وصية نقد.. ترتيبات اختفاء معلن

تقرير: أمير الشعراني

لم تسعف الأقدار الشعب السوداني حتى يكفكف دموعه على رحيل الموسيقار محمد وردي والشاعر محمد الحسن سالم حمّيد حتى فُجع برحيل الأستاذ محمد إبراهيم نقد زعيم الحزب الشيوعي مساء أمس الأول، فخبر رحيل نقد هبط بعد مغيب شمس الخميس هبوطاً داوياً في هواتف المشتركين في خدمة أخبار سونا العاجلة، فارتجفت الأيادي والشاشات الصغيرة، وهطل مطر الحزن من العيون التي لم يجف الدمع من جفونها بعد، ولكنها إرادة المولى عز وجل الذي لا يحمد على مكروه سواه، فرحيل الرموز والأعلام والعلماء يستوجب التأمل والمراجعة والاستعداد.
التميز للنيل الأزرق
حرّك الخبر الحزين شوارع الخرطوم ومركباتها العامة والخاصة التي اتجهت شرقاً الى منزل الراحل بشارع الستين، ويمّم مواطنو الولايات، والسودانيون خارج أرض الوطن، عيونهم صوب شاشات القنوات السودانية التي تصدر خبر الرحيل نشراتها الإخبارية قبل أن تأسرهم قناة النيل الأزرق التي أكملت الصورة بتغطية خاصة امتدت حتى الساعات الأولى من الصباح، قدمها الأستاذان المتميزان الطاهر حسن التوم وسعد الدين حسن، فيما اكتست بالسواد صفحات المواقع السودانية على شبكة المعلومات الدولية الإنترنت.
وصية نقد
الحزن والصبر والجلد، هذه المعاني بانت في حديث مولانا عبد الباسط سبدرات الذي بدأ مداخلته الهاتفية بقراءة الفاتحة وسورة الإخلاص ثلاث مرات، وقال إنّ الوقت الآن، ونقد بين يدي الله، ليس للخطب والحديث، فالساعة الآن ساعة دعاء للراحل بالرحمة والمغفرة والثبات عند السؤال، وكشف سبدرات عن وصية تركها زعيم الحزب الشيوعي الراحل نقد يحدد فيها مكان دفنه والرجل الذي يصلي عليه، وقال سبدرات: الوصية الآن بحوزة أسرة نقد، والرجل الذي سيؤم الصلاة شيخ جليل وإمام مشهود له بالتقوى والصلاح من أهل القطينة مسقط رأس نقد، وقال سبدرات إنّ نقد كان قد عزم أداء فريضة الحج، ولكن إرادة الله كانت سباقة، وحكى في حديثه لقناة النيل الأزرق عن درس قدّمه نقد في مقابر حلة حمد إبان تشييع أحد رجالات الحزب الشيوعي، حيث صاح نقد من رجل بدأ يخطب في المشيعين، وقال له كف عن هذا فالوقت ليس للخطب والهتاف، فإن المتوفي الآن ينتظر منا الدعاء بالرحمة والمغفرة والثبات.
تشييع رسمي وشعبي
وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة المهندس عبد الله علي مسار قال إن الوطن فَقدَ قامة من قامته السياسية والفكرية، مؤكد أن الترتيبات تجرى على قدم وساق لوصول الجثمان لأرض الوطن ومواراته الثرى بمشاركة رسمية وشعبية من كل قطاع الشعب، فنقد وإن اختلفنا معه فكرياً نتفق معه في حب الوطن والعمل من أجل رفعته، فهو ابن من أبناء الوطن وهب عمره في خدمته وله مواقف وطنية رائدة، وقال إنّ الراحل كان سودانياً سمحاً وسياسياً بارعاً ومؤلفاً رفد المكتبة السودانية بكتب في السياسة والفكر والتاريخ.
موت السماحة
د. عبد الله حمدنا الله، تحدث عن علاقة الراحل بمسقط رأسه مدينة القطينة، وقال إن نقد رغم نوبات اختفائه المتكررة، إلاّ أنه يحفظ تاريخ وتراث ورموز المدينة، وأكّد أنّ لنقد محبة كبيرة في وجدان الشعب السوداني، الذي يؤمن بأن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، وأشار إلى روح الدعابة والسماحة والبشاشة التي تحلى بها نقد في أحلك الظروف والمواقف، وأضاف أن لنقد مكانة ومحبة، مستنداً على حديث أبو هريرة رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال (إن أحبكم إليّ أحاسنكم أخلاقاً الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون) وقال حمدنا الله إن الراحل كان حسن الأخلاق موطئ الأكناف يألف ويؤلف.
توثيق لم يكتمل
كشف الإعلامي الطاهر حسن التوم، عن شروعه في الإعداد لسلسلة حلقات في برنامجه التوثيقي (مراجعات) مع الراحل محمد ابراهيم نقد الذي وافق على التسجيل لقناة النيل الأزرق ولكن وعكته الصحية الأخيرة حالت دون اكتمال الصورة والتوثيق لحياة سكرتير عام الحزب الشيوعي الحافلة بأسرار الخفاء والعلن، وقد بثت قناة النيل الأزرق لقطات من استقبال نقد لفريق البرنامج بداره وإطلاعهم على صورة تاريخية تجمعه بزملائه الطلاب في مدرسة حنتوب الثانوية. ووعد الطاهر حسن التوم بتسجيل سلسلة من الحلقات لمراجعة وتوثيق سيرة الرجل السياسية والاجتماعية، فيما وعدت قناة النيل الأزرق مشاهديها بمواصلة تغطيتها الخاصة ونقلها المباشر لوصول الجثمان والتشييع.

الراي العام

تعليق واحد

  1. لا يا سبدرات …

    الدعاء للفقيد بالرحمة لا يمنع من التذكير بالقيم والمعاني التى عاش من أجلها … يجب أن يهتف الناس بسقوط النظام الديكتاتوري عند تشيع نقد, لأن هذا هو المعنى الأساس الذي تخلفه سيرته العاطرة … لقد اختفى كل هذه السنوات وعاش كاهناً سياسياً من أجل انهاء الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية… هل اختفى نقد أيام الديمقراطيات – على قلتها ؟؟؟

    .. يجب أن يهتف الناس بسقوط الديكتاتورية وعودة الحرية حتى ولو حضر الصلاة البشير نفسه (ربما يحاول النظام احتواء جنازة نقد , مثلما فعل مع جنازة وردي) !!!!

    … أرفعوا العلم القديم.. واهتفوا بسقوط النظام وحياة الشعب والحرية .. فالحرية من قيم الدين الاساسية وهذه – من ضمن أفضل الأدعية الجميلة والذكية للراحل الرمز- نقد !!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..