ألغاء القبول الخاص فى الجامعات الحكومية

قبل حوالي عقدين من الزمان جلست مع أستاذنا بروفيسور ابراهيم احمد عمر حين كان وزيرا للتعليم العالى – بترتيب من أحد الااصدقاء العاملين بالوزارة فى ذلك الوقت و قريب من سيادته- لمناقشه و طرح امر يتعلق بالتعاون الدولى وأمكانية الاستفادة منه فى مجال التعليم العالى و البحث العلمى بمناسبة زيارة وفد من دولة اوربية لها وجود فى السودان منذ فترة طويلة ورايت أن يكون ملما بالرؤيا الكلية لتلك الدولة فى مجال التعاون الثنائى بحكم علاقتى بتلك الدولة فى مجال التعاون الثانى فى القطاع الزراعى وبعد توضيح ذلك الامر من وجهة نظرى تبادلنا مع سيادته و الصديق المشترك الحديث عن التعليم العالي بصفه عامه ..كان راي البروفيسور ان التوسع فيه ضروره ليصبح حقا متاحا لكل من يسعى أليه.. واتفقنا على اهميه الفكره وضروره انزالها على أرض الواقع..كان راي الاخ البروف أنتهاج استراتيجية كليه تلد كليه والكليه تلد الاخرى حتى تصبح جامعه ..كان الاستاذ يتكلم من الاعماق عن التوسع في التعليم العالي ليكون متاحا لكل من يسعى أليه و لا أختلاف فى الفكرة من حيث الميدأ وحكايه كليه تلد كليه حتى تصبح جامعه كان وما زال الهدف نبيلا الا أننى أبديت بعض الملاحظات منهخا ان الطموح كان ومازال فوق سقف الامكانيات( والنتيجه يا بروف الحال الذي جعلك تنادي بالغاء فكره القبول الخاص الذي اعتبره”بدعة فرضتها الضرورة” بل أعتبره أكبر مهدد للعلم و التعليم في البلد بالاضافه الى الشعور السائد الان ” ابوك غني ,ابوك مسؤول تتعلم في كليات القيمه” وهذا هو بدايه النهايه للتعليم – الذى يرفع بيتا لاعماد له و الجهل يهدم بيت العز و الشرف – وجودته وليس” بالمخ” وحده تصبح طبيبا اومهندسا بالمفهوم السائد و السلبى الذى تطرقت اليه فى الاسبوع الماضى ..لقد سعدت جد بمطالبة استاذنا البروفيسور ابراهيم ( وزير التعليم العالى و البحث العلمى السابق و بالتالى فهو يعرف”البير و غطاها”) بألغاء القبول الخاص فلى الجامعات الحكوميه و عدم اللجوء اليه من أجل المال كما جاء فى الصحف (و أضيف من كل الجامعات ألّا لمن يستوفى الحد الادنى للدراسة الجامعية) و أعترض عليه السيد رئيس مجلس جامعة الخرطوم لان الجامعات “تقتات” من القبول الخاص لضعف التمويل الحكومى و السؤال للاخ البروف دفع الله أليس الاقضل أن نبحث و نعالج اسباب هذا الضعف بعد تخصيص مقاعد فى الجامعات “تمن يدفع؟”.. وهكذا دخلنا فى حلقة مفرغة وجدل و نقاش غير مفيد ..وبدأنا نتلاوم و الحقيقة التى “لا تتناطح فيها عنزتان” ان التعليم عموما فى “وحسة” و اصبح معروضا لمن يدفع مما يستوجب ان نفعل شيئا و الاستفادة من تجاربنا و العالم حولنا بما يتلاءم مع ثقافتنا و برامجنا….كنا نفتخر ونقول بعزة عندنا جامعة الخرطوم , و بخت الرضا و مبروكة, و مشروع الجزيرة ..