويوزعون الوعد والوعيد حتى يتم الاستفتاء فى مواعيده المقررة ويتم الاعتراف بنتائجه . ويذهب الامريكيون اشواطا بعيدة فى تخويف العالم ، كل العلم من رواندا السودانية القادمة ، التى استعدوا لها بآلتهم العسكرية التى ربما اصابت هذه المرة نجاحا لم تصبه من قبل فى الصومال او فى تورا بورا او فى وزيريستان . وفود تحضر الى السودان ووفود تغادر . ولا تتحدث الا عن استقلال الحنوب ولا تتحدث عن استفتاء يحتمل الوحدة والانفصال. هيلارى كلينتون كانت هى اول من استعمل كلمة الاستقلال . ومن ثم جعلتها كلمة باقية فى الاضابير و فى عقبها . ومختمرة فى المخيخ الخلفى للمتحدثين الامريكيين الذين هم أجهل الحلق المتحدث جميعا . يفتون فى سذاجة لا حدود لها فى ما لا يعلمون ، خصوصا فى الشأن الافريقى الذى لم تعلمهم مهزلة الصومال شيئا منه . جون كيرى يغادر . جون كيرى يعود . غرايشون يعود ويغادر. و من قبلهم دانفورث . وغدا كولن باول . وربما بعد غد اوباما شخصيا مهنئا بمولد الفجر الافريقى الجديد .

لو بذل الامريكيون معشار الجهد الذى بذلوه فى مسألة تفتيت السودان ، لو بذلوه فى دعم التحول الديمقراطى لما تفتت بلد اسمه السودان . كان منطرحا على صدر الوجود فى اباء وشمم . ولما وجد الجنوبيون انفسهم مضطرين لمغادرة حظيرة الوطن الديناصور . لقد وقف الامريكيون يتفرجون فى رضا كامل على الانقاذ وهى تتلاعب بالانتخابات فى ابريل الماضى لأن الأمر لم يكن يعنيهم . فقد كانت الانتخابات بالنسبة لهم تمهيد لفصل الجنوب . وليست تمهيدا لتحول ديمقراطى حقيقى . وعندما ضج كل العالم من الانتخابات المخجوجة ، وعندما اصبح من غير الممكن السكوت على الخج المهول ، خرج علينا الامريكيون بفتوى غريبة هى ان الانتخابات معيبة . ولكنها مقبولة بالنسبة لهم . وحتى تاريخ كتابة هذه المرافعة لم يقل لنا احفاد الديمقراطى الامريكى الاكبر توماس جفرسون ، الرئيس الامريكى الثالث ، كيف يمكن ان يتعايش الفعل المعيب مع الفعل المقبول .

الآن وقد ضمن الامريكيون نتيجة الاستفتاء مقدما . وسعدوا بمواقف الرئيس البشير المبشرة التى اظهرت قناعته الجديدة بأن ذهاب الجنوب ليس مهما بالدرجة التى تجعله يقيم سرادقا للعزاء فى يوم المحنة الكبرى ، اللآن وقد تأكد لهم أن المخطط المرسوم يسير حسب الامطلوب ، فقد اصبحوا اكثر قابلية للحديث عن علاقات جديدة مع سودان الرئيس البشير الجديد ، حتى اذا أدى ذلك الى ضياع دارفور ، وكردفان والشرق . على الأقل هذا هو المسار الذى كان يحلم به المحافظون الجدد للسودان . أما المقابل فقد يكون هو شطب تلك القضية التى تؤرق ساكن قصر غردون . نحن نتمنى لاخوتنا الجنوبيين كل نجاح فى دولتهم الجديدة . ولا نتمنى لهم الفشل . ولكننا لن ندعهم يمضون هكذا سمبلة .كما يقول اهلنا الاستوائيون . سنعاود الكرة معهم مرة اخرى ومرات . حتى نعيد الوحدة على اسس جديدة فى سودان جديد الشكل والوجدان والقلب . كاتب هذه السطور جنوبى الوجدان مثلما هو شمالى الوجدان . ولم يستطع احد ان ينزع هذا التماهى من قلبه ومن وجدانه حتى عندما قتل شقيقه الاصغر فى الجنوب على أيدى من كانوا يظنون انهم عندما يقتلون احد المندكرو المساكين الغافلين الذين هم لا فى عير السياسة ولا فى نفيرها ، فانهم يخدمون قضيتهم . حتى اذا كان هذا المندكرو فى وداعة ابوجديرى الضاحك الباسم ، الذى كان لا يعرف فى هذه الفانية غير عالم الحيوان .

