الميدان: عشريّة جديدة فى طريق الشعب وصحافة التنوير والتغيير

بكل محبّةٍ وسعادةٍ ، وفيضٍ من الذكريات العطرة المحفورة فى الوجدان، أبدأ مُحتفياً ، بمُقتطفٍ من كلمة ( الميدان) فى الإحتفال بعيدها (الخمسين) ما يلى: ” فى إحتفالنا بخمسينيّة ( الميدان ) نرسل التحيّة للشعب السودانى ، ولقرّائها ، ولكل الأُسر الصديقة التى حملت الميدان فى قلوبها وبيوتها …. فى ذكرى العيد الخمسين نُجدّد العهد والعزم على السير فى الطريق الذى اخترناه ، وأختاره المؤسسون الأوائل للميدان ..طريق الكلمة الصادقة وفاءاً لوعد الحقيقة ، وتحدّياً للصعاب من أجل وطن حُر وشعبٍ سعيد ، بأن تبقى الميدان منبراً حُرّاً يُدافع عن الديمقراطيّة وحريّة الصحافة والتعبير . ” وها أنذا ، أبعث بتحيّةٍ صادقةٍ ، مقرونةً بتقديرٍ وثناءٍ مُستحقين، لجيل ذاك ( العيد السعيد ) ، ولمن سبقهم من أجيالٍ ، قدّمت الكثير – والكثير جدّاً – فى خدمة صاحبة الجلالة ( الميدان ) فى التحرير، و(الجبهات الأُخرى) فى تلك الأيام الخالدات ، فلكل من أوقد ( شمعةً ) ، سلام وإحترام .
مرّت عشر سنوات ( 2004- 2014 ) منذ أن إحتفلنا بالعيد ( الخمسين ) لإنطلاقة ( الميدان ) الأولى فى الثانى من سبتمبر 1954 ، وهاهى ( الميدان ) تحتفى بعيدها ( الستّين ) ، وقد مرّت مياه كثيرة فى نهر صناعة الصحافة ، وهذا يطرح أمامنا، وأمام الأجيال الجديدة من صحفيى/آت ( الميدان ) مسئوليّة كُبرى ، فى المحافظة على إرث هذه الصحيفة المُصادمة ، وعلى رسالتها فى التنوير وصُنع التغيير ، وفى ذات الوقت ، التحديث والتطوير والتجديد ، لمواكبة روح العصر ، وهو فى تقديرى عصر (( صحافة حقوق الإنسان )) وهو عصر ( تمكين ) و ( تمتين ) حريّة الصحافة والتعبير والحق فى المعلومات ، والحصول عليها ، ونشرها للجمهور ، بكافّة السُبل المُتاحة
خلال هذا العقد ، جرت ? ومازالت ? تجرى مُناقشات عميقة ، على مُستوى العالم ، حول دور الصحافة ( المطبوعة ) ، وأثرها ، ومستقبلها ، وإمكانيّة صمودها فى عصر صحافة ( الإنترنيت ) ، والفضاءات المفتوحة ، و( تدفُّق المعلومات ) وسرعة حركة الأحداث ، وقد وصلت بعض المؤسسات الصحفيّة الكُبرى والعريقة ، إلى قناعات راسخة ? بعد بحوث وإستطلاعات رأى ? مفادها ، ضرورة الإنتقال إلى الصحافة الإلكترونيّة ، فتخلّت بالكامل عن النسخة ( الورقيّة ) ، مُكتفيةً بالتواصل الإلكترونى البحت ، مع الجمهور ، فيما آثرت بعض المؤسسات الصحفيّة العريقة ، المُزاوجة بين الأُسلوبين ، ولسنا هُنا فى معرض الإنتصار لأىّ من الخيارين الصعبين ، إذ مازال هناك طريق ثالث، وبخاصّة فى ظروف وأوضاع وطننا السودان، حيث الأُميّة الإلكترونيّة، وصُعوبات صناعة الصحافة المعروفة
الواجب المُقدّم ونحن نحتفى بهذا العيد ، هو الإنخراط فى عمليّة التجديد فى (الميدان )، بحيث يتم تطوير وتحديث الموقع الإلكترونى ، اليوم وليس الغد ، ليبصبح رافداً للمعرفة ، ولتزويد جمهور ( المتصفّحين ) بالمعلومات المُتجدّدة ، على مدار اليوم والساعة ، وليصبح موقعاً ” تفاعُليّاً ” ، وفى ذات الوقت ، تحقيق التجويد فى النسخة الورقيّة ، بحيث تُواكب وتُنافس فى المعنى والمبنى ، وما نراه اليوم من نقص وضعف ، هو فى أغلبه ، شبيه بالحالة الناتجة عن ” عجز القادرين على التمام ” … ونستطيع عبور الجسر ، بالعلم ، نحو الكمال .
