الانجليز وضعوا ضوابط تسيطر على المال العام لا يفلت منها جنيه

توقفت في المقال السابق مع المؤسسات والنظم التي أورثها للحكم الوطني والتي أمنت على قيمة الجنيه السوداني الذي يساوى أتنين دولار ونصف قبل أن يحكم عليه الحكم الوطني بالإعدام ولكن اللافت ولا يقل أهمية أنهم في نفس الوقت وضعوا ضوابط ومؤسسات تحكم قبضتها على الخزينة العامة بطريقة لا تسمح لجنيه سوداني واحد أن يفلت دون أن يوظف في الغرض الذي خصص له في الميزانية

فلقد اخضع الانجليز كل مصادر الجنيه السوداني لوزارة المالية وتحت إدارة مصلحة الحسابات المسئولة عن الخزينة العامة بنظام يضمن إن أي مال عام مهما قل لا بد أن يدخل في هذه الخزينة وفى ذات الوقت لا يخرج منها أي جنيه إلا تحت علم هذه الإدارة وموافقتها وذلك وفق الميزانية العامة السنوية التي تحدد أوجه صرف المال العام بتفصيل دقيق ولهذا السبب ففي كل وزارة ومؤسسة من مؤسسات الدولة رئيس إدارة حسابات يتبع إداريا لوزارة المالية ولا يخضع لسلطة الوزارة أو المؤسسة التي يعمل بها وهو بحكم اختصاصه رقيب على الميزانية ولهذا فانه يملك أن يمنع سلطة المؤسسة أو الوزارة مهما علت من أن تتصرف في جنيه واحد إذا لم يكن معتمدا في الميزانية ولعل من اكبر شواهد التاريخ لهذا النظام المالي المحكم إن الشهيد إسماعيل الأزهري أراد أن يتبرع بعشرة جنيهات وهو رئيس مجلس السيادة إلا إن المحاسب رفض تنفيذ قراره لعدم وجود بند للتبرعات في ميزانية مجلس السيادة وطلب من الأزهري أن يحدد له البند الذي يسمح له بذلك فضخك الأزهري والتزم بقرار المحاسب.

إذن هذا النظام المحكم الذي وضعه الانجليز اخضع المال العام واردها وأوجه صرفها للإدارة المركزية للحسابات بنظام لا يسمح لأي جهة حكومية مهما بلغت أن تخضع تحت أمرتها أي مال من الخزينة أو تتصرف فيه أما لم تكن أوجه الصرف مضمنة مسبقا في الميزانية السنوية فالسلطة العليا بيدها أن تضع الميزانية وتحدد أوج الصرف إلا إنها في طور التنفيذ لا تملك أي سلطة للخروج عليها.

ولإحكام قبضة الدولة على المال العام وفق الأسس المالية التي تحكمها الميزانية السنوية فلقد أسس الانجليز وزارات ومصالح حكومية تتحكم هي في أوجه الصرف الخاصة بمؤسسات الدولة نفسها وعلى رأس هذه المؤسسات مصلحة المخازن والمهمات وهى التي تتولى سد احتياجات كل وزارات ومؤسسات الدولة حيث تغطى احتياجاتها من أساسات وأدوات مكتبية عبر مصادرها المحلية من ورش صناعية كما أسس الانجليز مصلحة الأشغال وهى المسئولة عن كل منشئات المباني والمكاتب وصيانتها ولا تملك أي وزارة أو مصالحة حكومية أن تشرف مباشرة على مبانيها وصيانتها وفق أمزجة مسئوليها ويكتمل المثلث بمصلحة النقل الميكانيكي التي تتحكم ومسئولة عن استيراد العربات الحكومية وصيانتها بل والرقابة عليها بما يؤكد إنها تخضع لقانون الخدمة المدنية وتتمتع بالسلطة الرقابية على أي عربة حكومية للتأكد من إنها تولا مستحقة كما لم تخرج عن أوجه استخدامها كما إنها تملك السلطة بحجز العربة الحكومية وإحالتها لورش النقل الميكانيكي إذا كان من ستخدم العربة الحكومية ليس مستحق لها أو إنها مسخرة لغير غرضها كما إن حلقات الانضباط المالي للخزينة العامة تكتمل حلقاته بإدارة المشتروات التابعة للمالية والتي لا تسمح لأي وزارة أو مؤسسة أن تشرف على مشتروات واحتياجات الوزارة إلا عبر إدارة المشتروات التابعة لوزارة المالية للتأكد أولا من وجود مال مخصص فى الميزانية وثانيا للإشراف على العطاءات التي تعلن رسميا لسد احتياجات الوزارات والمؤسسات وفق الضوابط المالية ولكن كل هذا الذي أورثه الانجليز للحكم الوطني سواء بالتحكم والحفاظ على قيمة الجنيه السوداني مقارنة بالعملة الأجنبية أو التحكم في موارد الخزينة العامة وأوجه صرف المال العام وفق ضوابط الميزانية السنوية كل هذا الذي أورثه الانجليز للحكم الوطني كتب الحكم الوطني نهايته لتصبح نهايته كارثية على المواطن وعلى الاقتصاد وتبقى لي وقفة أخيرة مع الخدمات إلى امن عليها الانجليز كحق للمواطن وما انتهى إليه المواطن الذي وأد الحكم الوطني كل حقوقه ومكتسباته التي امن عليها الاستعمار حتى بات متحسرا على رحيله

