قصة قصيرة :- بحث عن رجب

قصة قصيرة :-
بحث عن رجب
كان يا ما كان
في هذا الزمان
ثمة إنسان إلتقى بآخر
خارج إطار دوافع سالبة
سوى الرفقة و المؤانسة
منذ الوهلة الأولى تكامل الصنوان
عبر لغة مشتركة
و إهتمامات متجانسة بل حدث هذا ، هكذا دون ترتيب
مسبق من خلال الإسهام في إحياء التواصل بين السبل المهجورة
لم يكن الآخر معني بذلك كثيراً إلا فيما ندر !!؟…
لعله لا يمثل تأثيراً وسط تيار جارف
يرفد عمق البحيرة الآخذة في الإتساع ، بينما الأول يراوح خارج التخوم ، لا يجرؤ على الإفصاح وهو في رعاية هيمنة كيان له عداء
صارخ لمفردة سياسة و غياب تام لتداول الحوار دون مساءلة !!!؟؟…
فقط هناك تشكل فكري ، يتنامى بين طرفين يجمعهما تناغم حميم ، يسمو على الدنايا و سفاسف الأمور ؛؛؛؛
ثمة أصرة تجذرت بينهما آخذة في الإندياح كدوائر مياه نهر النيل حينما يسقط في منتصف متنها – على حين غرِة – كتلة صخر صماء ، فتتفجر من
خلالها ينابيع الود و الوفاء للتلاقي بين صنوين في أرض بتول !!؟…
* * *
جاءاها من غيرها للإسهام في رفع ستار الإظلام عن وجه الإشراق المخفي غسراً ، خلف غيوم الحهل !!…
* * *
طوى الزمان محدثات الوقائع !!…
عقد و نصف باعد بينهما ؟؟….
بلا همزة تواصل ؛؛؛؛
و دون حرف من حروف الهجاء التي
تصنع جسراًٍ لتجري مياه كثيرة أو قليلة من تحته !!!…
ليس ثمة رسائل ورقية و لا رقمية عبر مواقع التواصل الإجتماعي و الأسافير ؛؛؛؛
الى أن تخير الأول مكاناً غير الوطن للإحتماء بين أكنافه من جور بني جلدته المتسلطين على رقاب العباد و سواد الناس و المهمشين ؛؛؛؛؛
في البدء تملكته الحيرة
ألا من سبيل للوصول إليه ؟؟…
لا عنوان و لا رقم هاتف !!…
فقط لقبه و المحلة الكبرى !!؟…
جاره أعطاه رقم مكتب البرقيات
و بعد جهد جهيد إلتقيا ؛؛؛؛
كان لقاءً مشحوناً بالذكريات الآفلة
إستعادا سوياً عبرها ، أدق تفاصيل مجريات وقائع ما كان يصنعاه في التغلب على وحدتهما بين مرتفعات الجبال ، و سفوحها و مزروعات شُجيرة القات على المدرجات ، لكسر حدة رتابة الأشياء بإختراق السبل الوعرة و المتحدرة و المتعرجة ، أيام عطلة نهاية الأسبوع ، تخلصاً من المتاعب و المعاناة ، و هما يصطدما
بهما داخل حجرات الدرس ، بإعتبار أن الغرفة الواحدة تمثل مدرسة كاملة ، بها ، تلاميذ أعمارهم متباينة و أححامهم و أطوالهم شديدة الإختلاف
من الصف الأول الى السادس ، يقوم مدرس واحد بتوصيل مادة الدروس الى أذهانهم المتنازعة بين المدرسة و الحقل و المرعى ، و غالباً ما يتعثر عليه ذلك !!!؟؟…..
كانا يتكبدان المشاق من أجل قضاء يوم جمعة حافل، جُله نقاش و مؤانسة و حوار في الثقافة و أدب الطفل و فن السرد و سحره و كيف إستطاعت الرواية الحديثة أن تتبوأ عنوة مكانة الشعر ، عقب إزاحته من عليائه و يختتمان جمعتهما بأن ينشب بينهما إختلاف في أمر ما !!!؟….
قبل أن يودع أحدهما الآخر عند منحنى الدرب المؤدية الى مسكنه !!…
* * *
منذ الوهلة الأولى عرَّفه على الوسط الثقافي ، ثم قام سوياً بزيارة مواقع مقرات هيئة الكتاب و قصور الثقافة و المجلس الأعلى للثقافة و مجلة الثقافة الجديدة ، و مجلة الهلال و أخبار الأدب ، و لم يمض طويل وقت حتى جعله يطوف على معظم دور الندوات
و المشاركة في طروحاتها ، بدءً بنادي القصة و إنتهاءً بأتليه القاهرة !!!….
ظل الأول يتنقل بين رحاب هذه المنابر
في غياب الثاني ؛؛؛؛
و في يوم ما هبط عليهما صديق الأول في زيارة قصيرة ، فقدمه للثاني بإستفاضة ….
و من يومها صار ثالثتهم ، كتلة واحدة ، يجمع بينهم حبهم للحياة الماتعة و لذائذها من خلال الإبداع و أجناسه و الفن السابع و الحوار الذي يفضي في معظم الأحيان الى إختلاف وجهات النظر و التعارض بين رؤيتهم للأشياء !!!؟…
* * *
و لما كان في الإختلاف رحمة ، كما كانوا يقولون بذلك !!!؟؟….. ظل (رجب) – وهو اللقب الذي وُسم به الآخر – أكثرهم لجاجاً و جدالاً و لكنه
لا يغادر دائرة الود و التصافي ، لذلك أطلق عليه الأول صديقنا اللدود و ثناه ثالثهم في هذا التوصيف !!!؟…
كان ” رجب ” يمثل لكليهما صورة مجسدة للرفقة الحسنة و العشرة الطيبة و الحديث الطلي و المؤانسة المستملحة ……. المحتشدة دوماً بالفكر الثاقب و الأدب الرفيع و الإبداع المثير للجدال !!؟…
كان “رجب” كشكولاً للمعرفة شرقاً و غرباً و لكنه يبدو أنه يعتقد إعتقاداً جازماً بمقولة ، ( ليس في الإمكان أبدع مما كان ) ، فهو لأمر ما لا يرتاح كثيراً للتغيير ، إلا إذا تم ذلك تدريحياً عبر حيثيات متعارف عليها لذلك لم تحرك ثورات الربيع العربي مشاعر إيجابية من خلال منظوره الخاص ؛؛؛؛
* * *
شاءت الأقدار و مجريات الأحوال أن يتم إختطاف الأول – بغتة – من قبل أحد المهاجر !!؟….
فإنقطع ثالثهم عن زياراته القصيرة الى موطن الثاني ؛؛؛؛
فظل الأول و ثالثهم يفتقدان آلية للتواصل مع الثاني ، لا سيما و أنه لا يمتلك بريد إلكتروني و قد تغير رقم هاتفه ، و هما الآن يستشعران حاجة ماسة للتواصل مع صديقهما اللدود !!؟….
و عقب مشاورات عديدة قررا سوياً أن
يصلا الى موطن الثاني في زمان و مكان محددان ليقوما بحملة بحث عن رجب !!!!؟……

