دقيقة المؤتمر الوطني وقيامة السودان (2)

تحدثت أخي القارئ في الرسالة الأولى عن الحال الوطني الذي تمر به الدولة السودانية ومهددات وحدتها، والتي يمثل نظام حكم نظام حزب المؤتمر الوطني الدكتاتوري أخطرها، مبيناً انه يخطط لإستمراريته في إدارة الدولة السودانية بمفهوم حزبي إقصائي ليعيد من خلاله إنتاج تجربته السابقة عبر تأكيده الجازم بألا يؤخر الإنتخابات ولو “دقيقة واحدة” وإن قامت قيامة السودان، متجاوزاً لمخرجات الحوار الوطني الذي حدد إمكانية إستمراره بعد إنتهاء الإنتخابات؟!، علماً بأنه الذي طرح فكرة الوثبة وأسبابها التي عجز أن يجد لها حلولاً ومعالجات دون تكامل ووحدة الصف الوطني، ولعله إستفاد من مفهوم الوثبة في مجال العلم العسكري، والتي تُـعرف بأنها “عبارة عن هيئة ذات طابع تكيتكي تقع على محور تقدم القوات المتقدمة، أو على جانبيه، يمكن لهذه القوات إحتلالها والإنتظار بها إذا صدر لها أمر بذلك تماشياً مع الموقف العملياتي ولضبط التقدم” وإذا علمنا أن التكتيك يمثل جزءاً من الإستراتيجية بحيث يتم الإنتقال عبره إلى حقل الإستراتيجية من خلال الإنتصارات المتتالية، فذلك يعني أن “الوثبة” التي أعلنها المؤتمر الوطني في السابع والعشرين من يناير 2014م، الإ كذلك تخطيطاً يتحقق من خلالها ” الهدف الإستراتيجي” المتمثل في الفوز بالإنتخابات آحادياً” وذلك عبر إدارتها بمراحل زمنية تضليليه، يتم فيها التخطيط والترتيب الحزبي، إلى حين بلوغ أجلها والخدعة الأكبر فيها التخطيط لدفع ما يُـعرف بأحزاب الوحدة الوطنية للمشاركة فيها ترغيباً بثمن بخس بهدف منحه غطاء المشروعية، وأحسب أن المشاركة بهذا المفهوم لا تعدو عن كونها إنتكاسة وطنية لأنها تؤسس لمزيد من تمكين المؤتمر إنتاجاً لأسوأ تجربة سياسية عاشها السودان عبر مراحل الحكم الوطني منذ إستقلاله وبما يؤدي لتفكيك وذوبان الدولة السودانية، وحتى تتضح خطورة ما تحدثت عنه، وقبل أن أخوض في وحل “الوثبة” لا بد من بيان حقيقة موقف حزب المؤتمر الوطني من *الديمقراطية* وقبوله بها كمنهاج للحكم، بحسبان أنها تمثل قمة مطلوبات الحوار الوطني لأن إيجابية المؤتمر في هذا هي التي تؤسس لجديته في الحوار الوطني وتؤدي بالقوى المعارضة للدفع في إتجاهه، وإلا فلا مسوغ لتضييع الوقت في ما لا طائل منه والبحث عن بدائل أخرى للتغيير والتي يأتي في أولها التخطيط منذ الان لرفض ومقاومة قيام الإنتخابات التي خطط لها المؤتمر الوطني، والذي بواقع الممارسة والتجربة السياسية يمكن وصفه بانه حزب لا يوفي بالمواثيق والعهود، فهل منتظر منه أن يستوعب قناعة إمكانية تشاركية السلطة وإدارة الدولة بينه والمعارضة في بيئة ديمقراطية يتم العهد فيها تواثقاً مع القوى السياسية والمجتمعية السودانية على أهداف إستراتيجية وطنية وفقاً لمخرجات الحوار الوطني، بعد أن أسس الدولة العميقة التي تجذرت فيها روح الديكتاتورية، وذلك معني به في المقام الاول الأحزاب التي يستغلها المؤتمر الوطني لتحقيق مشروعيته الإنتخابية والتي عليها مراجعة مواقفها من السير تبعاً لهوى المؤتمر المؤتمر الوطني. وتعزيزاً لما سقته بشأن عدم إيمان المؤتمر الوطني بالديمقراطية، فإن الوقائع المبينة بعد تؤكد هذه الحقيقة، إذ هو حزب يبني سياسته في الحكم وإدارة الدولة على إستراتيجية التفكيك وإضعاف القوى السياسية المعارضة وذلك ما أنتج ما يُعرف بأحزاب الوحدة الوطنية مستغلاً ضعف بعض القيادات الحزبية ذات المنظور الخاص لمطلوباتها في حين إن قوة السلطة والحكم تتطلبان قوة المعارضة الوطنية بقدر ما مطلوب ذلك في الحزب أو السلطة الحاكمة، هذه الاستراتيجية التي إستطاع أن يفكك بها الحركات المسلحة ويجزئها، ليحصد نتائج حرثه مزيداً من الصراعات والتفكك الذي أصبح