مقالات سياسية

أنا النبي لا كذب (4) بداية تضليل العقول? القبلة نموذجا!

وبعد أن كان الدين يواجه صراحة عداوة قريش فقط، بدأ يواجه عداوة من نوع آخر، عبارة عن نخر سوس وهجوم من الداخل وسفاهة ما بعدها سفاهة. فلا تظنن بعد الهجرة للمدينة قد إستقرت وهدأت الأمور وطفق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعو بحرية و أريحية وإرتياح تام. كانت هناك قلاقل لاحصر لها ولا عد ففي كل زمان ومكان تجار دنيا وتجار دين، يتعارض دين الله مع مصالحهم الدنيوية ومكاسبهم الشخصية إن كان ذلك بقصد أو بأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
كان هؤلاء من علية القوم ومن أهل الكتاب الذين يزعمون أنهم أهل الدين الصحيح ويحتكرونه لمصالحهم الدنيوية. فهؤلاء يأكلهم الحسد من هذه الدعوة الإنسانية التي ترفع من شأن جميع الناس وتجعلهم سواسية معهم. سيسلم البعض منهم حقا ولكن أخرين بألسنتهم فقط.
فقد علم هؤلاء السفهاء أنهم لا يستطيعون هدم دين الله بتحريف القرآن، الذي يعلمون إنه لحق، وإن الله حافظه ب: ((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)) [الحجر: 9]. ولكنهم يمكن أن يدمروه بواسطة إختلاف المسلمين وتفريقهم وتضليل عقولهم عن فهم هذا الكتاب الذي لا يختلف على مرجعيته كل من آمن بالله ورسوله. ومن ثم يمكن صرفهم للجوء لمصادر أخرى لتستند عليها كل فرقة في مرجعيتها. فيتفرق المؤمنون ولا يعتصموا بحبل الله المدود لهم.
وحين يبتعدوا عن كلام الله الأصلي الخالد، سيحدث إنفصام لهم ومضادة بكثرة المصادر وعدم تطابقها، وتراشق ثم تكفير لبعضهم البعض. ويتمادى الأمرفتصبح أفعالهم تكذب أقوالهم، وأعمالهم تكذب قرآنهم، وبالتالي يتشوه دين الله وتصد و تنفر الإنسانية عن دين الحق.

فتضليل العقول وتغيبها هو السبيل الوحيد لهم. ولصد المؤمنين عن كلام الله لابد بادئ الأمر من زعزعة الثقة في أنفسهم وفي عقولهم بتضعيفها وتخميلها لتصبح كسولة عن التفكر والتدبر والتعقل الذي أمر به الله تعالى، ليس علماء وفقهاء الدين وحدهم، بل الكل لكتابه. وعندما تصاب العقول بفقر الفهم يلجأوا للجاهز من القوالب لتغذية عقولهم، تماما كما يتغذى الأطفال أو المريض بفقر الدم. والأطفال ينضجون ولكن عقولهم لا تنتضج لأنهم تعودوا على تلك الفهامة الدائمة التي لا يقدرون على التخلص منها بعد كل تلك الإلفة. بالرغم من تحذير القرآن بالوقاية خير من العلاج، والتحصن ضد شلل العقول ب: ((اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون)) [التوبة: 31].
والله يحذرنا في كتابنا أن لا نكون مثلهم حتى لا نقع في نفس هوة الغفلة وعدم الفهم: ((مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا)) [الجمعة: 5]. فالله يحترم عقولنا بكلامه لنا؛ فلماذا نهينها وننزع الثقة منها!.

