مقالات سياسية

أنا النبي لا كذب (17) والأخيرة: إنه عصر العقول و إنتهى عهد ا

أحمد الله العلي القدير على توفيقه بتكملة هذه السلسلة و التي عرضت فيها بعض نماذج الإسرائيليات وما هو الجو العام لنشوبها والتي للأسف أصبحت الآن مسلمات وتسمى بإسلاميات. فقد عملت الإسرائيليات لتشويه دين الله والمسلمون لا يشعرون. بينما عملت الإسلاميات بواسطة الإسلاميين لتدمير الأمة و الأوطان. و هناك أوجه شبه كثيرة بين الإسلاميين والإسرائيليين، ولكن أهمها هو وهمهم بأنهم مختارون من الله عز وجل. فعندهم “الغاية تبرر الوسيلة” إذ لابد من تكوين دولة لنصرة الدين، ولا بأس أن يقتل ثلثي عددهم في سبيل غاية إقامة تلك الدولة. ويقولون إن دورهم رسالي، أو إقامة “الدولة الرسالية”، والرسالة لم تنزل عليهم حتى، بل نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والرسول صلوات الله وسلامه عليه لم يأتي ليقيم دولة بل دين ومهمته التبليغ فقط، فأي كذب هذا؟ والله تعالى يقول: ((يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين)) [المائدة: 67]. ولكنهم يخدعون الناس بهذا الإسم الحركي والمصطلحات لمصالحهم الدينوية الشخصية. وقد قال رسول الله “أنا النبي لا كذب” لكي لا يتبلى عليه أحد ويدعي تمثيله.
ولاحظ لم أقل مسلمين ولكن إسلاميين، لأن هنالك فرق كبير بين مسلم وإسلامي. فالمسلم من على دين الإسلام و صدّق برسالة محمد صلّى الله عليه وآله وسلَّم. وقد يكون الإسلامي مثل المسلم ولكن الفرق في أن الإسلامي مجرد لقب سياسي لجماعة تريد الحكم بإسم الإسلام. وهذا لا يعني أبدا تمثيلها الإسلام. وحتى الناس وعت بتجاربهم الفاشلة بإسم الدين في الحكم. فقد باتت تفهم كلمة إسلامي كما المسلمين الأوائل من العرب الذين عرفوا كلمة مسلم ومسلمين فقط و لم يعرفوا كلمة إسلامي (أو إسلاميين) بالمعنى المخصوص. فقد كانوا يفهمون إذ قيل فلان إسلامي، أي ذاك الذي يستر كفره ويظهر إيمانه.
وننصف بعض الإسلاميين بقولنا إنهم يغيرون على دين الله ويريدون له النصرة، ولكن كيف لهم ذلك بالمفاهيم الصهيونية و الإسرائيلية المغلوطة وسلوك طرق ملتوية مختلفة عن تعاليم الإسلام الأصلية وأخلاق القرآن العظيم المطابق لسنة نبينا الكريم. فهذا لن يعفيهم من مسؤوليتهم، لأنهم يجب عليهم تحري ما ينتج عن أفعالهم قبل الشروع فيها. فبتلك الأفعال المجافية للدين إستبد بالناس وسفكت دمائهم ظلما وعدوانا وقمعوا وشردوا وقهروا. وأثمر هذا بنفسية سلوك عدائي للإنسانية والحرية التي منحها الله لعباده.

وأرت في هذه السلسلة توضيح أن دين الله برئ من كل من يدعي تمثيله. فقد أوضحت كيف يعمل القرآن العظيم كجهاز كاشف لكل الأكاذيب والإدعاءات الباطلة والإفتراءات على الدين من خلال التعارض الكلي مع آياته المطهرة، وأنه ذكر حكيم ليس فيه ناسخ ومنسوخ. وبينت مستعرضا كيف جاهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتبليغ ما أنزله الله تعالى ليجعل الناس سواسية لا فرق أبيض على أسود ولا عربي على أعجمي ويحرر العبيد ليحل السلام والأمان والتعايش السلمي بين الجميع وكل له حرية إختياره ولكم دينكم ولي دين. فرأينا كم عانى في المجتمع الجاهلي الذي يعتمد الشفاهة وعدم التوثيق والذي من السهولة فيه تحول الأقوال والأحاديث لأكاذيب ودس الدسائس. وكم كان كفاحه في الإتيان بحقوق النساء والفقراء والمستضعفين وتحقيق العدالة الإجتماعية للناس. وذكرنا إذا كان الدين في حياته صلوات الله وسلامه عليه تعرض لكم كثير من الأكاذيب، فكيف بعد إنتقاله للرفيق الأعلى؟. وقد طمست كل الأثار النبوية الشريفة والتي كان ممكن أن تكون بمثابة معالم تدحض الأكاذيب الإسرائيلية وتشكل سكينة وطمأنينة كما حدث لجنود طالوت ((وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين)) [البقرة: 248].