نطمح أن نرى ( الميدان) وهى فى طريق عيدها ( السبعين) مؤسسة إعلاميّة مُتكاملة ، أى صحافة شاملة (مقروءة / مسموعة / ومرئيّة)، وهذا هو واجب الساعة ، وهذا يتطلّب إعمال التفكير والتدبير فى كيفيّة تحقيق هذا الهدف ، ويبدأ طريق الوصول له ، بالتخطيط السليم ، وبمُواجهة التحدّيات – كُل التحدّيات – على مستوى الذاتى والموضوعى ، بذات الروح والإرادة الوثّابة التى ، واجه بها جيل التأسيس الأوّل، مهام المرحلة ، وقد أنجزوا وعدهم ، وعلينا إنجاز وعدنا ، لهم وللشعب الأبى ، وهذا هو التحدّى الأكبر ، ومن المهم التأكيد ، أنّه ليس بوفرة و كثرة المال ? وحده ? تتم الأعمال الصالحات ، إنّما هناك من بين الدروس المُستفادة ، والتى من حقّنا أن نفخر ونعتز بها ، ونتعلّم منها ، أساليب ومناهج إدارة المُوراد الشحيحة ، وترتيب الأولويات والأسبقيّات ، ولنتذكّر – دوماً ? أنّ التأريخ البعيد والقريب ، يثبت أنّ الحزب الشيوعى السودانى ، لم يشهد فى يوم من الأيّام ، وفرة أموال ، ولم يجنى كثيراً من ريع أعمال ، ولكنه ، بقى فى كُل الظروف والأحوال و ” الأهوال ” ، فى قلب نضال شعبنا ، من أجل الحريّة والديمقراطيّة والسلام ، و قد ظلّت ( الميدان ) فى ( العلنيّة ) و( السريّة ) تلعب دورها فى بلورة الوعى الوطنى ، وفى مُقاومة ( الدكتاتوريات ) وظلّت ممسكةً ومُتمسّكةً ، بشعارهها ” نحن أغنياء بشعبنا “، ولم – ولن – يخذلنا شعبنا العظيم قط ، وما علينا، ونحن نختط طريقنا للأمام ، سوى ، تجديد العزم والعمل ، بالنهوض بالميدان، والحفاظ على رسالتها التنويريّة، وسياستها التحريريّة، وفاءاً لوعد الحقيقة، وتحقيق صحافة التنوير والتغيير..ومن هنا نبدأ عشريّة جديدة.

فيصل الباقر
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. استاذنا فيصل الباقر
    تحياتي واحتراماتي
    مقال رائع وجميل
    في ذكري العيد تهانينا بكل كلمات الصمود والبسالة والجسارة لانبل ابناء الشعب.وهم يمسكون بجمر القضية..رغم المعاناة..والعواصف..قائلين اما فتحنا كوة للنور او متنا علي سطح الجدار..
    المطلوب الان-
    1/ضرورة فتح مناقشات وحوارات واسهامات واراء لكيفيةالارتقاءبالميدانوتطويره
    2/الاجابة علي كيفية قراءة المستجدات ومعرفة الاستحقاقات وتحديد المطلوبات
    3/بمن نطور وندعم ..نحن اغنياء بشعبنا
    4/الاجابة علي الاسئلة الفلسفية التالية..كيف-لماذا..بمن.. ومتينطور الميدان
    5/الشعب وقواه الثورية المبدعةومفكريها سيتسابقون عندما تفتح ابواب الاجابة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..