أخبار السودان

بلا …حقيبة .!

كثيراً ما كنا نندهش ضاحكين ببراءة الصبيان ونحن ندرع حقائبنا المدرسية المتواضعة المصنوعة من قماش الدمورية على الأكتاف حينما نسمع في نشرات الأخبار إبان ديمقراطيات ما بعد الإستقلال المتقطعة أن السيد فلان قد عين وزيراً بلا حقيبة ..!
مثلما صاحب المزاج العالي ذاك وهو هائم مع خيوط دخان سيجارته يستمع الى ذات الخبر ..فعلق قائلا وقد أدمعت عيناه من شدة الضحك .. ولماذا لا يجعلوه يحمل حقيبة الفن مع مقدم برنامجها في الإذاعة ..!
كانت الحقائب الوزارية في ذلك الزمان لاتتعدى العشرين في أكثر حالاتها ..لان تلك الوظائف تحكمها ضوابط لا تحتمل الترهل فيها إلا بمقدار فرصة أو إثنتين تقتضيهما التوازنات في الإئتلافات القصيرة الأجل ..يكلف فيها من يختاره حزبه حتى ولو يجلس مع بقية الوزراء على طاولة الإجتماعات دون مسمىً محدد ..!
ومع إختلاف الظرف الزماني وإتساع رقعة الظل الإداري في هذا العهد الذي يفصل الأشياء بمقاييس بقائه لا بمعايير الحاجة الحقيقية لعدد حقائب التكليف ..فإن الوظائف الدستورية في مختلف درجات سلم الدولة ..قد جاوزت الثمانية الالاف حقيبة ..وهو عدد يكفل لحكومة الإنقاذ أن تتقدم به عالميا ًلنيل جائزة التسيب العشوائي في المسميات الوظيفية التي لا تستند الى دستور أو حتى أبسط قواعد المنطق ..!
فالمساعدون الرئاسيون على سبيل المثال بلغ عددهم في مرحلة ما أكثر من عشرة ..و هم بلا تكاليف ملموسة حتى بعد أن تقلص عددهم الآن الى ما دون الخمسة مستشارين لهم كبير لا يحمل حقيبته الفارغة عن المهام إلا عند أوان استلام الراتب والمخصصات دون أن يفرغ في أضابير وظيفته النائمة في مقابل ذلك ما يوازي عُشر قيمة ما يتقاضاه من أتعاب لم يفتى خطباء المنابر وعلماء التحلل بحرمتها !
الان الكل في جيش مسئؤلي الدولة يحملون حقائباً ملؤها أوراق الأماني غير العذبة التي لا تتحقق سطورها المطموسة المعالم إلا مردوداً لهم ولذويهم .. بينما الشعب المسكين هو من يحمل حقيبة المواطنة المليئة بالوهم ..هذا إن كان من حقه أن تكون له حقيبة مواطنة في عهد الكيزان ..غير حقيبة الفن .. فالتحية لوزيرها الهمام صديقنا الأستاذ عوض بابكر ..!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. واضح جداً الفيلم فى نهايته بإذن الله تعالى .. وأحسن الداير يفر وينفد بى جلدوا من المؤتمرجية والجبهجية والإنقاذية يفر خارج السودان من الآن الحساب عسير جداً .

  2. في هذا العهد الذي يفصل الأشياء بمقاييس بقائه لا بمعايير الحاجة الحقيقية.

    هذه العبارة من أجمل ما قرأت في توصيف الواقع السياسي منذ 25 عاما .

    ولول أردنا إيراد الشواهد على ذلك لاحتجنا إلى 25 عاما أخرى أو يزيد.

    مثال واحد يدمي القلب امتحانات الشهادة السودانية و 7% .

    الجامعات وامتحان الدور الخاااااااااص جدا.

    وعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييك.

    الحمد لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..