الاقتباس و النقل بمقالة: معركة تماي و التاريخ المنسي لبكري سوركناب

بخصوص مقالة السيد, بكري سوركناب بعنوان: معركة تماي التاريخ المنسي.
المقال أغلبه مقتبس… بل يكاد يكون منقولا من مقالة (الامير عثمان دقنة ..لمحات عن سيرته و عبقريته العسكرية)…. و كاتبه السوداني (الحرب صبر) بموقع الجيش العربي.(لولا أضافته لبعض المقولات المنسوبة للشاعر كبلنج).
و لا بأس في ذلك ….و لكن كان علي الكاتب التنوهيه للنقل او الاقتباس (لحفظ الحق الادبي للكاتب الاصل)..الأمانة يرحمكم الله.

النص:
الامير المجاهد: عثمان دقنة…لمحات من سيرته و عبقريته العسكرية (اول من كسر اسطورة المربع الانجليزي)……
كاتب الموضوع:الحرب صبر

كان مولد الأمير عثمان دقنه في سواكن عام 1843م ووالده أبو بكر دقنه من أسرة الدقناب الشهيرة وأمه نفيسة (ست البنات) من البشارياب وهم بطن من بطون قبيلة الهدندوة بشرق السودان.
نشأ الامير وسط أسرة تعمل بالتجارة فقد كان أخواه عمر وعلي وابن عمه أحمد يعملون بالتجارة بين سواكن وجده. كانت تجارتهم رائجة واتهموا بالاتجار بالرقيق تحت ستار التجارة الحرة ، و في عام 1877م قبض على علي دقنه بالقرب من مرسى الشيخ (برغوث) . و حكم بالسجن على عمر وعثمان وعلي ، ثم صفيت أعمالهم بجده وصودرت ممتلكاتهم وعاد الأخوة الثلاثة إلى سواكن بعد ضياع ما جمعوه عبر السنين .
ترك هذا الأمر أثرا عظيماً في نفس عثمان دقنه الأمر الذي حدا به لمحاولة تأليب الناس في سواكن على السلطة التركية القائمة ، غير أن أهل الرأي في سواكن رأوا أن يبعدوا الفتن من مدينتهم التي تعتمد على التجارة التي ترعاها الإدارة القائمة فتكون مجلس من أعيان المدينة و قرر المجلس طرد عثمان دقنه من مدينة سواكن .على أثر هذا القرار غادر عثمان دقنه سواكن إلى بربر حيث استقر وتزوج هناك، وبمساعدة أصهاره اسـتطاع عثمان أن يعود إلى التجارة.
و في عام 1882م رجع إلى سواكن في مهمة تجارية حين حاول أن يقيم تنظيم لمقاومة السلطات القائمة إلا أنه فشل في ذلك الأمر.
تنامت أنباء المهدي وانتصاراته فتوجه عثمان إلى كردفان وبايع المهدي وتم تعيينه أميراً على شرق السودان.