فكما ضللوا أمما، فقد قاموا بالفعل بإدخال الإسرائيليات بتأويلات وقصص وشروح وتفاسير ليلبسوا على المؤمنين دينهم وحتى لا ينتشر هذا الدين. فمنها قد كشف، أما الآخر ما زال يقبع في الأذهان وأصبح مسلمات إسلاميات. ولكن الله أنزل القرآن المجيد على قلب رسول الله عليه الصلاة والسلام خاتما لكل الرسالات وكاشفا به كل الأباطيل و الأكاذيب، وحافظا لدينه في هذا الكتاب إلى يوم يبعثون، وبفهم مسيرته صلى الله عليه وآله وسلم عبره، ولم يجعله في يد أشخاص والحمد لله.
وقد بدأ القرآن أول ما بدأ بالتحذير منهم في عدة سور، فقالوا أولا: ((ليس علينا في الاميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون)) [آل عمران: 57]. أي بيتوا لكم النية. فهم بالرعون “يحرفون الكلم عن مواضعه ومن مواضعه، ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم، ويحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون، ويلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون، وما قدروا الله حق قدره فجعلوا كتابهم قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا”. ويبدوا إن هذه التنبيهات والتحذيرات الصريحة ضاعت أدراج الرياح، في بعض الفترات، فسمحت لبعض الإفتراءات أن تدخل في الدين. فهذه التحذيرات المتكررة جُعلت قرآنا مخلدا يتلى إلى يوم يبعثون لكي نلتفت بأن هناك الكثير من الروايات المضللة قد تروى لكم من الذين بدلوا دين الله. وللأسف كل المعالم والآثار التاريخية للإسلام طمست لعدم إمكانية تحري الحقائق. ولكن أيضا لخير، ولكي نبحث ونتدبر أكثر فأكثر في هذا الكتاب العزيز. وبحمد الله، إفكهم وأكاذيبهم يزيلها القرآن وحده، فهو لهم بالمرصاد.

أول ما أختلق أهل الكتاب في المدينة بعد هجرة رسول الله إليها قصة القبلة ليلفقوا بأنها قبلة المسلمين ويضللونهم. و يجب أن يتبادر لأذهاننا أسئلة: لماذا كان يصلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تجاهه أولا؟، لماذا لم تتغير القبلة في مكة قبل الخروج للمدينة وتغيرت في المدينة؟. هل هناك طواف في “بيت المقدس” كما سموه، فكيف كان يصلي من كان هناك، وأين هو مركز القبلة فيه؟. وكل تلك الأسئلة يجيبها لنا الحق تعالى. فالله تعالى يقول: ((إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين)) [آل عمران: 96]. فأول بيت له هي قبلته. ومن أوائل السور سورة قريش التي نزلت بمكة، قبل الهجرة. فكانت تخاطب قريش بقول: ((فليعبدوا رب هذا البيت)) [قريش: 3]، وليس أي بيتا آخر!.
فالله تعالى أمر كل الناس بعبادة رب هذا البيت، ولكنهم أرادوا إلصاق “بيت” آخر أسموه “بيت المقدس” والذي لم يرد في القرآن.

ولعل هناك مغزى عميق لذكره سبحانه لهذه الحادثة في كتابه لنرى ونتعلم كيف أسلوبهم. فالرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي تجاه الكعبة. وكان يوما ما في الكعبة يصلي ما بين الحجر الأسود والركن اليماني، أو تصادف ذلك مع قدوم بعض من أهل المدينة (وبينهم أهل الكتاب) الذين يريدون التعرف على الإسلام. فركزت لديهم معلومة إنه صلى الله عليه وآله وسلم يصلي نحو الشمال الجغرافي. بالتأكيد من أسلم منهم، بالأخص من أهل الكتاب لا نعرف إنه إعتقد فعلا صلاته على المسجد الأقصى أم إختلق الرواية لتضليل من آمن في المدينة والإيحاء بأن أهل الدين الجديد يتبعون ملتهم. وكذلك بنى المسلمون، ومن فيهم ن أهل الكتاب، مسجدهم في المدينة في نفس الإتجاه الخاطئ وعكس القبلة.

الآيات من سورة البقرة [142 ? 150]، تقص علينا الواقعة وتنعتهم أول ما تنعتهم بالسفهاء فهم كانوا قد رغبوا عن ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وهي شريعته وتوحيد الله بهذه القبلة، كما في الآية ((ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه)) [البقرة: 130].

يقول تعالى: ((سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم*وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم)).
فعندما هاجر عليه الصلاة والسلام وجد قبلة مسجد المسلمين تجاه المسجد الأقصى، أو بني مسجد الذي بناه بمثل ما يعتقد أهل المدينة، الأنصار -المضيفين- أو بمثل ما أوحى لهم أهل الكتاب. لم يحاول رسول الله تغيير هذه القبلة من تلقاء نفسه، لأنه نبي عليه إنتظار أمر الله. فمع إنه المعروف في قومه بالصادق الأمين، فالله تعالى يلقنه في أبسط الأشياء؛ ك “هو الله أحد”، التي من الممكن أن يقولها مباشرة، ولكنه يقول له “قل” كإعجاز، لكي لا يأتي كل من هب ودب فيقول لنا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو الذي يقول له الله تعالى “قل” في البديهيات. وكتاب الله يطابق حديثه عليه أفضل الصلاة والسلام وعلينا التحري. فما على رسول الله إلا الصبر في موضوع القبلة هذا ليأتيه أمر الله.

