شباب سوداني يملا العين في ماليزيا

جئت الى ماليزيا في زيارة عائلية لابنائي صفوان وعبادة ، وكانت آخر زيارة لي سابقة قد حدثت قبل عدة سنوات ، وما كنت اظن أن التغيير يحدث في هذه البلاد بمثل هذه الوتيرة.
متغيرات تراها وانت في مطار كوالالمبور وهو الآن يعد المطار القديم قبل حتى ان يتم الانتقال الى المطار الجديد والذي من المؤشرات الاولى انه سيكون تحفة معمارية. لن اكرر ما يعرفه الكثيرون عن تلك الابتسامة السحرية التي تقابلك في المطار من موظف الجوازات كأنك في بلدك الثاني وفعلاً انت في بلدك الثاني !! الانسان هناك يعمل من اجل بناء الوطن والتنمية وليس من أجل بناء المصلحة الخاصة والتكويش على كل ما يستطيع من الاموال العامة. الكباري الجديدة والشوارع المنظمة والعمارات الشاهقة تصطف على طول الطريق من المطار الى داخل المدينة. والخضرة الجميلة على حافتي الشارع في تنسيق جميل رائع تسحرك من روعة جمالها.
عندما هبطت بي الطائرة في مدينة الدوحة وهي مدينة اعشقها واحبها فهي تذكرني دائما بالشعر والهوى العربي ومجلة الدوحة الادبية وانا قادما من جدة في طريقي الى كوالالمبور ، اندهشت وأنا ارى الطائرة الجامبو الكبيرة وهي تمتلىء من مطار الدوحة بعدد كبير من الأروربيين حتى خلت ان الرحلة متوجهة الى فرانكفورت او باريس. وهنا عرفت كيف استطاعت ماليزيا ان تكسب السياح من مختلف أنحاء الكرة الأرضية حتى وصل عددهم العام الماضي ما يقارب عدد السكان أي حوالي 25 مليون سائح.
مدينة كوالالمبور المدينة التي لا تكف عن الابتسامة لكل من يصل اليها ، لا تنام وترى الحياة فيها تدب حتى ساعات الفجر الاولى ، مدينة حيوية تمنحك القوة والنشاط وتجعلك تركض طوال ساعات اليوم حتى تستطيع ان تستمتع بجميع مباهجهها.
في تلك اللحظة عدت بذاكرتي الى وطننا الحبيب الذي ما عدنا نعرف هل ننعيه ام نندب حظنا في الوقوع بين جنباته. الامور في السودان تسير بوتيرة تحسبها أسرع من الخيال يحسدنا عليها الجميع … ولكن إلى أين ؟ بالطبع إلى الخلف حتى وصلنا إلى مؤخرة الدول في كل شىء!!!
يحكمنا أجيال من السياسيين اكل عليهم الدهر وشرب ولا يريدون ان يغادروا الساحة السياسية.
انظروا الى من يتصدر الموقف والساحة السياسية منذ ان نال السودان استقلاله حتى جثم في صدره هؤلاء الذين انطبقت عليهم مقولة استاذ الاجيال الطيب صالح من اين جاءوا …. المهم أنهم جاءوا ليحفروا الحفرة التى وقع فيها السودان الآن ولا يعرف من أين سيكون المخرج بعد أن انتهى كل شىء.
سياسيون فشلوا واستنفدوا أغراضهم وأصبحوا فاقدي الصلاحية ويفتقدون الرؤية الثاقبة او النظرة المستقبلية أو حتى واحد في المائة من امكانيات القيادات الملهمة لشعوبها امثال ( مهاتير محمد ).