وقد بينت إن دين الله ضد كل حرب وأن الإسلام لم ينتشر بالسيف أبدا. فكتاب الله تعالى لم يرد فيه لفظ وحاربوا أبدا، بل وإطفاء كل الحروب وقال تعالى: ((وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)) [البقرة: 190]. فقد بينت كيف حورت الحروب العدائية التي شنها المنافقون وما تبقى من المشركين المعتدين على المسلمين ليقلبوا الصورة فيها فيصورا المعتدي الهدف، والمعتدى عليه هو الهاجم ويسموها “حروب الردة”. ليبرروا فيما بعد بأن الإسلام يبيح شن الحروب وقمع الناس لأخذ أموالهم وقهرهم بالسيف. وقد إستمرت الفتن والقلاقل إلى ان تألفت الفتنة الكبرى التي إنتفجرت ليتحول دين الله لكهنوت لصالح ملوك الدنيا والسلاطين لأجل الجاه والمال والشهوات والسلطة والحكم، واللهم أنصر الدين والدولة. فقد تعرضنا للنزاع بين علي ومعاوية لأهميته وإفرازه.
وبواسطة بعض رجال الدين وفقهاء السلاطين ألجمت عقول الناس من التفكير بإحتكارهم المعرفة السليمة للدين و للروايات والتاريخ الصحيح للإسلام. فبذلك إستلب عقل الأمة وإختزل في عقل السلطان ليعموا الأمة من البحث عن الحقيقة ثم تلتبس عليها مفاهيم كثيرة مثل: الأمة وإرتباطها بالدولة، والجهاد بالقتال، والشهادة بالموت قتلا في المعارك، والحدود والشريعة وغيرها الكثير الذي وضحناه.

ثم ذكرت إن التأريخ كتب على أهواء السلاطين ليقال إنه تاريخ الإسلام لتعطى قدسيات خاطئة للزمن والتاريخ والأشخاص. وقلنا إن الأشخاص وأفعالهم لا تمثل دين الله. وكل تلك الأسباب وما ذكرنا غيرها في هذه السلسلة كانت رامية لتشويه الدين، وأتخذها بعض العلماء والفقهاء والوعاظ، إن كانوا يشعرون أو لا، بأنها الدين الصحيح الذي يجب إتباعه. فيرتكب البعض أفعالا منافية للقيم السامية والمبادئ العالية التي أتى بها الدين مما تسبب بالتشويش الفكري الكبير والإضطراب النفسي الحاد الذي يتعرض له المسلمون بسبب الفهم الخاطئ فتخلفوا عن ركب الإنسانية بالرغم من إن القرآن الذي يتلونه صباحا ومساءا ثورة فكرية ومجتمعية ضد كل أنواع الفساد والإستبداد والظلم والطغيان.

وأخذنا ضد العلماء و الفقهاء الأفاضل انهم يعملون ظاهريا من أجل الاسلام ولكنهم أهملوا الناس ولم يعملوا على توعيتهم بحقوقهم الإنسانية كبشر بل تخديرهم بالصبر والذل و الرضا بالظلم والإستكانة، وهذا إذا أفترضنا إن نياتهم خالصة لوجه الله، وليس لوجه الحكام. فدين الله نفسه جاء من أجل الانسان، والله وحده حافظ لدينه ومتكفل بإتمام نوره فكيف يدعون نصرة الدين من غير نصرة الإنسان المستضعف. فلا يمكننا أن نسلب الناس حرياتهم التي وهبها الله تعالى لهم بزعم رفعة وإعلاء كلمة الله، ونتسلط ونقمع ونقتل الناس لذلك. فالعمري هذا من أحد أسباب الرزايا المهمة التي نمر بها. وكما قال الدكتور جمال البنا كلمة شهيرة: ” الاسلام يريد الانسان والفقهاء يريدون الاسلام”.