كان يتم تأهيل المعلّم يتم فى مؤسسات متخصصة أنشأت لهذا الغرض(تخريج الاساتذة المؤهلين اكاديميا و تربويا حتى ان احد وكلاء وزارة التربية و التعليم طالب (يبدو فى حالة غضب) بألغاء كليات التربية و العودة لبخت الرضا كمؤسسة لاعداد و تأهيل المعلمين…ثم بدأت التعديلات مع كل نظام حكم جديد فضعفت المؤسسات التعليمية و بالتالى مخرجاتها والتى بدونها لا يمكن الحديث عن التنمية و النهضة , فكما قال السيد عبدالكريم شعلان حين كان يشغل منصب المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى “أنّه يستحيل لشعب غير متعلم أن يحقق نموا من أى نوع حسب تجربتى الشخصية” ..كما يقول أحمد زويل العالم المصرى الامريكى و الذى تولى أرفع منصب علمى فى العالم (مستشار الرئيس الامريكى للشؤون العلمية ) أنّ السلاح المطلوب لمعركة المستقبل هو التعليم و البحث العلمى و لا شىء غيرهما” …نحن الان امام جامعات انتشرت في طول البلاد وعرضها .. جامعات تعاني من ضعف التمويل والكادر المؤهل والمناسب من اساتذه واداريين على كل المستويات -و توزيع قطعه الجبنه الصغيره على الخبز الكامل كطبقة خفيفه تفقد قيمتها الغذائيه كما يقال- .. واصبح فى ظل الاوضاع المعيشية )لزاما على الاساتذه الانتشار في كل الجامعات بحكم الواقع والضروره وفي كثير من الحالات بخبرات متواضعه ..بالاضافة الى أنه اصبح ان يكون عندك جامعه او على الاقل كليه “برستيج “للقبيله وزعيمها ,وظهرت فكره الجامعه التي تغطي الولايه بتوزيع كلياتها في مدنها وقراها فاختفى وغاب الجو الجامعي المطلوب والضروري لبناء شخصيه الطالب بالاضافه الى زياده العدد المطلوب من الاساتذه “وهم في الاصل قليلون” وهكذا فقدنا مبدا التوظيف الامثل لقدرات الاستاذ كما في حاله الجامعه بمفهوم المجمع( الكمبس)..وغابت او فلنقل ضعفت العلاقة بين الااستاذ و الطالب بكل تأثيراتها السلبية.. وكنت ومازلت احبذ الاهتمام بالعنصر والكادر المؤهل – من اساتذه – باحثين – فنين في شكل هرمي ومع التوسع فى التعليم الجامعي ( وهو مطلوب )وتوزيع الجامعات على الولايات ثم توزيع كليات الجامعه فى الولاية كما سبق القول ظهرت فكره الاستاذ “المتجوّل” بشنطته فى كل السودان و بحكم واقع الحال لا بد من اختصار الفصل الدراسي فيما يخص مادته الى اسبوعين او ثلاثه ويعود لجامعته …لسنا ضد التوسع فى التعليم على كل المستويات ونحن مع طه حسين حين يقول ” التعليم كالماء و الهواء” و لكن بالمدخلات المطلوبة والمخرجات العلمية المهنية السليمة.. و الى أن يقنعنى احد بسلامة ما يدور فى التعليم العالى و فى ظل الكليات و الجامعات التى أنتشرت “كأستثمار” و فى شقق و مبانى لاتلبّى متطلبات الجامعة ” و احيانا “كلية” حتى من مستثمرين من الخارج..أقترح بل أنادى بدراسة أوضاع التعليم العالى بلجان تشكل من كبار الاساتذة الاجلاء المعروفين” وهم كثر و تقديم المعالجات و الاقتراحات المطلوبة …و ألاّ سوف نصحى بعد فوات الاوان فمخرجات التعليم لايمكن سمكرتها و اعادة صياغتها….ألا هل بلّغت ..اللهم فأشهد.

