خبير قانوني سعودي يقترح بدائل لسجن مديوني الحق الخاص

طالب قانوني سعودي بضرورة استبدال عقوبة السجن والكفالة الغرمية في قضايا الحق الخاص بمصادرة الأملاك والمنع من السفر وتجميد الحسابات البنكية، واستحداث عقوبات أخرى تحمي حقوق الناس وتفعيل الأنظمة الحالية وتطوير البنية القانونية للوطن لتشكل منظومة متكاملة، معتبراً أن ذلك يتماشي مع الأوضاع الحالية، مثل اكتظاظ السجون بسجناء الحق الخاص، واحتمالات تزايد تلك الأعداد خلال السنوات القادمة، نظراً لتعقد الحياة وكثرة مطالبها وزيادة احتياجاتها.

وقال المحامي د. خالد النويصر لـ"العربية.نت" إن الدولة حاولت إيجاد حلول لهذه المشكلة، مثل إنشاء لجنة السداد بالمديرية العامة للسجون، ولجنة رعاية السجناء في إمارات المناطق واللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وغيرها من المحاولات والجهود الأخرى، مستدركاً أن كل هذه الخطوات تظل جزئية، إذ لا بد من إيجاد حل جذري لهذه المشكلة التي تعد آثارها وأضرارها أكثر بكثير من فوائدها، إضافة إلى ما ينتج عنها من انتهاك لكرامة الإنسان وإذلال لكبريائه، إلى جانب أنه في كثير من الحالات ليست هنالك فائدة من إلقاء الناس في السجون لعدم قدرتهم على سداد ديونهم، بل إن وجودهم في السجن ربما يعيق أي محاولات من قبلهم لسداد ما عليهم من دين مستحق للغير.

وأضاف النويصر أنه في ذات الوقت يجب تقييد هذا الاستبدال بحيث يستثني حالات النصب والاحتيال والسرقة والشيكات دون رصيد والنفقة على الأبناء. وقال إن "الوقت حان ليتحمل الدائنون مسؤولياتهم من خلال إيجاد آليات معينة في التعامل التجاري مع الآخرين بدلاً من التعويل على خيار السجن الذي يؤثر على الفرد والمجتمع بشكل كبير" .

وأوضح أن مصادرة الأملاك الثابتة والمنقولة إلى الحد الذي يغطي قيمة الدين والمنع من السفر وتجميد الحسابات البنكية هو حل بديل وناجع، دون الإخلال بحق الدائن في العودة على المدين متى ما ظهر أن لديه المال أو الممتلكات التي تساعد على سداد دينه، محبذاً أن تبادر المملكة في حال تطبيق هذا النظام بأن تتبنى دول مجلس التعاون الخليجي منع أي فرد عمل فيها من خارج هذه الدول من العودة للعمل في حال تركه أياً من تلك الدول وذمته مشغولة بحق خاص صادر به حكم قضائي.

وعن مشكلة الكفالات الغرمية فإنه يجب استبدالها بما يسمى بالكفالة المالية، حيث أن الكفالة الغرمية هي في حقيقة الأمر دعوة صريحة وعلنية لكثير من الحالات للسجن، حيث لا يطول السجن الشخص المدين فحسب، بل الكفيل الغارم في حالة العجز عن السداد، وبذلك يصبح كلاهما عبئاً وخطراً على المجتمع.

وأشار إلى أن السجن للمجرمين والمحتالين والنصابين ومروجي المخدرات وليس للمعسرين، وقد آن للدائنين أن يتحملوا مسؤولياتهم وأن تقوم الدولة بسن التشريعات والأنظمة الكفيلة بحمايتهم بدلاً من أن يكون السجن هو الخيار.

