وفي العام الجديد رسالة جديدة للأخ الرئيس

في مطلع العام الجديد وجدت ألا بد من مخاطبتك أخي الرئيس فالأيام تمر والسنون تدور خصماً على حياتنا فالمناصحة في الدنيا خير من أن نُقبل على بعضنا البعض نتلاوم حيث لا يجدي اللوم يؤمئذٍ.
إن الله جل وعلا حين استخلف الإنسان في الأرض استخلفه ليرسي حكماً صالحاً يقوم على العدل والحرية مدنية كانت أم سياسية تُحسم فيها الأمور بالشورى «الانتخابات» الحرة لنخافظ على الأمانة التي أودعنا المولى عز وجل إياها كاملة غير منقوصة.
«إنّا حملنا الأمانة..» هكذا وصفها صاحبها.. رفضتها الجبال.. وقبلها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً.. هكذا وصف المولى عز وجل الإنسان. والإنسان الذي وصفه المولى عز وجل بصفة الظلم والجهل بالطبع ليس المقصود به آدم عليه السلام فهو نبي يعبد ربه خير عبادة، لكن الجهول الظلوم الذي أشارت إليه الآية هو ذلك الذي لا يحكم بالعدل، وهو الذي يوكل الأمر لغير أهله، فتمتلئ الأرض جوراً وظلماً.
لماذا انتفت صفة الظلوم الجهول عن آدم عليه السلام؟!! وأُجيب عن هذا السؤال من القرآن الكريم حيث قال المولى «وعلم آدم الأسماء كلها…» أي أعده لعلوم الأرض التي استخلفه فيها، تلك العلوم التي عجزت الملائكة عن معرفتها، ومنذ تلك اللحظة بدأ الصراع على الأرض بين الشر والخير الذي تمثل في أبناء آدم عليه السلام حتى بلغت القتل، وتمثل القاتل في صورة الظلوم الجهول الذي ورد ذكره.
خيارات آدم عليه السلام كانت محدودة في أسرته من بنين وبنات، أما خياراتك الآن فليس لها حدود إلا أن ما عُرف بالتمكين جعلها محدودة للغاية، فالذين مكنهم الله في الأرض كما ورد في قول المولى عز وجل يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وقوم بهذه الصفات يقيمون العدل ويطبقون من خلال معاملتهم مفهوم الدين الواسع الذي لخصه سيد خلق الله عليه الصلاة والسلام في كلمتين «الدين المعاملة».
لكن بالتمكين وسوء الاختيار سادت صفة الظلوم الجهول التي وردت في القرآن الكريم ونشبت الصراعات على الحكم بين حاكم ومعارض وحين ضعفت المعارضة بدأ صراع آخر في داخل المنظومة الحاكمة، ترجمته محاولات قلب نظام الحكم والإعفاءات والاستقالات المفروضة التي لم تنهِ الصراع، والصراع لن ينتهي ما دامت الحياة.
ألا ترى أخي الرئيس أن سوء الاختيار هو ما جعل صفات الظلوم الجهول تنطبق علينا، إن سوء الاختيار هو أقصر طريق للفساد.
أخي الرئيس إن الزراعة في تردٍ متواصل وما يُصرف عليها يعادل «2%» من الدخل القومي، أما عن الصناعة فلا أحد يذكر هذا القطاع الذي يعتمد أساساً على الزراعة المتردية.
أخي في التاريخ الإسلامي عام رمادة واحد كانت الأحداث تؤرخ به فيقال إن الحدث الفلاني حدث بعد كذا عام من عام الرمادة، حتى أصبح عاماً في ذاكرة المسلمين لأكثر من ألف وأربعمائة عام ولا يزال. فما بالك والسودان يعيش أعوام الرمادة منذ خمسة وعشرون عاما.
إن الله تعالى أرسل لنا إنذارات حقيقية إن لم نحسب لها حسابًا فإنها واقعة علينا جميعاً «فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه».«وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم» هذه إنذارات إلهية إن قرأها الحاكم وعمل وفق ما أمر الله فإن المولى عز وجل يغفر له، هذه إنذارات إلهية وليست تلك التي يوجهها مجلس الأمن أو أمريكا والتي عادة ما تُسحب إذا قدم المُنذَر تنازلات واستسلم مخافة مجلس الأمن ناسياً رب مجلس الأمن.
كيف ستحكم الحكومة الجديدة وهي لم تخضع للمواصفات الربانية التي بها أُنزل آدم عليه السلام إلى الأرض؟ فقد نزل عليه السلام وهو مزود بالعلم الذي علمه إياه ربه، فأي علم تعلمه هؤلاء ليستطيعوا فك الضائقة المعيشية وإحياء الزراعة والنقل وتوفير المياه للزراعة والمرعى وشرب الإنسان.
الخلافات الداخلية ستولد تحالفات جديدة ليست في مصلحة البلاد ولا مستقبلها فما عاد المواطن يفكر في مستقبل، فهو يكابد ليعيش يومه، فالخدمة محتكرة بفعل ما يسمى بالتمكين، والذي تم تمكينه ليس في قاموسه سوى كلمة نعم.
كثيراً ما كتبت في رسائلي عن أن السودان يحتاج لمن يبنيه، من يُُحيي الزراعة فيه ويعيدها سيرتها الأولى، ومن يشيد الطرق حديدية كانت أم اسفلتية وأن تكون الخدمة المدنية وكل قطاعات الدولة محررة من التدخلات السياسية الأمر الذي يعزز العدالة ويساوي الفرص بين المواطنين، كما يحرر الطاقات الإدارية لتخدم المواطن فأُسس إدارة الدولة يجب أن توجه موارد الدولة لخدمة المواطن ونهضته الاقتصادية، وما يدور اليوم لا يقود إلى خدمة المواطن.
أخي الرئيس إن الذي يحكم ويستوزر في السودان يتعامل معه كما ولو كان ملكية خاصة، وهي على العكس من ذلك أمانة، والأمانة يجب أن تُرد لصاحبها كاملة غير منقوصة، إن جاع المواطن وإن مرض وإن لم يجد التعليم وإن لم يجد الوظيفة والعمل فإن هذه خيانة للأمانة نُسأل عنها جميعًا من خان الأمانة ومن سكت عليها.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. اخي الرئيس : نعم امتلكت متعة الدنيا وزينتها وحكمه وخلافة ملكه في ارضنا الطاهرة
    والآخرة ؟ يوم لا تحمل الإ عملك في قبرك، فماذا قدمت لامة النبي صلوات ربي. وسلامه عليه؟
    إتق الله فيهم وفي من خلق، فقد فتنت فتنة كبرى وضللت السبيل.
    اصحى فليس هنالك في العمر مزيد…
    والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..