متي يثور الشارع السوداني؟ا

متي يثور الشارع السوداني؟

عبد الواحد أحمد
[email protected]

منذو مجئ الانقاذ الي حكم السودان كان قطاع الطلاب من جيلنا هو اول المعارضين لها وذلك لتزامنا في الدخول الي الجامعات مع مجيئ الجبهة الاسلامية تحت مظلة هؤلاء العسكر الي سدة حكم السودان وكان اول ما عانيناه هو محاولة اثبات ان للجبهة علاقة اساسية مع هذا الانقلاب وسط قطاعات الطلاب اولاً ثم نقل هذه القناعات والحقائق الي الشارع السوداني امتدادا علي كل اسرنا ومحيطنا الاجتماعي الخارجي في كل بيت او حارة في كل قرية او مدينة وكنا نجد بعض المعاناة في ذلك ونحن نجابه بالآلة الاعلامية القومية التي بدا نظام الانقاذ في احتكارها وتوجيهها لخدمة اجندته ولم يكن الشارع كله يعلم حقيقة ذلك الانقلاب او انه كان في حالة شك حول حقيقة هذا الانقلاب علي الرغم من تعقبه تلك الفترة الديمقراطية التي كانت تحكم السودان والوجود الفاعل للاحزاب آنذاك وقبل حدوث انقلاب الانقاذ كنت قد اطلعت لتقرير نشره حزب البحث السوداني علي صفحات مجلة الدستور التي كانت تصدر بالاردن تقريباً في تلك الفترة كنت قرأت هذا التقرير لهذا الحزب والذي حدد بالاسم بأن عميدا بالجيش السوداني يدعي عمر البشير يعمل للاطاحة والانقلاب علي نظام الحكم الديمقراطي لصالح الجبهة الاسلامية
لم تكن السنوات الاولي لنظام الانقاذ نهاية 89 و90 الا مرحلة تبشير للانقلاب ومحاولات تثبيت الحكم واقناع عاطفة مجموع من السودانيين عامة وان اتسمت بكل ممارسات العنف المتخفي في بيوت الاشباح التي انشاتها الكوادر الامنية للجبهة الاسلامية ضد الناشطين السياسين ومعارضي الحكم في تلك السنوات الاولي لتستهدف شخصيات وكوادر بعينها كانت تنشط في المعارضة وسط المجتمعات الا ان عام 91 وفي بداياته شهد تدشين برنامج ورؤية الجبهة في الحكم للاستفادة من موارد البلد وتسخير ثرواته لصالح تمكين هذا الحزب الحاكم وصعود كوادره وتثبيت اركانهم بانشاء وزارة التخطيط العمراني والاجتماعي لاجل صياغة المجتمع السوداني فكانت سياسة الخصخصة الا اننا كطلاب في تلك الفترة فان ما كان يعنيننا منها هو التصدي لسياسة التعليم العالي والتوسع الرأسي فيه ونسف عمليتي السكن والاعاشة الطلابية التي كانت تكفلها الدولة لطلاب الجامعات فكانت تلك معارضة صعبة وحادة طبق فيها الطلاب كل الوسائل المتاحة للمعارضة آنذاك لمجابهة عنف الدولة وأذيالها من الطلاب وعناصر الامن والخروج من معاناة التشريد والمضايقات والاعتقالات وللحقيقة فان طلاب الجبهة الديمقراطية والديمقراطيين عموماً كانوا اكثر المناضلين والمتصدين المصادمين لآلة النظام العسكرية العنيفة وكانوا اكثر عرضة للاعتقالات والتشريد والمضايقات والاستفزازات والاستهداف من قبل عناصر الجبهة الاسلامية وكانت معارضتهم وصدامهم صريحاً باعتبار الخلفية الايدلوجية المخالفة للمكون الموضوعي الفكري لنظام الحكم
