قضاة الأنقاذ ( غير مؤهلين فنيا .. وضعفوا أخلاقيا)!!

لا ادري ان كانت الفجيعة في القضاء والقضاة في ظل حكومة الاخوان المسلمين ،فيه شئ جديد يدهش اليوم ! فمنذ ان صدرت القوانين المسماة (بقوانين الشريعة الاسلامية ) والتي أطلق عليها الجمهوريين، ( قوانين سبتمبر 1983) ، لمفارقتها للدين وتشويهها للإسلام ، وبعدها عن روح الاعراف الطيبة.. والسودان الحبيب يشهد ضياعا لهيبة القضاء المستقل ولنزاهة القضاة الا من رحم الله في هذا الزمان الأغبر ، الذي صار طابعه اهدار كرامة الانسان السوداني وضياع حقوقه..
فلقد شهدت البلاد في ظل تلك القوانين ومالحق بها من ( الشرائع المدغمسة)، مهانة غير مسبوقة في تاريخ التشريعات القضائية، ووقع في طائلتها المستضعفين من النساء والرجال ، وأدين في محاكمها الفقراء والمحتاجين..
و اذكر في تلك الأيام الأولى لقوانين سبتمبر، ونحن بصحبة الاستاذ محمود محمد طه في فناء احدي محاكم العدالة الناجزة بجوار الإذاعة في انتظار محاكمة الاخوان الجمهوريين الأربعة بسبب منشور ( هذا او الطوفان) في 2 يناير 1985 ، فكنا شهود ذلك المنظر المؤسف لتنفيذ احكام الجلد تحت محكمة الطوارئ ، ولقد علق حينها الاستاذ محمود بأسف ((إنتو شوفتو المجلود شيخ والجالد شاب والقاضي واقف يتفرج)).. انتهي
ويتواصل مسلسل اهدار الحقوق ، وانحدار القضاء في هاوية موالاة السلطة الحاكمة علي حساب المواطن البسيط، وهاهي صحيفة ( حريات ) تخرج علينا بخبر السيدة المسنة بمدينة بورتسودان تلك السيدة التي ليس لها سند من بطانة حكومة الإنقاذ، والتي تسلط عليها قاضي، اقل مايقال في حقه انه فارق ابسط اخلاقيات المهنة من العدل والرحمة ومخافة الحق .. وقد جاء الحدث في مطلع عام 2015، اي بعد ثلاثين عاماً ويزيد لقوانين سبتمبر 1983 سيئة الذكر، ومازال الحال هو نفس الحال، جلد للنساء المستضعفات المسنات، بكرباج جلادين هم بإعمار ابنائهم، تستغل الحكومة حوجتهم للوظيفة وللتخديم فتستخدمهم أسوأ استخدام! في اذلال وامتهان لكرامة أفراد ألشعب السوداني..
فقد ورد بالصحيفة في 6 يناير (حريات) تفاصيل الواقعة كما يلي: ان السيدة الأرملة حواء آدم مدبل حضرت الى محكمة الطعون الادارية بمدينة بورتسودان فى يوم 21 ديسمبر لسماع الحكم فى قضية متعلقة بكشك وعندما أخبرها القاضى بقرار الازالة احتجت قائلة للقاضى انها مظلومة فما كان من القاضى اﻻ وان ونادى على العسكرى وطالبه بايقاف السيدة حواء واحضار سوط وعندما رد العسكرى ان محكمة الطعون الادارية ﻻيوجد بها سوط ، أمره باحضار اى شىء يصلح للجلد ، وعندها أحضر العسكرى (خرطوش) لشفط البنزين من احدى السيارات وعندما سأل العسكرى القاضى عن عدد الجلدات أمره القاضى ان يظل يجلدها حتى يخبره بالتوقف ! وبالفعل جلدها العسكرى مايتجاوز الأربعين جلدة.)).. انتهي
السؤال يا قاضي محاكم الأخوان المسلمين ، باي ذنب وتحت اي قوانين تلك المسنة جلدت!!؟ وماهو مسمي الجريمة التي عقوبتها أربعين او فوق الأربعين جلدة !!؟ وما هو السند القانوني لتلك العقوبة!!وطريقة تنفيذها!!
وكيف يكون عدلا ان تجلد شاكية في قضية ( كشك)!! تسترزق منه، رزق اليوم باليوم، وتدفع للحكومة ( الجزية) (والجباية) منه !! وتعول منه نفسها وعيالها، ومهما كانت تفاصيل القضية!! فان محلية العاصمة ومحليات الأقاليم، جعلت ديدنها ازالة الأكشاك ومحاربة هؤلاء المعوزين، مره تحت مسمي نظافة المحليات ومره بغرض توسعة الشوراع، والجميع يعلم انها احدي دورات الفساد في تحصيل مزيد من الأموال من عرق هذا الشعب المغلوب علي أمره ..
