القابض على جمر النقاء حتي اللقاء..الشهيد العميد الهندي أحمد خليفة

{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (صدق الله العظيم)

الحياة والموت والحلم والحقيقة، جدلية متداخلة تشاهد فيها سريالية اللوحة، وهي تشكل خطوطها تجسيداً حياً لواقع لا يتطرق إلية الشك اليقيني.. (كل نفس ذائقت الموت) لا جدال..

غيب الموت في أواخر شهر يناير المنصرم جسد الشهيد الهندي أحمد خليفة العميد بالجيش الشعبي لتحرير السودان وقائد التدريب العسكري بالنيل الأزرق..

الشهيد الفقيد مناضل جسور وقائد فذ ومثقف ثوري لا يشق له غبار، وأديب وشاعر متفرد مازج بين شفافية الشاعر الدافقة، وكارزما العسكرية الثورية الصارمة، بصورة مدهشة وإنسانية صوفية مترعة الفيض خصيب الحيض.. فأستشهد علي أعواد مواقفه الصارمة.. إجتمعت فيه كل صفات النقاء الصوفي.. تربوي وإنسان متعفف.. وفارس أسطوري نبيل

ما هو الوليد العاق، “لا خاين و لاسراق”.. تبلورت مواقفه الثوريه منذ بواكير شبابه وقرر الوقوف في خندق شعبه فإنضم “للجيش الشعبي لتحرير السودان” حتي آخر زفرة.
بعد أن ضيقت عليه (الإنقاذ) الأرض بما رحبت وهو طالب غر كغيره من أبناء شعبنا الشرفاء الأوفياء فأختار المنافحة والمناجزة وبرز..

شهد له كل من زامله، أو رافقه، أو قابله، أوصادقه، أوجاوره، أو إستجار به، أوسمع به، أو عرفه،.. إنه لعلى خلقٍ عظيم.. وأدب جميم.. ومعشر حميم.. وكرم نبيل…
(كان معطاءاً كأنه النيل عند “التجاني يوسف بشير” نبيل وموفق في مسابه..)
“أنت يانيل من سليل الفراديس نبيل موفق في مسابك..”

الفقيد الشهيد العميد الهندي أحمد خليفة.. ظل دوماً باذلاً ذاته بلا من أو أذى.. تجده عند الفزع.. وتفتقده عند الطمع.. بعد (نيفاشا) لم يسعى لتوزير أو نائب (بتعين) عندما “تكالب الجميع علي المناصب” والرواتب والأمتيازات (والشو أب) ..

ظل في “الجيش الشعبي” عرينه الذي أحب واطئاً جمر القضية وقابضاً على زناد البندقية..
قاطع كالسيف، وظاهر كالحق عند ما يتعلق الأمر بالمباديء.. والقيم والمواقف
ما وقف بَين بيّن.. أو ركب سرجين.. أو عبس وتولى أن جاءه رفيق أو صديق أو زميل.. أو تنكر لمعرفته و(تغابا).. كان منزله في الكرمك مزار، وقبلة ، ونُزل ومأوى للرفاق والسابلة يستقبلهم بكل رحابة رحيبة، وبشاشة هاشة تزين وجهه الطلق..وديوانه المزدان بالضيفان إذا ما شتى يفيض كرماً ويمطر عطاء..

أي سراج للفكر قد إنطفأ وأي خافق قد توقف من الخفقان وأي إنسان قد فقدنا..
” الموت نقاد في كفه جواهر يختار منها الجياد “… إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن.. وإنا عليك ياهندي لمحزنون… ولا نقول إلا ما يرضي الله… (إنا لله وأنا إليه راجعون)

غادرنا الشهيد “الهندي” بعد أن خاض الوغي وعف عند المغنم.. ووقف جانب شعبه في جميع معاركه الضاريه.. لم يجثو على ركبتيه أو يحني رأسه إلا لخالقه ولم ينكسر سيفه أوتلين قناته أو تخور عزيمته.

كان قريبا من القلب على الدوام، بعيداً عن أي إدعاء ذاتي أو تباهي فارغ أو غرور غاسق، لا يتحدث عن نفسه، أو يمجد ذاته تصريحاً أو تلميحاً، وجهه الوضيء ذو الوهج السرمدي الآسر يرحب بمقدمك بحرارة وحميمية تزيح الحرج.

تبكيك الدموع السوحم..إن مثلك من الفرسان الذين عركتهم الشدائد..وتمرسوا في صرع الإحن وصهرتهم المحن .. قليل ونادر
أنت أنت ذهب لا تغيره السنين أو تقلل من قيمته الظروف.. منذ صباك الباكر حتي آخر خفقة نبض.. ذو مرة لا ينكسر لك رمح..أو تفتر لك عزيمة

ستظل خالد فينا بما خلفت من أفعال لا أقوال، ومن مواقف، لا أنصاف مواقف.. ومن صمود لا إنكسار ، ومن ذريه بعضها من بعض.. أورثتهم كنز لا يفنى.. ذكري وميلاد إنسان نقي اليد عفيف السان وطيب معشر.. والذي مهما تربصت به الأعين الشريرة، لن تجد طريق لخدش سيرته أو المساس بها.