وأول ما بدأت الآية بعدم الإلتفات لكلام السفهاء وان يقول “قل: لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم”، وبأن كل الإتجاهات لله. ويبدو إنه كانت هناك مناقشات وإستفسارات من المهاجرين عن هذه القبلة الجديدة التي لم يعهدوها لذلك يطمأنهم رب العزة بالآية التالية ويخاطبهم بأن يكونوا أمة وسطا ليست متطرفة ومتعصبة. فالتطرف والتعصب لا يخلف إلا الفرقة بينكم، وعندما تفترقوا لن تكونوا تلك الأمة الشاهدة على من على حق ومن على باطل. فالشاهد إذا تحيز أو تعصب لرأي فلن يكون شاهدا، وقد تضلوا مع سيركم مع الباطل ولن تكونوا خير أمة أخرجت للناس. ويطمأنهم سبحانه وتعالى وانه لم يترككم فقد جعل لكم رسول الله “شهيد عليكم”، يرشدكم من على حق ومن على باطل.
ثم ينتقل خطاب الآية للرسول “وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله”. ومن مقطع الآية، يظهر إن كثير من أهل الكتاب آمن بالرسول واتبعه بسبب هذه القبلة التي فبركها المضللون. فهذا خير أيضا لأن ذلك سيكون بمثابة إختبار لتمييز المؤمنين الذين سيغيرون القبلة مع الرسول إتباعا لأمر الله للدين الصحيح، ومن يتبع هذا الدين لمجرد تلك القبلة التي يريد بها السفهاء التضليل بمساواة بيت الله، لما يسمونه ببيت المقدس. فالمسلمون صلوا على جهة المسجد الاقصى كوجهة وليس كقبلة إرتضاها الله لهم كما كل الجهات لله، كما المشرق أو المغرب. ثم يلتفت الخطاب للمؤمنين بتطمينهم ” وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم”، بأن الصلوات التي صليتموها بذاك الإتجاه لن تضيع بإذن الله الرؤوف الرحيم.

ثم تذهب الآيات التالية لتعطينا لمحة عن كيف كان هذا الموضوع يؤرقه صلى الله عليه وآله وسلم. فلماذا كان يتأرق حبينا صلوات الله وسلامه عليه إذن، إذا كانت قبلته أساسا تجاه المسجد الأقصى؟. وتحدثنا الآيات أيضا عن كم هو رقيق وحنين وليس فظا ولا غليظ القلب، صلوات الله وسلامه عليه، بمحاولات إثباته لهم بلطف بأن بيت الله العتيق هي القبلة الصحيحة الوحيدة. وتعطينا الآيات أيضا ملمح عن كيد ومكر أهل الكتاب وتعاملهم بلؤم وخسة، وإنهم يعلمون القبلة الصحيحة، و ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهو قبلة كل الناس بما نادى به إبراهيم وأذن فيه للناس بالحج، ولكنهم يريدون تضليل المؤمنين والناس أجمعين لكي لا يهتدوا لدين الله.
أقرأ بتمعن قوله تعالى: ((قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون* ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين* الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون*الحق من ربك فلا تكونن من الممترين* ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير)). [البقرة: 144- 148].