بدأت حملات الامير عثمان دقنة علي سواحل البحر الاحمر بالقضاء علي الحاميات التركية المصرية التي كانت تحت امرة ضباط انجليز في نفس الوقت الذي تحركت فيه حملة الكولونيل وليم هكس (قائد اركان الجيش المصري بالسودان) غربا لملاقات قوات المهدي في غابة شيكان. و قد عمل الامير عثمان علي قطع اي مدد من منافذ البحر الاحمر للكولونيل هكس مما ساعد قوات المهدي في هزيمة هذه الحملة عام 1883م (معركة شيكان) و ابادة كل جنودها في ملحمة علق بالقول عليها اللورد فيتز موريس في جلسة مجلس اللوردات البريطاني نوفمبر 1883م ( لم يفن جيش بهذه الطريقة منذ ان هلك جيش فرعون في البحر الاحمر). و في تلك الاثناء كانت جميع مدن الشرق تقع تحت رحمة قوات عثمان دقنة من قبائل الهدندوة الشجعان و قد بلغ عددهم في مطلع العام 1884م 18000 مقاتل منهم حوالي الف من حملة البنادق و الباقي من حملة السيوف المرعبين . و قد نالوا اعجاب اعدائهم من الجيش الانجليزي الذين اطلقوا عليهم اسم (فزي وزي) و قد قام كبلينج شاعر الانجليز الاشهر في ذلك الوقت بتخليد اولئك البواسل في قصيدة عبرت عن نظرة الجنود البريطانيين لأولئك المقاتلين يقول فيها: ارفع اليك التحية يا فزي وزي و انت في ديارك هناك في السودان
انت مع كونك هزيل و جاهل الا انك محارب من الطراز الاول
التحية لك ايها الفزي وزي بشعر رأسك الخشن الاشعث الهائج
ايها العظيم, الاسود. المعدم. لأنك حطمت المربع البريطاني
عندما تعاظمت قوة عثمان دقنة قام الخديوي بتعين الضابط البريطاني الميجور جنرال فالنتين بيكر ( ضابط بسلاح الفرسان البريطاني: عمل بتميز في جنوب افريقيا و حرب القرم و الحرب البروسية -الفرنسية) .و عندما وصل الي سواكن في ديسمبر 1883م علم بأن عثمان دقنة يحاصر مدينة طوكر, فتحرك بيكر بقواته المكونة من الباشبزق و الجندرمة المصريين و سلاح الفرسان لفك حصار طوكر في هيئة المربع التكتيكي و هو عبارة عن مربع مفرغ له اربع جوانب تتكون من الجنود الذين يحملون البنادق و المدفعية و عادة ما تجمع المؤن في الداخل. هذا التشكيل استخدم بواسطة الجيوش علي مدي قرون. و المربع في ذلك الوقت هو التشكيل الاحسن في حالة الدفاع الثابت علي ارض مكشوفة و لكن من الصعب الحفاظ علي تماسكه في حالة الحركة. تعامل جنود دقنة بفن المناورة و السحب لقوات بيكر حتي ادخلوهم بقرية تدعي التب و هنالك انهال عليهم فرسان الهدندوة كالسيل و قضوا عليهم في مجزرة رهيبة تمكن بيكر من الهرب مع بعض حرسه الي مدينة سواكن المحصنة و قد ارسل بعد اسبوع للورد كرومر بالقاهرة يقول له (لم يحاول الجنود القتال مطلقا, فقد القوا اسلحتهم و لاذوا بالفرار, كما تركوا انفسهم ليقتلوا دون مقاومة. اكثر من الفين منهم قتلوا و الاوربيين ايضا عانوا كثيرا). قتل في تلك المعركة 2500 من جنود بيكر و بعد ذلك لم يبقي امام الحاميات المصرية بشرق السودان الا الانسحاب فحاول قائد حامية سنكات محمد توفيق الانسحاب و ما ان غادر بجنوده المدينة في صبيحة الثامن من فبراير 1884م حتي انقض عليهم الامير عثمان دقنة و جنوده فتكررت مجزرة اخري و بعد اسبوعين من تلك الواقعة استسلمت حامية طوكر لتفادي المزيد من المجازر. و لم يبقي الا مدينة سواكن بحاميتها من الضباط البريطانيين و دعم مدفعية الاسطول الملكي البريطاني.
كان الرأي العام في بريطانيا و رأي الملكة فكتوريا سيئا في جيش يقوده ضباط بريطانيين و يمزق اربا علي يد قوات المهدي في وسط و غرب السودان و قوات عثمان دقنة بشرق السودان و كانوا يروون ان هذه الهزائم و المجازر قد حطمت سمعة بريطانيا و جيشها و قادتها. و مارس الاعلام و الرأي العام الانجليزي ضغطا علي جلادستون رئيس الوزراء لأرسال الجنرال غردون احد اعظم القادة الانجليز في ذلك الوقت ليرد كرامة بريطانيا. و عندما رضخ جلادستون ارسلت الملكة عبر سكرتيرها تقول:(نحن سعداء جدا بأن قررت حكومتنا اخيرا فعل شئ, ارجوا ان لا يكون متأخرا لأنقاذ بعض الارواح. خاصة و ان سقوط سنكات كان فظيعا). كما ارسل جلاديستون امره للادميرال السير وليم هويت قائد الاسطول البريطاني بالبحر الاحمر بأن يجمع قواته و يرسلهم الي الشاطئ لمحاربة عثمان دقنة.