وفي المقابل وجدنا شباباً دررا غالية في ماليزيا. طلاب يتحلقون حولك ويحتضنونك كأنهم أبنائك. وهكذا السودانيون اينما حللت تجدهم اجتماعيون يتفقدون بعضهم البعض! كانت غرفة ابني الصغيرة عبارة عن منتدى .. يتسابق إليها زملاء صفوان وعبادة لتحيتي لا يتخلفون عن واجب تربوا عليه في وطنهم فاعادني هؤلاء إلى سنوات طويلة منذ أن غادرت مقاعد جامعة الخرطوم .. وتحاصرني الذكريات واتبادل معهم ما جرى في تلك الأيام .. كيف كنا وكيف أصبحوا هم الآن !! وكيف يعيش طلاب جامعة الخرطوم حالياً !
تجمع حولنا محمد عباس ابن الطبيب القادم من السودان ومصطفى بولادي وعمرو شانتير القادمان من سلطنة عمان ، وعبدالله حسن القادم من الدوحة ، وايهاب عبدالرحمن ومحمد ميرغني واحمد هارون القادمون من السعودية ومحمد خالد ابن المناقل وارض الجزيرة الخضراء..
ومع هؤلاء الصومالي عادل …. ثم يأتي من بعد ذلك نصرو علي الاريتري الجنسية السوداني الهوى والمشاعر وكل شىء حتى زوجتة الماليزية ما انفكت توفر لنا كل مالذ وطاب من الطعام في خدمة وتواضع تحسد عليها ، ثم يأتي من وراء هؤلاء طالب التحضير في الدراسات العليا أمين علي وصديقنا الدكتور وليد سلطان الشخصية المعروفة والمحبوبة في ماليزيا.
شباب يتوهج في نفوسهم الحماس وتلهبهم المشاعر وتتدفق احاسيسهم بحب السودان …..
ولكن ….. آه من لكن هذه … فإن كل الأبواب موصدة أمامهم.
ما كنت احسب أن اليأس ضرب اطنابه ووصل إلى غابات الملايو في هضاب ماليزيا وسيطر على عقول وقلوب شباب الأمة .. مستقبل السودان الواعد .,, كنت أسالهم عن مآلات المستقبل ! وما هي خططهم وبرامجهم بعد الانتهاء من المرحلة الأكاديمية.
فكانت إجاباتهم مذهلة !! لا خيار لنا غير الهجرة الثانية .. التوجه نحو أوروبا او كندا أو أستراليا !!!!
فالسودان ما عاد فيه مكان لإنسان مؤهل يريد أن يخدم وطنه. لقد احتله الأوباش وانصاف المتعلمين ، والمتسلقين والمنتفعين والنفعيين.
نحن نسمع كل يوم عن الهروب العظيم ( The Grate Scape) للكوادر المؤهلة .. ولنا زملاء وأصدقاء الآن يحزمون امتعتهم لمغادرة السودان إلى أي مكان في الكرة الأرضية. زملاء درسنا سوية في السودان وقد خرجنا نحن من السودان ، ونسمع الآن أنهم لا يجدون موقعاً او مكاناً يليق بما بذلوه من جهد في قاعات العلم ، فكيف لنا أن نذهب إلى السودان.
إنها محنة …. أن يتسلل اليأس إلى نفوس هؤلاء الشباب ذخيرتنا إلى المستقبل وسلاحنا الى الدخول إلى عالم التطور واللحاق بركب الامم المتقدمة.
هؤلاء الحكام دمروا البنية الاساسية للمجتمع السوداني ، ووصلوا الآن إلى اخطر الأعمدة الثابتة في المجتمع الا وهم الشباب فادخلوا في نفوسهم مثل تلك الأفكار المدمرة!!!
شباب سوداني تشعر بالفخر وانت تراهم ينهلون من العلم ويتسابقون في دراستهم ولا يجدون فرصة في تحقيق احلامهم بالعودة الى أوطانهم ليقدموا ما اكتسبوه من علم ومعرفة لشعبهم …. إنها قمة المأساة فكيف يغمض جفن لهؤلاء الحكام وهم يضيعون مثل هذه الثروة القومية!
علي عثمان المبارك ? صحفي
[email][email protected][/email] لقطة:
هناك الكثير من الصفحات التي يمكن ان تكتب عن ماليزيا وعن بعض المشاهد الايجابية والاخرى السلبية التي تحتاج الى تناول .. عسى ان نحاول التعرض اليها في حلقة اخرى.

