النقابات الوطنية ? كتيبة الصدام المفقودة

محور اللقيا

النقابات الوطنية ? كتيبة الصدام المفقودة

د. عمر بادي
[email protected]

إنني أتابع بإعجاب الإنتفاضة التي تجري في الشقيقة مصر هذه الأيام , و التي كانت إمتدادا للإنتفاضة التونسية التي أعادت للشعب إعتباره أمام حكامه . في الإنتفاضتين كان للشباب القدح المعلى في التحضير و الدعوة لها من خلال مواقع الفيس بوك و تويتر الإلكترونية , ثم الخروج العلني إلى الشوارع و دعوة الآخرين للإنضمام اليهم . يقول الشباب أنه كانت لهم محاولات سابقة لتحريك الشارع لكنها لم تجد التأييد المرجو من الآخرين , و لكنهم هذه المرة قد نظموا أنفسهم أكثر و كثفوا من دعواتهم وسط الناس بمنطق المعاناة التي يحسها الجميع . هكذا تفجرت الإنتفاضة في المدن الكبرى في مصر و في وقت واحد في يوم 25 يناير الماضي . من الواضح أن الجماهير التي إندفعت مؤيدة للشباب في اليوم الأول كانت مدفوعة بما رأته من إستبسال و صمود للشباب في وجه الظلم و القهر و الجوع و إنعدام الحريات , فتلاقت أحاسيسهم الداخلية و دفعت بهم إلى إحتلال ميدان التحرير . بعد ذلك خرجت المسيرات المليونية في كل أنحاء مصر و صار لها هدف واحد و هو إسقاط النظام برحيل الرئيس مبارك . من الواضح هنا أن النقابات و الأحزاب المعارضة كان لها دور في تأليب و حشد المواطنين للخروج و الإنضمام للمسيرات الهادرة , و لكن حفاظا على وحدة الصف إبتعدت التنظيمات النقابية و الحزبية عن الترويج لنفسها , حتى في لجان الحكماء و لجان التسيير صار الإختيار لأصحاب الكفاءات لا الولاءات الحزبية . لكن يبدو أن الشباب قد إستشعروا مكامن الخطر في بعض اللجان للتفاوض مع السلطة مما سوف يؤدي إلى إنحراف مسار الإنتفاضة , و لذلك إختار الشباب لجنة من بينهم لتكون ناطقة بإسمهم امام السلطة و كونوا لهم كيان بإسم 25 يناير و توافقوا بتحويله فيما بعد إلى حزب سياسي , و ربما نرى مستقبلا سياسيين من هؤلاء الشباب يحكمون مصر !
في السودان كانت للنقابات الوطنية أدوار بارزة في ثورة أكتوبر 1964 و في إنتفاضة أبريل 1985 , و كانت تحركات الطلبة سباقة في الجامعات و المدارس الثانوية , لكن كانت نقابات بعينها تمثل الثقل المرجح لنجاح الإنتفاضات , و تلك النقابات أجملها في نقابة عمال السكك الحديدية و نقابة عمال النقل الميكانيكي و نقابة الأطباء و نقابة المهندسين و نقابة الموظفين .لقد اراد الرئيس جعفر نميري أثناء حكمه أن يقلص دور النقابات فسعى الى لامركزية هيئة السكك الحديدية ثم تفتيتها حتى ينهي بذلك دور نقابتها القوية , و بعد ذلك حدث ما هو أسوأ للنقل الميكانيكي حيث تم إلغاؤه و تذويبه نهائيا و إنتهى بذلك دور نقابة عمال النقل الميكانيكي . مع بداية فترة حكم الإنقاذ تم حل جميع النقابات و تكونت لجان تسيير للنقابات ثم تكونت نقابات عمالية تجمع في داخلها كل أطياف العاملين بدعوى أنهم كلهم يعملون و بذلك هم كلهم عمال سواء كانوا عملا أم موظفين أم مهنيين ! أما النقابات المنحلة فقد تمسك بعض النقابيين القدامى بشرعيتها و صاروا يطالبون بذلك , رغم أن الإقصاء و التضييق قد طال معظمهم , و رغم طول المدة مذ حل نقاباتهم إلا أنهم يلاقون الإعتقال التحفظي عند حدوث أي تحركات مطلبية في الشارع .
لقد تحرك الشباب السوداني في مسيرات سلمية في يوم 30 يناير يطالبون فيها بالتغيير , و تصدت لهم قوات الأمن بكل ضراوة و عنف مما أدى إلى وفاة أحد الطلاب و إصابة الكثيرين إصابات بليغة , و حاول الشباب الخروج في يوم 3 فبراير و لكن سبقتهم أجهزة الأمن و إعتقلت المنظمين للمسيرة ! هؤلاء الشباب قد وجدوا بعض التأييد غير الكافي من الشارع و قد ردوا ذلك إلى سببين رئيسيين :
1 ? سعي أحزاب المعارضة المتمثلة في قوى الإجماع الوطني لإيجاد مواطيء قدم لها في الحكومة المرتقبة ذات القاعدة العريضة , و رغم أن مطالبهم عن التحول الديموقراطي و بسط الحريات و إلغاء قانون النظام العام و تكوين حكومة إنتقالية و تغيير الدستور لم تجد الترحيب الكامل من المؤتمر الوطني , إلا أنهم لا زالوا يفاوضون و يطرقون الحلول السلمية .
2 ? الشعور باليأس عند بعض الناس من مقولات الذين يروجون لفكرة عدم وجود البديل , و أن الأحزاب قد تم تجريبها قبلا و لكنها فشلت في حكم البلاد .
رغم أن أمر البديل هذا فيه تثبيط للهمم و دعوة للتقاعس , تظل الحقيقة أن البديل يكون في التغيير الذي يتبع الحكم الديموقراطي المؤسسي الذي تتداول فيه السلطة بإنتخابات حرة كل أربع سنوات , و أن الشعب هو الذي يختار من يريد , و أن البديل سوف يفرض نفسه متى أحس الشعب بتمثيله له و بقربه منه .
هؤلاء الشباب في ميدان التحرير في مصر , ما يمنعهم أن يكونوا البديل إذا ما تحول كيانهم إلى حزب سياسي بإسم 25 يناير كما يخططون ؟

