احمد دريج

اسم دريج الذي طغي علي اسم الاستاذ احمد دريج هو تحريف لاسم ديريك البريطاني والذي كان مفتشا وصديقا لوالده . واظن ان دريج قد تأثر كثيرا بذالك البريطاني وبريطاني آخر هو باوستيد الذي عشق زالنجي . وعاش فيها عندما كان المتعلم السوداني ، يهرب الي المدينة عند اول فرصة .
لقد اثار دريج اعجابي . ولقد سبق ان كتبت عن ذكائه وترتيب افكاره . وفي المؤتمرات كان يستمع . وبدون ان يسجل كان يقف ويتناول عشرات النقاط بانجليزية سليمة. ويوافق علي بعض النقاط ويفند الآراء . وكأنه محامي يترافع في محكمة عليا .
الرائع ان دريج انسان متصالح مع نفسه . فله تواضع جم ، ليس نتاج تصنع . بل تواضع صادق .وله التصاق بالحياة السودانية لم يؤثر فيها تقلده لمناصب رفيعة او رغد عيش وثروة . ولقد عاش في الامارات واوربا لفترة طويلة . وكنت اراه يتواصل مع الجميع وابناء دارفور خاصة ببساطة وسماحة. وهو ليس بمن يطالب بالسكن الرائع . ولا يهتم بالاكل الفاخر . ولا يبني ابدا اسوارا بيته وبين من هم اصغر سنا ، او اقل تجربة .
في احدي المحاضرات التي شارك فيها مع الشفيع خضر . اختلفت معه بخصوص ما ذكره عن فترة الحكومة الانتقالية التي سبقت الاستقلال . واتاني بعد المحاضرة بقامته الفارعة . وقال لي متصنعا الجد … انت مشكلتك شنوا . عاوز شكل ؟؟ اقد كتبت ان المشكلة مع دريج انه لا يترك لك فرصة الا ان تحبه وتحترمه . لسوء الحظ ، ان دريج عاش ليري دارفور التي كانت تفتقر حتي للمدارس المتوسطة مما جعله يذهب الي الوسط لكي يتعلم تتحطم ، ولم يسعد برؤية دارفور التي كان البريطاني باوستيد يتمني لها التطور .
الاستاذ شوقي ملاسي طيب الله ثراه ، كان يشيد بدريج ويقول … ود داخليتي وصاحبي . وكان رائعا في الرياضة . واذكر دريج يشيد بوزير المالية السوداني الاول العم حماد توفيق لانه عمل معه كسكرتير بعد تخرج دريج . وكان يشيد بنقاء العم حماد توفيق لانه اتي بعد سنين يبحث عن وظيفة في احدي شركات دريج . ودريج تأثر بهؤلاء الكبار وتلك الظروف.
ارجو لدريج اقامة طيبة في وطنه . وعندما اقول دريج حافية ، فالغرض ليس التقليل من الشأن ولكن تحببا وتقربا . وبعض الاسماء تكون قصيرة ولا تحتاج لالقاب او مؤهلات . لان خلفها بشر كبار .
اقتباس ، من موضوع قديم
من الانجليز الاستعماريين الذين اضطهدونا و نهبونا كما يحلو لنا ان نقول ،الكولونيل هيو باوستيد قائد سلاح الحدود. خدم بعضهم السودان و احبوه اكثر منا . بوستيد وهب كل حياته للسودان . كان بطلا للملاكمه و مثل بريطانيه في سنه 1920 في الاولمبيات و تخرج من جامعة اوكسفورد، كتب كتابا اسمه رياح الصباح تطرق فيه لحياته في السودان . كان مفتشا لمدينة زالنجي لفتره تقارب العشرين سنه . و احب زالنجي لدرجة انه كان لا يطيق فراقها سوي في فترة الحرب العالميه عندما قاد سلاح الحدود الي اثيوبيا و ذكره الاستاذ محمد خير البدوي في كتابه مواقف و بطولات سودانيه و يقول ( لقد اهتم بالعمل في انشاء المدارس و تحقيق نظام قويم للعداله و كبح جماح الاداره الاهليه و الذين يجنحون الي البطش و ظلم رعاياهم . و عاش في شبه عزله من العالم . و كان يقضي الشهور يجوب المنطقه و يتعرف باحوالها و يساعد اهلها .
و كتب باوستد عندما كان مفتشا لزالنجي ( هناك قناعات قليله اكثر ارضاءا للمرء من قيامه بدور في مساعده بلد او شعب للسير قدما الي حياة يسودها الامن و السلام مع ازدهار الزراعه و التجاره في ظل حكومه نزيهه تحقق العداله و توفر العنايه الصحيه للمرضي و التعليم للشباب ) .
