درداقاتهم ودرداقة بوعزيزي

(كلام عابر)

درداقاتهم ودرداقة بوعزيزي

عبدالله علقم
[email protected]

ألقى الأستاذ الطاهر ساتي في عموده المقروء في صحيفة السوداني الضوء على محنة أطفال الدرداقات في سوق الخرطوم المركزي وهم أطفال دون العاشرة أو فوقها بقليل يقومون بخدمة المتسوقين فيتجولون معهم في السوق المركزي ثم يحملون مشترياتهم على عرباتهم الصغيرة التي تسمى بالدرداقات (جمع درداقة) إلى وجهة المتسوق سواء كانت موقف سيارته الخاصة أو موقف المواصلات العامة، وكل ذلك نظير مبلغ لا يتجاوز الجنيه في أحسن الحالات حتى يعود هؤلاء الأطفال إلى أسرهم آخر المساء بما جاد عليهم به من سخرهم الله سبحانه وتعالى من عباده لمساعدتهم بالدفع مقابل هذه الخدمة، وذلك بدلا من يمدوا يدا سفلى إلى الناس أعطوهم أم منعوهم، ولكن هناك من لا يرحم ضعف هؤلاء الأطفال وعرقهم الشريف وهم في تلك السن، فهناك تحالف غير شريف بين (رؤساء وضباط محليات الخرطوم مع فئة انتهازية وأسموا تحالفهم هذا بالشركة) على حد كلمات الأستاذ الطاهر، وهذه الشركة تمارس في هؤلاء الأطفال التمكين وترغم كل واحد منهم دفع عشرة جنيهات كاملة كل يوم تحت مسمى (رسوم الدرداقة)، وإذا اشترى المحسنون أو أهل الطفل الدرداقة التي تبلغ قيمتها ثمانين جنيها فإن سلطات المحلية تقوم بمصادرتها وتوقع غرامة على الطفل تبلغ عشرين جنيها ثم ترغمه على أن يستأجر نفس درداقته بمبلغ عشرة جنيهات يوميا. وقد تضخمت إتاوة الدرداقات فأسست المحلية إدارة خاصة أسمتها إدارة الدرداقات يمولها ثلاثمائة طفلا يعملون في السوق المركزي يدفع كل واحد منهم ثلاثمائة جنيها شهريا لتبلغ جملة الإتاوة الشهرية نسعين ألف جنيه بالجديد أو تسعين مليون جنيه بالقديم. أما أين يذهب هذا المال السحت فالله سبحانه وتعالى هو وحده العليم.
محنة أطفال الدرداقات أمر معيب حقا قد يخرج من بينهم أكثر من “بوعزيزي” ، فالاستثمار في عرق الأطفال سحت واستغلال ضعفهم رق، أو على وجه الدقة رق “طوعي” رغم أن المسترق، بفتح الراء، ليس حرا تماما في الاختيار، وواضح أن شركة الدرداقات من الذين فاتهم قطار التمكين الذي لم يتسع لكل الركاب، فلم تجد إلا الفتات، ولم يكن هذا الفتات سوى عرق هؤلاء الصغار وسخط الخالق عزّ وجل. أما السيد والي الخرطوم الدكتور عبدالرحمن الخضر فأمامه الفرصة ليعمل عملا صالحا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله في ميزان حسناته يوم الموقف العظيم، وهذا العمل الصالح ليس أكثر من إلغاء هذه الإتاوة المعيبة وتحرير هؤلاء الأطفال من ربقة رقهم الطوعي أو القسري، وأن يتبع قوله الحسن عن شرع الله وتطبيق حدوده بالفعل الحسن، عسى أن يعوض ما فاته في ولايته في القضارف التي غادرها وهو محمل علنا بعطايا وهدايا الوداع والتي كان من بينها على سبيل المثال لا الحصر قندولا من الذهب الخالص وسيارة برادو.
ودمتم.

تعليق واحد

  1. هذه القصة قديمة وقد بدأت منذ عدة سنوات وتحالف آكلي السحت والمال الحرام هذا إسمه شركة معارج ، أنظر كيف يتلاعبون بكلمات القرآن عند اختيارهم لأسماء شركاتهم. وهذه الشركة لها حوش كبير في المنطقة المقابلة للسوق المركزي حيث يحتفظون فيه بالدرداقات المصادرة من أولئك البؤساء ثم تأجيرها لهم فيما بعد منذ الصباح وحتى العشية برسم باهظ فرضته شركة السوء هذه.

  2. قال العلامة النووي في شرح حديث الشريف

    [قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَة لَوْ تَابَهَا صَاحِب مَكْس لَغُفِرَ لَهُ).
    فِيهِ : أَنَّ الْمَكْس مِنْ أَقْبَح الْمَعَاصِي وَالذُّنُوب الْمُوبِقَات ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ مُطَالَبَات النَّاس لَهُ وَظِلَامَاتهمْ عِنْده ، وَتَكَرُّر ذَلِكَ مِنْهُ وَانْتِهَاكه لِلنَّاسِ وَأَخْذ أَمْوَالهمْ بِغَيْرِ حَقّهَا وَصَرْفهَا فِي غَيْر وَجْههَا]اهـ.
    وقال ايضا, العلامة العبّاد في شرح سنن أبي داود :
    [قوله: [ (فقال: مهلاً يا خالد ! فوالذي نفسي بيده! لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له) ]. يعني: لا تسبها فإنها تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له، وهذا يدلنا على خطورة المكس، وعلى خطورة عقوبة صاحب المكس، وهو الذي يأخذ الضرائب من الناس في غير حق، فإنه يكثر خصومه يوم القيامة، ويكثر الآخذون من حسناته يوم القيامة؛ لكونه قد ظلمهم، وقد جاء في حديث المفلس الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (أتدرون ما المفلس؟ قالوا: المفلس الذي لا درهم عنده ولا متاع)، أرادوا مفلس الدنيا، وهو عليه الصلاة والسلام أراد مفلس الآخرة، فقال: (المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وأخذ مال هذا، وسفك دم هذا، فيعطى لهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار)، فهو يدل على شدة عقوبته، وعلى عظم جرمه، وذلك لكثرة خصومه وكثرة من ظلمهم، وأنهم يخاصمونه يوم القيامة ويأخذون من حسناته أو يطرح عليه من سيئاتهم، ولهذا مثل به النبي صلى الله عليه وسلم].اهـ.

  3. دولة " المشروع الحضاري" بدلا من تقوم بواجبها تجاه اطفال اطفاااااال تركوا المدارس ليعيلوا انفسهم و اسرهم … خلفاء المشروع الحضاري بدلا من ان يدرسوا حالات هؤلاء الاطفال و اسرهم و وضع حلول ناجغة لمشاكلهم المعيشية و توفيق اوضاه هؤلاء الاطفال و توفير التعليم لهم مع حياة كريمة ، يقوم ارباب المشروع الحضاري ليس فقط بالتغاضي عن واجبهم تجاه هؤلاء الاطفال بل بادروا بتكوين مافيا من الضلاليين ممن انعدم حياءهم و اخلاقهم و مروءتهم و واجبهم تجاه رعيتهم ليتاجروا في عرق هؤلاء الاطفال و استغلالهم ابشع استغلال ليكنزوا الاموال و تزيد كروشهم من مال السحت من تشرد هؤلاء الاطفال المساكين الذين لم يجدوا من حكامهم "الاسلامويين" اصحاب المشروع الحضاري الا الاستعباد و الاسترقاق و سرقة عرق جبينهم بلا حياء و لا خوف من الله… فانظر بالله !!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..