لماذا الوحدة الاتحادية عبر الحزب الوطني الاتحادي

ياتي عيد الاستقلال هذه المرة وهو يحمل في طياته نبا سعيدا تاقت لسماعه افئدة وعقول الاتحاديين وهو اندماج ثلاث كيانات اتحادية في كيان واحد باسم)الحزب الوطني الاتحادي ( السؤال الذي ظل حائرا في عقول الكثيرين… لماذا وحدة الحزب عبر الوطني الاتحادي وليس الحزب الاتحادي الديمقراطي؟… أو لماذا لا يفكر الناس بخلق كيان جديد تحت اسم جديد …والاجابة علي هذه الاسئلة تحكمها عوامل تاريخية ووطنية ونفسية.
تاريخيا … لقد ظلت الوحدة الاتحادية طيلة عمر الحزب منهجا اختطه الاباء… واصبح حلما يراود الابناء طيلة الثلاث عقود الاخيرة … اي عندما انفرط عقد الحزب الاتحادي الديمقراطي بفعل داخلي وخارجي … واصبح اشتاتا وجزر معزولة عن بعضها البعض. فقديما ادرك الاباء ان قوة الحزب تكمن في وحدته وتماسكه..وبالتالي قوة الوطن ومنعته وعليه كانت الوحدة الاولي بين الفصائل الاتحادية في مطلع خمسينيات القرن الماضي … حيث ولد الحزب الوطني الاتحادي … نعم … لقد كان من ضمن اهدافها وحدة مصر والسودان … والتي تصب في الوحدة الاشمل بمفهومها الاقليمي والتي تصب في انشاء المشروع القومي العربي بقيادة الرئيس جمال عبدالناصر … ولكن اختار اهلنا الاستقلال التام عن مصر والتركيز علي بناء الدوله والنهوض بالوطن والمواطنين … لقد اكتسح الحزب الوطني الانتخابات النيابية الاولي عام 1953 وقام بتكوين اول حكومة وطنية … انجز فيها اهم مقومات بناء الدولة والتاكيد علي مسارها في طريق الاستقلال وهي الجلاء والسودنة والاستقلال مع التاكيد علي قيم ومبادئ بناء الدولة ونهضتها الاخري مثل حرية اتخاذ القرار… المساواة ..العدالة الاجتماعية .. الديمقراطية .. والعمل علي نهضة الوطن ورخائه … الامر الذي اوجد هامشا كبيرا بين الحزب و تياره الليبرالي المستنير، والتيار الطائفي و الطرق الصوفية التي كان لها اثرا كبيرا في المجتمع السوداني.
لقد تعسرت مسيرة الحزب بعد سنتين ونصف من الحكم … وخبا نوره عندما اسقطه التحالف الطائفي أولا ثم العسكري لاحقا، الي ان قامت ثورة اكتوبر عام 1964 . ولظروف املتها الضرورة السياسية والاجتماعية في نهاية الستينيات جاءت وحدة الحزب الثانية عام 1967 حيث اندمج حزبا الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي في كيان واحد سمي الحزب الاتحادي الديمقراطي … كان من المؤمل ان يتلاقح الشقان الليبرالي(الوطني الاتحادي) و الطائفي (حزب الشعب الديمقراطي) لخير الحزب والوطن … ولكن فشل هذا المسعي نسبة للتضارب الكبير بين الايدلوجيتين … حيث تمارس احداهما حرية الرائ والقرار … في حين تظل الاخري اسيرة للقرار الاحادي لزعيم الطائفه.
بزيادة الوعي والتعليم في العقود الاخيرة والانفتاح علي العالم فشل الحزب الاتحادي الديمقراطي في استقطاب تلك الفئات التي تتمتع بالوعي الثقافي والسياسي … كما فشل في الاستجابة لمتطلبات جماهيره ومواكبة المتغيرات الداخلية والخارجية. ومن ثم كان لابد من تفجر الخلاف والانشقاقات منذ غياب زعيمه الازهري و الآباء المؤسسين، وقائده الاسطوري الشريف حسين الهندي واصبح الحزب كتلا وجزرا معزوله لا رابط بينها.. مما خلق مناخا صالحا للانقاذ للعمل علي تدميره وتشتيت افراده… بل وحاربت جل اعضائه في سبل معيشتهم … الامر الذي افقر الكثيرين منهم… ولكنهم ظلوا صامدين … صابرين …مرفوعي الراس في شمم وكبرياء.. واستصحبت الانقاذ جزءا كبيرا من الاتحاديين مما خلق تزمرا وشرخا كبيرا وسط الجسم الاتحادي وخاصة في الظروف التي يعيشها الوطن حاليا إضافة للفساد الذي دمغت به بعض الوجوه الاتحاديه التي شاركت في حكم الانقاذ … وانعكس ذلك سلبا علي مسيرة الحزب الاتحادي الكبير ومصداقية بعض قادته… كل هذا ساعد في تراجع مكانة الحزب الاتحادي الديمقراطي .. تحت حيرة وحسرة الشرفاء في الجسم الاتحادي … فاصبحوا يبحثون عن البديل المقنع.
وكان من ضمن تلك البدائل التي طرحت انشاء كيان جديد باسم جديد… فلم يلق هذا الاقتراح قبولا وسط الاتحاديين … لانه بالنسبة لهم يعني الخوض في مستقبل مجهول … وترك كل هذا الارث والتجربة الوطنية الثرة التي التف حولها ملايين الاتحاديين… اضافة الي حنينهم الدائم الي ماضي ايامهم الزاهر … وذلك الزمن الجميل… وبالتالي اجمعوا علي عدم قبولهم بتلك الفكرة …
وفي غمرة حيرتهم تلك … اذ لاح في اخر النفق نور اضاء القلوب واحيي الانفس .. حين تصدي جيل جديد من الاتحاديين لرفع راية الحزب … وترتيب البيت الاتحادي … علي اسس جديدة .. وفكر جديد … ودماء جديدة ضخت في هذا الجسد الخامد … فكر يخاطب وجدان الاتحاديين اجمعين .. مستجيبا لندائهم الدائم ببعث الحزب من جديد علي ضوء القيم والمبادئ الاساسية … فان الرجوع بالحزب الي اصله واسمه قرار املته الضرورة الحزبية والوطنية و التاريخية … فانه ولاول مرة نجد ان قرار الوحدة واندماج تلك الكيانات الاتحاديه لم يكن عاطفيا او بسبب اشخاص .. وانما جاء القرار مرتكزا علي المبادئ والقيم التي اختطها جيل الاباء المؤسسين …
اضافة الي ان تمسك الحزب بهذا الاسم يرمي الي ابعد واعمق من وحدة الاتحاديين .. انها وحدة الشعب السوداني والاقاليم السودانية التي شتتها الانقاذ ومزقت نسيجها الاجتماعي … فما احوجنا للوحدة مع مجتمعنا الكبير… في هذا الظرف العصيب من تاريخ الوطن. وهذا مايدعونا للعمل بجد واخلاص لخلق جبهة وسط عريضة … تضم كل فصائل المجتمع السوداني واحزابه التي تؤمن بالديمقراطية والمساواة … والعدالة الاجتماعية…
واخيرا … التحية والتجلة لكل ابائنا في الجسم الاتحادي … الاحياء منهم والاموات … والتحية والتجلة للاباء علي امتداد الوطن ونحن نحتفل بعيد استقلالنا الذي صنعوه … ونحن نقدر ونثمن كل جهد قاموا به للحفاظ علي الوطن ووحدته التي فرطت فيها حكومة الانقاذ… ونؤكد لهم اننا علي دربهم سائرون … بفكر متجدد وخطاب جديد … يتماشي ومتطلبات الحياة العصرية ذات الايقاع السريع… وندعو الجميع بالاحتفال معنا بتلك الروح الجديدة … وبعيدنا القومي بمنزل الزعيم الازهري في غرة يناير من عام 2014م.

