المسيرية والرزيقات وفشل المؤتمرات

بسم الله الرحمن الرحيم

لن نسبق المؤتمرات بالتشائم دون التفاعل والتفاؤل وإنما نأخذ التشائم كعامل من العوامل المؤثرة في مجريات الأحداث واختبار مصداقية واقع الحال واستمرار ديمومة السلام ، فالسلام مطلب من المطالب التي يجب أن تتوفر لها الظروف الصالحة لإنهاء التحديات مع قراءة صحيحة للمستجدات التي قد لا تكون حاضرة في ذلك الوقت ، فالتشائم أصبح حقيقة لنهج الذين يدعون دوماً لمثل هذه المؤتمرات التي لا تغني ولا تثمن من جوع ، بل تلك المؤتمرات أضحت اللقاءت والتصافح الودي الذي يحمل في طياته النوايا الحسنه دون أن يظهر ما يبطن في الداخل وهذا هو قدر التشائم الذي يقود دوماً للقتال مجرد انتهاء المؤتمر ولكي لا يكون التحليل مزاجي أو لأهداف بعيدة عن الواقع المحلي والاجتماعي والسياسي لابد أن نقف عند النتائج الملموسة لكي نتأمل في جدوى وأهداف المؤتمرات والمصداقية التي تنتاب التصافح والبسمات التي توحي بفرحة الحلول المستقبلية وبناء حاضر أكثر إشراقا. ثم يفاجئنا القدر بأن التصافح والبسمات ليس للحلول وإنما هي مزية للتشائم

وإذا أخذنا في الاعتبار التفاعل ثمة حضارية تقي الإنسان من المخاطر بل تضعه في مزية التطور ووزن الأمور بالعقل قبل اللجوء للعنف ، فهذا العامل لم يكن متوفر الآن فالتفاعل والتفاؤل بالتأكيد يقود لمعرفة الحقائق المطمورة من خلال توفر المعلومات الكاملة عن من هو المعتدي وأسباب الاعتداء لتمهد الطريق لنزع فتيل الأزمة وخلق أرضية صالحة للسلام والأمن والاستقرار والترابط الاجتماعي الذي يزيل الغبن السابق ويؤكد إن عوامل التفاعل والتفاؤل متوفرة وقادرة على إطفاء نار الحرب لكي تسود المصلحة المشركة لإرساء دعائم التعامل والتفاؤل العلمي وفق المنظور الاجتماعي بعيداً عن المنظور السياسي الذي دوماً يبطن ما لا يظهر مما يعكر الأجواء ويزيد من الخلافات والصراعات السياسية التي تطل برأسها على الانتماء القبلي وتقود للقتال وهي عكس التفاعل والتفاؤل ، التشائم الذي يكثر من العنف .

إذ أن بعض المعلومات التي تطايرت عن انعقاد مؤتمر بين المسيرية والزريقات في أبو جابرة بتاريخ 30/1/2015 أثر فشل مؤتمر أبو جابرة الذي كان مقرر انعقاده في 27/12/2014م لحللت المشاكل المتعصية منذ الثمانينات بين الرزيقات والمسيرية وحتى يوما هذا ومنذ عام 2006م عقدت أكثر من خمسة مؤتمرات ولقاءات بين الرزيقات والمسيرية وهي .
1- 30/5/2006م عقد مؤتمر بين المسيرية والرزيقات في محلية أبيي ? مدينة المجلد تناول نفس الهدف .
2- بتاريخ 25/9/2008م عقد مؤتمر الأبيض وكان الهدف إنهاء ذلك الصراع وفق مخرجات المؤتمر والالتزام بدفع الديات .
3- بتاريخ 12/10/2009م عقد مؤتمر أبو حراز في الخرطوم بعد معركة شقادي 26/5/2009م 4- في شهر فبراير 2014م عقد مؤتمر ببابنوسة وتناول الخورقات مع التأكيد على الالتزام بتنفيذ قرارات مؤتمر أبو حراز .
5- تقرر عقد مؤتمر بين الرزيقات والمسيرية بتاريخ 27/12/2014م إلا أن تم إلغاء المؤتمر دون توضيح الأسباب الحقيقة لتأجيل المؤتمر .
كل هذه المؤتمرات فشل نتيجة للتخبط السياسي المرتبط بسياسة نظام الإنقاذ الساعي لاستمرار الحروب بين القبائل الذي يكرس الفرقة أكثر من الوحدة .

ولكن هذه المؤتمرات واللقاءات لم تسهم بشكل جاد في حللت أي إشكاليات بين المسيرية والرزيقات وبين المسيرية المسيرية بل زادت من تطور الصراع بصورة مخيفة وتجاوز التطور الحدود المسموح بها ليشمل الجيران أي الرزيقات والمعاليا وكذلك المعاليا وحمر وبني حسين والأبالة الذي اندلع القتال بينهم بتاريخ 8/1/2013م وأيضا دار القتال بين بني حسين والأبالة إثناء مؤتمر الضعين 22/2/2013م للصلح بين المسيرية المسيرية مما أدى لعدم الاستقرار الأمني الذي يوحى بتطور النزاع في المستقبل بصورة أكثر شراسة إذا لم تكن هنالك جهود كبيرة مبذولة لإنهاء الصراع ومعرفة من هو المتسبب في استمرار التوتر ثم القتال ، ثم مؤتمر والسؤال المطروح ما هي الفائدة التي يجنيها هذا أو ذاك من استمرار القتال بين الرزيقات والمسيرية . وما جدوى المؤتمرات التي لا تحقق السلام بين المسيرية والرزيقات أو بين المعاليا والرزيقات .