تضرر الأسرة والمجتمع

وعرج د. النويصر على بعض الآثار السيئة للسجن، وقال إن سجن أي إنسان لعدم قدرته على سداد دينه هو أمر يلقي بظلاله السلبية على أطراف عدة منها الفرد وأسرته والمجتمع أيضاً. "فالفرد الذي يُزج به في السجن في قضايا الحق الخاص يُصاب بضرر كبير وفادح، حيث إن مجرد دخوله السجن هو بداية لتهيئته ليصبح مجرماً في المستقبل أو مريضاً ومحطماً نفسياً وعالة على المجتمع، بل ربما خطراً عليه، كذلك الأسرة التي تنظر إلى راعيها بكل احترام وتقدير وفجأة تجده مسجوناً ، فضلاً عن أنها تفقد مصدر دخلها، حيث يُتوقع فصل راعيها وتعطيل عمله، طالما هو رهن السجن، هذا إلى جانب الضرر النفسي والتربوي والأخلاقي الذي يلحق بأسرته وأبنائه والذي قد يؤدى إلى انحرافهم وضياعهم جميعاً، وهناك أشخاص يُسجنون لعدم استطاعتهم سداد أقساط سيارة أو بطاقات ائتمانية وغيرها".

وعلى صعيد المجتمع أوضح د. النويصر أن الخطر كبير، فالشخص الذي يُسجن يُتوقع أن يصبح في كثير من الحالات ذو نزعة إجرامية. وعلى صعيد الدولة ذكر أن الشخص المسجون يكلفها الكثير نظراً لما يحتاجه إلى عناية نفسية وصحية ومعيشية ومتابعة مستمرة ، فضلاً عن الجوانب الأمنية التي تحتاج إليها الأعداد الكبيرة من السجناء، إلى جانب التكلفة المادية الباهظة على الدولة، حيث أن كل سجين يكلف الدولة ما يقرب من أحد عشر ريالاً شهرياً، إضافة إلى أن ذلك الإجراء لا يتفق مع اتفاقات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية.

تنامي الديون

يذكر أن الاحصاءات تشير إلى تجاوز ديون السعوديين سقف أعلى من 189 مليار ريال خصوصاً في مجالات مثل القروض البنكية ومجالات التقسيط والقروض الخاصة، بالإضافة لمشكلة البطاقات الائتمانية، حيث تتصدر السعودية دول العالم من جهة ارتفاع الفوائد عليها التي تصب في صالح الجهات المصدرة دون التبصر في الضرر الذي يقع على المستخدم للبطاقة أو على الديون بشكل عام.

ووفق تقرير لصحيفة "الرياض" المحلية، فإن ارتفاع أسعار السلع عامل رئيس في توجه الأفراد لحل مشاكلهم المالية عن طريق القروض الخاصة أو من خلال التقسيط أو بشراء سلع وإعادة بيعها، وهو نظام التورق، أو عن طريق بطاقات الائتمان، حيث تعتبر القروض الاستهلاكية من أكثر الديون انتشاراً في المملكة ورغم ذلك لا يوجد نظام يحمي الزبون بشكل فعال.

هذا فيما حذرت دراسة خليجية من استمرار تراجع قيمة الموجودات التي تمتلكها الأسر التي تنتمي للطبقة الوسطى، وأكدت دراسة أخرى أعدها اتحاد الغرف التجارية والصناعية في دول مجلس التعاون الخليجي أن الأزمة المالية العالمية أبرزت هشاشة البنى الاجتماعية والطبقية في المجتمعات الخليجية، ومنها السعودية بالطبع، معربة عن الخشية من تحول الكثير من الأسر إلى ما هو دون خط الفقر.

ويخوض عدد كبير من المواطنين معركة ضد الديون بسبب ما يعتبره عدد من الخبراء سوء تصريف للمدخرات، بالإضافة لغلاء المعيشة، حيث جاءت الظروف الاقتصادية الصعبة لتخلق إرهاصات حقيقية في حياة المواطن الذي أصبح يجد الغلاء في كل شيء.

ومن جانب آخر، يشتكي الكثير من أصحاب الحق الخاص أن البطء في الإجراءات القضائية يطيل أمد الحصول على حقوقهم. ويسعى القضاء السعودي في تطويره الأخير لتسريع الحسم في البت بقضايا الحق الخاص.

العربية

تعليق واحد

  1. هذا هو المطبق في بريطانيا والدول الاوربية فيما يتعلق بالديون وكما قال محمد عبده
    رايت اسلام بلا مسلمين ورايت مسلين بلا اسلام

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..