ولكننا صمدنا امام العاصفة . وصمد الشيخ الوقور . واحتسبنا ابوجديرى قربانا للوحدة . وعفونا ونسينا وانطوينا على جرحنا فيه . الذى لم تزحزحه تلك المحنة القديمة عن قناعاته فى التعايش ، لن تزحزحه صحيحات هتيفة الجهل الابطح فى زمننا الردئ هذا . غدا يذهب الجنوب . وسوف نقيم سرادق العزاء فيه دون ان نأخذ اذنا من شرطة . أو من رئيس . والذى لا يعجبه هذا ، فليلحق بنا وراء تلك الأكمة أو خلف ذاك الجبل . على قول الخليفة الراشد الفحل العادل عمر بن الخطاب . لقد شلع الانقاذيون والامريكيون بلدنا . الانقاذيون بتكريههم للجنوبيين فى العيش المشترك . والامريكيون بالرسم والتخطيط .
اخ . . . . ياوطن !

[email protected]

تعليق واحد

  1. ليت الامر يتوقف عند انفصال الجنوب اذا كانت هذه هي السياسة التي يدار بها السودان, بل نخشى ان تتحول الخرطوم نفسها الي اجزاء مفصولة عن بعضها كما كانت بيروت… نعم انه السناريو الذي يجب استحضاره قبل المفاجأة به.. فالاحداث والتخبطات والعنتريات وعلي الطلاق وغيرها من ادبيات حكم الانقاذ ستلد المزيد من الفواجع ,,, وربنا يستر

  2. اقولها لناس الجبهه
    اقولها لناس الامن فى جهاز الامن والجيش والبوليس
    السودان يضيع من حلايب ومن الجنوب والشرق والغرب
    هل تريدون ان تكونوا انتم المسؤولين عن ضياع السودان
    الوطن زى البيت
    هل ترضوا ان تاخز منكم بيوتكم

  3. انفصال الجنوب مخطط له منذ توقيع اتفاقية نيفاشا وتم دس سم ورقة تقرير المصير مع دسم السلام وتم البصم عليها بالعشرة ولكن لم يعملوا علي تفادي الانفصال وحتي في اللحظات الاخيرة لم يتازل القشير لاخوتنا في الجنوب حتي يرضيهم والخال الرئاسي أمس يدعوا للوحدة مع المصريين او التشاديين والارتريين بحجة انهم اقرب الينا لا والله ليسوا باقرب من اخوتنا الجنوبيين (انستبدل الذي هو خير بالذي ادني )
    قصرت الانقاذ بوحدة السودان واضاعوه اضاعهم الله

  4. البيان رقم (1) لثورة الإنقاذ

    في صبيحة يوم 30يونيو عام 1989م أطل علينا العميد/ عمر حسن احمد البشير، من خلال التلفزيون، بكامل عقليته وسلامة بدنه وهو مبتسم وهادئ، ولم تظهر عليه آثار السهر ،، وأذاع البيان الأول، الذي تضمن الكثير الخطير، مهاجما للأحزاب وقال في بيانه: (إن القوات المسلحة ظلت تترقب بكل أسى وحرقة التدهور المريع الذي تعيشه البلاد في شتى أوجه الحياة وبأن من أبرز مظاهر فشل الأحزاب السياسية بقيادة الأمة تحقيق أدني تطلعاتها في الأرض، لقد عايشنا ديمقراطية مزيّفة ومؤسسات دستورية فاشلة، وتزييف إرادة المواطنين بشعارات برّاقة مضللةوشراء للذمم والتهريج السياسي، وحتى رأس الدولة لم يكن الامسخاً مشوهاً، أما رئيس الوزراء فقد أضاع وقت البلاد وبدد طاقتها في الكلام والتردد في سياسته؛ حتى فقد مصداقيته؛ وأن العبث السياسي قد افشل التجربة الديمقراطية وأضاع الوحدة الوطنية بإثارة النعرات العنصرية والقبيلة حتى حمل أبناء الوطن الواحد السلاح ضد إخوانهم في دارفور وجنوب كرد فان علاوة على ما يجري في الجنوب من مأساة إنسانية.. وكما فشلت حكومات الأحزاب السابقة في تجهيز الجيش في مواجهة التمرد فقد فشلت أيضاً في تحقيق السلام الذي رفضته الأحزاب للكيد والكسب الرخيص، وتدهور الوضع الاقتصادي بصورة مزرية وارتفعت الأسعار بصورة مذهلة، واستحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم؛ إما لانعدامها أو ارتفاع أسعارها مما جعل كثيراً من أبناء الوطن يعيشون على حافة الفقر والمجاعة.وادي خراب المؤسسات إلى انهيار الخدمات الصحية والتعليمية، بعد أن كنا نطمع أن تكون بلادنا سلة غذاء العالم أصبحنا أمّة متسولة تستجدي ضرورياتها من خارج الحدود. وانشغل المسؤولون بجمع المال حتى عم الفساد كل مرافق الدولة، مع استشراء التهريب والسوق الأسود مما جعل الطبقات الاجتماعية من الطفيليين تزداد ثراءً يوماً بعد يوم بسبب فساد المسؤولين وتهاونهم في ضبط الحياة.لقد امتدت يد الحزبية والفساد السياسي إلى الشرفاء فشردتهم مظلة الصالح العام مما أدى إلى انهيار الخدمة المدنية وقد أصبحت الحزبية والمحسوبية والفساد سبباً في تقدم الفاشلين في قيادة البلد . لقد كان السودان دائماً محل احترام وتأييد من كل الشعوب الصديقة وإنه اليوم أصبح في عزلة تامة. والعلاقات مع الدول أضحت مجالاً للصراع وفقدت البلاد كل أصدقائها في الساحة الإفريقية. وقد فرّطت الحكومات في بلاد الجوار الأقرباء. وتضررت العلاقات مع أغلبها..!!