بروفيسور: محمد بابكر إبراهيم
[email][email protected][/email] جامعة مدينة نيويورك

تعليق واحد

  1. سلام يابروف وانت فى بلد الصقيع

    لو تتذكر فى مقال لك قريب كنت تبشر فيه بل وتعلن بفرح وحدة الحركة الاتحادية فى كيان واحد تحت مسمى الوطنى الاتحادى وحددت لذلك يوم التاسع عشر من ديسمبر يوم اعلان الاستقلال من داخل البرلمان وفات اليوم المضروب ولم تتحقق امنيتك ولم توضح ما السبب ولكن أراك اليوم تواصل فى حلمك وتبرر لفعل لم يتحقق ولن يتحقق اصلا وبالمبررات التاريخية التى ذكرتها وبواقع اليوم هذا حلم بعبد المنال فقد ظللنا نحلم معك ولكن وصلنا لقناعة ان نصحى ونعيش الواقع فياخى خليك فى امريكا وعيش باقى حياتك وأنسى حكاية وطنى اتحادى ومؤتمر وطنى وشوف غيرها مع تحياتى

  2. اتحاديون مع من مع مصر؟
    الحزب الاتحادي هي مجموعة أحزاب وحدها محمد نجيب في كيان واحد
    والان يمكن يوحدها السيسي ولكن أين أزهري الحزب؟

    بل وهل يوجد منيقف الأن خلف هذا الحزب

  3. اقتباس:
    (ولظروف املتها الضرورة السياسية والاجتماعية في نهاية الستينيات جاءت وحدة الحزب الثانية عام 1967 حيث اندمج حزبا الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي في كيان واحد سمي الحزب الاتحادي الديمقراطي)

    1- التحية لك أولا يا بروف.
    2- ألا ترى أن وحدة (الحزب) الثانية كانت قاصمة الظهر ومنها بدأ الانكماش والضمور الى يوم الناس هذا!!! وهل ينجح تزاوج بين ليبرالية وطائفية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ان كان ذلك ممكنا لصلح التزاوج بين أسد وضبع.
    3- وأنت تعيش فى بلد الديمقراطية والمؤسسات هل ترى فى ماجرى ويجرى فى السودان -منذ الاستقلال وحتى الان-أى شيئ ولو من بعيد له علاقة بالأحزاب أو الديمقراطية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أم كلها جماعات مصالح لا تحمل هما للوطن أو بنائه كان كل همه كرسى السلطة بعد المستعمر والباقى (على الله) !!!!!!!!!!!! وبما تفسر تنمية التخلف فى السودان التى بدأت بخروج المستعمر وأستمرت بمتوالية هندسية حتى تاريخه؟؟؟؟؟؟؟؟
    4- الظروف السياسية والاجتماعية المذكورة عاليه مضافا اليها الظروف الاقتصادية والاطماع الاقليمية والسرطان الكيزانى تستدعى توحد كل السودانيين للمحافظة على ما تبقى من وطن كان.
    5- واقعيا ومن خلال ادمان الفشل هذا -شخصيا- لا أرى بوادر وحدة بين 10 سودانيين دعك من بضع ألوف ولا نقل ملايين. وأنظر حولك وللأسف لن ترى تنظيما سودانيا ناجحا الا بعض ما بنى على أساس عرقى أو جهوى.
    6- (الله يكضب الشينة)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..