مؤثراً على تجميع هذه الحركات في الإتفاقيات التي تمّ توقيعها مع أجزاء منها؛ كما أن الديمقراطية الراشدة والحكم الشفاف لا تظهر فاعليتهما الا في بيئة صراع الارادات القوية، وذلك ما تنفيه الرؤية التنظيمية لحزب المؤتمر الوطني، حيث يبرز التناقض والتضليل ما بين التنظير والتطبيق إذ تقول هذه الرؤية ” تعزيز بناء حزب *المؤتمر الوطني* قوي ومنظم وفق مؤسسية قادرة على تحمل عبء التحول الديمقراطي بكل ما يحويه من وعي وثقافة ديمقراطية وحريات لا تجانب يتحلى بالدقة والمرونة، متكيف مع البيئة، وقادر على الإستقطاب الجماهيري ومجيداً لفنيات العملية الانتخابية” وذلك ما تؤكده الحقائق المعاشة واقعا معكوسا اذ نجد ان تحول الرؤية بشان المفهوم نحو حقيقة التحول الديمقراطي يعتبر مفهوما كاذبا في مجال الواقع، كما نجد أن إجادته لفنايات العملية الإنتخابية حقيقة ماثلة من حيث القدرة على التزوير والغش علما بان الكذب وخداع السياسة لا يصمدان طويلاً في وجه الحقيقة، إذ نجد استراتيجية المؤتمر الوطني الإنتخباية تتناقض تناقضاً بيناً مع ما رؤيته للديمقراطية إذ تتحدث هذه الإستراتيجية عن ان المرحلة القادمة تمثل ((مرحلة التمكين الكبرى)) التي يتطلب تحقيقها الفوز بالانتخابات إقصاءً للآخرين، وهذا ما يعني عدم الإيمان القاطع للحزب بالمشاركة الديمقراطية، وبهذه الرؤية التمكينية الإقصائية أعد خطته الإنتخابية عبر مجموعة من الإجراءات يتم تنفيذيها عبر الحركة الإسلامية، وواجهات الدولة الدعوية والمنظمات الإجتماعية والفئوية والنظام الأهلي والصوفي وصولاً حتى ربات البيوت، مع الاستيعاب الإستقطابي لها عبر إستراتيجية إعلامية تستغل فيها كل وسائط الدولة الإعلامية، متبوعة بإجراءات إدارية وتنفيذية بشأن الإنتخابات. تحقق فيها حتى الآن تعديل قانون الإنتخابات وإعتماده كمرجعية إنتخابية يتحقق من خلاله تأمين نجاح خطة الحزب الإنتخابية، ويعضدد ذلك إعادة ترسيم الدوائر الإنتخابية وتخطيطها وفق الثقل السكاني لعضويته مع تجزئة الثقل الإنتخابي لقوى المعارضة، وتحديد اللجان التي تشرف على الإنتخابات مع موالاتها للحزب عبر مراجعتها مع الإجهزة الأمنية، في حين يتم إبعاد غير الموالين أو المشكوك فيهم عبر النقل أو التكليف بمهام أخرى، وتستكمل هذه الخطة بإعادة تكوين المفوضية القومية للإنتخابات لصالحه تحديداً حتى لأسماء الجهاز الإداري والتنفيذي لها، ثم الإتفاق مع المفوضية على الجدول الزمني لتنفيذها إعتبارا من تاريخ فتح السجل مروراً بطلبات الترشيح، الاقتراع والفرز في الفترة ما بين إكتوبر 2014م وأبريل 2015م، مع معارضة أي فكرة لمقاومة ذلك، ولعل القارئ والمتابع يعيش مسار خارطة طريق الخطة بحسب ما تم تحديده والتي أسس فيها حزب المؤتمر الوطني لإجراءات خطيرة تتنافى وشرف المنافسة الديمقراطية الشفافة وذلك بتدبيره من الان في الطعن في غير الموالين، وأن يقوم بتأمين المراكز وصناديق الإقتراع ونقلها!؟ والسؤال الأخير والمهم الذي أطرحه في آخر *دقيقة* من حديثي هذا وقبل أن تقوم قيامة السودان يتمثل في : ” لماذا هذا الحشد والتجييش إعداداً للقوة لتأمين الإنتخابات والإعلان عنه بصورة يشتم منها رائحة الإنذار والتخويف وهل هذا مطلوب بصورته المعلنة إذا أسس المؤتمر الوطني لإنتخابات تتم وفقاً لمخرجات الحوار الوطني إذا كان الحزب مؤمناً بالديمقراطية وقابلاً لنتائجها، حيث يستبعد التهديد الأمني لإداراتها بحسبان أن كل القوى السياسية الوطنية بما فيها الحركات المسلحة سوف تكون مشاركة فيها، إذ ان هذا هو التأمين الحقيقي لها وللوطن قبل أن تقوم قيامة السودان. ونواصل أخي القاري في الحلقة القادمة عن وثبة المؤتمر الوطني؛ وحتى نلتقي فلنقرأ جمعياً سورة الزلزلة نفعنا الله بها.