وهذه ألأعمال والحملات تستهدف في غالبيتها ،النساء المسكينات والأرامل واللاتي هجرن اقاليمهن هرباً من الحرب والفقر وعدم الأمان.. ولا يجدن الدعم من المؤسسات الحكومية التي يفترض ان ترعي تلك الشريحة الاجتماعية وتعمل علي حل مشاكلها الاقتصادية، كما أنهن لا يمتلكن حق ( الرشاوي) لكي يتقين شر رجال الأمن وعساكر النظام، لذلك يقعن ضحايا لهذا النظام المستبد.
في الوقت الذي لم نسمع فيه اي من القضاة قد نفذ بل حتي حكم! بجلد مفسدين حكومة الاخوان المسلمين، وبنك فيصل الاسلامي! وغيره من البنوك ، وجرائم الاعتداء علي المال العام، وفساد بطانة الرئيس وإخوته واهله ووزرائه، أمثال كرتي، المتعافي، ونافع، وغسان وغيرهم من ( المتحللين) كثير بلا حصر ولا عدد من الذين سودت الصحائف اخبار فسادهم الظاهر والباطن..
وان كان للقاضي ( الجلاد) ضميرا فيسأل !! من هو أولي بالجلد حواء صاحبة الكشك ام حرم الرئيس وداد مصطفي التي لاتملك دخلاً الا من ممتلكات الدولة !! واستخدام اسم زوجها، فصارت بين عشية وضحاها مالكه وآخرون من الاسرة الحاكمة، لمستشفي ( رويال كير)، كما قامت بامتلاك وشراء بيت رجل الاعمال المعروف الشيخ الأمين مصطفي الأمين بمبلغ (6.5 ) مليون دولار! وغيرها من المصايف والمنتجعات والعقارات بالامارات وماليزيا!!
الحقيقة ان فساد الحكام وفساد القضاة وصمت رجال الدين وعلماء السلطان واستغلال النِّسَاء واذلالهن، ماهو الا منظومة متكاملة لحكم الاخوان المُسلمين الَّذِينَ استغلوا الدين لاستغلال الناس والسيطرة علي السلطة مزيد..
والحل الوحيد لمواجهة غول حكومة الهوس الديني وقادته المفسدين هو مواجهة باطلهم ، بمقاطعة مؤسساتهم وتعرية جهلهم، وفضح ممارساتهم الشائنة في حق إنسان السودان العزيز، الَّذِي هو أكرم من سياط جلاديهم وأشرف من التذلل باعتاب القضاة الظلمة الذين يخافون السلطات ولايخافون الله فيه..
ونحن في اعتاب الذكري الثلاثين لاستشهاد الاستاذ محمود محمد طه ، فلنقتفي خطاه في محاربة جهل القضاة والقوانين الجائرة المسماة بالقوانين الاسلامية وكل مايمت للجهل بصْلة…
لقد واجه الاستاذ محمود بشجاعة الحق ، الدستور الاسلامي المزيف وقوانين سبتمبر الشوهاء وواجه قضاتها بمقولته التاريخية امام محكمة المهلاوي في يوم 7يناير 1985 والتي ورد في حق قضاتها:
((و أما من حيث التطبيق ، فإن القضاة الذين يتولون المحاكمة تحتها ، غير مؤهلين فنيا ، وضعفوا أخلاقيا ، عن أن يمتنعوا عن أن يضعوا أنفسهم تحت سيطرة السلطة التنفيذية ، تستعملهم لإضاعة الحقوق وإذلال الشعب ، وتشويه الإسلام ، وإهانة الفكر والمفكرين ، وإذلال المعارضين السياسيين .. ومن أجل ذلك ، فإني غير مستعد للتعاون ، مع أي محكمة تنكرت لحرمة القضاء المستقل ، ورضيت أن تكون أداة من أدوات إذلال الشعب وإهانة الفكر الحر ، والتنكيل بالمعارضين السياسيين))..

بثينة تروس
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. إنه الظلم يتمدد في جميع أطراف هذا الوطن المنكوب فاغرا فاه ومادا لسانه وقد نسى أربابه من حكام ظالمين وقضاة معطوبين أن ليل الظلم قصير مهما طال ويوم الحساب لا محالة قادم ذلك الذي تجف من بهتة سؤاله أسلات الألسن فأين المفر؟!!
    شكرا أختي بثينة على مواصلتك تسليط الضوء على هذه الجرائم البشعة حتى تبقى ماثلة وشاخصة في وعي الشعب فيثور ثورته القادمة ويسترد حقوقه المسلوبة ذات يوم قريب بعون الله وإذنه..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..