ويبين الله تعالى في تلك الآيات أيضا أنهم – أي أهل الكتاب- مختلفين أصلا في قبلاتهم مما يدل على تفرقتهم للدين وإلباس بعضهم البعض بالضلال. ويؤكد الله سبحانه له عليه الصلاة والسلام أن لا يستمع لأحاديثهم وإتباع أهوائهم. ويقول له سبحانه إن هؤلاء يعرفون أهمية كتابهم كما يعرفون غلاوة أبنائهم، ولكنهم بالرغم من ذلك لم يتبعوا كتابهم الغالي النفيس، بل إتبعوا كلام الفريق الذين يكتمون الحق وهم يعلمون، وذلك لكسلهم الفكري الذي ضللهم جميعا، ويا لتعاستهم.
و يرجع الله تعالى ويقول له “الحق من ربك فلا تكونن من الممترين”، فهذا كلام الله فلا تتشكك فيه وتكون مع الذين يتشككون فيه.
و لك أن تتخيل هنا معاناته في الدعوة وجهاده صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الجو المريب المسموم لإخرج دين الله الصحيح من بين تلك الأفاعي دون أن تشوبه شائبة. وبرغم كل هذه المماحكات لم يأمر القرآن بقتالهم أو معاداتهم بل بمواصلة المعاملة بأخلاق الدين ((لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)) [الممتحنة: 4].

ويؤكد الله عز وجل ويحسم الموقف بالآيتين الأخيرتين، ((ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون(149)ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون)) [البقرة: 150].
لاحظ أولا لم يقل سبحانه بيت الله بل المسجد الحرام موازنة لإسم المسجد الأقصى وتثبيت أنه مسجد فقط وليس فيه بيت الله كالمسجد الحرام.
ولاحظ تكرار ” ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام” مرتين. لم يقل سبحانه هاجرت بل خرجت. والخروج يفيد عدم طول الزمن لأن المدة إذا طالت كان ستكون من حيث هاجرت. و لم يقل سبحانه وتعالى من مكة بل “ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام” دلالة على ان أهل مكة انفسهم هذه هي وجهتهم. وبما أنه صلوات الله وسلامه عليه والمؤمنين ضللوا وصلوا في إتجاه آخر يلتفت الخطاب القرآني في المقطع الأخير من الآية الأولى ليقول سبحانه وتعالى لأولئك المضللين: ” وما الله بغافل عما تعملون” من تلاعب وتحريف وتضليل للناس.
ويؤكد سبحانه وتعالى مرة أخرى، ب “ومن حيث خرجت” في الآية الثانية ولكن في خطاب للمؤمنين ولأن يولوا وجوههم شطر المسجد الحرام، وعدم إدخال الريبة وفتح باب الحجج واللجلجة على الناس في هذه القبلة، فوجهة الناس واحدة وربهم واحد. فقد أذن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لكل الناس في هذا البيت فقط وليس من أي جهة أخرى. لكن الذين ظلموا، المضللون والمشككون في انه سبحانه وتعالى له قبلتان، لتفريق الناس، فهؤلاء لا تخشوا إبتزازهم الديني وإرهابهم الفكري لتتم لكم نعمة الإيمان والهداية بإذن الله.

وبالفعل السفهاء لم يصموا أفواههم بل و واصلوا بقولهم: “ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها”، ليشككوا من يرتاب وتثبت روايتهم المضللة إلى يومنا هذا. فالله يقول على لسانهم ((سيقول السفهاء: “ما ولاهم عن “قبلتهم” التي كانوا عليها؟”))، تماما كما قال تعالى على لسان لقمان ((إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)) [لقمان: 19]؛ فلم يقل هو سبحانه هذا؛ فحاشا لله أن يخلق ويشنف وهو الحكيم القدير العليم بما يخلق وحده.
فوصلت للأسف الرواية كما أرادوا بألسنتهم بأنها قبلتنا وأطلقنا عليها قبلتنا الأولى، وجرت على ألستنا (أولى القبلتين) و “بيت المقدس”، ومع تحذيره سبحانه وتعالى لنا من ألسنتهم أيضا قائلا: ((وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون)) [آل عمران: 78].

الله تعالى أراد أن تخلد هذه الحادثة في كتابه العزيز لنلتفت إلى أهمية الرجوع لكتاب الله تدبرا وتعقلا، فنرى كيف يمكن أن تغيب الحقائق، ومحاولات التضليل، ولنستنبط بعقولنا من كلامه الحكيم الحكمة، و نعرف كيف يتم التلاعب بالكلمات وكيف تشاع الأكاذيب البلقاء للناس على انها دين الله.

