ورحل ملك الرميات

رحل القامة عثمان اليمني ذلك الراحل الباقي فينا، بعد مسيرة عامرة بالعطاء والامتاع امتدت منذ سنة (1939م) حتى (2014م) تنقل فيها اليمني من العمل بالقوات المسلحة والعمل كترزي، فحياة اليمني العامرة التي امتدت طيلة (75) عاماً كانت ساحة من الابدع والامتاع عبر السنين، وسقانا من الطرب الاصيل واللحن الخالد حتى ارتوينا.
فقد كان عثمان عبد الرحمن اليمني مدرسة متفردة نالت إعجاب كل السودان بل كل العالم حيث ظهرت علامات الرضى والطرب على كل الجماهير التي تغني لها من الجنسيات الاخرى في جولاته الدولية التي قام بها وعكس فيها صور راقية عن السودان وعن الفن السوداني وعن الشخصية السودانية، ورسم لقطات ستظل خالدة في اذهان تلك الشعوب لانه تفرد في تقديم فن الطمبور بالصورة التي اهلته لاحتلال مكانة عالية في قلوبهم.
تخصص الاستاذ اليمني في الرميات التي يترنم بها كمقدمات لاغنياته التي يرددها حيث اشتهر بملك الرميات، تلك الرميات التي جعلت منه مدرسة لها خصوصياتها و كينونتها، وقد احتوت على الكثير من المواضيع وناقشت عدد من القضايا وتشكلت لونياتها فمنها الوطني والعاطفي والفكاهي أيضاً، وقد تعاون الفنان اليمني مع العديد من فحول الشعر السوداني يتقدمهم الاستاذ الشاعر اسماعيل حسن وحسن الدابي وابراهيم ابنعوف ومحمد سعيد دفع الله والسر عثمان الطيب واخيراً وليس أخراً سيداحمد الحردلو حيث شكل كثير من شعراء بلادي لوحات فنية رائعة بكلماتهم الشجية اخرجها الاستاذ الراحل اليمني في غالب فني بديع شكل اللمسات الفنية الجميلة لتكتمل بها لوحاتهم.
عثمان اليمني يعد من أكثر الفنانين السودانيين الذي تغنو للوطن حيث ابدع في ذلك مقدماً لنا نماذج خالدة شكلت وجدان الشعب السوداني عبر العصور، وساهمت في رفع الروح الوطنية لديه، مقدماً في ذلك جهداً خالصاً وهبه لهذا الوطن ومن اجله ولاجله.
عثمان اليمني كان إنساناً قبل ان يكون فناناً، فقد كان جميل الصفات عفيف اللسان يحب مواصلة الاخرين وتقديم كل الغالي والنفيس لهم، وفوق هذا وذاك تميز بروح الفكاهة التي جعلت منه قبلة للكثيرين يتحلقون حوله للاستماع بطربه الاصيل وقبله التشبع من روحه المرحة، تلك الروح التي لم تفارقه رغم مرارة الآلم والمرض حيث ظلت الابتسامة مرسومة على وجهه الدوام.
كان عثمان اليمني مجاملاً لا بعد الحدود فبالرغم من صراعه مع مرض الفشل الكلوي إلا أنه كان حريصاً على الحضور في مناسبات اسرته ومنطقته ومعارفه عموماً، حيث ظل ابنه في حالة حراك دائم معه من عزاء هنا إلى عرس هناك وزيارة في مكان اخر، ويرجع ذلك لقلبه الأبيض النقي وحبه لمن حوله ولاهله واصدقائه واحبابه.
الثلاثاء الماضي كانت نهاية مسيرة عثمان الفنان وعثمان الانسان في هذه الدنيا الزائلة حيث رحلت روحه بمسشتفى ساهرون بعد معاناة طويلة وصبر ومصابرة ع المرض، وحال سماع معجبيه وأهله وعارفي فضله لخبر رحيله الفاجع، تحلقوا حول منزله ومقابر الصحافة ليقولوا له يا عثمان وداعاً، وليقولوا له نم هانئاً فرصيدك من حب الناس ومجاملاتهم وقلبك النظيف سيكون حاجباً بينك وبين النار بإذن الله، فقد كابدت المرض ورضيت بما قسمه الله لك، ولم تتضجر وكنت راضياً بقضاء الله ومحتسباً لذلك، نم يا عثمان فإن مقامك عالي الجنان بإذن الله.
الشعب السوداني الاصيل ابت نفسه إلا ان يبادل مطربهم عثمان اليمني الوفاء بالوفاء والعطاء بالعطاء وما تلك الجموع التي قصدت مقابر الصحافة في ذلك الليل الدامس وتلك اللحظات الحزينة الا دليل حب ووئام لروح ملك الرميات فقد ضاقت جنبات المقابر بالجموع التي اتت لتصلي عليه وتكون في وداعه بتوسلهم ودعائهم له بالرحمة والمغفرة وطيب المقام بالاخرة.

عمود منحنيات / يكتبه الصحفي محمد الننقة

– – – – – – – – – – – – – – – – –
تم إضافة المرفق التالي :
me.jpg

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..