الإسلام والحقيقة الغائبة (4- 5)

بسم الله الرحمن الرحيم

دلفت لهذا الباب عسى ولعلي أصل إلى الحقائق بشكل كامل وفي نفس الوقت أظهر حقيقة الإسلام كدين سماوي ملك لكل البشرية وليس ملك للتيارات الإسلامية التي أخذت الإسلام ستار للوصول إلى السلطة وتطبيق تجاربها الفاشلة كهدف لإذلال الشعوب وخاصة المعارضين لأفكار تلك التيارات الإسلامية ونعتهم بالعلمانية تارة وبالكفر تارة أخرى خوفاً من الانتقادات الحادة التي توجه إلى التيارات الإسلامية وممارساتها وفشلها في جميع النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية ولجوئها إلى العنف كخيار في الجامعات والمعاهد أو على الساحات الأوربية والأفريقية والعربية والآسيوية وهذا الخيار هو لتبرير فشلها وعجزها الفكري والمنهجي والاقتصادي في التعبير عن أهدافها الحقيقية ، مما أسار حروب كثيرة باسم الإسلام بل واغتيالات واختطاف وتفجيرات وإرهاب الشعوب وكل ذلك باسم الإسلام وهي تعلم إن كل الممارسات التي تمارسها ليس لها صلة بالإسلام من قريب أو بعيد .أو حتى الحركات التي لم تصل للسلطة .تمارس نفس الدور .

فإذا وضعنا في الاعتبار نشأة هذه الحركات وتطورها الفكري في الساحتين العربية والأفريقية وتقلب أمزجتها ورؤيتها غير الواضحة لابد أن نصل إلى الحقائق التاريخية لتلك الحركات فهي سياسياً انبثقت من حركة الأخوان المسلمين 1928م وهي حركة حسن ألبنا الأولى . ولكن سرعان ما اتخذت طريق غير طريق حسن ألبنا الداعي إلى نشر الدعوة الإسلامية في ظل وجود المستعمر آنذاك .ومع ذلك تصر على أنها جاءت لتطبيق شرع الله .

وهناك كثير من المفكرين والكتاب تطرقوا لهذا سواء كان في هذا الظرف أو في ظروف ومراحل سابقة . ولكن التطرق لمثل هذا الموضوع فيه مخاطر جمة ،
1- إذ يمكن أن يتعرض الكاتب إلى التهديد بالقتل أو الاعتقال أو اتهامه بالكفر والزندقة أو بالاختطاف ، نتيجة لإظهاره الفرق الكبير بين الإسلام , والحركات الإٍسلامية المتصارعة في بعضها البعض
2- يوصف بالعمالة للصهيونية العالمية وهي لست أقل قدراً من الأولى وحين يوصف هذا الكاتب أو المفكر أو السياسي بالعمالة للأجنبي بالتأكيد تلصق عليه تهمة تعرضه لطائلة القانون وربما الإعدام أيضا .

. حيث كل التنظيمات الإسلامية التي وصلت للسلطة سواء كان في إيران وتركيا والسودان وطالبان في أفغانستان والصومال وتونس لم تتفاعل تفاعل إيجابي مع شعوبها بل فرضت طغيان على شعوبها باسم الإسلام تارة ، وتارة أخرى باسم العشائر وهذا ما حصل في الصومال . فمثلا أفغانستان قبل حرب التتر عليها في عام 2002م أي الحلف الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كانت مسرح للحركات الإسلامية المتطرفة التي تنطلق من أرض أفغانستان باعتبار إن هذه الحركات قاومت الاحتلال السوفيتي وحررت أفغانستان من الاحتلال السوفيتي الذي هو كان القاعدة الرئيسية لانتشار الحزب الشيوعي في أسيا والأقطار العربية ومن ثم إلى أفريقيا .

فضلا عن الصراع بين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الشيوعي والذي سميه بالحرب البادرة .
وانطلاقا أيضا من حلم الحركات الإسلامية بالدولة الإسلامية الكبرى لكي تكون قاعدة رئيسية لتحرير الشعوب من أنظمتها الإسلامية الكافرة فمثلا نشأ تنظيم القاعدة في العام 1989م انضوت تحت لواءه كل الحركات المتطرفة من أنحاء العالم شكلت هذا التنظيم . فالتنظيم ينظر إلى الحكام في دول المشرق الغربي والدول الإسلامية وفق تعاونهم مع الكفار يجب محاربتهم لأنهم انحرفوا عن تطبيق شرع الله وحادوا عنه ، هذا الأسلوب والمنطق الأعرج قاد رجال دين انتقدوا ممارسات تلك الحركات ووصفها بأنها أضرت بالإسلام والمسلمين ولكنهم لم يصفوها بالإرهاب وكان من الأجدر أن يفرقوا بين الحركات الإسلامية الإرهابية ، وحقيقة الإسلام .