وهذا يفتح لنا سؤوالا عن الإسراء والمعراج ورواية تخفيف الصلاة من خمسين إلى خمسة بواسطة نبي “بني إسرائيل” موسى عليه الصلاة والسلام ، ولماذا هو من خففها ولا أحد غيره. ومن الذي الذي لقبه أولا بكليم الله التي جرت على ألستنا ولم ترد في كتاب الله؟، والله يقول: ((وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم)) [الشورى: 51]، فكل الأنبياء كان يكلمهم الله بهذه الصورة. وثانيا لماذا كان المعراج من المسجد الأقصى ولم يكن في المسجد الحرام؟ وإننا لا ننكر إسراء رسول الله عليه الصلاة والسلام إليه حسب السورة التي لم تقل من “بيت الله” إلى “بيت المقدس”؟. و لماذا كان موسى عليه الصلاة والسلام هو النبي الذي يوجه محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأن إرجع وأسأل ربك التخفيف، ولم يكن عيسى أو إبراهيم أو غيره من الرسل؟، ومع إن إبراهيم كان في السماء السابعة لماذا لم يرجع رسول الله وأرجعه موسى. و حسب الرواية كان موسى في السادسة، ومع ملاحظة إن هارون أخوه كان في الخامسة، وعيسى في الثانية، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وأين هم باقي الأنبياء والرسل؟. وهل هناك فرق بينهم والله يقول ((آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)) [البقرة: 285]. وهل كان هناك تخفيف أساسا، والله خالق الناس ويعلم إستطاعة الأنفس في التكليف في كل عباداته. وكما جاء في كتابه العزيز في الآية التي تليها مباشرة: ((لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)).

ولك الآن أن تتصور هذه الفرية الإسرائيلية البسيطة، ولكن الكبيرة في محتواها ومعنى توحد قبلة الله وتوحيده فيها، والتي حاولوا تمريرها في حياة الرسول صلى الله عليه وأله وسلم، فكيف وثقت في أذهاننا، ومررت كرواية “تحويل قبلة” ولا نفهم ما وراء السطور فيها. وكم من قصة ورواية مفبركة بعد حياة رسول الله ألصقت بنفس الطريقة ولفقت لهذا الدين لتشويه صورة نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام، لترسيخ مفاهيم مغلوطة في أذهاننا كالجهاد والشهادة والأمة والحدود لكي يقولوا إن الإسلام إنتشر بالسيف لإستباحة سفك دماء الناس، وتشتيت المسلمين وليسابدوا ببعضهم البعض. ولتقوم فرق منهم بإرهاب الناس بتلك المفاهيم الحاطئة ليصد الناس عن الهداية ووصم نبي الرحمة والهدى للعالمين بالضحوك القتال، و انه كان يحب النساء، وهذا الكلام الفارغ، الذي يخالف كلام الله تعالى وخلقه العظيم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. لكنهم يريدون ذلك ليحلوا مزيدا من القتل وإضطهاد النساء وإشباع رغباتهم. وبهذا التضليل للمفاهيم يغفل المسلمون عن الثورة الفكرية والإجتماعية الحقيقة التي في كتابنا العزيز.

*الحلقة القادمة الأحد إن شاء الله.

