الشعبي …تباينات المواقف وغموض المصالح

حالة التباين التي أضحت تكتنف مواقف حزب المؤتمر الشعبي منذ دخوله الحوار الوطني ما زالت ماثلة، ولم يعد قبوله بالحوار من دون شروط مسبقة كما طالبت القوى الأخرى استثناءً هنا، وإنما عدم مقاطعته للعملية الانتخابية كما أقرتها أحزاب المعارضة داخل الحوار تبرهن حالة التباين أكثر، وهذا بالرغم من الحديث الكثيف لقيادات الشعبي حول المقاطعة للانتخابات القادمة وأنهم مع معسكر المعارضة، إلا أن كثيراً من المراقبين يؤكدون أن موقف حزب المؤتمر الشعبي قد يتبدل في أي وقت؛ لأنه مرهون بقضايا معقدة وكثيرة والحوار الوطني ليس أولوية فيها، وإنما استدامة حكم الإسلاميين بأي شكل هو الإولوية القصوى، وبالرغم من حالة النفي المتكررة في أن يكون دافع المؤتمر الشعبي في الدخول للحوار الوطني هو تعزيز حالة التقارب بين الإسلاميين، إلا أن المواقف المتباينة والمتسارعة للشعبي منذ خطاب الوثبة وما سبقها من لقاءات سرية جرت بين الرئيس” البشير” وعراب الحركة الإسلامية ” د. حسن الترابي” تجعل من مواقف الشعبي في خانة الاتهام.
وبالرغم من إعلان الحزب مقاطعته للانتخابات القادمة أكثر من مرة واعتبرها ليست ذات معنى، وتكرس للأزمة القائمة ما لم تأتِ عبر الحوار إلا أن أمينة المرأة بالحزب” سهير احمد صلاح” أكدت بأن قيام الانتخابات في موعدها المحدد ابريل 2015م يعد استحقاقاً دستورياً، وأن عدم قيامها يمثل خرقاً للدستور، وأضافت قائلة: لكن إذا أفضت مخرجات الحوار والجمعية العمومية للأحزاب المتحاورة الى تأجيلها، فهذا فوق الدستور باعتبار أن هذه الأحزاب تمثل رأي القوى المشاركة في مباردة الحوار التي دعا لها رئيس الجمهورية.
ويرى مراقبون أن التمسك بقيام الانتخابات باعتبارها حقاً دستورياً لازم النفاذ؛ هو رأي المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) بينما القوى السياسية كافة- خاصة المعارضة داخل الحوار الوطني وخارجه – هي مع خيار عدم قيام الانتخابات ، وقد أعلنت هذه القوى مقاطعتها للانتخابات ، وكانت قوى الإجماع الوطني الموقعة على وثيقة (نداء السودان) مع الجبهة الثورية؛ قد دشنت برنامجها تحت شعار “ارحل ” مطالبة بعد ترشيح البشير مرة أخرى مع مقاطعتها للانتخابات بصورة عامة. بينما أعلنت أحزاب الحوار الوطني المعارضة بمقاطعة الانتخابات؛ على خلفية أنها لم تخرج من مائدة الحوار، وأن الحزب الحاكم فرضها من خلال وجوده في السلطة، وامتنعت هذه الأحزاب من مقابلة رئيس الجمهورية، لكن حزب المؤتمرالشعبي كان له موقف مخالف من خلال مشاركة ممثلة في آلية الحوار وأمينه السياسي”كمال عمر” في دعم ترشيح البشير، مما دفع تحالف القوى الوطنية المعارضة داخل الحوار؛ الى تعليق عضوية المؤتمر الشعبي داخل التحالف.
وفي ذات السياق؛ فقد شكك نائب رئيس حركة الإصلاح الآن؛ حسن رزق، من وجود اتفاق ثنائي بين المؤتمر الشعبي والحزب الحاكم، أسوة بتفاهماته مع أحزاب أخرى، كما وصف الأمين السياسي لمنبر السلام العادل ” ساتي محمد سوركتي” ممثل المؤتمر الشعبي في آلية الحوار (7+7)؛ بأنه يعمل لإفشال الحوار من خلال مواقفه وتصريحاته وهي التي دفعت تحالف أحزاب المعارضة في الحوار إلى تعليق عضوية الشعبي والمطالبة بشخص آخر يمثله.
ويرى محللون سياسيون أن حالة التباين التي تبدو واضحة في مواقف حزب المؤتمر الشعبي تعود الى احتمالات ثلاثة، إما أن يكون مرهوناً لخطة إقليمية تتعلق بمستقبل الإسلام السياسي؛ عقب الحملة الشرسة التى حدثت لحكم الرئيس المصري “محمد مرسي” وما تلاها من تأثيرات كبيرة في تونس وغيرها من الدول التي ينشط فيها العمل الإسلامي لجماعة الإخوان المسلمين، أو أنه يأتي باتفاقات ثنائية بين الإسلاميين أنفسهم على المستوى الداخلي يتطلب خلق حالة تماهٍ في المواقف وتبادلٍ للأدوار ، وهذا هو الأقوى في ترجيحات كثير من المراقبين ، بينما الاحتمال الأخير يعود ارتباطه بمواقف الحزب وما يواجهه من تعنت من بعض صقور الوطني التي لاتقبل الحوار مع الشعبي، فتفرض عليه حالة من التباينات نتيجة لملاحقة المشهد السياسي؛ بما يحقق كسباً ضد هذه الخصوم (صقور الوطني).

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..