في فبراير1884 تم انزال رجال اطقم البحرية البريطانية بسواكن مع تأمين من سفن اسطول البحر الاحمر البريطاني و مدفعيتها ماركة جاتلينج و غاردنر الرشاشة علي رأسهم المدمرة الانجليزية (نسر جلالة الملكة) و تم اللحاق قوات مارينز انجليزية قادمة من الهند و جنود البحرية المرابطين ببورسعيد, و عج البحر بالسفن البريطانية من عدة مستعمرات لأمداد هذه الحملة و من ضمن هذا المدد:
1) كتيبة من البلاك ووتش
2)كتيبة من الهايلاندرز
3) مشاة المارينز الملكية
4) فيلق بنادق الملك
5)فيالق اليوركشير و اللانكشير و الايرش
6) قوة من الخيالة تتبع للفرقة التاسعة عشر هوصار والفرقة العاشرة هوصار.
و ضمت الحملة ضباط ذو خبرة واسعة كالفريق سير جيرالد جيرهام (حامل وسام فكتوريا كروس). و الكولونيل هربرت ستيوارت (الذي تميز في قيادة معركة التل الكبير) و الكولونيل سير ردفيرز بوللر (حاصل علي وسام فكتوريا كروس) و الكولونيل فردريك برنابي (قائد فرسان الحرس الملكي (البلوز) و اللورد شارلس بيريز فورد ( من قادة الاسطول البحري الملكي). و غيرهم من الضباط الانجليز اصحاب الخبرة و تولي القيادة جيرهام الذي حشد كل القوة في ثلاثة الوية فقط (اثنان مشاة و واحد من الخيالة). و كان هدف الحملة استعادة كرامة و هيبة الجيش البريطاني و تأديب قوات عثمان دقنة ومن ثم مساعدة حامية الخرطوم التي يقودها الجنرال غوردون في مواجهة جيش المهدي.
قاد جراهام قواته خارجا من ميناء ترينكتات الصغير في تشكيل من المربع الانجليزي المعروف. الواجهة الامامية من الهايلاندرز و الخلفية من البلاك ووتش و الواجهة اليسري من المارينز و اليوركشير و اللانكشير و كونت قوات الايرش و بنادق الملك الواجهة اليمني و ارسل خيالة استطلاع من الفرقة العاشرة هوصار بينما ظلت بقية الفرقة العاشرة هوصار و الفرقة التاسعة عشر هوصارمن الخيالة في الخلف و تم تأمين اركان المربع بمدافع جاتلينج و جاردنر الرشاشة و مدافع الميدان 7 رطل, كانت عيون عثمان دقنة تراقب تحرك الجيش البريطاني فأمر قائديه مدني و عبدالله بن الحسن بأحتلال الاطلال القائمة علي قرية التيب و اتخاذ مواقع الرماية. و كانت قوات عثمان دقنة تملك مدفعا واحدا من ماركة جاتلينج و بعض القطع من مدافع الميدان كروب استولوا عليها من قوات بيكر و معظم رجاله مسلح ببندقية ماركة رمينجتون-40 بطلقة واحدة. عندما ظهر تشكيل جرهام الضخم زاحفا علي انغام موسيقي القرب من الوحدات الاسكتلندية بدأت المعركة في ظهيرة 29 فبراير 1884 بقذيفة مدفع من ناحية قوات دقنة من علي بعد الف ياردة و حققت اصابات ناجحة في المربع الانجليزي, احتمي المشاة البريطانيين