لقد أبديت رأي الشخصي بصراحة عن دين الله سبحانه وتعالى بحسب فهمي. فمن حق كل إنسان التعمق في الدين. فالدين ليس حصريا على العلماء والفقهاء الأجلاء فالله هدانا لهذا جميعا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. ففهم الدين ليس مقصورا على سيادتهم ما دام الله تعالى الوهاب رزقنا عقولا مثلهم.
فأنا أؤيد بشدة حق كل إنسان في إبداء رأيه مهما كان مختلفا عن أي رأي آخر إذ لا يجب ان يخشى في ذلك لومة لائم. لأن رأيه هو بمثابة بصمة شخصية وهبها الله له لتميزه عن الآخرين. ولذلك خلق الله سبحانه بصماتك مختلفة عن أي شخص آخر.
وإن من ينكر على الآخرين حقهم في إبداء أرائهم المختلفة، إنما هو مستبد لأنه يسلب حقوق الآخرين في التعبير ويظل موليا وجهه شطر رأيه فيصبح عبد لرأيه الحالي. فالدين لكل الناس ونزل على قلب النبي وهو رحمة للعالمين جميعا. فليس فيه أربابا أو جماعة أو طائفة لها ملكية إحتكار عملية البحث في شؤون الدين عن الآخرين. بل إن من حق كل إنسان التعمق في الدين ونصوصه وإجراء البحوث فيها استنادا إلى العقل والقراءة التاريخية بتمحيص لهذه النصوص لأن منها المزيف والملفق والمدسوس وهذا ما بينا منه الكثير في هذه السلسلة. فالعقل هو أمضى سلاح للكشف عن كل أنواع الخطأ والتحريف والتزييف بإستخدام المنطق والتفكر والتدبر. ويجب أن نثبت مرجعيتنا لكلام الله سبحانه فقط أولا. فما توافق معه فهو صحيح وأكيد، وما ما زاد عنه فيلقى في دائرة الريب. أما ما تناقض عنه فيلقي بعيد ويلغى. فمن المهم تقييم الظروف التي صدرت فيها وتحليل مدى توافقها مع العصر الراهن للأخذ بحدود ما هو صالح منها. اما ما تقادم عليه الزمن فيجب أن نتركه للعبرة والإعتبار.

وكان هدفي الرئيسي النظر من زاوية مختلفة تماما للمساهمة الفكرية وإثراء فضاء التفكير الحر. وحسبي ان ارمي حجر تفكير في العقول يساعد في تحريك الألباب من الركود والجمود الذي أصابها من غياب المنطق واللاعقلانية بسبب إنعدام الحرية. فلقد تسببت أنظمة الحكم الإستبدادية الغاشمة المتعاقبة بتزييف الوعي و تدمير القدرات العقلية والضمائر الإنسانية ليبدلوها بقوالب جاهزة في التفكير الرجعي والمنطق العقيم من الكهنوت للإتباع والإنقياد والإنصياع وعدم الإبداع. فيكون الناس نسخ مستنسخة ذات نمط واحد ولا بصمات لها.
فالدين جوهره الضمير الإنساني الذي تقبع بداخله الفطرة الإنسانية السليمة. فإذا أعترى هذا الضمير تلويث فلن يستطيع الوصول للفطرة. فدين الله جل وعلا، دين لكل الناس و النبي صلوات الله وسلامه عليه هو نبي للإنسانية جمعاء. و دين الله دين فكر وإنطلاق وليس دين حكر وإنغلاق. والإسلام دين ودعوة وليس دين ودولة. والنبي صلوات الله وسلامه عليه هو ناصر المستضعفين والفقراء والنساء والمنكسرين وثائر بهدى ضد كل الطغاة الظالمين المتجبرين الإستبداديين. فهذا هو النبي الذي أعرفه، فإذا كان رأيي مخالف لما يهوى البعض ويمتاشى هواهم مع هوى السلاطين والحكام وما يسمون انفسهم بالخلفاء والتاريخ المزيف الذي قرأناه، فلكم نبيكم ولي نبيي إذن.