تعليق واحد

  1. انه فعلا جميل من الانجليز وضع اساس متين في السودان من النواحي الاقتصادية والتعليمة والصحية والمواصلات(السكك الحديدة) ومشروع الجزيرة ومصانع تعليب الفاكهة ولاكن ياحصرة ضاع كل شئ,لاكن طال ما النضال موجود سوف يعود الوطن من جديد

  2. الحل:
    خلايا المقاومة بالاحياء و مسربي الحركات المسلحة و دعم المغتربين لاشعال حرب عصابات المدن لاستهداف منسوبي الانقاذ و اسرهم و كلاب امنهم.

  3. ، فقد ترك لنا الاستعمار أفضل نظام تعليمى مجانى لم نستطيع تطويره وترك لنا افضل خدمة مدنية لم نستطيع الحفاظ عليها وترك لنا الاستعمار افضل و اطول خطوط سكك حديد فى افريقيا كلها وتعتبر السكك الحديد من افضل ما تركه لنا الاستعمار ، لان الطرق و خطوط السكك الحديد تعتبر من اهم بذور النهضة لاى دولة فى العالم و ان دولة مثل السويد انما بنت نهضتها و تقدمها على خطوط السكك الحديدية ، فماذ فعلنا بسككنا الحديدية ؟ وقد ترك لنا الاستعمار نظام زراعى متطور بكافة ملحقاته فاين هو الان ؟ وترك لنا الاستعمار افضل نظام صحى فتم تدميره بفعل فاعل ، و يعتبر الاستعمار الانجليزى للسودان قد دفع فاتورة احتلاله لنا كاملة و بسخاء شديد ، فماذا قدمت حكوماتنا الوطنية لنا سواء الفشل بعد الفشل، حتى جاءت حكومة ثورة الانقاذ بانقلاب عسكرى على حكومة شرعية منتخبة بارادة شعبية حرة ، وقد كانت حجتها فى ذلك انقاذ الوطن زورا وكذبا، إلا انها لم تكن افضل من سابقيها ، بل كانت اسوأهم على الاطلاق فقضت او كادت تقضى على ما تبقى من الوطن ، فهى التى اضاعت مكتسباته وقيمه السمحة و جلبت له الكوارث ، و بدلا من ان تقدم الخدمات لشعبها الذى تدعى ان قدومها كان من اجله نجد انها جعلت من الوطن كله ملكية خاصة لها و قسمته و جعلت من شعبه خادما لها و لنظرياتها الوهمية التى ضيعت بها الوطن ، وكلنا يذكر ان احد منظرى الانقاذ قال مبررا الانقلاب على الشرعية حينها ” ان لم نحضر نحن لاصبح الدولار بعشرين جنيها ” فاذا بسعر الدولار بعد حضورهم المشئوم يصعد لمستويات فلكية فى فترة وجيزة لم تحدث فى اى دولة محترمة فى العالم ، واذا بالفقراء يتزايدون بصورة مروعة و اندلعت الحروب الاهلية التى كانت محصورة فى الجنوب و انتشرت فى كافة بقاع الوطن وانعدم الامن حتى فى العاصمة القومية الخرطوم وضاع مثلث حلايب الذى تقدر مساحته ب16000 كيلو متر مربع على شواطى يصل طولها لاكثر من 250 كيلومتر تعتبر من انقى و اروع شواطى العالم دون ان تقوم هذه الحكومة الخانعة باى محاولة لاسترداد المثلث المحتل بحراب الفراعنة ، اما عن الاخلاق فحدث ولا حرج ، فقد انتشرت لاول مرة المخدرات فى الجامعات السودانية ، و الزواج العرفى بين الطلبة ، و عرف السودان لاول مرة فى تاريخه دور للاطفال اللقطاء بسبب الرذيلة التى انتشرت فيه ، و بسبب الفقر و الجهل و البعد عن الدين ، فى ظل حكومة كانت كل شعاراتها(( هى لله هى لله لا للسلطة ولا للجاه )) لكن بدلا ان يعود الانسان السودانى الى التدين فى ظل هذه السلطة المتأسلمة نجده قد ابتعد كثيرا عن التدين ، و نجد ان الايمان ضعف فى نفسه، اما الرذيلة فقد انتشرت بشكل واضح وجلى و مخجل ، و الحياء قد تلاشى بشكل ملفت .

