الجمارك و الضرائب صنم يعبد (2)

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد بينا فى المقال السابق كيف تؤثر الجمارك على الحركة الإقتصادية فى البلاد و تعيق حركة التجارة و إنسياب السلع وهى السبب الرئيسى فى نشاط عمليات التهريب و خروج رءوس الأموال الخاصة من الدورة الإقتصادية للدولة و بالتالى يزدهر سوق العملات الحرة و تضعف من قيمة الجنيه السودانى وبعد ذلك يصعب على الدولة السيطرة على تجارة العملات وكذلك يصعب عليها السيطرة على إستيراد السلع .
و اليوم نوضح كيف تؤثر الضرائب و الجبايات ورسوم الإنتاج على صادرات السلع السودانية و تقعدها عن المنافسة الخارجية فمثلا إذا قمت بزيارة لمناطق إنتاج المانجو أو القريب فروت والتى هى من سلع الصادرات البستانية المهمة جدا و المرغوبة عالميا وبشده تجد جميع منتجى هذه السلع ليس لديهم خبرة فى كيفية تصديرها خارج البلاد ولا إمكانية بيعها فى اسواق مناطقهم المحلية مثل منطقة أبو جبيهه و الدمازين و العالياب و المحمية و التى لا تستطيع أسواقهم المحلية من إستيعاب الكميات الكبيرة من الإنتاج و لذلك يبعونها فى أشجارها لتجار أكثر خبرة منهم يعرفون كيف يسوقونها فى اسواق المدن الكبرى داخليا ويقبض المنتج مبلغا زهيدا بالتقدير فقط للثمار فوق الأشجار وبعدها يقوم التاجر المشترى بمتابعة الأسواق فى المدن الكبرى وعندما يحس بغلاء الأسعار فى المدن الكبرى يبدأ فى الحصاد و التعبئة لسحبها للأسواق فتكون دستة المانجو أو القريب بواقع سته جنيهات أو سبعة جنيهات بالكثير للتاجر ومن ثم تبدأ عمليات الإبتزاز لهذا الإنتاج عبر إستخراج الأوراق الرسمية من ضرائب و زكاة و محليات و ولايات و نقاط عبور الطريق حتى محطة الوصول تجدهم فى الأسواق الكبرى يحملون دفاتر العشار فيحٌمل الإنتاج على ظهره مبالغ خرافية وبالعملة المحلية وبذلك تصل دستة المانحو أو القريب لسعر خيالى يتراوح مابين ستون الى مائة وعشرون جنيها فى بعض الأحيان فتقعدها من المنافسة فى الأسواق العالمية فيخسر الإقتصاد من خروج سلع صادرات إستراتيجية كانت كفيلة بضخ عملات صعبة فى شريان الإقتصاد السودانى مما يحسن من ميزان المدفوعات ويعطى قوة دفع لقيمة وصرف الجنيه السودانى؛و لو إنهم صبروا !!وهكذا يتدهور حال إقتصادنا بهذه الجبايات المحلية .
كما إن الضرائب و كثرة هذه الجيايات ترفع من قيمة السلع السودانية و تقعدها عن الصادر هى أيضا سبب رئبسى لإضعاف القوة الإنتاجية التجارية والزراعية و الصناعية و السبب الرئيسى فى تقييد الحركة التجارية و قد سبق و أن بينا بأن التاجر إنسان منتج من الطراز الفريد وقد ذكرنا وبينا فى مقال سابق بأن إبن خلدون فى كتابه المقدمة قد سمى التجارة بأمهات الصنائع وهى التى تنشط العمل الزراعى و الصناعى وهى الدافع الأساسى فى حركة و إستثمار دورة رءوس الأموال فى كل أوجه المجالات الإقتصاديه من بنوك و سكة حديد وطيران و بواخر ….وخلافهم .
بهذه الجبايات و الضرائب الباهظة خرج راس المال الخاص من الدورة الإقتصادية للدولة وبدأ يفسد فى موظفى و عمال الدولة مستغلا حوجتهم فى السعى لإشباع إحتياجات حياتهم المعيشية والتى هى فى الحقيقة سسببتها لهم السياسات الجبائية الخانقة .
كثرة هذه الجبايات الضرائبية المختلفة أوقفت إنسياب الحركة التجارية عبر الولايات وهرب رأس المال من مشاريع التنمية المختلفة مما أجبربعض الناس لحمل السلاح و ربط الطريق فالحرب التى تدور رحاها فى درافور و النيل الأررق فى إعتقادى الجازم إنها حرب إقتصادية وليس لها دعوة بالسياسة هى حرب بقاء وعمل وهم فى حقيقة الأمر ليس مصاصو دماء وقتلة ولكنهم أناس ليس لهم عمل يعيشون منه أجبرتهم السياسات الإقتصادية الخطآ قى الوقوع فى النهب المسلح .
الحل يكمن فى فك قيود التجارة ووقف أكل أموال الناس بالباطل ويقول رب العزة و الجلال فى محكم التنزيل فى سورة النساء الأية 29 ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿29﴾
أسأل الله أن لا تقتلوا أنفسكم و أعلموا جيدا إن الله كان بكم رحيما ورحمة الله هى اليقين والنعمة الخالدة فهل هناك رحمة تفوق رحمة الله وهل لسنة الها تبديلا؟؟؟؟!!!
أسأل الله أن يردنا إليه ردا جميلا
تقديم
عبدالمنعم على التوم على
موظف بنك بالمعاش
15 أكتوبر 2014

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..