***كان مرجعي الأساسي أولا وأخيرا القرآن الكريم/ كلام الله سبحانه وتعالى. وهناك بعض المواقع والكتب التي يمكن أن تكون مصادر أخرى مع أني أختلف مع أصحابها في بعض الجزئيات. ولكن ما قرأت ساعدني في تأليف وإخراج ما كتبت. فمنها:
– إنترنت – ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، ar.wikipedia.org/wiki/ ومواقع أخرى.
– الشيخ على عبد الرازق، الإسلام وأصول الحكم
– عباس محمود العقاد، عبقرية محمد، عبقرية عمر، عبقرية الإمام
– د. طه حسين، الفتنة الكبرى
– الأستاذ ابن قرناس، أحسن القصص
– أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين
– د. علي الوردي، مهزلة العقل البشري، وعاظ السلاطين
– الأستاذ محمود محمد طه، الرسالة الثانية من الإسلام، طريق محمد
– أحمد أمين، فجر الإسلام
– إنترنت- محاضرات وخطب مختلفة للشيخ الدكتور عدنان إبراهيم

وأعتذر عن أي أخطاء وردت، فجل من لا يخطئ، سبحانه وحده. فسأقوم بمراجعة ما كتبت ثانية لأني أنوي نشره قريبا في كتاب بإذن الله. وأشكر المعلقين الأفاضل، الذي ساهموا في إثراء الموضوع بتعليقاتهم المفيدة والتي بالتأكيد ستفيدني في تصحيح ما أود نشره لاحقا. فأنا لم أتجاهل ما يكتبون، ولكني لا أحب الجدل اللامجدي خصوصا مع من يعتقد إنه على صواب وغيره على خطأ. فأنا قد طرحت رأيي بوضوح ولا يمكن أن أتمادى لأفسر مقال بمقال، لأكون كالذي يفسر الماء بعد الجهد بالماء. فمن يتفهم ويختلف بإحترام يمكن المناقشة معه. ولكن الكثير يقرأ بعقيدة راسخة وجد عليها أبائه وأجداده ومعظم الناس في المجتمع، فيكون لديه قناعة مسبقة متعصب لها تحجب بصره وتغطي عقله عن الهدف والمقصد النهائي لصاحب المقال. وهنالك من يعتقدون إنهم هم الوحيدون الذين يملكون الحقيقة المطلقة فتجدهم يتمسكون بجزئيات بسيطة ليست هي هدف، ولكن لأن الناس تتعارف عليها كحقيقة. ولكن ما أدراهم فربما حقيقة مزيفة. فأنا لم أدعوا إلا للحرية والإنسانية وعدم قتل أي نفس والسلام ونبذ الحروب ويقظة الضمير وصحوة العقول ونصرة المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، والثورة ضد الظلمة الطغاة وفهم دين الله ومعرفة النبي صحيحا. ولكن أمثال أولئك يتبعون إسلوب النقد الهدام للكاتب وربما شتمه وسبه ولعنه ورميه بالكفر والزندقة والفسوق. و أرد على هؤلاء بأني لست أريد ان يرضى عني الناس فرضا جميع الناس لا ينال، وحسبي أني أفكر فيما أشاء، وأكتب ما أفكر لأعيش حرا. بل وانا سعيد بفتح الباب للقراء الأحرار، ذوي الألباب لكي يبحثوا ويتناقشوا ويفكروا ليصلوا للحقائق بأنفسهم. فالحرية ليست حرية الجسد، إنما حرية العقل أولا. وقد إنتهى عهد الصراخ لتثبت أنك على حق، فكل حقيقة في الواقع بنات بحوث ومناقشات الواقع. ولست ادعي اني اصح فكرا من غيري لأن حقيقة ما يكتب أي شخص ستستبين بمقبل الأيام. فأما الزبد فيذهب جفاءا وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

لقد حاولت الكتابة بالنظر للواقع العام للشعوب وما جرى للأمة والناس بفكر حر. ولكن هناك الكثير الذين لا يعترفون بفكر مختلف ومتجدد مع إن العالم يسير بوتيرة التغيير والتجديد وهذه سنة الله في كونه. فالمنطق الحديث هو مفهوم الحركة والتطور. فكل شئ في هذا الكون يتطور من حال إلى حال ولا راد لتطوره. بمعنى آخر كل شئ حركي و نسبي. فتجد النظريات الجديدة تنسخ القديمة. ولكن عشاق الإتباع وأعداء الإبداع يريدون أن يقبعوا في سطور القديم متمسكين بحروفه وحركات الرفع والجر وحتى السكون. فأنى لهؤلاء التقدم والإزدهار وهم لم يستوعبوا ويفهموا نواميس التطور، وسنة الله في الكون، وهم مستمرون بإمطار الناس بوابل مواعظهم الرنانة التي لم تغير الواقع ولا المستقبل، بل تدعو للجمود والسكون والركود والرجوع للماضي.