ونقف في الانتقادات التي وجهها حسن نصر الله زعيم حزب الله للحركات الإسلامية جلّ دون تفصيل إضافة إلى انتقادات القرضاوي لممارسات الحركات الإسلامية التي قال عنها أنها أضرت بالإسلام والمسلمين هذا اعتراف ، هو اعتراف صريح من زعيمين مفكرين إسلاميين قد يعتبر البعض إن المفكر الإسلامي وزعيم حزب الله حسن نصر الله بأنه يمثل التيار الشيعي في لبنان وهو امتداد للشيعة في إيران ، والقرضاوي هو رئيس مجمع الفقه الإسلامي العالمي والرجلين غير متفقين . لكن المهم سواء كان اتفقوا أو اختلفوا ليس موضوعنا وإنما اليقين الذي وصلوا له بأن هذه الحركات وإيغالها في العنف المفرط في القتل للمسلمين والمسيحيين على السواء هو أضر بالإسلام وليس نصر للإسلام وأتمنى من كل المفكرين والقادة والساسة وحتى قيادات الحركات أن يصل الجميع للضرر الذي تسببه ممارسة الحركات الإسلامية للإسلام .

فإن تنظيم القاعدة وطالبان يعتبران إن ممارساتهم التي اشتهرت بالإرهاب هي صحيحة حسب اعتقاداتهم وما عدا ذلك حتى ولو كان مسلم يجب قتله طالما لم يقاتل الكفار وهذا المنهج الذي اتخذته الحركات الإسلامية التي أصبحت امتداد لتنظيم القاعدة ونذكر منها بوكو حرام في نيجيريا وداعش في العرق وسوريا والحوثيين في اليمن كل هذا امتداد لحركة تنظيم القاعدة التي جمعت في ثناياها تنظيمات متطرفة مثل الجهاد الإسلامي والتنظيم السلفي والمجاهدين الأفغان والمحاكم الإسلامية في الصومال التي تنتمي فكرياً لجبهة الجهاد الإسلامي التي تعرف بتنظيم القاعدة والذين أصبحوا أكثر ضرر للإسلام بعد تفجير السفارتين في دار السلام ونيروبي 1998م وأحداث 11/9/2001م في أمريكا مما تصور للبعض أن الإسلام هو الإرهاب وكما قلت في المقالات السابقة إن المفكرين الإسلاميين والقادة العرب والسياسيين في المنطقة العربية والدول الإسلامية بدءوا يتحدثون بنفس منطق الغرب الذي وصف الإسلام بالإرهاب في وقتها دون التأمل في مستقبل الإسلام والظروف الخطيرة المحيطة بالإسلام نتيجة لممارسات تلك الحركات وإذا ما تطورت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وما يتمخض عنها من أضرار على المجتمعات وبناء على ذلك يمكن أن تتطور الأوضاع السياسية إلى حروب سواء كان صراع حضارات أو صراع ديني وبالتالي يتطور الصراع إلى صراع عسكري لفرض الهيمنة على الآخرين ويمكن أن تتعرض دول غير قادرة على حماية نفسها للاحتلال كما حصل في العراق في 20/3/2003م .لأن صراع القوة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفتيته إلى دويلات متنافرة وعدم توازن القوة وانفراط العقد بيد أمريكا وخلو الساحة الدولية من التوازن السابق بين المعسكر الرأسمالي والمعسكر الشيوعي .

فرأت هذه الحركات الإسلامية أن تكون البديل الشرعي لصراع القطب الأمريكي . فضلا عن العوامل المؤثرة التي خلفتها العولمة وتطورها السلبي في تحطيم الحدود القومية بين الدول وأهمها عدم السيطرة على الموارد البشرية والاقتصادية .

وفي خضم هذا الصراع غاب الفكر العربي والإسلامي وتضارب فيما بين خيمة الحركات الإسلامية وخيمة الهيمنة والنرجسية الفكرية الأمريكية وكليهما يسعيان إلى السيطرة الانفرادية فأمريكا تريد أن تسيطر على العالم عسكريا واقتصاديا من خلال الموارد البترولية مع الفراغ السياسي الذي أحدثته حرب الخليج الثانية في 20/3/2003م وأما الحركات الإسلامية تريد السيطرة على العالم من خلال الدولة الإسلامية الكبرى لتعيد مجد دولة الأندلس في الغرب والدولة العباسية في الشرق وبين هذا وذاك اختلاف كبير ما عاد إعادة مجد الدولة الإسلامية التي تحلم بها الحركات الإسلامية يواكب التطورات والتحديات العلمية لا في المراحل الماضية ولا في الظروف الحالية وهذا لا يجعل الحركات الإسلامية أن تنافس الولايات المتحدة الأمريكية لأن أمريكا سيطرت على الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحتى الاتحاد الأفريقي لم يفلت من القبضة الأمريكية بل حتى الانظمة الحاكمة في معظم الدول الاسلامية والعربية لم تفلت من يد أمريكا ولذا أصبح مستقبل الإسلام مهدد من الجانبين
حسين الحاج بكار
نواصل
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..