الهندي مر من هنا..
يرفض في إباء تركيع الثورة ويقاتل بلا هوادة.. كانت كلماته الممزوجة بروحه الوسيمة مارش حماسي يحث على البذل والإستشهاد لجنوده البواسل الذين إفتقدوه.. نبراته الجهيرات، تقتحم جدران القلب وتتسرب فيه بكل تلقائية وبساطة ونبل

بكتك الكرمك بدموعها السواحم التي غطت جبالها الأشم الساميات.. فقدتك يابوس عروس النيل الأزرق التي توشحت السواد.. بكاك جبل موفا وفي ذاكرته فارس كالصخر تسامي ثم تسامي ثم سما وتوهج.. يفتقدك رفاقك الأوفياء وجنودك المغاوير الميامين.. الكل يقول:
من هنا مر فارس حر شديد البأس …
الكل يقول:
أنت أنقي من قطرات عيني.. وأبقي ما في قلبي.. وأرقي ما في شعبي… أنت شمس لا تغرب بأعمالك الخالدات .. الهندي أحمد خلفة نموذج للبطولة والرجولة والشهامة والنبل والكرامة وكريم الخصال مما يحتم علينا إبراز هذا النموذج الإنساني الفريد نسيج التفرد الذي قل ما يجود بأمثاله الزمان ..

كنت رافضاً للذل المشرع جناحيه (الغراب) في الوطن المسلوب والمصلوب بأسنة الرماح (الإنقاذية) وحبال المشانق وفرق الإعدام ودروة الموت ومظاهر الحرمان والمسغبة.. التي أرخت سدولها.. بأنواع الهموم لتبتلي

فيممت وجهك صوب النضال.. حالماً وساعياً لوطن عاتي وطن عالي وطن خير ديمقراطي.. مستهدياً وعياً برؤية مستندة لقوانين التاريخ والمعاصرة وحركة التطور ومنطق الأشياء وثمة سمة.. مارش (مورالي)..عالي النبرة.. يحث علي الإقدام والسؤددة..
كلماتنا المتقزمات لا تطول القامات العاتيات والمقامات الفارعات، لكننا نجتهد علنا نفي ولو نزرا..
الشهداء أخيرنا وأنبلنا، وأصدقنا، وأبرنا.. أنت أحدهم يا الهندي أحمد خليفة..

لقد كنت باراً بأهلك وصحبك ورفاقك وجيرانك بشهادة كل من عرفك.. ف ( وجبت) كما قال: ( النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه).. وكنت دائماً مهموم بصيانة الحقوق وإعطاء كل ذي حق حقه..حتى سلمت الأمانة فتسامت روحك الطاهرة إلي عليائها في الملكوت الأعلي.. بهدوء صادق لا صخب فيه ولا إدعاء.. غادرتنا وأنت في عنفوان شباب عطاءك الذي لا تحده حدود، لم يكن الوطن عندك جغرافيا فحسب إنما مجموعة قيم ومباديء سامية وقواعد فاضلة تلك التي وهبتها حياتك بكل نبل ونقاء حتي اللقاء..

تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك الفردوس الأعلى من الجنان.. مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا
وألهم زوجك وأبنائك وآلك وصحبك ورفاقك الصبر والسلوان.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لقد كنت باراً بأهلك وصحبك ورفاقك وجيرانك بشهادة كل من عرفك.. ف ( وجبت) كما قال: ( النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه).

    وجبت بإذن الله الهم تقبل من عبدك الهندي..الهم إن كان محسناً فزيد من حسناته,, وإن كان مسيء فتجاوز عنه سيئاته..الهم ارحمه وأغفر له…وأسكنه الفردوس الأعلى…

  2. ((شهد له كل من زامله، أو رافقه، أو قابله، أوصادقه، أوجاوره، أو إستجار به، أوسمع به، أو عرفه،.. إنه لعلى خلقٍ عظيم.. وأدب جميم.. ومعشر حميم.. وكرم نبيل…))

    (كان معطاءاً كأنه النيل عند “التجاني يوسف بشير” نبيل وموفق في مسابه..)
    “انت يانيل من سليل الفراديس نبيل موفق في مسابك..”

    اللهم أرحمه بواسع رحمتك..

    لغة رفيعة صياغة صغيلة شكراً لكاتب المقال الرجل الذي يعرف قيمة الرجال..