  4. النعمان ياخوي تلك ايام خلت وعفا عنها الدهر في اشيا اخرى ظهرت احدث واسهل لحماية المال العام من الختلاات والسرقة و من ناحية اخرى اريح للمواطن الحكومة الكترونية تطبق الآن في دول الخليج عامةومن ضمن مهامها التحصيل اللكتروني اي السداد عن طريق الصراف الآلي لأى رسوم حكوميةعامة ولن تجد هللة واحدة طريقها حارج خزينة الدولة مباشرةً من العميل المستفيد بالخدمة الى حساب الوزارة المعنية الى البنك المركزي والغريب في الامر انها تٌسترد مرة اخرى لصالح المواطن في شكل خدمات عامة
    اما في السودان فوضي وفساد مابعده رسوم الجمارك, الضرائب , المرور الزكاه , الطرق , ضرائب المغتربين , الاراضي وووو و ,,, تختلس من قبل المسؤولين بعين قوية كمان وبدعة جديدة اسمها التجنيب في كل وزارة جنينة وغفيرها نايم

    هذة الحكومة الاسلامية وتدعي انها الاسلامية انفقت ملايين بل مليارات الدولارات من اموال البترول في شراء اجهزة تجسس حديثة لمراقبة معارضيهاو شراء احدث الاسلحة والطائرات في ابادة الغلابة في دارفور والنيل الازرق ولم تفكر للحظة واحدة في استجلاب مثل هذة التقنيات لحماية المال العام من ايدي اللصوص الفاسدين
    حاميها حراميها ياحبيب

  5. كنت اعمل محاسبا باحدى سفارات الدولة فى أوروبا فى فترة مايو فى القرن الماضى, وحصل ان حضر وزيرا فى مهمة رسمية لمدة ثلاثة أيام وكان وقتها كل من يسافر فى مهمة رسمية للخارج يصرف له من بنك السودان مصروفات رحلته الرسمية بالعملة الصعبة مقدما. وقد اراد الوزير ان يمدد فترة زيارته وحضر الى السفارة وطلب من السفير ان تصرف له السفارة مصروفات الأيام التى تزيد عن فترة الزيارة الرسمية المقررة له سلفا. فطلبنى السفير فى مكتبه وكان معه الوزير وقال لى ما طلبه الوزير . فأجبته بأن القوانين المالية لا تسمح بذلك وعليه ان يخاطب الوزارة فى الخرطوم لتقوم بالحصول على تصديق اضافى حتى يتم صرف المبلغ الذى طلبه الوزير ولم يتدخل السفير وايضا لم يغضب الوزير واستجابا لقرارى . هذه هى الخدمة المدنية التى كانت فى السودان. هل يا ترى فى هذا الزمن يقدر محاسب أو سفير ان يرد على وزير كما فعلت انا ؟

  6. كنت اعمل محاسبا باحدى سفارات الدولة فى أوروبا فى فترة مايو فى القرن الماضى, وحصل ان حضر وزيرا فى مهمة رسمية لمدة ثلاثة أيام وكان وقتها كل من يسافر فى مهمة رسمية للخارج يصرف له من بنك السودان مصروفات رحلته الرسمية بالعملة الصعبة مقدما. وقد اراد الوزير ان يمدد فترة زيارته وحضر الى السفارة وطلب من السفير ان تصرف له السفارة مصروفات الأيام التى تزيد عن فترة الزيارة الرسمية المقررة له سلفا. فطلبنى السفير فى مكتبه وكان معه الوزير وقال لى ما طلبه الوزير . فأجبته بأن القوانين المالية لا تسمح بذلك وعليه ان يخاطب الوزارة فى الخرطوم لتقوم بالحصول على تصديق اضافى حتى يتم صرف المبلغ الذى طلبه الوزير ولم يتدخل السفير وايضا لم يغضب الوزير واستجابا لقرارى . هذه هى الخدمة المدنية التى كانت فى السودان. هل يا ترى فى هذا الزمن يقدر محاسب أو سفير ان يرد على وزير كما فعلت انا ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..