طايوق للبيع

*« نحنُ نَمدحُ ما يُلائمُ ذَوقنا، وهذا
يَعني إنّنا عِندما نَمدحُ فنحنُ نَمدحُ ذوقنا
الخاص،ألا يُخالفُ هذا كُلَّ ذَوقٍ سَليم؟! ..».

– نيتشه –

.. كثيرة هي النكت والطرائف والتعليقات الساخرة والانتقادات القاسية التي نبتدعها، نرويها عن أنفسنا ونجلد بها ذواتنا في ساعات الضيق، سعياً وراء ابتسامة هاربة، رغبة في توازن مفقود، تطهيراً للروح… وخشية انفجار ما.

إليكم واحدة من تلك التي أنتجها العقل السوداني عن (العقل السوداني)، تقول الحكاية: قصد أحدهم متجراً متخصّصاً في بيع العقول لاقتناء واحد جديد يزيّن حياته ويكمّل فرحته بنعمة الخالق عليه، توقّف عند واجهات كثيرة تعرض أمخاخاً ونخاعات بشريّة على كل لون وحجم، ومن مختلف أصقاع الأرض، استقبله موظّف المبيعات بحفاوة سائلاً عن طلبه.. ودار بينهما الحوار التالي:
– الزبون: ما أسعار أكبر العقول لديكم وأكثرها وجاهة وثقلاً بين الأكتاف؟
– البائع: نعم سيدي، هذا ألماني مميّز من سلالة آينشتاين وهيغل وغوته وشيلر وغيرهم من مشاهير الفلاسفة والعلماء، وهذا فرنسي متفوّق من فصيلة ديكارت وفكتور هيغو وسارتر، وذاك الذي بجانبه إيطالي أصلي من عصر النهضة يعمل على طريقة (ليوناردو دافنشي) و(مايكل أنجلو) و(دانتي) ، أمّا ذاك الذي يتوسّطها فهو أمريكي مهجّن بين عائلتي (أديسون) و(أرميسترونغ) و ذاك..
– الزبون (مقاطعاً): هل لي أن آخذ فكرة عن الأسعار؟
– البائع: بكل سرور سيدي، وستجد في هذا الكتيّب طرق التشغيل والصيانة والكفالة مع قوائم الأسعار ومواعيد التخفيضات السنوية.. خصوصاً في المناسبات التي يقلّ فيها استخدام العقل.
– الزبون (وهو يتفحّص الكتيّب): حسناً، ولكنّ الأسعار غالية ولا تتناسب مع أحجام هذه العقول التي لا يتجاوز أكبرها البطيخة أو كرة الفوتبول! أريد عقلاً أصغر بحجم كرة التنس أو البينغ بونغ… مثل ذاك الذي في أعلى الرف.
البائع: عذراً سيدي، هذا (العقل) هو أغلى وأندر بضاعة في متجرنا رغم صغر حجمه.
الزبون: ما هذه المفارقة العجيبة؟ أليست العقول بالأحجام.
– البائع: هذا الذي تراه في أعلى الرف هو عقل من بلادكم يا سيدي، ويعود سبب غلاء ثمنه إلى كونه طازجاً وجديداً، و لم يستعمل قطّ، ثمّ أنّنا كسرنا رؤوساً كثيرة فوجدناها جوفاء إلى أن حصلنا وبعد جهد جهيد على هذا (العقل) الناصع البكر.
هنا تنتهي الحكاية بنصف ابتسامة ونصف دمعة.. وبالنصف الآخر من ?وجع النكتة?… وماذا عن العقول التي طحنها الفقر فقايضت نفسها بما يسدّ الرمق؟
المذاق حسرة وأسى على أمّة كانت خير من أخرج للناس – الكلمة هنا من الإخراج- ثمّ صار الكثير من مبدعيها أشبه بالمهرّج الحزين وقد بلّلت الدموع ظهر قناعه وخنقته الغصّة في الكواليس.
هل سحبنا عبر نكاتنا البساط من تحت الآخر فسبقناه للضحك على ما آلت إليه مجتمعاتنا؟ أين الخطّ الفاصل بين النقد الساخر المتيقّظ وجلد الذات؟ هل تكفينا فضيلة الاعتراف بأخطائنا والسخرية منها بدل لعنة البكاء والسكوت عليها؟
أعتقد – وبرغم الجوّ العاصف والإعصار- أنّ أمّة لا تسخر من أوضاعها هي أمّة بلا أوجاع.. ومن كان بلا أوجاع فهو بلا إحساس ومن كان بلا إحساس فهو جثّة بلا قبر وميّت مؤجّل دفنه.. لكن هل تكفي فضيلة الاعتراف لنيل صكّ الغفران ودخول جنّة العقل (الجحيم)..
آخر الكلام:
كَذَبَ الظنُّ، لا إمام سوى العقل..
أبو العلاء المعري
[email][email protected][/email]

– – – – – – – – – – – – – – – – –
تم إضافة المرفق التالي :
نائلكوف 064.jpg

تعليق واحد

  1. اغلي طايوق هو بتع العسكري و البوليس و رجال الامن لان سيدو مايعرف غير صفا إنتباة اركب عربية الكشة، اما طايوق القاضي و الدكتور و المهندس المعماري فهو رخيص جدا لانو سيدو إستعملو كتير،، لذلك الطايوق بتع عمر البشير لو عرضو للبيع حتحل مشاكل السودان الاقتصادية كلها..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..