روسيا: حرب من اجل البقاء في اوكرانيا

إن الازمة الاوكرانية الحالية هي امتداد للحرب الباردة التي عادت للسطح مجدداً منذ عودة فلاديمير بوتين الى سدة السلطة في روسيا ، ولقد وضح ذلك جلياً في الازمة السورية حيث ظلت المواجهة غير المباشرة بين الدولتين حاضراً من خلف الستار و يبذل الولايات المتحدة و من خلفها اوربا كل ما بوسعهم للانتصار في سوريا و بوتين يدرك ذلك جيداً ، و ها هو العالم يعيش ازمة روسية امريكية جديدة في الاراضي الاوكرانية وهذا ليس فقط حماية مناطق نفوذ ومصالح بل إن روسيا تريد إن تبلغ امريكا إنها لم تعد الوحيدة التي تقود دفة سفينة العالم ( النظام العالمي الجديد ) ، روسيا تحارب بشراسة من اجل حماية امنها القومي وفك الحصار الامني الذي يحاول امريكا وحلفائه الاوربيين فرضها .
إن الإطاحة بالرئيس يانكوفيتش اقلقت موسكو بشدة و شعرت بخطر لان سقوطه يعني توقيع الحكومة التي تقودها او ستقودها المعارضة في حال إجراء إنتخابات لاتفاقية التجارة مع الاتحاد الاوربي وتسريع خطوات الانضمام للاتحاد الاوربي ، كما إن قرار البرلمان الاوكراني بمنع التحدث باللغة الروسية كلغة ثانية وخاصة في المناطق ذات الاغلبية الروسية زادت من قناعة موسكو إن مصالحها تتضرر و إن الغرب تكسب المعركة لذلك اتخذت عدة خطوات منها السيطرة على برلمان القرم و مطار عسكري و رفع العلم الروسي في عدة مباني حكومية في عاصمة جزيرة القرم و يعتقد إن الافراد الذين سيطروا على برلمان جزيرة القرم هم قوات خاصة روسية .
الولايات المتحدة وحلفائها الاوربيين ينظرون لمصالحهم دون الاخذ في الاعتبار اهمية اوكرانيا بالنسبة لروسيا و لا يضعون اي اعتبار لروسيا ولقد راينا ذلك في مقاطعة اغلب القادة الاوربيين وامريكا لاولمبياد سوتشي التي استضافتها روسيا مؤخراً وظلوا يرسلون اشارات سلبية عن هجمات ارهابية متوقعة في فترة الالعاب الاولمبية لكن روسيا اصرت على إنها قامت بكامل الاجراءات التي ستحول دون وقوع اي هجمات ارهابية وقد نجحت نجاحاً باهراً و هاهم اليوم يكررون الامر بالتهديد بمقاطعة قمة مجموعة الثمانية في سوتشي في مقبل الايام و هذا لن يمنع بوتين من تنفيذ وعوده ، اوكرانيا لها اهميتها الكبيرة بالنسبة لروسيا وهي عمق استراتيجي لها لذلك بوتين لن يتهاون بقضية اوكرانيا و ترك امريكا واوربا تعيثان فيها وفي حال رضخ موسكو للضغوطات الغربية فستكون افسحت مجالاً اخر لامريكا ليكسب و سيهدد ذلك ايضاً الوجود الروسي في البحر الاسود .
من الغريب إن الرئيس باراك اوباما يتحدث عن ضرورة احترام روسيا لسلامة وسيادة الاراضي الاوكرانية وتحثها على سحب قواتها وعدم القيام باي عمليات عسكرية استفزازية كما تسميها ، امريكا لا تستطيع التحدث عن سلامة وسيادة الدول فهي تنتهك اراضي اي دولة شاءت وقتما تشاء دون اللجوء لمجلس الامن الدولي او الامم المتحدة وفعلت ذلك في العديد من الدول في اوربا اثناء فترتي الحرب العالمية وفي دول مثل هاييتي وكوبا وغيرها وتبرر ذلك حماية لامنها القومي ومصالحها الجيوسياسية كذلك روسيا تفعل حماية لامنها القومي وحماية لعمقها الاستراتيجي ، اوكرانيا تعتبر ذات اهمية كبيرة بالنسبة للدول الغربية و روسيا لان الغرب تعتقد إن سقوط اوكرانيا في احضانها يعني انهيار روسيا ، موسكو تدرك ذلك جيداً ومستعدة للمخاطرة العسكرية مرة اخرى كما فعلت من قبل في اوسيتيا الجنوبية و ابخازية في العام 2008م عندما شجعت الغرب جورجيا لاستفزاز روسيا معتقدة إنها ستحصل على دعم عسكرري من اوروبا وامريكا لكن كانت حساباتها خاطئة وتركت وحيدة تواجه الدب الروسي الغاضب .
إن توجيه الرئيس بوتين القوات المسلحة باجراء تدريبات جهوزية وطلبه تفويض من قبل مجلس الاتحاد الروسي يخوله التدخل العسكري في شبه جزيرة القرم بعد إن طلب رئيس وزراء القرم رسمياً من موسكو المساعدة في عودة الاستقرار و الامن الى الجزيرة ، واحتلال موسكو لعدة مناطق استراتيجية في الجزيرة يؤكد عزمها العميق لمواجهة التغييرات السياسية المدعومة من الغرب بالقوة المسلحة ومهما كلفتها ذلك دبلوماسياً و دولياً . اوباما ليس في يده حيلة سواء انتظار رد فعل بوتين فقط يمكنه التحذير و مقاطعة قمة الثمانية كما فعل من قبل في قضية اسنودن لكن لن يفعل شيئاً و سيتفاجاة القادة السياسيين الجدد في اوكرانيا إن الغرب يتركهم وحدهم .

كور متيوك
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..