سيف الحق حسن
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. حديثك عن القبلة يختلف عن كتب الفاسير ففى تفسير بن كثير(  يل المراد بالسفهاء ههنا مشركو العرب قاله الزجاج وقيل أحبار يهود قاله مجاهد وقيل المنافقون قاله السدي والآية عامة في هؤلاء كلهم والله أعلم قال البخاري: أخبرنا أبو نعيم سمع زهيرا عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وإنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون فقال أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل مكة فداروا كما هم قبل البيت وكان الذي قد مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله “وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤف رحيم” انفرد به البخاري من هذا الوجه ورواه مسلم من وجه آخر وقال محمد بن إسحاق حدثني إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله فأنزل الله “قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام” فقال رجال من المسلمين وددنا لو علمنا من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس فأنزل الله “وما كان الله ليضيع إيمانكم” وقال السفهاء من الناس وهم أهل الكتاب ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله “سيقول السفهاء من الناس” إلى آخر الآية وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة حدثنا الحسن بن عطية حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يحب أن يوجه نحو الكعبة فأنزل الله “قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام” قال فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله “قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم” وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله عز وجل “فولوا وجوهكم شطره” أي نحوه فارتاب من ذلك اليهود وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فأنزل الله “قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم” وقد جاء في هذا الباب أحاديث كثيرة وحاصل الأمر أنه قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر باستقبال الصخرة من بيت المقدس فكان بمكة يصلي بين الركنين وهو مستقبل صخرة بيت المقدس فلما هاجر إلى المدينة تعذر الجمع بينهما فأمره الله بالتوجه إلى بيت المقدس قاله ابن عباس والجمهور ثم اختلف هؤلاء هل كان الأمر به بالقرآن أو بغيره على قولين وحكى القرطبي في تفسيره عن عكرمة وأبي العالية والحسن البصري أن التوجه إلى بيت المقدس كان باجتهاده عليه السلام والمقصود أن التوجه إلى بيت المقدس بعد مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة واستمر الأمر على ذلك بعضة عشر شهرا وكان يكثر الدعاء والابتهال أن يوجه إلى الكعبة التي هي قبله إبراهيم عليه السلام فأجيب إلى ذلك وأمر بالتوجه إلى البيت العتيق فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فأعلمهم بذلك وكان أول صلاة صلاها إليها صلاة العصر كما تقدم في الصحيحين من رواية البراء ووقع عند النسائي من رواية أبي سعيد بن المعلى أنها الظهر وقال كنت أنا وصاحبي أول من صلى إلى الكعبة وذكر غير واحد من المفسرين وغيرهم أن تحويل القبلة نزل على رسول الله وقد صلى ركعتين من الظهر وذلك فى مسجد بني سلمة فسمي مسجد القبلتين وفي حديث نويلة بنت مسلم أنهم جاءهم الخبر بذلك وهم في صلاة الظهر قالت: فتحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال ذكره الشيخ أبو عمر بن عبد البر النمري وأما أهل قباء فلم يبلغهم الخبر إلى صلاة الفجر من اليوم الثاني كما جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة وفي هذا دليل على أن الناسخ لا يلزم حكمه إلا بعد العلم به وإن تقدم نزوله وإبلاغه لأنهم لم يؤمروا بإعادة العصر والمغرب والعشاء والله أعلم ولما وقع هذا حصل لبعض الناس من أهل النفاق والريب والكفرة من اليهود ارتياب وزيغ عن الهدى وتخبيط وشك وقالوا “ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها” أي قالوا ما لهؤلاء تارة يستقبلون كذا وتارة يستقبلون كذا فأنزل الله جوابهم فى قوله “قل لله المشرق والمغرب” أي الحكم والتصرف والأمر كله لله “فأينما تولوا فثم وجه الله” و “ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله” أي الشأن كله في امتثال أوامر الله فحيثما وجهنا توجهنا فالطاعة في امتثال أمره ولو وجهنا في كل يوم مرات إلى جهات متعددة فنحن عبيده وفي تصرفه وخدامه حيثما وجهنا توجهنا وهو تعالى له بعبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه وأمته عناية عظيمة إذ هداهم إلى قبلة إبراهيم خليل الرحمن وجعل توجههم إلى الكعبة المبنية على اسمه تعالى وحده لا شريك له أشرف بيوت الله في الأرض إذ هي بناء إبراهيم الخليل عليه السلام ولهذا قال: قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. وقد روى الإمام أحمد عن علي بن عاصم عن حصين بن عبدالرحمن عن عمرو بن قيس عن محمد بن الأشعث عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في أهل الكتاب “إنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين”.

  2. لماذا يستشهد بالقرآن ولا يرى إفتتاحية سورة الإسراء فيها ذكر المسجد الأقصى ومباركة ما حوله ؟!!!
    لماذا يقلل بل ينفي أهمية هذا المسجد المبارك ؟ وما غرضه من إثبات عدم قدسيته ؟
    في مقالاته السابقة أنكر كل الأحاديث الشريفة جملة وإدعى أنها إسرائيليات و القول بالقرآن فقط وأنكر النسخ مع أنه مذكور بآية صريحة في القرآن ….وطعن في علماء التفسير، ..
    وهناك إدعاءات غيرها سيبوح بها الكاتب في مقالاته القادمة ستدهشكم وهي في الأصل أفكار فرقة سمت نفسها القرآنيين او أهل القرآن والقرآن بريء منهم يامرنا بأكثر من مائة آية بإتباع الرسول صل الله عليه وسلم والتمسك بسنته .. ولم يسلم المسيح عيسى وأمه منهم ،
    شعبنا شعب مثقف ويستطيع بفطرته السوية أن يميز السم من الدسم ولا يجاريه شعب بحب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وانتم حين تعتمرون او تحجون ترفضون زيارة قبر الحبيب لهذا لن تجد فرقتكم غير الصد والرد ،
    هذا ردي من غير تكفير والعياذ بالله فانا عبد مثلك قد أخطيء وقد أصيب ولا طاقة لي بحمل وزرك فهل تستطيع الرد فتنكر او تعترف فنتجادل في أفكار هذه الجماعة صراحة ؟
    … ولكم كل الإحترام والتقدير..

