مقالات سياسية

أعطى الغنوشي شعبه الأمل، وحرمنا منه رئيسنا المكنكش!

د. علي حمد ابراهيم

الشكر لتونس الخضراء التى اهدت شعوبنا مفتاح ثورات الربيع العربية ممثلا فى دماء ابنها البطل محمد البوعزيزى التى سقت ارض تونس الخضراء مثلما سقت أحىلام شعوبنا بحياة حرة كريمة . مثل كل ثورات الربيع العربية تنكبت ثورة الربيع العربى فى تونس طريقها فى البداية .

كانت بداية حزينة ومرهقة ومخيفة . اغتيالات سياسية لناشطين سياسيين مرموقين جعلت الجميع فى تونس وفى خارجها يضعون أيديهم على قلوبهم التى فى الصدور. ولكن شعب تونس صمد أمام هجمة قوى الظلام الجاهلة . نعم ترنح شعب تونس وكاد يسقط من كثير عثاره ولكنه اعتدل وقام من عثاره . وكتب سطرا آخر من سطور ثورات العربى الناجزة .

اثبت شعب تونس أنه جدير بأن يكون معلم الشعوب العربية فن الممكن السياسى. لقد رأينا حزب النهضة الاسلامى الفائز باكبر الاصوات والمقاعد فى انتخابات تونسية ديمقراطية شهد لها العالم بالشفافية والنزاهة ، رأينا حزب النهضة وهو يدير حوارات رفيعة المستوى مع شركائه فى الوطن يقدم لهم التنازلات المتوالية ، تنازلا عقب تنازل ، يقدم مصلحة الشعب التونسى والوطن التونسى على مصلحة الحزب الفائز فى نادرة سياسية قليلة الحدوث فى وطننا العربى المصاب بمرض الاثرة .

في الاسبوع الماضى اصدر الشعب التونسى حكمه الانتخابى . فقد حزب النهضة هذه المرة عددا من مقاعده فى البرلمان الجديد . ولكنه كسب أضعافها من حب وتقدير شعبه حين قبل قادته متبسمين حكم شعبهم الديمقراطى وقبلوا الخسارة غير الكبيرة بصدور رحيبة فى ظاهرة – ايضا – نادرة فى عالمنا العربى.

لقد اعطانا شعب تونس مفتاحا جديدا لكنز الديمقراطية العربية القادمة باذن الله . واعطانا الأمل بعد يأس واحباط أوشك أن يعصف بكل أحلامنا المستقبلية ونحن نرقب و نشاهد العبث المهلك فى اليمن الذى لم يعد سعيدا . وفى ليبيا التى اهدر ثوار الامس دماءهم ودماء شعبهم فى جنون فوضوى لا صلة له بالثورات والثوار . ولكننا نغنى مع الشاعر العربى القديم للأمل الباقى فى الوجدان والصدور .

نغني مع الشاعر العربى القديم مؤيد الدين الطغرائي القائل:

* أعلل النفس بالآمال ارقبها ما اضيق العيش لولا فسحة الأمل

ونهتف للمستقبل الديمقراطى القادم مع قدوم الفجر الديمقراطى المنفلت من تونس الخضراء . نهتف من الوجدان الظامئ لأى بصيص ، ولا نملك غير هذا الهتاف ، وحالنا هنا هى مثل حال المتنبى القائل :

لا خيل عندك تهديها و لا مال
فاليسعد النطق ان لم يسعد الحال

نكرر التهنئة لشعب تونس المعلم ولقادته الجدد الذين ارتفعوا فوق الصغائر السياسية المعهودة فى عالمنا العربى . وفتحوا لنا نافذة من أمل سيتسربل من خلالها النور والاشراق القادمين.
ونقول العقبى عند المنتظرين . ونردد مع الناشط التونسى قولته التى اشتهرت ابان مظاهرات الثورة الشعبية التونسية :

لقد هرمنا و نحن ننتظر هذه اللحظة . يعنى لحظة الارتفاع الى مصاف الاحلام الكبيرة.

مع الأسف الشديد سحب رئيسنا منا الأمل، على عكس ما فعل صنوه الاسلامى الآخر راشد الغنوشى . نعم لله فى خلقه شئون. يهدى هؤلاء نعمة العقل و يمنعها عن آخرين . ويصيبهم بامراض الاثرة وحب الذات .
حمانى الله واياكم عمى البصر ، وعمى القلوب التى فى الصدور.

[email protected]

تعليق واحد

  1. يادكتور على حمد ابراهيم مافى داعى (تشكر الراكوبة فى الخريف ). اى امل اعطاه الغنوشى للشعب التونسى ؟ , لاشئ اعطاه الغنوشى غير قتل النشطاء من امثال شكرى بلعيد والبراهمى وغير الاقتصاد الذى تدهور ايما تدهور . والغنوشى احنى راسه اخيرا لانه ان لم يفعل لاطاحت به العاصفة وقذفت به وبنهضته للمجهول . لاوجه طبعا للمقارنة بين البشير ومعه الترابى وبين الغنوشى فى الظاهر ولكنهم فى العمق سواء ولكن للظروف الموضوعية التالية حدث ماحدث فى تونس :
    1- الشعب التونسى شعب متجانس ولاتوجد فيه تلك التشكيلات القبلية المتخلفة كما فى السودان , وحتى المكون الامازيغى التونسى متجانس مع المكون العربى
    2- تكاد الامية ان تكون منعدمة
    3- المجتمع المدنى عريض ومتطور ومستنير ( الاتحاد التونسى للشغل نموذجا).
    4-الطبقة الوسطى عريضة ومتشربة بالافكار الديمقراطية لارتباطاتها القوية بالجوار الاوربى القريب .
    5- وجود جاليات تونسية كبيرة فى اوروبا ساهمت (ضمن عوامل اخرى ) فى نشر الوعى الحداثى عند اهاليهم وفى الفضاء التونسى العام .
    وعليه عندما احرق البوعزيزى نفسه , هبت تونس عن بكرة ابيها ليس كما يفعل (شعبنا السودانى الابى !) ومثقفوه وهم يرون طائرات الانتينوف تحصد اطفال السودان فى مناطق النزاع على مرمى حجر دون ان تسيل عليهم اية دمعة ولا ان يرف لهم اى جفن .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..