الفريق أول ركن
محمد بشير سليمان
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. “وقبل أن أخوض في وحل “الوثبة” لا بد من بيان حقيقة موقف حزب المؤتمر الوطني من *الديمقراطية* وقبوله بها كمنهاج للحكم”.

    يجب أن نسمّي الأشياء باسمائها وهي أنّ جماعة الإخوان المسلمين فرع السودان متمثّلة في المؤتمر الوطني والشعبي و الإصلاح و بقيّة المسمّيات التي أنت جزء أصيل منها و التي سامت السودان الخسف ولا سبيل للخروج من هذه الحلقة الجهنّمية بتبديل مكان وقوفك بعد أن كنت مؤتمراً و طنيّاً إلى حيث تقف الآن في حزب الإصلاح إلّا بمغادرتها جميعاً جملة و تفصيلاً و إعلان ذلك بشجاعة و وضوح للشعب السوداني الذي له الحقّ في أن يبت في أمركم.

    لست بمؤهّل لتحدّثنا عن الديموقراطيّة التي وأدتموها عياناً بياناً دون أن تطرف لكم عين وما قمتم به هو تطبيق حرفيّ لما تمّ تلقينكم إيّاه ممّا جاء في “معالم في الطريق” فبئست المعالم و بئس الطريق الذي صيّرتم به السودان سودانين و أثرتم به النعرات القبليّة و الحروب الجهويّة ليتسنّى لكم حكم السودان الفضل ولكن على رقاب و جماجم أبنائه و بئس الحصاد ما حصدتم ولا مجال للظهور بمظهر الضحيّة الآن فلطالما استمتعتم بالنياشين و الترقيات والألقاب في ظلّ ما أكتسبت يداكم باسم الله حيناً و باسم التمكين لدين الله أحياناً أخرى و قد علم الشعب السوداني كم كنتم تكذبون بل ولا تزالون تكذبون و قد رفعت الأقلام و جفّت الصحف.