  5. سؤال نوجهه الى كل من يحمل ذرة وفاء لهذه البلاد وبوجه خاص للسادة القانونيين قضاة ومحامين ورجال شرطة وامن وقوات مسلحة هل جميعهم مقرون بما يحدث الان وموافقون عليه؟، إذا كانت مارجريت تاتشر (الكافرة) لم يهون عليها فقد جزيرة غرانادا التى تبعد عن حدود بلادها الاف الاميال بزعم ان الجزيرة تقع تحت وصاية التاج البريطانى!! وهى كما نعلم لم تأتى الى الحكم فى ظهر دبابة ولم تخض معارك لمدة خمسة عشر عاما اهلك فيها الحرث والنسل، وما الذى يجب ان نقوم به بحق شخص سطا على السلطة والقى خطابه الذى وعد فيه الشعب بأنه ملتزم بالمحافظة على تراب الوطن؟ وخاض حربا كما اطلق عليه (حربا جهاديا) ضد مواطنيه!! 00والجميع يعلم بأن قانون القوات المسلحة يحظر على اى من ينتسب اليها الامتناع عن مخالفة الاوامر التى توجه اليه، ورئيس البلاد بتصرفه الاخرق هذا اعطى الحق لمن اراد الامتناع عن حمل السلاح ناهيك عن تصويبه نحو صدر مواطنيه!! ومتى يوجه تهمة الخيانة العظمى لروؤساء الدول ويحاكموا بموجبه إذا لم نعتبر ما أتى به البشير وشيعته ارتكابهم لجريمة جهارا نهارا ترقى لمثل هذا التهمة الخطيرة، وعلى عاتق من تقع مسئولية الذين قضوا فى هذه الحرب وعلى مدى كل هذه الاعوام؟السؤال موجه لكل من يعرف قيمة الفداء من أجل الوطن0

  6. هناك مثل مصري فيما معناه ( عشمتني بالحلق قديت اذني , لا لقيت الحلق ولا اذني سلمت ) هذا هو حال الشعب السوداني الذي وعدوه بالسلام والوحدة والاستقرار والتنمية وتغنى لايقاف الحرب وكانت النتيجة كارثية لا سلم سوداننا ولا لقينا رفاهية وتنمية ولا لقينا سلام بس الباقي لينا الا نتنازل عن كل الوطن لكي نعيش فقط وباي حال

  7. تقول ( وفود تحضر الى السودان ووفود تغادر) ..
    ولكن لم تقول ان هذه الوفود الامريكية والاممية والافريقية جميعها .. لا تلتقي برأس حكومة النظام .. ؟؟؟
    أرأيتم وضع مثل هذا من قبل في اركان الدنيا الاربع او في التاريخ .. منذ اسبرطة القديمة ؟؟؟
    تتحدّث وكأن الأمر بيد (الجنرال) ، الأمر ليس كذلك يا دكتور ، وليته كان ، هناك (عصبة) ان صحّت التسمية تدير امر البلاد ، وهذه هي مأساة هذا الوطن الكبرى وليست المأساة انفصال الجنوب ، لان المهالك القادمة كثيرة و « ازرط » .. ياسيدي

    احسن الله عزاء الجميع ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..