ولكن هيهات، فالعالم يسير للأمام وهناك مفاهيم جديدة كثيرة آتية من عدة جهات، وسمها ما شئت عولمة أو غيره. فهذه المفاهيم المتجددة مغرية وجارفة وصادمة ومدمرة إن قوبلت بحماقة لأن السدود والحواجز لا تستطيع أن تقف أمامها. ولكن يمكن إحتوائها ومقاربتها بالعقل للإستفادة من جوانبها الحسنة وإهمال سفاسفها لكي يتسنى لنا مواكبة الجديد ونتعايش معه بقيمنا وأخلاقنا قبل أن تجرفنا وتدمرنا بحلوها ومرها.

إننا نمر اليوم بمرحلة إنتقال قاسية ونعاني منها الآما شديدة تشبه ألام المخاض. وهذه المرحلة شبيهة بمرحلة القرون الوسطى التي مر بها العالم الغربي قديما. فالآن تتألف حضارة جديدة ستجرف كل ما ألفناه قديما. لذلك نرى مناوشات هنا وهناك بين الجيل الحديث والجيل القديم. فكثير من الناس من يصرخ عاليا لخوفه من ولادة مولود يأتي مشوها. ولكن إنتهى زمن الصراخ والعويل والبكاء على لبن الضياع المسكوب وجاء زمن مواجهة الواقع ومعرفة الحقائق بالشفافية و إزياد الإتصالات وإنفتاح الفضاءات بالحرية. ولكن نرجع ونقول: إذا كانت العقول مكبلة لن تصل للحقيقة بفطرتها.
و كنا ننتظر من المفكرين ورجال الدين أن يساعدوا في أزمة المخاض هذه بتيسييره وليس تعسيره، ولكن وجدناهم على عكس ذلك يقفون في طريق الإصلاح بمنطق أجمع الفقهاء والعلماء ويغضون الطرف عن الحال العام من الإنحطاط الأخلاقي والمادي والمعنوي الذي تعيشه المجتمعات ولا يستنبطون على الأقل جذر المشكلة والذي ساهم فيه منطقهم العقيم. بل والتمادي بقص القصص الوردية عن الماضي والتمني على الله الأماني. فهذا المنطق ينفع في حالة التنويم الإجتماعي، ورغما عن ذلك فإنه لا يجدي الآن بسبب القوة الجارفة.
وإذا لم نتعلم من تجارب الآخرين فعلينا أن نتعلم من تجربتنا القاسية المرة التي فقدنا فيها أشياء كبيرة من أنفس وأرواح وماديات ومعنويات، افقدتنا الكثير وأورثنا منها التخلف المرير. فنحن نقف اليوم على مفترق طرق إما أن نتمسك بما وجدنا عليه أبائنا ونتعصب ونتجه نحو طريق الإنهيار الكامل والدمار، أو أن نسلك طريق التغيير والإصلاح، و أن نصبح أحرارا ونعيش مع الناس شعوبا وقبائل في سلم وامان ونساهم مع الناس في تطور الحضارة الإنسانية بفهم عميق لحقائق التاريخ ووعي متميز بوقائع الحاضر.

لا بديل إذا غير ان نعيش أحرارا ويحترم بعضنا البعض لنعرف نبي الله حقا ودينه ونكون في خدمة الإنسانية. إننا قد نجد عذرا للسابقين بسبب سطحية أذهانهم وقلة معرفتهم وسلبية عقولهم. فقد ساهموا في شيوع الزيف والدسائس والأوهام ليكون دين الله محل إتهام، والرسول صلوات الله وسلامه عليه محل إساءة بتشويه صورته بالزيف والضلال. ولكن لا عذر لمن يعيش في عصر المعرفة وتنقيب الحقائق والتوثيق ويتخذ الكسل العقلي سبيلا ليتلقى المعلومات من جهة واحدة كالطفل الرضيع الذي تطعمه أمه. ولا عذر لمن لا يكافح الخرافات والخزعبلات والأباطيل ويريد أن يعيش في هذا الزمان ويملأ الدنيا صراخا وعويلا ويبكي وهو يتمسك بفلان الفلاني كعالم وفلان العلاني كشيخ وهو يتلو أحاديث وقصص عن النبي ما انزل الله بها من سلطان، والتي لا تتوافق مع كتاب الله والتي يعتقد أنها تنسخ كلام الله والعياذ بالله. وفوق ذلك يعض بالنواجذ على أوهام القرون البائدة. أفلا يقرأؤون كلام الحق القائل: ((ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا* يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا* لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا* وقال الرسول يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا*وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا)) [الفرقان: 31].

