بين مسيح دارفور ومسيح كجبار(revised)

جاء مسيح دارفور ? ابن الانسان ? فذهبت اليه مريم الحبيبة، التي كانت تنتظره، في جبل اب كردوس و بدأ مهرجان الانتصار.

انتصر ابن الانسان بالمحبة على الذين يكبّرون وهم يرقصون في ((خيلاء “صقرية الرنيس”)) على شهيق وزفير النيران التي تلتهم بيوت ضحاياهم، وعلى اجسادهم المتفحّمة واطرافهم المبتورة واحشائهم الممزّقة. انتصر على الذين يكبّرون ويهلّلون ويرقصون رقصة الموت على أشلاء اسرة أبيدت بكاملها، بامها وابيها وابنائها وبناتها، وعلى دموع طفلة هائمة تبحث عن امها في معسكر كلمة.

انتصر ابن الانسان بانسانيته على مشروعهم (الرباني) المخادع. انتصر بمرحه الجميل وبابتسامته على الوجوه المكفهرّة، والاكباد الغليظة، والقلوب الحاقدة، والارواح الشريرة، والنفوس الجشعة، والايادي المتوضئة الفاسدة.

انتصر الجمال وبدأ الموكب وهم يحملون الصلبان الثقيلة.((فنهضت البيوت التي احرقوها من رمادها، وبنيت الأعضاء التي بتروها والاحشاء التي مزقوها، وتطهّرت الآبار التي سمموها، و نمت الأشجار التي قطعوها، وقامت الأواني التي هشّموها من حطامها، وعادت الطيور والأرانب البرّية والذئاب والمدارس والحدائق والجوامع والشوارع والصحاب. عاد كل شيْ كما كان ودخل الجميع في ملكوت الله. أما الجنجويد فقد سبقت كلمة الله عليهم:أهون لجمل ان يلج من ثقب ابرة من أن يدخل جنجويد ملكوت الله)).

تعجّبت وأنا أقرأ لوحة عبده ساكن الرائعة في مسيح دارفور، وتذكّرت مسيح النوبيين الذي انتظرنا، في قصيدة كتبناها عام 2007، مجيئه من أجل كجبار التي قتلوا أبناءها وهم يعدّونها لزفافها الدموي باغراقها في النيل، بنخيلها وتاريخها وتراثها وقبورها ودوابها، كما فعلوا بوادي حلفا.

من منا اذن لا ينتظر المسيح المخلّص من شرور الاسلام السياسي والهوس الديني!؟

ليس هناك أسوأ ممّا يقوم به من يحكمون العباد باسم الاسلام من قتل وتعذيب وتشريد و فساد وتزوير ونهب و تحلل وادعاء بأن هذا كله لله وليس للسلطة ولا للجاه. والأنكى وأضل سبيلا من هذا كله هو مساندة “هيئة (علماء) السلطان” لكل هذا القبح، الذي تعاف منه النفس السليمة، بتدبيج الفتاوى المضلِلة طمعاً في الدنيا بإرضاء السلطان. ليس هذا فحسب، بل انهم يحجرون على كل من ظلموه الاستجارة بمن يستطيع اجارته وطلب النصرة ممّن يستطيع نصره، وذلك بدمغه بالردّة و الكفر و بالعمالة للصهيونية والأمريكان و أعداء الاسلام. أرأيت ثمّ رأيت هذا الابتزاز!!!

ومن بالله – بعد الله – يستطيع أن ينصر أحداً على مثل هؤلاء، المدجّجين باسلحة قمع الشعوب، غير أصحاب حائط المبكى في الشرق وأهل الصلبان في الغرب، الذين حباهم الله بنعمة ما سخّر لهم من طيرٍ أبابيل وحجارةٍ من سجِيل.

ملحوظة: الاقواس المزدوجة من مسيح دارفور بتصرف

بين مسيح دارفور ومسيح كجبار(revised)

تعليق واحد

  1. الروائي المعني اسمه عبدالعزيز بركة ساكن، وقد يكون اسمه بين أهله وأصدقائه “عبده” لكن المفروض أيراد اسمه الأدبي/الرسمي المعروف

  2. درج النوبيون على إطلاق عبده على كل من عُبد اسما, ربما لان الكاتب نوبي وربما لانه يكتب عن مسيح كجبار النوبية, اطلق علي عبدالعزيز بركة “عبده”, ففي الاسم ملاطفة وفيه تماهي بين الكاتب الاول والثاني وبين كجبار نفسها في النوبة.. وربما يتسع هذا التماهي ليشمل من كانت خلفيته نوبية ..
    لا ادري لماذا لم يلتقطها الدنقلاوي بهذا الاحساس.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..