  3. تماما كما قال تعالى على لسان لقمان ((إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)) [لقمان: 19]؛ فلم يقل هو سبحانه هذا؛ فحاشا لله أن يخلق ويشنف وهو الحكيم القدير العليم بما يخلق وحده.

    لاحظوا معي المقطع أعلاه من كلام (سيف …..)…فلم يقل هو سبحانه هذا ..ياولدي ثبت قلبك وأنقش باطلك..
    خلق الله إبليس ثم أمره بالسجود لأدم فأبي وأستكبر ربنا لعنه واللعن أشد أم التشنيف ولا مالعنه سبحانه أيضا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    الإنسان خلقه الله ثم أمره بالإيمان وخيره بعد ذلك وأمره بتشريعات كقوم صالح عليه السلام وأخرج لهم أية كما ذكر الله ناقه(ما إسرائيليات دي ناقه عدييييييل وكمان ذكر أنها تشرب يوم ويشرب قوم صالح يوم)…..عصوه( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ)…15 فصّلت

    يعني خلق من أمره بطاعته ثم عصاه بإستكبار…(تشنيف ده ولا تشريف) !!
    يجحدون أيات الله وصف لقوم صالح الذين خلقهم الله..(تشنيف ده ولا تشريف) !!

  4. * اقتباس (ولكنهم يمكن أن يدمروه بواسطة إختلاف المسلمين وتفريقهم وتضليل عقولهم عن فهم هذا الكتاب الذي لا يختلف على مرجعيته كل من آمن بالله ورسوله. ومن ثم يمكن صرفهم للجوء لمصادر أخرى لتستند عليها كل فرقة في مرجعيتها) اليس هذا ما تفعله انت وشيخك ؟

  5. قال تعالى ” “وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله”

    أورد الكاتب الاية الذكورة اعلاه و فيها نص واضح لا يحتاج الى تقدير بأن الله هو الذي جعل أي شرع القبلة السابقة اي بيت المقدس ثم يأت الكاتب و يقول ان اليهود و الانصار في المدينة هم من اختاروا تلك القبلة قبل مقدمه صلى الله عليه و سلم !!
    و ما كان النبي صلى الله عليه و سلم يتبع اصحابه اذا أخطأوا او جاءوا بشئ لم يأذن به الله فقد سألوه القتال في مكة حين اشتد عليهم الاذى فأخبرهم ان الله لم ياذن له بعد , لذلك ما يقوله الكاتب بخصوص القبلة مجرد افتراء بغير علم

    و حسب ما هو واضح فان غرض الكاتب من كل هذا هو انكار و رد كل الاحاديث النبوية بحجة ان اليهود ادخلوا فيها الكثير من الاشياء ليضلوا الناس فالكاتب جاءنا من باب أنه يخاف على الامة من الضلال و ما درى ان هناك رجالا وضعوا ما يعرف بعلم الرجال و حتى العلم الحديث اثبت صحة المحدثين و الحفاظ فمثلا حديث الذبابة أنكره البعض و جاء العلم ليثبت ان في احد جناحيها داء و في الاخر شفاء

    الحديث : إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر دواء. رواه البخاري