تعليق واحد

  1. اجزت فاصبت لكن هناك بالمقابل الكثير عن عكومه الفساد التي حاصرتها جحافل التغير من كل الجوانب ولكن الموسف طيبه وعفويه شعب السودان الطيب الذي اظنه سوف يغفر لامثال غازي ونافع

  2. أخوي علي ود المبارك – مقالك جميل جداً وأصبت كبد الحقيقة وأنت تزيد في أوجاعنا – هكذا أصبح حالنا وهكذا أصبح الوطن – وهكذا أصبحنا شعب رماد فقراء داخل الوطن ومتغربين خارج الوطن نحمل جراحاتنا ولا ندرى أين نموت – حقاً إنها مأسأة كبيرة ما إرتكبوه هؤلاء الحكام في حق هذا الشعب .

  3. ماليزيا تستحق ان تسمى جنة الله في الارض و هي دولة ترتقي بوتيرة سريعة اقتصاديا و مدنيا و حضاريا لانها دولة يحكمها وطنيون غيورون على وطنهم حولوها من بلد تعتمد على انتاج المطاط الذي افل سوقه الى دولة رقم في الاقتصاد العالمي تزداد رفعة كل يوم عبر الصدق و الاخلاص و التخطيط السليم و الاستفادة من التنوع … و لا زال في بالي منذ ايام دراستي بها قبل اكثر من عقد الرؤيا التي وضعتها الدولة للبلاد لعام 2020…..
    عصابة المتاسلمين التي سيطرت على السلطة في السودان بليل اقامت علاقات مع ماليزيا و لكنها لم تفكر ابدا ان تتعلم من التجربة الماليزية لتطوير البلد ،بل تعاملت مع ماليزيا كمخزن للاموال المنهوبة المهربة و موضع لاستثمار المال المسروق … فاصبحت ماليزيا تثب وثبا الى الامام و لصوص المؤتمر غير الوطني يسيرون بالسودان هرولة الى الخلف فدمروا بنياته و مصانعه و مشاريعه و نهبوا موارده و باعوا مقدراته و اججوا فيه الحروب و قسموه و مزقوه شر ممزق و كانهم بذلك يقصدون ان لا تقوم للسودان قائمة الى الابد! و كما ذكر الكاتب فان اسوأ سوءات الاسلامويين المتسلطين انهم شردوا العقول و الكفاءات و اعدموا الامل في نفوس الشباب و تلك الطامة الكبرى و الجريمة الاكبر التي ارتكبها متاسلمو السلطة….

  4. حياك الله علي عثمان المبارك الا ان تقوم القيامة لم يكون ولم نحلم بوطن مثل ماليزيا ماليزيا بنتها عقول اين العقل السوداني بلد عمرها اكثر من ستين سنة منز الاستقلال ماقادرين نعمل شئ من فشل لفشل في كل شئ ليش تمشي بعيد مصر حلم بعيد مابلك ماليزيا مافي حل الا ان نتخلص من هؤلاء الساسة الذين فشلوا ولا زالوا يصرون علي مواصلة مشوارهم الفاشل في السودان والمفروض اول ما بقتل الترابي لانه شارك في كل الحكومات وهو صاحب التدمير الاخير الذي قضي علي كل شئ وحتي الانسان السوداني لم بعد ذلك الانسان الطيب الامين الصادق النبيل الشهم الكريم صاحب النخوة واختلط الحابل بالنابل وتغيرت ختي تركيبة الانسان السوداني وظهرت ملامح متعددة لوجوه ليس سودانية وصارو محسوبين علي السودان ملايين من الافارقة متسودنين بهويتنا ومحتلين الاضنا ويقاسمونا الحقوق شئ مولم جدا مثل هذا الاريتري ملايين الارتريين عندهم جنسيات سودانية ولا تجد سوداني واحد عنده جنسية اريترية لماذا لان القانون عندهم لا يملك هويتهم لاجنبي وكذلك الاحباش وجميع دول افريقيا ولما تشوف صورة لشارع سوداني تحلف تقول والله داء ما السودان شئ مخيف وجوه قبيحة مخيفة ولا تنسوا كل الجرائم التي تحصل في السودان من ورائها اجانب او منفزوها اجانب وحكاية الاطباء الزور ليست ببعيدة كمية من الاجانب فاتحين عيادات وهم لا يملكون شهادات وتصاريح عمل الله يرحم السودان الله يرحم السودان السودان انتهي نهاية مرة دي سياسة القزر الاسموا الترابي داء البلد كلها فساد ونهب وقتل ودق ورقيص خلي كل بنلت السودان مطربات وخاصة بنات العرب الترابي انسان حاقد وهو الدخل الشيعة في السودان وهو وهو وهو عشان كده حلال دمه يجب ان يعدم هو في الاول كل ما الاقي انسان جائ من السودان القي الحسرة والالم علي نفسه يهز راسه الواحد في السودان اليوم لا يسطامن ولا يامن علي اولاده وبناته وخاصة الاطفال يا ما حصل لهم ودكوا قوانين حماية الطفل بالارض حتي الدولة لا يحركها ساكن ولو بالقصاص واذا حكومة البشير لا تحمي اطفال السودان دائرة تحمي مين الحرامية الصوص سارقين وناهبين اموال الشعب اتعجب كل يوم نهب وفضائح والبشير ساكت ولا يحركه ذلك ابدا داء يوكد لكم ان البشير حرامي والحرامي طبعا يتعاطف مع الحرامية عشان كده لازم تزال الانقاز دي باي طريقة ولو بقوات اجنبية حرام البحصل في البلد داء شئ يقطع المصاريين

  5. قبل من تقول كلامك دا اسأل عن العصابات السودانية المتخصصة في الاعتداء الطلاب السودانيين فقط وسلبهم بقوة السلام الابيض ، ولايمكن لطالب سوداني الذهاب للبنك للحصول على الحوالة دون حماية عشرة طلاب من زملائةه والا واجه الطعن والقتل
    رحم الله السودان وأهله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..