بالسواتر الارضية و لم يتقدموا الا بعد ان اسكتت نيران مدفعية دقنة, تقدم المربع تحت ساتر من القصف المدفعي ناحية اليسار للالتفاف حول قوات دقنة و هنا تجلت عبقرية عثمان دقنة بأقتحامه للمربع لحظة تحركه عبر جنود له كامنيين داخل الاودية و تلاحموا مع الانجليز في قتال رهيب اما قوات الخيالة من الهوصار فسرعان ما وجدوا انفسهم وسط مقاتلين الهدندوة المختبئين حول الشجيرات و تعرضوا لهجوم شرس من حاملي السيوف و الحراب و كان بعض من فرسان الهدندوة ينطرحوا ارضا ليسقطوا الاحصنة بضرب سيقانها . لم تكن خسارة الانجليز من القتلي في هذه المعركة اكثر من قتلي الهدندوة الا انهم علموا انهم يحاربون مقاتلين من طينة اخري .و تكررت المعارك بين الجانبين في سنكات و طماي و غيرها من المعارك تعودت فيها قوات دقنة من اقتحام مربع الجيش البريطاني و اعمال القتل و الفوضي داخله. فبعد معركة التب قال جراهام:( مجموعة ضخمة من الوطنيين جاءت كسيل متدفق و هجمت بعزيمة لا تلين علي كتيبة اليوركشيرز و اللانكشيرز مما جعل المربع ينهار و يتخبط في فوضي تامة. وقد تمكن العدو من الاستيلاء علي مدافع لواء البحرية التي امنها رجالها و وقفوا بجانبها حتي النهاية). و كتب قائلا بعد معركة طماي:( خسائرنا كانت فادحة, فكثير من الرجال الشجعان من الرويال هايلاندرز و اليورك و اللانكشير قدموا حياتهم لأنقاذ شرف و سمعة وحداتهم, و خسائر العدو بلغت اربعة الف ما بين قتيل و جريح , و لكن السودانيين و كما حدث من قبل انسحبوا بهدوء و نظام جيد, مقدمين صورة مشرفة عن انفسهم, و كان من الواضح انهم مصممون علي القتال مرة اخري).
لقد نجح عثمان دقنة و جنوده فيما اخفق فيه الفرنسيون و الروس علي السواء و هو اختراق المربع الانجليزي. وكانت عبقرية دقنة في اختراقه لهذا المربع ترتكز علي المناوشة و استدراج العدو مع الهجوم عليها في وقت تحرك المربع و التركيز علي الهجوم من المؤخرة , مع اقامة الكمائن حول مسار تحرك العدو كل ذلك مع الاعتماد علي سرعة الكر و الفر ساعده علي ذلك خفة قواته المهاجمة و بسالتهم. و عندما تدرس الان(نظرية الاختراق من مؤخرة العدو) في كلية الاركان في كامبرلي تذكر تكتيكات الامير دقنة كنموزج في معاركه في التيب و طماي و توفريك و خور شمبات.
لقد استردت قوات جراهام بعضا من مدن الشرق مما اسعد الانجليز و الملكة كاسترداد لشرف و سمعة جيشهم و لكن لم يستطع الوصول للخرطوم لأمداد الجنرال غردون , و سرعان ما انسحبت قوات جراهام في ابريل 1884 للقاهرة و استولي عثمان دقنة علي الشرق مجددا و ارسل للمهدي قائلا:(لقد قذف الله الرعب في قلوب الانجليز فذهبوا).