  6. الأخ سيف الحق. لا أختلف معك علي أن هناك الكثير من الأحاديث الموضوعة التي أُقحمت في السنة النبوية بغية إضلال الأمة و تفريقها, غير أن ذلك لا يعني أبداً ترك السنة بالكلية و إنما يعني دراستها عن علم و تنقيحها من تلك الضلالات و الشوائب حتى يظل الدين مكتملاً كما أراده لنا الله سبحانه و تعالي, غير أني أراك تنتقد الأحاديث جملة و بغير تدقيق و لا تمحيص, فمثلاً ذكرتَ في مقالك أننا لا ينبغي أن ندعو موسى عليه السلام بكليم الله بحجة أنها لم ترد في كتاب الله, مع أن الله تعالى يقول صراحةً أنه كلم موسى في أكثر من موضع في القرآن, و اقرأ إن شئت الآية:
    “وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ” (الأعراف)
    و الآيات:
    “فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ, فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” (القصص)
    و الآيات:
    “فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ, إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى, وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ, إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي” (طه)
    فلا يعقل بعد كل هذه الآيات يا أخ سيف الحق (و أنت الذي تستشهد بالقرآن) أن تصر على أن الله تعالى لم يكلم موسى عليه السلام, لذا أرجوك ألَّا تنشر آرائك في الدين بغير علم و تثبّت و لو بحسن نية
    و الله من وراء القصد و هو يهدي السبيل

  7. وفي معرض الحديث الذي ذكرته تناسيت عن عمد يلحظه ذو البصيره وقلت ناس الراكوبه ديل نبدأ لهم تشكيكا في أحكام النسخ ثم تشكيكا في السنه ولكن بطريقه أتا أعتبرها فيها نوع من الخبث وليس الدهاء..لأنه لو لاحظ معي القارئ في نهاية حديثه في المقطع الأخير حتي يقول الناس عن الإسلام أنه لم ينتشر بالسيف وأن هنالك حدودا تشوه الدين وتجعله قاسيا كما يريد رجال الدين….
    بالمناسبه الإختلاف مع الإنقاذ لايعني أننا لانوقر رجال الدين وبالمناسبه (الإمام مالك والشافعي وأبوحنيفه ةالليث بن سعد والطبري وبن كثير والعز بن عبد السلام ووووووو…)هؤلاء شيوخ الإسلام نقلوا الدين وحفظوه هل تسميتهم برجال الدين يزيد من فدرهم أو عدم نعتهم بهذا الوصف ينقص منه!!
    لكن لابد أن يكون من أهل الإسلام من نفر(فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم ولعلهم يحذرون)….ولذلك حتي لايأتي من أمثالك من يقول ناس الراكوبه ديل قاعدين في الهمبريب نضربهم من طرف….ألزم غرزك فإنك لن تعدو قدرك…
    والأية تقول:

    { وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله} ، يقول تعالى إنما شرعنا لك يا محمد التوجه أولاً إلى بيت المقدس، ثم صرفناك عنها إلى الكعبة، ليظهر حال من يتبعك ويطيعك ويستقبل معك حيثما توجهت ممن ينقلب على عقبيه، أي مرتداً عن دينه { وإن كانت لكبيرة} أي هذه الفعلة وهي صرف التوجه عن بيت المقدس إلى الكعبة، أي وإن كان هذا الأمر عظيماً في النفوس، إلا على الذين هدى اللّه قلوبهم وأيقنوا بتصديق الرسول، وأن كل ما جاء به فهو الحق الذي لا مرية فيه، وأن اللّه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فله أن يكلف عباده بما شاء وينسخ ما يشاء، وله الحكمة التامة والحجة البالغة في جميع ذلك، بخلاف الذين في قلوبهم مرض، فإنه كلما حدث أمر أحدث لهم شكا، كما يحصل للذين آمنوا إيقانٌ وتصديق، كما قال اللّه تعالى: { وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول: أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم} وقال تعالى: { قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى} . وقال تعالى: { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا} ، ولهذا كان
    من ثبت على تصديق الرسول صلى اللّه عليه وسلم واتباعه في ذلك، وتوجه حيث أمره اللّه من غير شك ولا ريب – من سادات الصحابة، وقد ذهب بعضهم إلى أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار هم الذين صلوا إلى القبلتين. عن ابن عمر قال: (بينا الناس يصلون الصبح في مسجد قباء إذ جاء رجل فقال: قد أنزل على النبي صلى اللّه عليه وسلم قرآن، وقد أُمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، فتوجهوا إلى الكعبة) “”رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر””وفي رواية أنهم كانوا ركوعاً فاستداروا كما هم إلى الكعبة وهم ركوع، وهذا يدل على كمال طاعتهم للّه ولرسوله وانقيادهم لأوامر اللّه عزّ وجلّ رضي اللّه عنهم أجمعين…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..