و كان باوستيد يجد المصاعب في اقناع الشباب النابغين من ابناء منطقة زالنجي بمواصلة الدراسه الي المراحل العليا . فبعد ان اكمل احمد نجل الشرتاي ابراهيم المرحله المتوسطه بتقارير ممتازه تقول بانه اذكي الطلبه علي الاطلاق . اراد باوستيد ان يواصل احمد الدراسه و يصير ابن عمه شرتاي و لكن احمد احتج احتجاجا شديدا و ادعي ان باوستيد يظلمه و يستهين به و كان رده ( سيأتي يوم تصبح وزيرا و تذكرني فيه ) و في شتاء 1966 بعد 19 عام زار باوستيد احمد ابراهيم وزير العمل في مكتبه في الخرطوم الذي كان اصغر وزير و صار زعيم المعارضه البرلمانيه ثم حاكم لاقليم دارفور . انه احمد ابراهيم دريج . و دريج هي تحريف لكلمة قريق المفتش الانجليزي في زالنجي الذي كان صديق والده.
باوستيد كان ابن نبلاء و والده يمتلك مزرعه ضخمه للشاي في سريلانكا و خاله كان السير موريس هانكي سكرتير مجلس الوزراء البريطاني . اي سوداني يترك اليوم الخرطوم ليعيش لعشرات السنين في زالنجي؟ .
مستر لانق الشخصيه الاسطوريه في السودان الذي كان ناظر مدرسة وادي سيدنا و هو ابن لوردات ، عمه لورد لانك و عمه الاخر اسقف انجلترا .
كان متواضعا ياكل مع الطلبه نفس الاكل و في نفس السفره و يسهر الليل و يجتهد مع الطلبه . و عندما تخرج المظاهرات صارخه ( هانق لانق ) اي اشنقوا لانق. كان يقف مبتسما في النافذه . كما كان يعتبر حاكما لمنطقة وادي سيدنا يتعبه البدو بمشاكلهم التي لا تنتهي ، و هو يتدخل في كل صغيره و كبيره .
هؤلاء مستعمرون ، اين نحن منهم . في السبعينات كان القنصل الثقافي في السفاره السودانيه في اثينا يونانيا من الذين نشؤوا في السودان . يمتلئ مكتبه بالطلبه و مشاكلهم و يجلسون علي مكتبه و يعرفهم بالاسم و يناديهم بي ( يا ولدي و يا بنتي ) و يذهب معهم الي الجامعات و المعاهد و يزعق و يتشاجر مع المسؤولين و يجد لهم اعمال اضافيه عند معارفه . ثم غيروه في منتصف السبعينات بسوداني . و قفل الباب و صارت المقابله بعد تلفون بين العاشره و الثانيه عشر ثلاثه ايام في الاسبوع .
برمبل كان مفتش امرمان . في السادسه و النصف صباحا يجتمع امام منزله المأمور و نائب المفتش و شيوخ الربع و الحاره و يطوف كل امدرمان . حتي الانادي و يتاكد من ان المريسه نضيفه و الجرار نضيفه . و اعطي رخصه لادم المكوجي شمال الجزر حتي يترك كل الجزارين ملابسهم و المرايل و لا يأخذوها معهم الي منازلهم كي لا تنتقل العدوه لاهلهم .
و الجزار الذي لا يغطي لحمته بملائه نظيفه كل يوم يعاقب او تسحب رخصته . و انتهت الملاريا في زمنه و الحمي الراجعه . و كانت امدرمان ترش بالماء و تزرع الاشجار لمقاومة مرض التهاب السحايا .
و في يوم تأخر نائبه بيلفورفقال له مستاءا ( يا خنزير الجحيم ، هنالك زراره مفتوحه في قميصك ) . فلم يتأخر بعدها ابدا . بيلفور خدم في كل السودان ، شماله و جنوبه و شرقه و غربه و وسطه . و عندما كان مفتشا في غرب السودان كان في صدام مع ناظر الهبانيه الغالي تاج الدين . و كتب في حكايات كانتربري السودانيه ان الغالي كان دائما في خلاف مع قومه لحدة طبعه و ميله لقبول الرشوه الا انه علي وجه العموم كان دافئ القلب . و كان بيلفور معجبا بالناظر ابراهيم موسي مادبو الذي كان يعامل بيلفور كابنه .
و صداقته للناظر ابراهيم موسي جعلته يزور الناظر بانتظام عندما حضر للعلاج بلندن في اخر ايامه و كان يناديه عادة ( هاي ! الولد داك الاسمو بيلي فور ) كما كان يناديه الغالي تاج الدين استخفافا . الطريقه التي يكتب بها امثال بيلفور عن حبهم للسودان و تفانيهم في خدمته و تنقلهم في مناطق كان العيش فيها يعتبر جحيما خاصة في العشرينات و الثلاثينات لانعدام الماء و الكهرباء و كل متطلبات الحياة البسيطه .
و الان يموت ثلاثه مليون شخص في السودان بسبب الحرب و المجاعه و غبائنا ، فلا بد ان العم الناظر ابراهيم موسي قد اطلق افضل تعليق عند مغادرة البريطانيين السودان ( ركبونا في لوري ، لا نور لا فرامل لا بوري !! ) .
عمنا ازرق في امدرمان كان عنده حزب يدعوا الي رجوع الانجليز . انا لا ادعوا الي رجوع الانجليز و لكن الي رجوع العقل . فان ما يحدث الان في دارفور يصعب تصديقه .
شوقي

