لماذا دخل جيش موسفيني جنوب السودان

بسم الله الرحمن الرحيم

لاشك ان الحرب المؤلمة التي تجري الان في جنوب السودان هي استنزاف هائل لقوى بشرية وموارد مالية لدولة ذات امكانيات مالية متواضعة وبنية تحتية ظروفها متهالكة وللاسف فان تلك المقاتلات تجري من اجل كرسي الحكم ويؤجج نيرانها صراع قبلي تقوده اقوى قبيلتين في جنوب السودان كانتا تمارسان الحرب وتنهكان اعدائهما منذ ابان الاستعمار والى عهد الحرب الاهلية في جنوب السودان بل وتعتبران ان ممارسة الحرب هو جزء من تراث القبيلة وامجادها فالذي يموت في كلتا القبيلتين هو فارس تتغنى بامجاده الحسان والشباب.
وما يلفت النظر ان الحرب لم تكن تستدعي دخول دولة مجاورة لجنوب السودان مثل السودان الشمالي او يوغندة او حتى الكنغو ..اللهم الا اذا كان ذلك بتنسيق من الاتحاد الافريقي اوالامم المتحدة …. اذا لماذا يظهر الرئيس موسفيني فجأة ليعلن ان جيشه قد ساعد الرئيس سلفا كير وذلك بمساهمة قواته في استعادة بور وبانتيومن اجل حماية منابع النفط…. بينما كان الامر من قبل يدور همسا؟؟
جيش الرب المعادي لنظام الرئيس موسفيني كان يجد دعما مباشرا من نظام السودان في ظل حكم البشير الانفاذي وبما ان جيش الرب كان ولا زال يعتمد على قبيلة الاشولى التي يقع نصفها في السودان الجنوبي والنصف الاخر في يوغندة فقد ظل هذا الجيش يضرب على القوات اليوغندية والمدنيين على السواء ومن ثم يلجا الى الاراضي السودانية ليجد الملجأ من الاهل والعشيرة ومن الدولة التي يحكمها نظم عمر البشير.
اضحى من الصعب القضاء على جيش الرب رغم وقوف كل المنظمات الدولية والانسانية والاجتماعية في صف الرئيس موسفيني ولكن بعدما اتفقت حكومة الخرطوم مع الجبهة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق في نيفاشا, ظهر موسفيني سعيدا بانتصار صديق عمره وكان لسعادته اشياء واطماع اخرى لايتسع المجال لسردها ولكن كان من ضمنها ان فرصة القضاء على جيش الرب قد حانت الا ان احاديث البعض كانت تقول ان جون قرنق لم يكن يميل الى القضاء على جيش الرب بقوة السلاح وانه اخطر موسفيني بهذا الرأي والذي لم يسعد موسفيني والذي كان يؤمن ايمانا قاطعا بأن لاجدوى في التفاوض مع قادة جيش الرب لانه جرب ذلك عدة مرات ولم ينجح رغم ان موسفيني فاوض كثر ممن يعادونه ونجح في اقناعهم بالعودة ومشاركته الحكم او معارضته داخليا ومن خلال البرلمان. ونذكر منهم نائب رئيس الوزراءالحالي موسس علي والذي كان وزيرا للمالية في عهد الرئيس عيدي امين.سعى موسفيني كثيرا قبل انفصال الجنوب وبعد وفاة جون قرنق-سعى- الى ان تدخل قواته الى الجنوب للقضاء على جيش الرب, ولكن الموافقة كانت تتم بشروط لاتمكنه من انفاذ هذا الامر كما ان وجود قبيلة الاشولي في يوغندا والسودان كان يشكل عقبة له في الحصول على معلومة مؤكدة عن اماكن تواجد قوات جيش الرب .
عندما حدث القتال بين سلفا ومشار او القتال بين الدينكا والنويركانت العجلة تدور لصالح النوير بحكم انهم القبيلة التي اشتهرت بحبها للقتال بينما كان الدينكا يتأرجحون بين ميلهم الى الحرب وحبهم لحياة الرفاهية وهكذا دارت العجلة لصالح رياك مشار الذي يعتبره موسفيي صنيعة حكومة الانقاذ وربما لايحفظ له ودا لانسلاخه عن جون قرنق من قبل ثم العودة الى حضن الحركة الشعبية.
هذا العوامل كانت مناسبة لوقوف موسفيني مع سلفا كير الذي كان في اشد الحوجة اليه نسبة للهزائم المتوالية لقوات سلفاكير مما جعله يفقد بور وبانتيو وملكال وهي اهم مناطق انتاج النفط وعبوره.
والان وقد سقطت ملكال في يد رياك مشار بعد ان فقد المناطق التي احتلها من قبل والقريبة من جوبا (بور وبانتيو) فهل نتوقع ان يقوم موسفيني بالاستمرار في مطاردة قوات مشار حتى ملكال.
ان مطاردة قوات مشار في مشوار بين جوبا وملكال امر قاس وصعب اولا لبعد المسافة وقصور وسائل المواصلات السريعة ووجود مستنقعات في منطقة جنقلى وليك نو . كما ان تكلفة نقل الدبابات والعربات الى ملكال عبر النيل او عبر الطريق البري من بور والى اكوبو ثم واط والى ملكال يحتاج لتحضير وتشوين مالي كبير وجل المناطق التي ستمر بها هذه القوات تتحكم فيها قبائل النوير التي تميل الى الغارات الليلية المفاجئة.
ثم ان الجيش اليوغندي نفسه قد لا يميل الى الذهاب الى ملكال مع اهدافه لتي تميل الى القضاء على جيش الرب كما ان الموقف السياسي قد لايمكن الرئيس موسفيني من التواصل الى ملكال لان البرلمان اليوغندي يستطيع ان يؤثر على الموقف والسعي لعدم تقدم القوة اليوغندية الى اكثر مما تقدمت وهنا يبقى امام يوغندة امر واحد تستطيع تقديمه لسلفا كير وهو ان تقدم له المساعدة الجوية التي يفتقر اليها سلفا كير.
موقف الحكومة السودانية غامض للغاية فقلبها مع مشار وعينها الى سلفا كير وكل هذاسببه ان (ريالتها) تسيل في حلاوة النفط فهل ياترى ستتفق الخرطوم ويوغندة لآول مرة في حياتهما لازاحة مشار ام انها ستظل تردد اسطوانتها المشروخة لاقحام حركة العدل والمساواة في الامر بتسويق من وكالة مخابراتها (الاس ام سي).
هاشم ابورنات
القاهرة18 يناير2014
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أخي هاشم .. هذا ليس تحليلاً أو توقعات بل هي الحقيقة .. رؤية العين و لمس اليد .. و ليس من سمع كمن رأي .. متعكم الله بالصحة و أفادنا بخبرتكم .. و دمـتم

  2. أجمل ما في موقف الخرطوم في هذه الازمة هي الغموض . جميلٌ أن تكون غامضاً في مثل هذه المواقف .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..