تعليق واحد

  1. يا عزيزي نحن امام نظام خطط منذ زمن وعرف من اين تؤكل الكتف وهي النقابات والطلبة وسوق الخرطوم (واحة الخرطوم الان) اضافة الي اخلاء الخدمة المدنية والقوات النظامية بمختلف تنظيماتها واصبحت كلها موالية اضافة الي عموم الفساد في الدولة اضافة الي اتاوات كثيرة يذهب دخلها الي اجور اضافية للقوات النظامية تقسم اخر كل شهر بكشق خاص اضافة الي الناس اكلت السحت وماله من نزع البركة ولكن هناك عوامل كثيرة نمسك عنها يمكن تحريكها باسلوب جديد ومبتكر قد يفيد في التحول الديمقراطي اما حكاية البديل فهي اسطوانة مشروخة قديمة لتثبيط الهمم …فالاحزاب لم تعطي الفرصة الكاملة لتداول السلطة فيما بينها ليتم الفرز علي اسس سليمة ومنطقية تجعل من دينماكية حركة الاحزاب متجددة لافراز قيادات متجددة واعمال الديمقراطية في هياكلها للتجديد ةالابداع وما الذي يمنع الاسلاميين انفسهم منشقين او موحدين من ركوب صهوة فرس الديمقراطية وهو الرهان الاوحد امام علي مستوي العالم ولن نكون وحدنا امام رياخ التغيير وهي فرصى للمؤتمر الوطنيبعد اكثر من عقدين ان يعرف وزنه الحقيقي وترك اللعب علي عامل الزمن دون ايضا من اضافة مساحيق وافكار علي بنيوية الحزب الحاكم يقودنا الي مقصلة الفوضي التي لا تبق ولا تذر ومن لا يري الضوء في نهاية النفق عليه الا يسدر في غيه وتلك متاهى لم يحسبهابن او مبارك رغم قرون استشعاها كانت واضحة للعيان وتلك محتة اخري:lool:

  2. النقابات اصبحت فى ايدى غير امينة
    والانتفاضة تبدأ من ثورة العاملين على
    هذه النقابات الماجورة التى ولغت فى
    فساد السلطة ولم تقدم لقواعدها طيلة
    السنوات الماضية تقريرا ماليا واحد
    يجب على جميع العاملين عزل هذه النقابات
    وتعريتها ومطالبتها بتقديم التقارير المالية
    يجب تكوين لجان للعمل والتخطيط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..