فالقرآن هو الفرقان. ونحن نعيش فترة تنويرية جديدة نصارع فيها الأفكار الخاطئة والوعي المزيف الذي أوصلنا لهذه المرحلة. ولكن لابد للناس أن تتحرر من قهر الحكام الظلمة وإستبدادهم، وتنعتق من معتقداتها ومورثاتها لتتمكن عقولها من التفكير الحر والوصول للحقائق بسهولة لحياة أفضل. والعالم يشهد هذا الإنفتاح والصحوة للحرية والقيم العقلانية والحداثة والتي ستمكن من تجاوز أزمة الوعي المعاصر بعد سنوات الضياع و الإنحطاط والصدمة الحضارية. ستكون هناك معارك فكرية حامية الوطيس، والمفلسون سيتخذون طرقا أخرى لكبت العقول وسفك دم أصحاب أجسادها. ولكن في النهاية سيحق الله الحق “بكلماته” التي هجرت، وسيعود الدين غريبا كما بدأ غريبا يدعو لثورة تجديد مستمر، عكس ما يردد معظم أرباب الدين الفقهاء والعلماء الأجلاء لعبادة الله من خلال طاعة الحكام. فدين الله يدعو للحرية ورفعة الإنسانية، والثورة على الطغاة الظالمين، والسلام والتعايش الآمن بين المختلفين دينيا وعرقيا، ولونا ولسانا، و جميع خلق الله.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    و الحمد لله رب العالمين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    و الحمد لله رب العالمين

    يا هذا نعم النبي لا يكذب …وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ
    { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } أي: ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه

    1/ و لكن أنت تكذب … قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )

    عودة إلى موضوع العلمانية و كل الانظمة العلمانية // الشيوعية .. النازية … الراسمالية .. و الاقطاعية في القرون الوسطى .. و الطبقية في الهند و دول اسيا و ….القبلية في أفريقيا كل هذه الأنظمة ترجع إلى عقل الأنسان و تجاربه على مدار القرون فما هي النتيجة الأساسية و الخلاصة الأخيرة في إنتاج العقل البشري حتى يتسنى لنا الحكم على العقل البشري بالنجاح أو الفشل أم إن الذين يتحدون عن نجاح العقل لهم ماءرب أخري و لماذا يصرون على بعد الدين في حياة الناس ..

    2/ النظام الراسمالي … بداء في عصر النهصة في إيطاليا بعد عصر نظام الأقطاع في أوربا و كان له دور كبير في تفكيك إيطاليا إلى دويلات تسيطر عليها البنوك و يديرون الحروب من أجل الأرباح ( و من هنا بداء عصر البوند bond holders ..) أو كما يعرف …و من هنا بداء دور أصحاب البنوك في إشعال الحروب من أجل ذيادت الأرباح و كان لها دور كبير و مباشر في الحرب التي دارت بين فرنسا و بريطانىا المعروفة في عام 1805 (بالإنجليزية: Battle of Trafalgar)
    و كان السبب الأساسي هو التفكير المادي و الأرباح لدى أصحاب رووس الأموال .. و من هنا كانت البدية الظاهرة و الكبيرة لعصر البوند و هي في الحقيقة أفلام واقعية لافلام جيمس بوند و لكن عمليا في حياة العالم ألان و لذلك كل حروب العالم ألان هي حروب أصحاب رووس الأمول … rich man war poor man blood ..
    وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۚ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ
    ( وَمَا تَفَرَّقُوا إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ) فقال: إياكم والفرقة فإنها هلكة ( بَغْيًا بَيْنَهُمْ ) يقول: بغيا من بعضكم على بعض وحسدا وعداوة على طلب الدنيا.