    داء هذا الوطن الفضل يتمثّل فيما تحملون من فكر لا علاقة له بالدين ولا بالوطن ولا سبيل إلّا التخلّي التام عن هذا الفكر الإقصائي غير الإنساني الذي لا يشبه هذا الشعب الكريم الطيّب المتسامح.

  2. صحيح المثل الذى يقول:

    الإختشوا ماتو!!

    بعد أن شاركت فى الظلم والجور والقتل يا محمد بشير إتضح لك الآن أن حكومة المؤتمر الوطنى ديكتاتورية؟؟؟

    اليست هذه اليكتاتورية هى التى شاركت فى إنقلابها على الديمقراطية؟
    أليست هذه الديكتاتوريه هى التى قمتم أنت ورفاقك بتصفية القوات المسلحة من خيرة بنيها؟
    أليست هذه الديكتاتورية هى التى جاءت بكم من أسفل القائمة إلى أعلاها؟
    اليست هذه الديكتاتورية هى التى منحتك هذه الرتبة العليا والتى لم تكن ستتبوؤها فى ظروف الترقى العادية؟
    أليست هذه الديكتاتورية هى التى سهلت لك إقتناء المنزل الضخم الفخم الذى تسكنه الآن علما بأن المئات من القادة والضباط الذين تمت تصفيتهم وتشرىدهم على أيديكم يسكنون فى السكن العشوائى وأطراف المدن؟
    اليست هذه اليكتاتورية هى التي منحتك الملايين عند الإحالة للمعاش وتركتك بكل إمتيازات الرتبة التى تبواتها بالباطل.؟
    اليست هذه الديكتاتورية هى التى منحتك منصب نائب الوالى فى كردفان؟
    أليس الديكتاتور الذى يمنح هو الذى ينزع؟؟؟؟

    يا محمد بشير أنا أعرفك جيدا وأعلم سلوكياتك قبل الإنقاذ وأعلم أن الإنقاذ لم تأتى بمن يشاركها الإنقلاب
    إلا من الذين كانت تعلم علم اليقين بهوياتهم وسلوكياتهم وبأنهم سيكونون طوع بنانها وعندما قضت وطرها منكم لفظتكم إلى مزابل التاريخ!!

    فلا تلوموا الديكتاتورية ولوموا أنفسكم والحساب ولد!!

  3. الذي اضر بالسودان تدخل العسكر في السياسة والحكم السوداني بدخل الجيش عشان يعمل انقلاب ويبقي رئيس ملازمين قاموا بمحاولة انقلاب المكان الطبيعي للجيش الثكنات

  4. يا زملائي الراكوباب….كمال يود أن يعرف…صاحب الإسم أعلاه…صاحب العمود يعنى…الفيلد مارشال دا…في الخدمة… ولا برا الخدمة…يعنى عندو قوة ضاربة…عسكر وحرامية وكدة …ولا عنقالي زينا….عشان نعرف نعلق….ونتعلق….بعدين ما أكثر (الفيلد مارشالاتات والجنرالات أوانطة) في الجيش السودانى ( سؤال بريء…هل عديد ومقدرات الجيش السودانى يتحمل هكذا ألقاب أوانطة؟؟!!) وهو في رأيى كمراقب عادي جيشنا…يخلو سجله من أي إنجاز يخليك تستسيغ أو تطرب لسخافات قيقم وترباس …وجيشنا جيش الهنا….(اللاهف مالنا وحبة الشوية العندنا)…!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..