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. أمد الله لنا في أيامك ولا قطع لك من رحم المداد حرف يا عم شوق ..
    لك في النفس شوق وفي الوطن شوق وفي الخير شوق وفي الله أكبر مودة وتقدير

  2. وعمل دريج على تطوير دارفور بمساعدة الالمان-طريق نيالا كاس زلنجي- عندما كان حاكم اقليم وعندما عرف ان المركز لا يملك حتى وعي تنمية الاقليم خرج من السودان وانضم للحركة الشعبية 1983 ثم اسس الحزب الفدرالي السوداني 1984 الذى تمنيت ان ينضم له كل ابناء السودان وليس ابناء دارفور فقط كما نوهت لكل ابناء الحركات المسلحةعبر مواقع الانترت المتاحة ليس هناك مشروع تغيير بدون اب روحي اجعلو ابرهيم دريج الاب الروحي لدارفور”جون قرنق بتاع دارفور ” وطالبو بعودة الاقليم اولا بدل هذا التشرزم القبلي البائس وللاسف لان جلهم يتبعون المركز الذى يصدر لهم تناقضاته المميتة تفرقوا ايدي سباء خاصة في حركة العدل والمساواة”اولاد الترابي “..ونحن الان في 2015 افضل منفستو لحزب سوداني اصيل بعد الحركة الشعبة الاصل هو الحزب الفدرالي السوداني الذى اسسه ابراهيم دريج سنة 1984
    ونرجع قائمة البرنامج السودانية للدولة “المدنية الفدراليةالديموقراطية” حسب التسلسل التاريخي
    1- اسس دستور السودان 1955 الحزب لجمهوري- غيرالمسجل -الاستاذة اسماء محود محمد طه الان
    2- اتفاقيةاديس ابابا 1972 ودستور 1973-تحاق قوى لشعب لعاملة الدكتورةفاطمة عبدالمحمود
    3- نيفاشا 2005 ودستورها-الحركة الشعبية “الاصل”
    4- مشروع الامل 2010-الحركةالشعبية شمال- مبادرة نافع/عقار 2011
    5- حزب المؤتمر السوداني – ابراهيم الشيخ
    6- الحزب الفدرالي السوداني ابراهيم دريج
    7- جبهة الشرق “الاصل”…