البروفيسور عبدالفتاح عبدالله طه
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. وين البروفات والدالات الماليه البلد علقوا على هذا الموضوع المهم. وهو البداية لاى عمل مهما صغر
    معليش يا بروف ده دليل قاطع وبرهان ساطع على ما طرحته من تردى مخرجات التعليم.

  2. السلام عليكم يا بروف/ عبدالفتاح
    حقيقة طريقة تناولك للموضوع وفقا لمضمون العنوان فيها شئ من الغموض في الطرح تداخلت الفقرات مع بعضها فسبب الاجتماع مع الوزير بعيد عن العنوان خليتنا نسرح في اسم الدولة الاوربية التي لها وجود في السودان منذ فترة طويلة!!! وفجاءة طلعت من الحتة ودخلت في حتة تعليق مدير ج الخرطوم وبعد شوية دخل زويل بمنصبه ومسماه الوظيفي وطلعنا برضو من الموضوع مع اوباما!!! وشوية كده وبعد شوية دخلت في “الكورس ساندوتش” بتاع الثلاثة اسابيع وفجاءة ظهر طه حسين ووووووووووو ……. معليش في رائي ضاعت الفكرة الاساسية للموضوع وبالتالي الواحد ما عارف حايعلق عن شنو والا شنو فارجو المعذرة واخد كلامي بدون زعل.

    عموما بالنسبة لموضوع التوسع في التعليم العالي من حيث الفكرة ما اعتقد انو يكون في حد عندو اعتراض ولكن!!!! اين الالتزام الحكومي لرعاية هذه الجامعات ودعمها ماليا حتى تؤدي الدور المنوط بها!!! للاسف الشديد عندما افتتحت الجامعات الجديدة كان الهدف الاساسي منها اننا فعلنا وبغرض الشوفانية التي يعشقها الكيزان دوما وكان اعتمادهم على الدعم والجهد الذاتي من مواطني الولايات والمحافظات في الدعم المالي لتلك الكليات والجامعات!!! ولكن الموضوع اكبر من اي جهد شعبي!!!

    فلجأ مديري الجامعات لاشياء تانية من اجل زيادة ورفع الميزانية ومن ذلك القبول الخاص ولا يستطيعيون الان الغاءه لانه بكل بساطة داخل في ميزانية الجامعة!!! وايضا الدبلومات الوسيطة (دبلوم سنتين ودبلوم ثلاث سنوات) وتعتبر تنمية مجتمع ولكنها بالنسبة لمدراء الجامعات اضافة بعض الاموال الي الميزانيات التي اصلا متهالكة!!!

    بالنسبة للكورس ساندويتش او الاستاذ الشنطة كما سميته والذي يذكرنا بحلاق القرية بتاع زمان! فهو مصيبة المصائب ولا اعني الاستاذ بالتاكيد ولكن العملية التدريسية لا تسير بشكلها الطبيعي وايضا ينعدم الاحساس باهمية المقرر والعلم بالنسبة للطالب وربما يحتاج الي الاستاذ بعد ذلك ولا يجده بجواره!!! فيما يسمي بالساعات المكتبية للاستاذ!!! وبالمناسبة هل هي مفعله في الجامعات كما كانت في السابق وبرضو تقول لي “انتشار المخدرات بين طلاب الجامعات”!!! اذا كان الطالب لا يجد من يشبع شوقه للعلم ولا يجد في كثير من الاحيان من يجاوب على اسئلته وبالتالي يحبط ويتولد عنده زمن فراغ عريض يملئه بالوتساب والفيس وغيرها من مشاكل وسلبيات التقنية!!!

    استاذنا
    الحكومة هي الممول الرئيسي والداعم لكل الجامعات فاذا صرفت ودعمت واسست ما اعتقد انو واحد ممكن ينافسها في الاستثمار في مجال التعليم العالي!!! ولكن ميزانية الدولة جلها بيمشي للامن والحرب وحميدتي!!! والحكومة ما فاضية!!! لجنس كلامك ده!!!
    ودمتم
    اكتفي بذلك لان الموضوع اكبر بكثير من تناوله على صفحات الكترونية “والحيطان ليها ودان”!!!

  3. لا اتفق مع الدكتور بالغاء نظام القبول الخاص بالجامعات الحكومية خاصة ان القبول بها له معايير اكاديمية قبل المقدرة المالية وانا شخصيا لي تجربة ممتازة مع القبول الخاص حيث نال اثنين من ابنائي عن طريق القبول الخاص درجة البكالرليوس في الهندسة والطب ونالوا درجات مميزة ما كانوا يستطيعون نيلها دون نظام القبول الخاص لكن المطلوب الالتزام بالمعيار الاكاديمي الصارم واعتقد انه مطبق بحزم في الجامعات الحكومية اتركوا الفرص للمقتدرين للاستفادة من هذا النظام وبذا يكون المقتدر وفر مقعد لغير المقتدر في اماكن اخري ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..