فيصل مصطفى
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. + مثلما تستعيد القصة أصداء تجربة مدرس (مثقف) في اليمن وكيمياء العزلة المجيدة بين جبالها وقاتها وناسها ووعورة دروبها, فإن البحث عن رجب يستعيد أصداء البحث القديم المتواصل عن (جودو) أو عن (الزمن المفقود), وظهيرة الجمعة تستعيد كل (الظهيرات المفقودة من الروزنامة كما يقول كبلو) بنكهة التغيرات والزلالزل الاجتماعية والسياسية التى ضربت المنطقة في السنوات الأخيرة.. والحلم المتعثر الجهيض الى عالم أفضل.. !!

    + مثل غالب النصوص الجديدة, النص أو القصة لا تحتفي كثيرا بالحبكة, وتعمد التى ترك فجوات مقصودة لاشراك القاريء في العملية الابداعية وصناعة المعنى المشترك غير المكتمل..

    + شكرا عزيزي فيصل.. وهذه لمحة سريعة !

  2. الشكر موصول لك د. عبد الماجد
    فأنت من أنصفني بعد جهد جهيد
    قارب الأربعة عقود ، لا أنكر أن بعض
    النقاد تناولوا أعمالي بالنقد و التحليل
    لكن أنت من سبر غور نصوصي السردية و
    كتب عنها بحب كما أوصانا الراحل الطيب
    صالح و قومها
    أنت بنظرك الثاقب من أستطاع الولوج الى
    لب بحثي المضني عن التخطي و الإنحراف
    بالسائد و المألوف الى مراقي ما بعد الحداثة
    و أنت من أدرك عدم إحتفائي بالحبكة و البحث
    عن رجب (الزمن المفقود) !!!؟…..
    لك خالص الود

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..