لم تثني الطلاب في تلك الفترة قوة العنف وكانوا بالجد علي استعداد لمقابلة ذلك العنف وكانوا يجدون تعاطفاً علي استحياء وخوف شديدين من وسط البيوت السودانية التي يلوذون بها احياناً تخفياً من كوادر الامن وملاحقاتهم في العاصمة الخرطوم وذلك للخوف من سطوة كوادر الامن انذاك والذين استطاعوا باستخدامهم المفرط والعدائي للقوة ضد المعارضين والمحتجين والمتظاهرين بث الرعب والهلع وسط عامة الناس الذي كانت تؤطره آلةاعلامية كانت تبرمج لاحداث الفزع عند الشعب السوداني وتهويله
كانت المدن السودانية باستثناء مدني وبورتسودان بمعزل عن المظاهرات والمسيرات المعارضة التي ينظمها الطلاب هناك وذلك يتعلق لاسباب هيمنة النظام علي منابر الوعي في تلك المدن وتغييب انسانها بعد تفريغ مواعين النقابات والفئات والمؤسسات التي كانت معول النشاط السياسي بها الا انها لم تكن بعيدة عما يحدث هناك
ناضل الشباب الطلاب بكل جرأة ليتصدوا لسياسة الدولة التي استهدفت حقوقهم وسلبت ارادتهم فوقفوا ضد محاولاتها للسيطرة علي اهم منابرهم الاتحادات الطلابية ولم تتمكن الا بالتزوير او التعيين للفوز بتلك المنابر وفي كل الجامعات والمعاهد والكليات فكانت انتخابات اتحادات الجامعات تدار من داخل بيت حسن الترابي وتخطيط مباشر منه بالتنسيق والاتصال مع جسم الحركة الاسلامية جمعية القرآان الكريم والنشاط الطلابي في كل حرم جامعي وكان ذلك يحدث في انتخابات جامعات الخرطوم وجوبا والجزيرة وفي المقابل كان الطلاب الشرفاء ايضاً وفي اتصال مباشر مع مجموعات واحزاب التجمع الوطني الديمقراطي والحركة الشعبية بزعامة الكولونيل جون قرنق
الله ………….الله يا لها من فترة كانت تشهد مد ثوري دافع فيه شباب الطلاب عن اهم مكتسباتهم امتدت من اول يوم لحكم الانقاذ وووصلت زروتها في العام 96-97 العامين الذين تليا وثيقة التجمع الوطني الديمقراطي حول القضايا المصيرية وشهدت استشهاد 12 طالبا في ظهيرة واحدة ببنادق الأمن وحيث التفّت فيها الكيانات السودانية حول هدف واحد ومشروع واحد هو اسقاط نظام الجبهة الاسلامية من خلال الثورة المحمية ومعززة بالسلاح فكان شعار الطلاب والشباب والمعارضة هو الشعب يريد اسقاط النظام وجمال وقوة وفاعلية هذا السيناريو هو ان تقوم المعارضة بالخارج بفتح جبهات قتال عسكري تمتد من شرق السودان مروراً بجنوبه ثم غربه بهدف شل القدرة العسكرية لنظام الجبهة وتشتيت افكارها بتلك الجبهات حتي لا تتفرغ لقمع مسيرات الخرطوم ومدن السودان الاخري التي يقوم بها الشعب متمثلاً في شبابه وطلابه والكل كان يجزم بحتمية سقوط النظام العسكري تحت وطء هذا السيناريو الجميل والذي بدأ بالفعل وطبقه الطلاب والشباب علي اكمل وجه وتظاهروا بكل قوة بل وكاد ان يكتمل فعلياً عندما سقطت مدينتي الكرمك وقيسان في جنوب النيل الازرق علي يد الحركة الشعبية وكان النظام المتهالك آنذاك يعاني من عزلته الاقليمية والدولية والحصار العالمي …… الا ان ذلك شهد انتكاسة كبيرة نحتاج لبحث لمعرفة اسبابها فمعظمنا كان يعايش وعن كثب ويشارك في كل تلك التطورات والتي كان يرفع فيها مولانا محمد عثمان الميرغني شعار (سلم تسلم) موجههه لنظام الجبهة كما شهدنا كلنا هذه الانتكاسة وبالتأكيد هي التي شهدت أخر قلاع الثورات والهبات الجماهيرية والشعبية تلتها مباشرة شعارات العودة والمعارضة السلمية وشعارات تهتدون وتكسبون وترجعون واتفاقية سلام نيفاشا التي افضت الي انقسام الجنوب ولم يسلم النظام نفسه من انقسامات ضد حواره الشيخ والارتداد عنه