سرعان ما حاصرت قوات المهدي الجنرال غردون بالخرطوم , و قامت بريطانية بأرسال حملة اخري عن طريق مصر لأنقاذ غردون و ذلك بعد ضغط شديد من الملكة نفسها علي غلاديستون الذي كان لا يرغب في الغوص اكثر من ذلك في مستنقع السودان بل صرح قائلا في مجلس العموم 🙁 ان ارسال قوات الي السودان سيكون بمثابة حرب من غزاة علي شعب يناضل لينال حريته و يكافح بحق ليكون حرا ) فأرسلت الملكة فكتوريا تقرع رئيس وزراءها بمذكرة كتبها سكرتيرها الخاص:(……ان جلالة الملكة منفعلة جدا بخصوص السودان , و ترغب ان تقول انها تعتقد ان لطمة قوية يجب ان تسدد لتقنع اولئك المسلمين بأنهم لم يهزمونا, انهم همج و لن يستطيعوا الوقوف في وجه قوات نظامية جيدة التسليح و التدريب….ان الملكة ترتعد خوفا علي سلامة الجنرال غردون, اذا ما اصابه اي شئ فالنتيجة ستكون مروعة) و ازداد الضغط علي جلادستون بأرسال الملكة له تقول:( بحق شرف الحكومة و الامة. يجب عدم التخلي عن غردون) كما اخبره اللورد هارتنجتون وزير الحربية بأنه وعد الشعب بأنقاذ غردون و( ان شرفه الشخصي و وفاءه بالوعد قد وضعا علي المحك). فما كان من عثمان دقنة الا ان يشارك في حرب جديدة ضد الانجليز بقيادة لورد وليسلي ,مرة اخري في شمال السودان بالقرب من عطبرة حتي يقطع عليهم الطريق للوصول للخرطوم المحاصرة. و سرعان ما سقطت الخرطوم في يد جيوش المهدية في يناير 1885م و قتل الجنرال غردون .لم تستطع حملة الانقاذ الوصول في الوقت المناسب و قتل العديد من قادتها خلال تحركها نحو الخرطوم .فعادت ادراجها الي بريطانيا.
اصبح السودان بعد ذلك دولة مستقلة , و لم تنسي بريطانيا تمرغ وجهها في التراب السوداني فعادت بعد اربعة عشر عاما بجيوش جرارة بقيادة الجنرال كتشنر و حارب السودانييون كما عرف عنهم بكل شجاعة و وقف الامير عثمان دقنة بقواتة يشد من ازر جيوش المهدية بقيادة الخليفة عبد الله التعايشي . و مات اغلب المقاتلين السودانيين في معارك مثل (كرري) و (ام دبيكرات) بعد ان واجهوا اسلحة رشاشة لم يعتادوها حصدتهم حصدا فوقع عشرات الالاف قتلي بكل شرف و شجاعة حتي قال عنهم رئيس الوزراء البريطاني تشرشل و الذي كان اصغر ضابط في هذه الحملة في كتابه عن تلك المعارك و المسمي (حرب النهر) قال:( انهم اشجع من مشي علي وجه الارض). كانت معركة كرري هي بداية لأستعمار انجلترا للسودان قال عنها جورج ستيفن في كتابه(مع كتشنر الي الخرطوم) 🙁 لم تكن معركة و انما كانت مزبحة). كما قال فيه ايضا:( لقد كان رجالنا رائعين, و لكن السودانيين فاقوا حد الروعة. انه لأضخم و اعظم و اشجع جيش قاتل ضدنا ابدا….), الخسارة الوحيدة الملموسة للجيش الانجليزي كان من خلال كمين علي حافة النهر اقامه مقاتلي عثمان دقنة لسلاح الفرسان البريطاني فاوقعوا فيهم قتلي و بعد سنوات من تلك الواقعة سأل تشرشل احد قادة السفن المدرعة (كابتن بيتي) الذي شارك في معركة كرري
فأجابه. (لقد رايت من ظهر السفينة كمين عثمان دقنة ولم افهم غرضه الي ان رايتكم
تندفعون نحوه و خفت ان اطلقت نيران المدافع الرشاشة ان تصيبكم).