  3. ان القلب ليحزن والعين تدمع والعبس والوجل يفطر النفس .! لقد كان مطرا في قيمة وكرمة وكل شئ جميل تجدة والكمال لله وحدة , تموت الاسد في القابات جوعا وتمرح الكلاب في الملاهي ّ ! شكرا لك الانصاري لمعر فتك قدر الرجال والمناضليين الثوار وليس المتلبسين ثياب الثورة من غير اخلاق الثوار انك انتصرت لك الشرفاء من الثوار المجهوليين , القائد الهندي تقمدك الله برحمته

  4. أحتاج دوزنة

    وتراً جديداً

    لايضيف إلى النشيد

    سوى النشاز

    لغة ً

    تفتش عن أرضٍ

    خصبةٍ

    شمساً

    تغير طعم َ فاكهةِ الشتاء

    وقتاً أجاوزه لوقت قادم

    لاوقت فيه لباعةِ التصفيق

    واسم العائلة

    -هذا زمانك ياعمائم

    فلتقودي (القافلة)

    ###

    نحن السكوت ”

    نموت”

    إذ تختارنا ضمن َ المفاضلةِ

    البيوت”

    يفرّ” لون دمائنا عنا

    فتنسحب القصائد أو

    تبادلنا الحياد

    صمتا تحاورنا الطريق

    وتنزوي طرق البلاد

    لا

    لأعدائك و المعتزلة

    للذين يحاصرون الحرب من تمييعها

    حتي تباشر الفطام

    عن الصدام

    لا

    لكل اليشبهونك

    من بيوت و بنات

    وبلاد

    لا لابتعاد الحزب

    عن حرب تقود الي

    السلام

    لا

    لاقتراب الحرف من حل

    يحيل الي الرماد

    للشهداء

    و الفقراء

    جمهورة النساء

    العاهرات

    لطفلنا الآتي

    وكوم اللاجئين

    للداعين في صلوات

    ان نشتم عطرك

    اي نعم

    هتفنا

    ما سمعتم ,

    ثم هاترنا

    انصرفتم ,

    هددنا بأن …

    ما استثرتم

    هدرنا :-

    هايهتف دمعنا

    ودم

    يعاند ان يجف و لا يرد

    سيمل اطفالي الصغار البحر

    يا بحرا يجاوز في سكونة

    كل حد

    يا بحر …قم

    حرك ..تحرك او فعد

    نحو ابتدائيك فالنهايات البعيدة

    لا تحد

    الفظ جحيمك

    او فغادر ساحليك الي الابد

    جيئي بخاتم مرسليك فقامتي

    ضده اتجاه الريح لا

    تستغربي صمتي و لا

    تثقي بقافيتي التي

    تختار ان اختار

    ان اشتط فيك و في

    مواجهه السؤال

    المستمد من السؤال

    الينتهي

    بعلامة

    لاتحمل اللون المحدد

    للصفوف , انا احدد

    شكل قافيتي , اكابد

    لونها , فيحيلني للموقف

    الآتي , انا الآتي

    هلمي

    املأي كفيك من

    زبد الوداع

    احتاج مفرزة م الشعراء

    و الجوعي

    لنعلن سخطنا او ….

    ننتهي منا

    باغنية تذاع

    اف لأمي

    ألف أف للجميع

    أبي

    أولي الأمر

    الذين تآمروا

    و تدبروا

    امر العوائل

    و العيال

    هذا زمانك

    يا زلازل

    زوجينا

    ما نكابدان ننال

    لليوم غد

    ها …ارعدت

    في الافق مد

    انا تعبنا

    من خروج الطفل في

    حجم اللحد

    هزي بجزعك

    انني

    اشتاق ان

    القاك في و هج الجسد

    مدي بخنجر ناهديك

    فتستقيم خريطة الاخصاب

    ياتي جيلنا …

    كالرمل

    منفصلا / احد

    لماذا

    لا نغني باللغات الأم

    إنا

    مازلنا

    من

    رؤوس

    انوفنا

    الا

    لنصعد في الغياب

    و لم التفتنا

    للسماء…

    لعلها

    و السر يحضنة التراب
    شكرا انصاري لتعريفنا بسيرة مثله من الرجال والجنود المجهولين

  5. اللهم ارحمة رحمة واسعة وادخله فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء
    الاخ / والزميل
    الشهيد العميد الهندى احمد خليفة عرفته وزاملته خلال فترة الدراسة بالجامعة الاسلامية اشهد الله انه ابيض الضمير طيب لدرجة تخجلك رغم اختلافنا معه سياسيا لكن والله كنا نحبه فى الله ويبادلنا نفس الشعور
    كم كان حزن زملائة عليه اليوم عندما علمنا بخبر استشهاده
    اللهم ارحم اخينا الهندى وبدله اهلا خيرا من اهله ودارا خيرا من داره

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..