الآن كل شيء بان قد بان وانفضح فهاهي الاحزاب السودانية التي لا تراهن عن شيء مع هذا النظام سوي الركون الي مماطلته وممحاقته واللعب بها كيفما شاء بعدما وظف معظم كوادرها لخدمة مصالحه تحت اجندة الالتفاف حول حكومة قومية تارة وحكومة قاعدة عريضة تارة اخري لا لشي الا لتكريس هيمنته واعادة بنائه القديم بصورة جديدة للالتفاف حول الاجندة الوطنية وهاهو النظام نفسه لم يعد ما لديه ما يقدمه للوطن بعد 23 عام من الفساد والقمع والذل والاهانة لهذا الشعب
فما الذي ينتظره الشعب السوداني والشباب السوداني اذن؟
اين شباب الخريجين الذين تخرجوا تحت ظلم الانقاذ واصبحوا عطالي يهيمون الارض من اجل اكتساب الرزق الذي لا يجدونه؟ اين الشباب الذين ناضلوا وصادموا ضد المكتسبات والاهانة والذل؟ اين الكم الهائل من السودانيين الذين تخرجو منذو عام 95 والاعوام التي تلتها من كل ما يحدث من عبث السلطة الفاسدة؟ اين كوادر الاحزاب السياسية الشباب الذين هجروها بسبب احتجاجاتهم علي سياساتها بل واين الوطنيين شرفاء هذه الاحزاب الذين بقوا فيها ينتظرون حسن المآل منها؟ اين المناضلين الشرفاء وقد رؤوا ان كيف استلم المصريون القفاز من شباب توتس وقلبوا نظام مبارك؟ اين الشعب السوداني وهو يري ان وطنه بستلب في وضح النهار ويقسم علي عينك يا تاجر ويتبجح فيه سادة الانقاذ بان الداير الحكم يلاقينا في الشارع او يلحس كوعه او احلام ظلوط و…و…وغيره من سفاهة القول
اخوتي السودانيين بكافة ميولهم وخصوصاً الشباب ان لم نتحد حول هدف واحد ونوصل فيه الي قناعة تامة سوف لن نحقق شيء هذا الهدف هو يجب ان نزيل نظام الجبهة ويجب ان يكون شعارنا هو ارادتنا اسقاط هذا النظام ورحيله فلا يعقل ان تثور ضد نظام وهو في اوج عنفوانه ومحاولاته المستميتة لتثبيت نفسه باستعمال اقصي درجات العنف والقوة وفي زمن لم يكن كاليوم ويموت منا شهداء ثم نركن في زمن تهالكه وضعفه وهوانه وقد تأكدت وبرزت لعامة الناس اسباب زواله وحتميه دفنه الي الابد ونلزم الصمت واللامبالاة
نحن شعب ان لم نثور لاجل الديمقراطية والحرية والعدل ومحاربة الفساد فيجب ان نثور لكرامتنا التي يهينها متنفذي الانقاذ كل يوم ابتداءاً من البشير الي آخر صعلوك امني في نظامه
عوامل الثورة والانتفاضة موجودة والذين كانوا ينتاضلون ضد النظام ويصادمونه منذ اول يوم لمجيئه للحكم موجودين بل والذين صنعوا انتفاضة ابريل موجودين فكيف تتبلور تلك الثورة؟ …..حالياً لو سألت اي شخص سوداني عما يرجوه من الانقاذ وحكم الكيزان فهو يقول بانها تضم اسوأ نظام واسوأ تنظيم الا انه محتار في البديل وانا اري ان الفوضي اهون من حكم الانقاذ لانهم ببساطة هم ارزل فوضي تحكم بلد…… لنا لقاء.

تعليق واحد

  1. الشباب هو البديل . أى دولة تهمش الشباب كله أو حتى بعض منه تكون دولة هرمة الموت أقرب إليها من الحياة . حين يزول النظام بقيادتكم ( وهذا قريب أراه رأى العين ) يجب ألا يسرقها منكم أباؤكم .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..