فسأله تشرشل:
(كيف كان منظرنا) ..؟
اجاب كابتن بتي: (اه يا صديقي لقد كنتم مثل الارز عندما يوضع علي الزيت الحار ..).و بعد المعركة النهائية في (ام دبيكرات) 1889م و استشهاد الخليفة عبدالله قائد الدولة الذي وجد جالسا علي سجادته في ارض المعركة متوجها نحو القبلة و جسده ممزق بالرصاص هو و امراءه الأساسيين .
هرب الامير عثمان دقنة نحو الشرق. وبعث إلى الهدندوة في (طوكر) ليعدوا له العدة لتهريبه إلى الحجاز وأعدوا ثلاث سنابك لنقل الأمير واحدة في ترنكتات والثانية في هيدوب والثالثة في شمال عقيق, وصل خبر وجود الأمير عثمان دقنه في الشرق للأنجليز الذين اعلنوا عن جائزة ضخمة لمن يدلي بمكانه وعن طريق وشاية اسر الأمير ونقل مثقلا بالحديد إلى سواكن في عام 1900م و سارع المستعمر بنقل الأمير إلى سجن رشيد في ديسمبر 1908 نقل الأمير إلى سجن وادي حلفا .في عام 1923م التمس عثمان دقنه من المستعمرين السماح له بأداء فريضة الحج فرفض طلب دقنه بطريقة تعسفية، وتسرب الخبر إلى حزب الأحرار البريطاني الذي شنت صحفه حملة عنيفة ضد الحكومة، وتحت وطأة حملة حزب الأحرار سمحت الحكومة البريطانية لعثمان دقنه بالحج في العام 1924م.وصل الأمير عثمان دقنه سواكن وهو في طريقه إلى الحج فاستقبله الأرتيقه والسواكنيه بحفاوة بالـغة ورتبوا له لـقاء جامع للترحيب به ومن ثم تحلقوا في حلقة كبيره حول الأمير وهم يتلون ايات من القرآن الكريم ، وأغرورقت الدموع في عيني الأمير وهو يرى تلك الجموع الحبيبه ، ظل بقية حياته صائما نهاره يفطر على اللبن والتمر وقائماً ليله يستريح من القيام بتلاوة القرآن ليعاود قيامه . .. وقد توقف جورج الخامس ملك بريطانيا في سواكن اثناء رحلته الي الهند لرؤية الرجل القابع في سجن البلدة معتصما بصمت عميق .. وعندما وصل الامبراطور الي سواكن رفض دقنة مقابلته مما اضطر الملك للذهاب الي السجن بنفسه وسط ذهول كبار مرافقيه … وفي السجن ايضا رفض اسد الشرق الخروج من زنزانته لمقابة الملك . عندئذ اصر الملك علي مقابلة الاسير وعلي الذهاب بنفسه الي الزنزانة التي تحوي هذا البطل الذي خلد سيرته لدي الاعداء قبل الاصدقاء. الا ان عثمان دقنة ادار للملك ظهره منكبا علي مصحفه يقراء عندئذ اخرج الملك سيفه وحيا البطل الاسير ثم خرج . وفي ليلة السابع عشر من ديسمبر1927 توفي عثمان دقنه في هدوء وبعد جنازة صامتة و حزينة دفن في مقابر (بهلول) بوادي حلفا. وعلى أثر تهجير مواطني وادي حلفا (غرقت بسبب بناء السد العالي بمصر) تم نقل جثته الطاهرة عام 1964 ليدفن مجددا بمدينة اركويت علي سفوح جبال البحر الاحمر التي شهدت له صولات وجولات ضد المستعمر.
* المصادر: حروب المهدية للكاتب :روبن نيللاند
حرب النهر :لرئيس الوزراء البريطاني السابق تشرشل
مذكرات يوسف ميخائيل
السودان عبر القرون: برفسور. مكي شبيكة
مع كتشنر الي الخرطوم: جورج استيفن
منتدي السادة الاشراف بالسودان
كتاب معركة كرري (دراسة توثيقية عسكرية): زلفو

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..