    و كل ذلك بسبب الحسد و البغض و الكراهية . و التكبر و على خلق الله و الشعوب و أمراض لا علاج لها عند الأطباء مثل الحسد البغض و التكبر و الكراهية بل علاجها من عند الذي خلق البشر و لذلك هولاء القوم أحقد البشر و لا يهمهم شي // أما الذين عملوا نظام المساعدات الاجتماعية بعد الحروب العالمية الأولى و الثانية فقد كان لهم بعض الايمان بدين النصارى أما ألان الأكثرية من الذين لا دين لهم أو بمعنى أصح لديهم هم من عبدة الشيطان و لذلك الأمور تزداد سواء في العالم الغربي و العالم ألان و من سواء إلى اسواء

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ

    وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا”

    قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء”

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ
    قوله تعالى : ( ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة ) تذكرة ، ( من ربكم وشفاء لما في الصدور ) أي : دواء للجهل ، لما في الصدور . أي : شفاء لعمى القلوب ، والصدر : موضع القلب ، وهو أعز موضع في الإنسان لجوار القلب ، ( وهدى ) من الضلالة ، ( ورحمة للمؤمنين ) والرحمة هي النعمة على المحتاج ، فإنه لو أهدى ملك إلى ملك شيئا لا يقال قد رحمه ، وإن كان ذلك نعمة لأنه لم يضعها في محتاج .

    3/ الغاية تبرر الوسيلة /// هو شعار Niccolo Machiavelli. و ليس للاسلام فيه دور و من يدعون الاسلام ألان في .. الاسلام منهم بريء

    يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ

    4/ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ

    أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ } أي: تقدم ضلالهم. { وَأَضَلُّوا كَثِيرًا } من الناس بدعوتهم إياهم إلى الدين، الذي هم عليه. { وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ } أي: قصد الطريق، فجمعوا بين الضلال والإضلال، وهؤلاء هم أئمة الضلال الذين حذر الله عنهم وعن اتباع أهوائهم المردية، وآرائهم المضلة.

    5/ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا
    يخبر تعالى عن شرف القرآن وجلالته وأنه { يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } أي: أعدل وأعلى من العقائد والأعمال والأخلاق، فمن اهتدى بما يدعو إليه القرآن كان أكمل الناس وأقومهم وأهداهم في جميع أموره.
    { وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ } من الواجبات والسنن، { أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا } أعده الله لهم في دار كرامته لا يعلم وصفه إلا هو.

    6/ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا
    وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ۚ وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا
    وقوله “وجعلنا على قلوبهم أكنة” وهي جمع كنان الذي يغشى القلب “أن يفقهوه” أي لئلا يفهموا القرآن “وفي آذانهم وقرا” وهو الثقل الذي يمنعهم من سماع القرآن سماعا ينفعهم ويهتدون به.
    وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب”

    7/ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا
    القول في تأويل قوله تعالى : وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا (54)
    يقول عزّ ذكره: ولقد مثلنا في هذا القرآن للناس من كلّ مثل ، ووعظناهم فيه من كلّ عظة، واحتججنا عليهم فيه بكل حجة ليتذكَّروا فينيبوا، ويعتبروا فيتعظوا، وينـزجروا عما هم عليه مقيمون من الشرك بالله وعبادة الأوثان ( وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا ) يقول: وكان الإنسان أكثر شيء مراء وخصومة، لا ينيب لحقّ، ولا ينـزجر لموعظة.

    و لنا بغية باذن الله .

  2. قال الكاتب ( والرسالة لم تنزل عليهم حتى، بل نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والرسول صلوات الله وسلامه عليه لم يأتي ليقيم دولة بل دين ومهمته التبليغ فقط، فأي كذب هذا؟)

    أي جهل هذا الذي يقوله كاتب المقال ؟ هل الامر بتبليغ الرسالة ينافي اقامة الدولة و الجهاد في سبيل الله ؟ أي بدع هذه التي يبثها كاتب المقال و أي تخريف هذا؟
    ما قول كاتب المقال في قوله تعالى : ” الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور) سورة المؤمنون
    قوله تعالى : ” ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ، كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ﴾ ”

    و الايات كثيرة في هذا الصدد بحيث لا تجعل أي احتمال و لو صفرا في المائة لسوء الفهم

    على كاتب المقال أن يعي ما يكتب و ان يحترم عقول القراء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..