  3. والله لو ما الراكوبة التي تجمع الرائعين امثالك والبرقاوي و.. و.. كنا متنا من ضغط ناس لحس الكوع .. حفظك الله وكل الغيورين على الوطن … 0123652351

  4. رائع :حكمة وعبر ودروس ولكننا لم نتعلم شيئا ،ولم نعمل ولم نقدم الخدمة كما ينبغي ولم نترك من له الاستعداد والكفائة ان يعمل ويقدم للوطن والمواطنين مايستحقون ،لارقابة لامسائلة لاتكافؤ فرص ،ولابناء قدرات ولا نظام صارم يحدد الرجل المناسب في المكان المناسب ،تركنا الامر للواسطة والحزبية والمعارف والانتهازية واستغلال الطائفية وتجار الدين .وحكم السودان العسكر اكثر من خمسون عاما من الدكتاتورية العسكرية المتبلدة وهؤلا العسكر لم يكونوا مؤسلين حتى لدخول الكلية الحربية لولا الواسطة

  5. لك تحياتى واشواقى دائما تحلق بنا بكتاباتك فى رحاب السودان وتجعلنا نعيش بارواحنا فى فضاء

    زمن جميل يجعل الواحد ينسى المآسى التى المت بنا جراء هذاالبلاء الذين ابتلينا به المسمى

    الانقاذ حفظك الله ياودبدرى وامد الله فى عمرك واصل هذا الابداع الفريد لانه صلة الحاضر بالماضى

  6. والله الواحد بيشعر بالحزن في اليوم الذي
    لا نجد مقال لك بالراكوبة
    اكثر الله من امثالك ومتعك الله بالصحة والعافية

  7. الرائع شوقى كتاباتك مليانه بالحكم والتجارب و فى غاية السلاسه لا يمكن التوقف الا عند انتهاء المقال انا اعمل بالحقل العلمى وعندى فسحه قصيره للقراءه الادبيه ومقالاتك لها نصيب الاسد فى هذه الفسحه.
    لك الف تحيه ومتعك الله بالصحه

  8. k نرجو من الاخ شوقى بدر ان يواصل توثيقه الشيق ويكتب عن محمد طاهر ازرق بام درمان الذى يدعو لتاخير خروج الانجليز 20 عاما

  9. حكاياتك مليئة بالدروس و العبر ، فمن ذا الذي يعتبر ؟؟ أسفي على بلدى التي لا يعتبر بنوها بدروس مثل دورس شوقي بدري ،،،

  10. دريج الواحد البنعرفوا ده ولا واحد تاني؟؟؟ لن استغرب ان اطلع في المستقبل من يذكر محاسن نافع وغيره من الانقاذيين!!!
    كويس ياشوقي ما شرحت لينا دريج مطلوب بواسطة الانتربول من قبل الامارات بسسبب شنو؟؟
    علاقة دريج مع الانقاذ ومغازلته لها يعرفها الجميع ومنذ نيفاشا وماخفي اعظم عن مصالح جنوب افريقيا ولاتنسى كل اتهامات النميري له بخصوص المــــــــــال!!
    نحنا شعب بنحب عفا الله عما سلف ومعليــــــش

  11. حتى صور منزله التي بثها التلفزيون تؤكد تواضع الرجل. لماذا لا تكون لجنة من حكماء دارفور لتتفاوض مع الحكومة؟ دارفور أسماء كبيرة وقبائل ونظار أين هم مما يحدث؟

  12. تشكر ياعم شوقى وانك فوق المدح والجمال

    بس اضافتى البسيطه مشكلة السودان فى ابنائه الاذكياء اصحاب الشهادات العليا معظمهم امتهن السياسه واستغلوا هذا العلم والذكاء ميولهم السياسى والمصالح الضيقة وليس للوطن كدولة وشعبها نصيب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..