وبعيداً عن المؤتمرات الصاخبة التي تدار من قبل السياسيين في الخرطوم لتنفيذ أجندة المؤتمر الوطني ونظام الإنقاذ على حساب أرواح الشعب ، يحب الاحتكام للأعراف المحلية وفق المعرفة التامة لرأي الطرفين المتقاتلين على الأرض دون التجاوز لظروف ومقتضيات الواقع ، فدوماً المؤتمرات التي تعقد كانت فوقية وبعيدة كل البعد عن ملامسة الواقع والدليل الذي يؤكد فوقية المؤتمرات هو مؤتمر النهود 15/11/2014م بين المسيرية المسيرية هذا المؤتمر فشل قبل انعقاده . وبعد انتهاء المؤتمر يوم 20/11/2014م وقبل أن يعلم الطرفين بمخرجات ذلك المؤتمر سواء كانت مرضية أو لم تكن مرضية وقع القتال يوم 22/11/2014 ثم يوم 24/11/2014م ، وسبب فشل المؤتمر يتمثل في الآتي .
1- عدم مناقشة جوهر الصراع وهو الأرض .
2- عدم اختيار القيادات المناسبة والمقنعة للطرفين
3- إبعاد اللجنة الأولى وبعض من الإدارة الأهلية التي بذلت جهود كبير في حقن الدماء قبل المؤتمر .
4- عدم خلق المناخ الصالح للتحاور وخاصة رؤى المجتمعات الواطية الجمرة
5- عدم التأكيد على مسئولية نظام الإنقاذ الدستورية والقانونية في تحمل المسئولية كاملة
6- المؤتمر لم يتحسب للتحديات والتطورات المستقبلية التي تواجه تطبيق وتنفيذ قرارات المؤتمر

وطبقاً لذلك ينطبق هذا على كل المؤتمرات ، فالمؤتمرات أصبحت نسخة من بعضها البعض والسبب هو ارتكاز المؤتمرات على ما يسمى بمثقفي الخرطوم فهذه النخبة فشلت في حل دائم لكل المشاكل سواء كان التعليم والصحة أو ترميم البنيات التحيتة وخاصة الخدمات مثل الكهرباء والمياه والطرق المسفلتة والمشاريع الزراعية والاهتمام بالثروة الحيوانية والغابية وغيرها من عوامل الاستقرار فضلا عن إهمال الجانب الأمني الذي يستلزم دراسة لجغرافية المنطقة وحدودها المفتوحة وما تحتاجه من شرطة وجيش ونقاط تفتيش درء لوقوع الجريمة مع أخذ رأي البدو واحترام ذلك الرأي الذي يؤكد على إنسانية الإنسان .لكن أتسمت المؤتمرات بنظرية التجاوز ومحورة القضايا.

إن فشل المؤتمرات هو عدم المعرفة الدقيقة واللصيقة لرؤية المتنازعين وتهيئة المناخ الصالح لانعقاد المؤتمر ونجاحه بعمق لكي يعبر عن نوايا ومصداقية المنكويين بالنار والجنوح للسلم والاستقرار النفسي والمعنوي والفكري والاطمئنان للسلام بدلا من تطور الصراع مرة أخرى .
الذي لم تعرف خلفياته السياسية والاجتماعية أو الأسباب الموضوعية التي ينبغي معرفتها من كل الجوانب الفكرية والسياسية والاجتماعية لتسهم في حل هذه المعضلة التي زهقت أرواح الطرفين من شباب وفرسان ، وفى نفس الوقت السودان محتاج لمثل هؤلاء بدلا من القتال فيما بينهم في كل المراحل التي مر بها تطور الصراع كانت أصابع الاتهام تشير إلى سياسات نظام الإنقاذ وأبناء تلك القبليتين المنضويين تحت لواء النظام وتنفيذهم لسياسات النظام على حساب أهلهم ، وإلا لماذا عدم الاهتمام بدراسات جدوى المؤتمرات السابقة والاستفادة من تجارب فشل تلك المؤتمرات . رغم فشل هذا المؤتمر أو ذاك لابد من تكون هنالك جوانب مضيئة ومهمة في قرارات المؤتمرات مع المعرفة الدقيقة للجوانب السلبية التي ترافق عدم تنفيذ تلك القرارات والتحسب للتحديات والتطورات على أرض الواقع بعد انتهاء المؤتمر والظروف التي تكتنف تنفيذ القرارات لاستمرار السلام . فالفشل أصبح حليف للمؤتمرات وبالتالي استمرار الحرب أمر لا مفر منه على الإطلاق .

حسين الحاج بكار
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. السؤال المهم والكبير جدا كيف يتم الصلح بين الرزيقات والشعب السودانى كافة وانتم تعلمون بأن الرزيقات هم المصدر والداعم الاول للجنجويد لدعم حكومة مطلوب الجنائية الدولية لابادة الشعب السودانى هذا هو السؤال المهم لأن الرزيقات وضعوا انفسهم فى مأزق بعد زوال هذا النظام لانهم اصبحوا فى موضع حقد مع الشعب السودانى .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..