استفتاء شبه جزيرة القرم

سيطرت الازمة الاوكرانية على الساحة الدولية حتى إن احداً لم يعد يذكر الازمة السورية التي ظلت مهيمنة على الساحة الدولية لاكثر من اربعة اعوام ، وكانت سوريا هي محور اي نقاش بين روسيا و الولايات المتحدة ، اما مع بزوغ الازمة الاوكرانية غسقت القضية السورية ولم يعد احد يتحدث عنها حيث تحول واشنطن للتركيز حول الامتداد الروسي داخل الاراضي الاوكرانية .
الدول الاوربية والولايات المتحدة تصرفا بطيش وانانية شديدين دون مرعاة للمصالح الروسية في المنطقة فقط كان تركيزهم هو كيفية عزل روسيا من حلفائها وتضييق الخناق عليها لكن الايام اثبتت إن تلك التصرفات وتلك الخطط فشلت بعد إن استشعرت روسيا الخطر القادم الى اراضيها . قادة المعارضة الاوكرانية نجحوا في حشد الموالين لهم في الميدان لمحاربة الرئيس يانكوفيتش وبمساعدة غربية لكن تصرفاتهم كان يعكس عدم مبالا بمستقبل وحدة اوكرانيا لذلك بعد ايام فقط من هروب يانكوفيتش قرر البرلمان إلغاء اللغة الروسية كلغة ثانية في البلاد وهو ما عزز مخاوف المواطنين الناطقين باللغة الروسية حول إمكانية احترام السلطات الجديدة لحقوقهم كمواطنين اوكرانيين .
اثناء الازمة كان روسيا تبدو غير مبالية بما يجري في اوكرانيا بينما الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين يصعدون الوضع مقدمين كافة المساعدات التمويلية والمالية ليستمر الاحتجاجات بالاضافة الى ممارسة ضغوط دبلوماسية هائلة للرئيس يانكوفيتش الذي بدوره قدم تنازلات كبيرة من اجل إن يعود الوضع الى سابق عهدها ولكن المعارضة اعتبرت تلك التنازلات بمثابة ضعف للرئيس لذلك بلغ بهم الامر درجة رفض عرض الرئيس بشغل مقعد رئيس الحكومة ورفض الاصلاحات الدستورية بالعودة الى دستور عام 2004م كل هذا رفضتها المعارضة التي تسميهم روسية بالمتشددين ، في الاونة الاخيرة شعر الرئيس بقوة المعارضة بعد إن استمرت في الاحتجاج و الاضراب لما يقارب الثلاثة اشهر وهذه حقيقة اعتقد إن المعارضة فهمتها على نحو جيد وكذلك الولايات المتحدة واوربا فقط فشلوا في قراءة الموقف الروسي وربما اعتقدوا إن روسيا يمكنها إن تتفاوض على امر الحكومة الجديدة واستمرار الامور وكأن شيئاً لم يحدث ، روسيا في الوقت الذي تصاعد فيها الازمة الاوكرانية كانت مشغولة بالتجهيز لاولمبياد سوتشي التي انفقت عليها 50 مليار دولار وبالرغم من الضغوطات الغربية التي مورست من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الاوربيين بالتحذير من وقت لاخر لامكانية حصول هجمات ارهابية اثناء فترة الاولمبياد إلا انها مضت في خطواتها بثبات حتى كتب لها النجاح كواحد من اكبر الاحداث العالمية التي يستضيفها ومحاولة لعكس إرثها التاريخي ومكانتها العالمية .
بعد إن اغلقت روسيا ملف الاولمبياد مباشر امر الرئيس بوتين القوات الروسية بإجراء مناورات عسكرية على الحدود مع اوكرانيا وتحصل بوتين على موافقة مجلس الاتحاد الروسي يفوض له نشر قوات في شبه جزيرة القرم ولم يجد القوات الروسية صعوبة في تنفيذ ذلك بمساعدة السلطات في الجزيرة ونقلت قواتها الى الجزيرة وهنا بالذات شعرت الولايات المتحدة بمدى جدية روسيا في المضى قدماً في المحافظة على مصالحها المهددة من قبل اوروبا وامريكا ولتاكيد عظمتها وقوتها .
ليس بإستطاعة الولايات المتحدة إن تفعل شيئاً حيال الاحداث في شبه جزيرة القرم سوى متابعة الاحداث على الارض من على البعد فهي لا تستطيع إن تضغط على روسيا عسكرياً او اقتصادية ولو حصل سيعجل بنشوب حرب كونية جديدة لم يخطط لها الولايات المتحدة بعد لذلك سيكون القبول بحقائق الامور على الارض هي افضل وسيلة .
إن محاولة الولايات المتحدة لتمرير مشروع قرار في مجلس الامن الدولي يعتبر الاستفتاء في شبه جزيرة القرم بالمخالف للقانون الدولي و التي ابطلتها موسكو باستخدام حق نقض الفيتو يؤكد ضعف الولايات المتحدة في القيام باي شيء تجاه موسكو .
نتائج الاستفتاء معروفة مسبقاً وهو إن يعود القرم الى روسيا التي لم تصبح جزءاً من أوكرانيا الا في عام 1954، عندما قرر الزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف وهو اوكراني الاصل اهداءها الى موطنه الاصلي و هو ما سيعزز من موقف روسيا في فرض سياسة الامر الواقع على امريكا وحلفائها الاوربيين على ان يكون المفاوضات حول كيفية كيفية المحافظة على المصالح الروسية في اوكرانيا في حالة قررت إنضمامها الى الاتحاد الاوربي .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. استفتاء القرم مثل استفتاء جنوب السودان غير قانونى لانه تم بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطنى دون الرجوع للشعب السودانى ليقول كلمته..وقد تم بضغوط واغراءات امريكية لفك الحصار وشطب السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب ولكن الولايات المتحدة لم تفى بوعدها وشرب المؤتمر الوطنى المقلب…وعادت المناوشات بين الجانبين والاحتراب بين الجنوببيين انفسهم..الجنوبيون هم اصل السودان ويعتبر السودان ملكهم وهذا الكلام ينطبق على النوبة والفونج والفور وهلمجرا..وكونه يتم عزلهم فى هذا الجزء من السودان هذه مغالطة للتاريخ واثبتت الايام فشل ان السودان بلد عربى اسلامى فقط…والأسوأ قادم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..